الإسكندرية للحاويات مهددة بالإفلاس.. ونصف تجارة مصر مهددة بالكساد تدخل السفن الموانئ وهى تعرف عمق الارصفة التى ترسو عليها.. واعماق الأرصفة ساحة لحرب عالمية لا تهدأ بين شركات محلية خاصة وحكومية واخرى متعددة الجنسيات، حرب انهكت شركات وافلستها ودفعتها خارج السوق لتصبح ذكرى لمن يعتبر.
وللحكومات دور كبير فى حسم بعض الفصول القاسية فى حرب الموانئ، ونتذكر قصة شركة موانئ خليجية شهيرة تم إجبارها على الخروج من السوق الامريكية بعد استحواذها على نسبة كبيرة من السوق هناك، واتخذت الحكومة الامريكية اجراءات قاسية ضد الشركة الخليجية لأنها رأت ان مصالحها العليا باتت مهددة.
الآن هذه الحرب تنهك شركة الاسكندرية للحاويات وهى شركة حكومية مصرية تتحكم فى 56% من تجارة مصر الخارجية، استيراد وتصدير، تستغيث قبل ان تفقد اهم ثلاثة خطوط ملاحة عالمية، والغريب ان الحكومة المصرية تسير بخطوات ثابتة لافقاد الشركة اهم مزاياها وتشريد عمالها، فى المقابل.
بطل هذه القضية هو رصيف 100 بميناء الدخيلة، وتتجه هيئة الميناء الآن الى طرحه فى مزايدة عالمية لمن يدفع اكثر، وهو اجراء تراه شركة الاسكندرية للحاويات يضر بمستقبلها ويهددها بالافلاس مثلما حدث مع شركات مصرية اخرى.
اللجنة النقابية للعاملين بشركة الاسكندرية لتداول الحاويات والبضائع تقدمت بمذكرة لوزير النقل كشفت فيها عن تفاصيل القصة من بدايتها، تقول مذكرة اللجنة إنها تقدمت بطلب ملح للوزير لتخصيص رصيف 100 المزمع إنشاؤه بميناء الدخيلة الى شركتهم.
وشرحت المذكرة تاريخ الشركة ومدى اهميتها للاقتصاد القومى، فهى اولى شركات تداول الحاويات فى جمهورية مصر العربية بدأ نشاطها فى نوفمبر عام 1984 بثلاثة اوناش عملاقة بميناء الاسكندرية البحرى بنسبة مساهمة من الدولة تبلغ 95% "40% هيئة ميناء الاسكندرية و55% الشركة القابضة للنقل البحرى" وهى اول شركة فى مصر تعمل فى مجال الحاويات.
فى عام 94 تم التوسع بميناء الدخيلة البحرى كامتداد طبيعى للشركة نظرا لزيادة حجم الاعمال وزيادة عمق السفن التى لم تتمكن من العمل فى ميناء الاسكندرية وزيادة السعة التخزينية، وتم افتتاحها رسميا فى يناير 96 بعدد ثلاثة اوناش عملاقة، وتم ذلك بتمويل ذاتى من الشركة بدون دخول شريك أو تحميل الدولة اى اعباء اضافية، ثم تم تطوير محطة الدخيلة عام 2001 بزيادة عدد ثلاثة اوناش اضافية "اوناش عملاقة" وكانت اضافة كبيرة للاقتصاد القومى على مستوى الصادر والوارد، حيث ان شركة الاسكندرية لتداول الحاويات والبضائع تقوم بتداول نسبة 56% من حجم الواردات المصرية وبتشجيع ودعم الصادرات بنسبة 50%، بعمل تخفيض من تعريفة التداول بمبلغ 30 مليون جنيه خدمة دعم تقدمه الشركة سنويا للصادرات المصرية.
وفى خلال السنوات الخمس الاخيرة تمت زيادة الاستثمار فى شركة الاسكندرية لتداول الحاويات رصيف 54 بميناء الاسكندرية البحرى ورصيف 96 بميناء الدخيلة البحرى بما يتجاوز 600 مليون جنيه استثمارات معدات، حيث وصلت طاقة محطة الاسكندرية الى 5 اوناش عملاقة مقارنة بثلاثة اوناش عند الانشاء، و9 اوناش عملاقة بمحطة الدخيلة مقارنة بثلاثة اوناش عند التشغيل، زادت معهما بالتوازى طاقة المعدات.
