اتسعت جبهة المعارضة الجزائرية ضد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بالتحاق رئيس الوزراء الأسبق مقداد سيفي إلى «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي»، التي يلتقي قادتها اليوم (الأربعاء) بالعاصمة، لعقد ثاني تجمع لهم منذ نشأة التنظيم غداة انتخابات الرئاسة التي جرت في 17 أبريل (نيسان) الماضي. وقال محمد حديبي، القيادي في حركة النهضة، ذات المرجعية الإسلامية، عضو في «التنسيقية»، ل«الشرق الأوسط»، إن اتصالات جرت مع سيفي منذ أسابيع قليلة، ليكون عضوا في «هيئة المتابعة والتشاور» التابعة للتنظيم المعارض، الذي يضم أحزابا علمانية أيضا، لم يسبق أن وضع قادتها أيديهم في أيدي الإسلاميين، بسبب خلافات آيديولوجية وسياسية. وأهم هذه الأحزاب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، والحزب الليبرالي «جيل جديد»، الذي انسحب رئيسه سفيان جيلالي من سباق انتخابات الرئاسة الماضية، بمجرد أن أعلن بوتفليقة ترشحه لولاية رابعة.
وبالتحاق سيفي بالمعارضة أصبحت «التنسيقية» تضم 5 رؤساء وزراء سابقين هم: علي بن فليس، وهو خصم بوتفليقة اللدود، وأحمد بن بيتور، اللذان اشتغلا معه في بداية حكمه، وسيد أحمد غزالي، ومولود حمروش، زيادة على سيفي الذي اشتغل مع الرئيس السابق اليمين زروال.
وقال حديبي، إن قادة «التنسيقية» اتفقوا على عقد أول اجتماع ل«هيئة المتابعة» مساء اليوم، بمقر «التجمع من أجل الديمقراطية»، بهدف تحديد تاريخ لثاني تجمع للمعارضة بعد التجمع الكبير الذي جرى في 10 يونيو (حزيران) الماضي، والذي أهم ما ميزه حضور قياديين من «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، وأبرزهم علي بن حاج، الممنوع من ممارسة السياسة منذ خروجه من السجن العسكري عام 2003. وأضاف حديبي أن «اتصالات جارية حاليا مع قيادة جبهة القوى الاشتراكية (أقدم حزب معارض) لضمه إلى المسعى». يشار إلى أن «القوى الاشتراكية» فضَل إطلاق ما سماه «مؤتمر الإجماع الوطني»، رافضا الأفكار التي يتداولها أعضاء «التنسيقية».
ويرى مراقبون أن تشكيل معارضة من 5 رؤساء وزراء سابقين، يحمل مدلولا سياسيا قويا من شأنه التأثير على ما يعرف في التداول السياسي والإعلامي، ب«جماعة الرئيس». غير أنه ولا واحد من ال5 يملك حضورا شعبيا يمكنه أن يقلب موازين القوى في سرايا النظام، سواء عن طريق الشارع أو بواسطة صندوق الانتخاب. لهذا تطلق الصحافة الموالية للرئيس عليهم وصف «معارضة الصالونات».
ورفض بن بيتور وسيفي وحمروش تأسيس أحزاب، في حين حاول غزالي إطلاق حزب عام 2004، لكن وزارة الداخلية رفضت اعتماده، بدعوى أنه «يضم عناصر من جبهة الإنقاذ»، وهو ما نفاه غزالي بشدة. أما بن فليس فقد أعلن التحضير لتأسيس حزب مباشرة بعد هزيمته في انتخابات الرئاسة الماضية التي قال إنها «مزورة». يشار إلى أن حمروش دعا الجيش صراحة إلى التدخل ل«وضع حد للحكم الفردي»، في إشارة إلى بوتفليقة الذي نادرا ما يظهر في التلفزيون العمومي، بسبب المرض. ولم يعرف عن سيفي أي نشاط سياسي لافت، باستثناء رئاسته للحكومة خلال عامي 1994 و1995، كما لم يظهر أبدا معارضة لسياسات بوتفليقة.
وكتب عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، وهي قطعة أساسية في التكتل المعارض، بصفحته في «فيسبوك»، أن اللقاء المرتقب اليوم «خطوة مهمة أخرى تدل على تطور العمل السياسي في الجزائر، من حيث نضجه ومرونته وديمومته وضمان التواصل والبناء التراكمي والتعاون جميعا، من أجل تطوير توعية الرأي العام وإشراك الشعب في التغيير الديمقراطي، ولا يعول منظمو هذا اللقاء على حضور هذا أو غياب ذاك، فهو لقاء تشاوري أول سيستمر بحول الله».
وتحدث مقري عن «مخاطر جسيمة محدقة بنا، تتسبب فيها النظرة الأحادية الاستعلائية للنظام السياسي الجزائري، الذي يعتمد في ديمومته على مال المحروقات لا غير ومن ثمة على المبالغة في الإنفاق العام من أجل شراء السلم الاجتماعي، وإرضاء القوى الخارجية، دون أي عبقرية ولا ذكاء ولا حكم راشد ولا استشراف مستقبلي، ولا اكتراث بما يمكن أن يصيب الجزائر حينما تختل الموازين المالية التي هي آتية لا محالة».