■ الوكر مجهز بأجهزة تنصت على المكالمات الخاصة للسياسيين والوزراء واللواءات وخزانة سرية لحفظ الشرائط ■ قال لوزير نافذ فى مجلس الشعب «ذوقك حلو قوى» فانهار الرجل لأنه فهم أنه يقصد علاقته الخاصة بإحدى السيدات
■ اتصل العادلى بمسئول من مجموعة سوزان وقال له «أنا قاعد أشوف الفيديو بتاعك» فرد عليه الرجل «المهم عجبتك»؟
■ عملية زرع أجهزة تنصت فى فندق خمس نجوم لتسجيل فيديو لوزير من المجموعة الاقتصادية مع عشقيته
الأسبوع القادم
■ صراع المكالمات الجنسية داخل البيت الأمنى
■ المكالمات العاطفية لأعمدة نظام مبارك
رغم العناوين الساخنة جدا والمثيرة جدا فهذه القضية ليست مجرد قصص ساخنة من دفتر نظام مبارك الفاسد والأسود، ورغم أننا نروى لك قصصاً بها عاطفى وآخر جنسى فإننا أمام قضية فساد سياسى من الطراز الأول. قضية انتهاك الحريات الشخصية فى عهد مبارك وربما برعاية منه، قضية هوس مرضى لوزير الداخلية السابق بالتفتيش فى قلوب وعلاقات كبار المسئولين وتسجيلها، بدلا من حماية أمن مصر الداخلى سواء الجنائى أو السياسى.لا يحاسب الآن حبيب العادلى على مسئوليته السياسية عن التعذيب والانتهاكات فى أقسام مصر، والتى كانت أول شرارة لثورة 25 يناير، ولا يحاسب الآن على نظام بوليسى من الدرجة الأولى استهدف الأصدقاء قبل الأعداء، والحلفاء قبل الخصوم. إذا كان العادلى وقف فى محاكمة القرن يبرر تسجيل المكالمات وانتهاك الحريات بدعوى الحفاظ على الأمن القومى. لأن هذا الملف الشائك جدا يؤكد أن سياسات وزارته تجاوزت هذا الهدف، وأن الرجل الذى قال صراحة «اللى بيخاف ما يكلمش فى التليفون» شهد عهده انتهاكاً قذراً ومرضياً لمتابعة رجال الحكم قبل معارضيه.
لم يكن الأمر بحثاً عن مؤامرة كونية على مصر، ولكنه كان بحثاً عن مغامرة عاطفية لوزير، لم يكن الأمر بحثا عن ليالٍ سوداء تنتظرها مصر، ولكن كان بحثا عن ليالٍ حمراء لهذا الوزير أو ذاك المسئول.هذا الملف هو ذروة الفساد السياسى الذى لم نحاكمه منذ ثورة 25 يناير، والأهم والأخطر أننا لم نضع الأسس والقواعد حتى لا يعود مثل هذا الفساد السياسى يوما ما، وحتى لا تتحول أجهزة الدولة إلى أداة فى صراعات الحكم الداخلية. صراعات قصر يملك جناحاً منه أدوات ابتزاز قذرة على أطراف أخرى. هذه الصراعات تضعف الوطن وتهدر طاقته وأمواله، وكل هذه الخسائر ليحصل وزير أو (كام) مسئول على سلطة مطلقة على الجميع.
1
فيللا أم إدارة؟
حتى قبل ثورة 25 يناير كانت هناك تسريبات وحكايات عن التنصت السياسى، ولكن معظم الحكايات كانت تدور حول سياسيين وكتاب من المعارضة، وكان الاعتقاد السائد أن هذه الشرائط والتسجيلات وأحيانا الفيديوهات موجودة فى مقر أمن الدولة بمدينة نصر، ولكن بعد الثورة بدأت التسريبات عن الموقع أو مركز أو بالأحرى وكر الداخلية كان بعيدا عن المواقع والإدارات الرسمية لوزارة الداخلية، فعلى غرار مركز كبار العملاء فى الضرائب. فقد جرى الفصل بين التسجيلات الخاصة بالمعارضين أو النواب وغيرهم من الفئات المستهدفة وبين تسجيلات النخبة، وجرى اختيار فيللا فى أحد شوارع الزمالك الهادئة، فيللا لا تلفت النظر كثيرا من الخارج، ولكن هذه الفيللا كانت مركز أجهزة التنصت على كبار رجال الدولة من السياسيين والوزراء واللواءات.كانت هذه الفيللا مركز البث والتسجيل والتخزين أيضا، وبعد ثورة 25 يناير جرى التوصل إلى هذه الفيللا وجرى فتح الخزانة الخاصة جدا والمحكمة جدا، وكانت للخزانة طريقة معقدة للفتح تطلبت الاستعانة بخبراء على أعلى مستوى من الكفاءة، وفى هذه الخزانة أجهزة على نفس درجة التطور لحفظ المكالمات ولها شفرة خاصة للدخول للمكالمات والتسجيلات، وقد حدث ارتباك خلال التعامل مع أجهزة حفظ التسجيلات.مما أدى إلى حذف نسبة لا يستهان بها من التسجيلات، ولكن لان الحذف لم يكن كاملا، فان ما تبقى من تسجيلات كان مفاجأة أكبر من التصورات الأولى لحجم ونوع هذه التسجيلات، فقد كان التنوع والشمول هو سيد الموقف، وكان التنصت يشمل الكبار وفى كل المواقع، ودونما أن يستثنى فئات خاصة اعتادت أن تكون خارج كل الحسابات وألاعيب السياسة أو بالأحرى أساليبها القذرة.