كل هذه الاستثمارات فى المعدات تمت بتمويل ذاتى من ايرادات الشركة ودون التأثير على نسبة أو حصة الدولة متمثلة فى الشركة القابضة وهيئة ميناء الاسكندرية ومصلحة الضرائب من الارباح، وبدون ادخال اى مستثمرين جدد بل بالعكس زادت قيمة المبالغ الموردة من الشركة للدولة، وزادت ايرادات الشركة فى السنوات الخمس الاخيرة من 250 مليون جنيه الى 515 مليون جنيه عام 2012 وإلى 693 مليون جنيه عام 2013، ونمو صافى الربح من 138 مليون جنيه الى 285 مليون جنيه عام 2012 و385 مليون جنيه عام 2013 ، ومن المتوقع ان يزيد صافى الربح خلال العام الحالى بنسبة 25%.
طبقا للقانون 12 لسنة 2003 يعين رئيس مجلس ادارة الشركة والعضو المنتدب من قبل الدولة والمتمثلة فى الشركة القابضة للنقل البحرى، وهو ما يعنى انها إدارة مصرية خالصة.. وتطالب نقابة العاملين بالشركة الدولة بعمل مقارنة مشروعة بين العائد على الدولة من نشاط شركتها وبين العائد الذى تتحمله شركات اخرى أجنبية عاملة فى نفس المجال، خاصة قيمة الضرائب التى تدفعها الشركات.. بالاضافة للعمالة المصرية الخالصة وخبراتها التى تستفيد منها شركات شقيقة مثل "بورسعيد ودمياط" وتستفيد منها ايضا شركات منافسة مثل "شرق التفريعة السخنة والصينية بميناءى الاسكندرية والدخيلة"، وهذه الشركات اما انها استقطبت عمال الاسكندرية لتداول الحاويات أو ارسلت عمالها للتدريب فى الشركة ومنها شركات عاملة فى الجزائر وليبيا والسعودية والسودان والامارات والاردن وغيرها، ووصل عدد العاملين بالشركة إلى ما يقارب ثلاثة الاف عامل.
ونظرا للاتجاه العالمى لتعبئة البضائع "تصدير واستيراد" داخل حاويات مغلقة لتأمينها فإن زيادة الحاويات المتداولة سنويا تتطلب التوسع لارصفة تداول الحاويات، وكانت الشركة قد استعدت لذلك منذ عام 1992 وخططت لانشاء رصيف جديد فى ميناء الدخيلة لاستيعاب السفن الكبيرة التى لا تتمكن من الدخول لمحطة الاسكندرية.
وتقول اللجنة النقابية: إن الخطوط العالمية لنقل الحاويات قامت ببناء سفن عملاقة لا يستوعبها ميناء الاسكندرية أو الدخيلة، ورغبة فى استيعاب حركة التجارة العالمية والزيادة السريعة فى حجم السفن فان رصيف 100 بميناء الدخيلة يصبح ضرورة ملحة لشركة الاسكندرية لتداول الحاويات للاسباب الاتية:
1 – وجود رصيف 100 بميناء الدخيلة هو الامتداد الطبيعى لمحطة حاويات الدخيلة.
2 – شركة الاسكندرية لتداول الحاويات هى شركة وطنية مملوكة للدولة برأس مال كامل بنسبة 95% بما يعنى ان عائد الاستثمارات فى رصيف 100 سيئول للدولة بالكامل مقارنة باى جهة خارجية.
3 – الشركة تمتلك الكوادر الجاهزة من ادارة وعمالة ماهرة ومدربة لتشغيل واستثمار اى محطات جديدة وخير دليل على ذلك محطة الدخيلة التى تم انشاؤها كاملة بخبرات محطة الاسكندرية دون الاستعانة بأى خبرات خارجية.
4 – البعد الاجتماعى والسياسى المنوط بالشركة الوطنيةوالذى لن تقوم به اى شركة اخرى تتولى انشاء وادارة هذا الرصيف من حجم العمالة المتوقع استخدامها بالمحطة الجديدة.
5 – الامن القومى للدولة وهذا هو الاهم حيث ان ميناءى الاسكندرية والدخيلة من اهم المراكز للقوات البحرية المصرية ووجود شركات اجنبية بما يحوم حولها من شبهات يعتبر إضرارا بالامن القومى والعسكرى المصرى.
واختتمت نقابة العاملين بالشركة مذكرتها بطلب تخصيص المنطقة حول حاجز أمواج الدخيلة لتقوم الشركة ببناء وتشغيل محطة حاويات بميناء الدخيلة "رصيف 100" حتى لا يقتصر دور محطات الشركة على التعامل مع السفن صغيرة الحجم والتى تتداول اعدادا قليلة من الحاويات وهروب الخطوط الكبيرة المتعاملة مع الشركة ما يحول شركة الاسكندرية من شركة مساهمة فى دعم الاقتصاد القومى الى شركة تمثل عبئا على الدولة واقتصادها.
والمذكرة بتوقيع المهندس مجدى خميس محمود رئيس اللجنة النقابية للعاملين بشركة الاسكندرية لتداول الحاويات.