وعلى الرغم من كل التحصينات والسرية التى حظيت بها الفيللا أو وكر التنصت، فإن نسخا من بعض هذه التسجيلات وتفريغ المكالمات كان موجوداً فى خزانة أخرى بمقر أمن الدولة بمدينة نصر، ويرى بعض الخبراء الأمنيين أنه جرى الحصول على هذه النسخ خلال اقتحام مقر أمن الدولة بمدينة نصر بعد ثورة 25 يناير، فقد دخل المقر مواطنون وثوار وممثلون لجهات أخرى كثيرة.
وما أن جرى الاقتحام وسرت أخباره حتى كانت فئات كثيرة تحاول الحصول على أوراق أو نسخ أو تقارير تخصها.
2
مكالمة أو فيديو
المفاجأة الأخرى أن ظاهرة التنصت السياسى على رموز النظام لم تكن تقتصر على مجرد التنصت على المكالمات التليفونية فقط، ولكنها شملت أيضا فيديوهات ساخنة لبعض المسئولين وكبار الدولة، وكانت هذه التسجيلات والفيديوهات ترسل بانتظام مؤسسى إلى وزير الداخلية حبيب العادلى، وحدث ذات مرة أن اتصل العادلى بشخصية عامة وكانت تترأس إحدى الهيئات الثقافية، وقال الوزير للمسئول ضاحكا إنه يشاهد الفيديو الخاص بليلة حمراء للمسئول، فرد الأخير بسرعة «بس عجبتك، إيه رأيك»، فقد كان المسئول يعرف أمر هذه التسجيلات المسموعة والمرئية، ولذلك لم يصب بصدمة أو اندهاش.
ولكن وزيراً آخر كاد يغمى عليه فى مجلس الشعب بمجرد تلميحات من العادلى حول علاقته الغرامية بإحدى السيدات.
وزير من مجموعة رجال الأعمال وهو من عائلة كبيرة ثرى وشاطر فى مهنته ثم فى وزارته، كان رجلا ستينيا يحمل وجها مخادعاً يوحى أنه فى الأربعين، وكانت أناقته محل اتفاق، ولكن كل ذلك دفعه إلى الغرور والتصور أنه صار يمتلك الحسنين (المال والنفوذ)، ولم يكن الوزير يعرف بحكاية مراقبة الوزراء أو بالأحرى حياتهم الخاصة جدا وتسجيل المكالمات واللقاءات الغرامية على وجه الخصوص.
وذهب الوزير إلى مجلس الشعب فى جلسة ضمت بعض الوزراء، وكان من بينهم وزير الداخلية، وبعد انتهاء الجلسة تجمع الوزراء وبعض نواب الحزب الوطنى خارج القاعة، ووضع وزير الداخلية يده على كتف الوزير وقال له ساخرا أمام الحاضرين «ذوقك حلو قوى يا.....» فارتبك الوزير وكاد يغمى عليه، فقد فهم الرسالة، وعرف أن أجهزة التنصت السياسى كانت تسجل مكالماته ولقاءاته الغرامية، وأن العادلى كان يقصد بكلمة «ذوقك حلو» المرأة الفاتنة التى كان الوزير يرتبط معها بعلاقة غرامية، وكان يلتقى بها فى شقة فندقية يمتكلها أحد أصدقائه، وبدأت حكايته معها ومكالمات تسجل وتنقل للوزير والأهم أنها تتحول إلى مادة للنميمة فى جلسات الكبار. المثير أن الوزير المهم لم يكن يصدق فى البداية حكايات التسجيل، وكان يعتقد أنها تشنيعات معارضة، وأن وزير الداخلية يعرف أخبار العلاقات الغرامية من خلال ضباط الحراسات الخاصة لكبار المسئولين، وكان هذا الوزير يوطد علاقته بضباط حراسته حتى لا ينقلوا أخبار غرامياته لوزير الداخلية.
3
زوجة أم عشيقة؟
يمكن لبعض المسئولين السابقين عن ملف التنصت أن يزعموا أن التسجيلات الغرامية أو الجنسية لكبار المسئولين كانت تأتى فى إطار التنصت بشكل كامل وطوال اليوم على المسئول حماية للأمن القومى أو بحثا عن فساد اقتصادى أو صفقة مشبوهة بين الوزراء والمسئولين ورجال الأعمال، ولكن قصة هذا الوزير من وكر التسجيلات تهدم هذه المزاعم.
الوزير كان أحد وزراء المجموعة الاقتصادية اللامعين، ولم يلتقط له تسجيلات غرامية أو مكالمات أو لقاءات مع عشيقات، ويبدو أن مسئولى التنصت السياسى لم يصدقوا أن الوزير راجل محترم وزوج مخلص، وذات يوم طلب الوزير من ضابط الحراسة حجز جناح فى أحد الفنادق الكبرى، وأبلغه بأنه سيقضى كام يوم فى الفندق، وفجأة ارتفعت حرارة الاستعداد لإدخال الوزير قفص التنصت الجنسى. أخيرا سيتم ضبط وتسجيل ليلة حمراء للوزير المغرور المشهور بطول اللسان، وفى الليلة الأولى لم تتمكن قوات التنصت من زرع الأجهزة داخل الجناح الذى نزل فيه الوزير، وذلك لقرب الفندق من منزل الوزير المهم، ولكن المراقبة الشديدة أكدت أن الوزير لم يستقبل أحدا لا امرأة ولا رجل فى الجناح، وفى صباح اليوم التالى ذهب الوزير إلى عمله وجرى زرع أجهزة التنصت فى جناحه صوتاً وصورة، وعاد الوزير إلى جناحه الفندقى وظل بالفندق، ومجموعة المراقبة فى انتظار أن تأتى «الموزة» أو العشيقة التى جاء الوزير للفندق من أجلها، ولكن الوزير كان يقضى لياليه فى قراءة التقارير والكتب الاقتصادية، ومر يوم والثانى والثالث على هذا الحال، وفجأة استقبل الوزير مكالمة تليفونه من ابنه، وطلب من الابن أن يكلم والدته، وبعد أقل من دقيقة طار الوزير إلى منزله، وأحبطت خطة رصد وتسجيل مكالمة أو لقاء ساخن له، فالوزير ترك منزله لا من أجل عشيقة ولا ليلعب بذيله، ولكن كل الحكاية أنه اختلف مع زوجته ووصل الخلاف إلى خناقة، وكأى زوج محترم قرر الوزير ترك المنزل لزوجته، والذهاب لفندق قريب من المنزل، وقد ظل هذا الوزير عصيا على التسجيلات أو التنصت الجنسى. لأن الوزير كان يعشق زوجته ويخلص لها إلى أقصى الحدود.
ولكن هذه النهاية المحبطة لوكر التسجيلات تعد استثناء لا يقاس عليه، فالنخبة السياسية فى عهد مبارك كانت تنظر للعلاقة العاطفية أو الجنسية أو بالأحرى الخيانة الزوجية بوصفها أحد ملامح السلطة والنفوذ، بل إن بعض المسئولين الذين لم تكن لهم علاقات خاصة كانوا محل سخرية من زملائهم فى نخبة مبارك.
4
هوس أم سيطرة؟
يحتاج اهتمام نظام مبارك والعادلى بهذه التسجيلات والحرص على متابعة العلاقات الجنسية لرجال النظام إلى طبيب نفسى، فعند درجة معينة من السلطة الاستبدادية المطلقة تنشأ حالة من الهوس. هوس مرضى بتعرية الجميع واخضاعهم وكسر أعينهم، ووكر التنصت الجنسى هو أحد أفضل الوسائل لتحقيق هذه الأهداف، فالمسئول الأمنى يشعر بنشوة وسعادة عندما يخبر أحدهم بأنه سمع المكالمة أو شاهد تفاصيل الليالى الحمراء له، فنشوة السلطة تصل إلى أعلى درجاتها فى هذه الحالة.
ولكن العادلى كان يستخدم هذه الملفات لإعادة ترتيب البيت السياسى، وقد دفع أكثر من سياسى ثمنا فادحا بسبب هذه التسجيلات.
كان أحد المحافظين مقربا من سوزان مبارك، والرجل كان نزيها جدا ولم يعرف عنه أى واقعة فساد وكان المحافظ يملك مواهب سياسية مذهلة، ولمع نجمه وكاد يصل إلى منصب وزارى رفيع، فقد أعربت سوزان فى أحد الاجتماعات عن رغبتها فى تصعيد المحافظ وقالت «ممكن يبقى محافظ القاهرة أو وزير مجلس الشعب أو أو..» وذلك تعبيرا عن إمكانية الاستفادة منه فى أى موقع فى العاصمة، وأغضبت هذه الرغبة جناحاً فى السلطة، وهنا تدخلت التسجيلات الجنسية لقصف عمر المحافظ فى السلطة.
كانت الداخلية تسجل له تفاصيل علاقته بامرأة كان يحبها ويقابلها بشكل مستمر فى استراحة المحافظ، وكان من بين المكالمات مكالمة أغضبت سوزان مبارك بشدة.كانت المكالمة بين المحافظ وعشقيته، وكانت العشيقة تخبر المحافظ أنها اشترت له «بيجامات» وملابس داخلية على ذوقها. تم رفع المكالمات لسوزان مبارك حتى تتخلى عن دعمها له، وكانت نتيجة فضح المكالمات انتهاء صعود الرجل، فقد ظل محافظا لعدة سنوات فى نفس محافظته ثم رحل بهدوء وطواه النسيان، وحاول المحافظ الدفاع عن نفسه دون جدوى، فقد كانت المكالمات أو بالأحرى التسجيلات دامغة. صوت المحافظ ينطق بكلمات العشق والاشتياق لها، وأن الأيام التى تقضيها معه هى زاده الوحيد فى الحياة الموحشة التى يعيشها، وصوت السيدة المثير جدا يطمئن المحافظ على الزيارة الأسبوعية، وفى المكالمة وصفت له لون الملابس التى اختارتها له على ذوقها.
وقد أطاحت التسجيلات الجنسية وسياسة التنصت بمحافظ آخر، وكاد هذا المحافظ أن يصل لمنصب سيادى مهم، فقد طلبت الرئاسة أن يحضر للقاهرة للقاء مهم فى الصباح، ورأى المحافظ أن يسافر قبل الموعد بيوم، ولم يأخذ حرصه وكانت معه فى السيارة صديقته الشابة، وتعطلت السيارة، ونظرا لأنها سيارة محافظ، فقد أرسل ضابط المرور تقريرا على التليفون بالواقعة، واستخدم تسجيل هذه المكالمة فى الإطاحة بالمحافظ، فقد وصل التسجيل للرئاسة فعدلت عن نيتها فى تصعيده لوزارة من أهم الوزارات السيادية.
5
خناقة رئاسية على عشيقة
كانت التسجيلات أو أخبارها تصل إلى بعض كبار رجال الدولة وتسببت فى مشاكل سياسية، وتوترت العلاقة بين الرئاسة والحكومة بسبب التنصت الجنسى على رجال الدولة، فقد كان ارتباط رجل من كبار قيادات رئاسة الجمهورية بشابة جميلة، ولكن الفتاة لم تستمر فى علاقتها به واختفت تماما، وعلم القيادى الرئاسى أن الشابة دخلت فى علاقة بأحد مسئولى الحكومة، وكانت التسجيلات قد رصدت بالصوت والصورة علاقة الموظف بالشابة، وتكهرب الجو السياسى بسبب هذه الواقعة، وتدخلت قيادة أمنية وألقت باللوم على الموظف الحكومى لأنه تجرأ وخطف عشيقة رئاسية، وعبثا حاول الموظف الدفاع عن نفسه، فهو لم يكن يعلم أنها كانت على علاقة بالقيادة الرئاسية، ولكن القيادة الأمنية مصرة على أنه أخطأ وكان من واجبه أن يعرف هذه المعلومة، فرد الموظف عليه «لا أفندم هو أنا كنت هتجوزها عشان اسأل عنها، أنا كنت بنام معها»، وانتهت الأزمة بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة الحكومة بأمر أمنى بإخراج هذه العشيقة من حياة الرجلين.