خطاب رسمى اخر يكشف عن خطورة فقدان الشركة القومية للرصيف الجديد، الخطاب صادر من اللواء بحرى علاء الدين مأمون ندا رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة الاسكندرية لتداول الحاويات موجه لرئيس مجلس ادارة هيئة ميناء الاسكندرية، ويوضح فى الخطاب أسباب تقدمه بمقترح لطرح انشاء وتشغيل رصيف 100 على الشركات المصرية فقط والتى يزيد رأسمالها الوطنى على 70%.
يقول الخطاب إنه من المسلمات فى مجال تجارة الحاويات ان الخط الملاحى يبحث بجوار خفض التكاليف فى المحطة التى يتعامل معها عن فائض للطاقة التشغيلية يسمح للخط بتداول نسبة النمو التى يسعى للحصول عليها فى الاسواق العالمية، وإن لم يجد هذه الطاقة فانه يبحث عن محطة اخرى تسمح له بتداول عدد حاوياته ونسب النمو السنوية بدلا من اللجوء لمحطتين وهو اجراء يرفع تكلفة التشغيل ولا يسمح للخط الملاحى بالمنافسة عالميا.
فى حالة وجود شركة اجنبية تدير هذا المشروع "رصيف 100" سوف تتجه السفن الى هذه المحطة الجديدة لزيادة اعماق الارصفة بما يسمح بدخول سفن حديثة وكبيرة للمحطة، ووجود فائض كبير للطاقة فى هذه المحطة الجديدة بما يؤدى الى ترك الخطوط الملاحية خاصة الكبيرة منها والتى تتعامل مع الشركة لتتحول للشركة الجديدة مما يؤدى الى انخفاض اعداد الحاويات السنوية لأكثر من 53% عن المتداول الحالى.. وهو ما حدث بالفعل فى شركات مثل بورسعيد لتداول الحاويات وشركة دمياط لتداول الحاويات، حيث انتقلت الخطوط الملاحية الثلاثة " c.m.a وk-line وyang ming" من هذه الشركات الى شركة قناة السويس لتداول الحاويات لما لها من ميزة تنافسية وهى زيادة العمق الذى يسمح بتراكى السفن العملاقة بها وما يستتيع هذا من انخفاض فى الايرادات وتآكلها بالنسبة للزيادة السنوية فى المصروفات وبالتالى النقص الشديد فيما تدفعه الشركة للدولة بكافة اجهزتها، بل من المتوقع ان تتحول الشركة من شركة رابحة الى شركة تعانى من الازمات المالية.
النقطة المهمة الاخرى كما يقول الخطاب إن شركة الاسكندرية تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات وممثل مركز معلومات قطاع الاعمال، اما الشركات الاجنبية العاملة فى هذا النشاط فلا تخضع لهذه النوعية من الرقابة.
وعدد الخطاب خسائر عدم تخصيص الرصيف الجديد للشركة وهى فقد الدولة لقيمة الارباح المحققة من شركة الاسكندرية، وتحول ربحية الشركة الى خسائر حيث ان الثلاث خطوط الملاحية الكبرى التى تتعامل مع الشركة تمثل 53% من حجم اعمالها عام 2012 ، وبافتراض عدم اسناد مشروع رصيف 100 للشركة فانه من المتوقع بدرجة كبيرة ان تفقد الشركة هذه الخطوط حيث انها طلبت بيانات عن عمق الارصفة بالشركة لايفاد سفن ذات غاطس اكبر من السفن الحالية التى تتعامل مع الشركة الان مما يؤدى الى اثار سلبية بالاضافة الى فقد الكثير من العاملين بالشركة لوظائفهم مما تضطر معه الشركة لتطبيق نظام المعاش المبكر وهذا ما حدث مع الشركة العربية للشحن والتفريغ عند انشاء شركة الاسكندرية للحاويات.
وطالبت شركة الاسكندرية لتداول الحاويات والبضائع ان يقتصر الاشتراك فى المزايدة التى من المخطط طرحها بمعرفة هيئة ميناء الاسكندرية لبناء واستغلال رصيف 100 على الشركات المصرية التى لا يقل رأس مالها الوطنى عن 75% كما تم اتباعه فى طرح محطة حاويات بمعرفة هيئة ميناء بورسعيد فى المنطقة شرق ميناء بورسعيد.
وتقدر التكلفة المبدئية لرصيف 100 ب 2 مليار جنيه، وتستغرق عملية الانشاء والتجهيز عامين فقط، وتتوقع الشركة فى ارباحها مقدار 8 مليارات جنيه فى حالة تخصيص الميناء لها.
الآن تحتاج هذه الشركة تدخلا حكوميا، أو تطبيق التوجه الجديد للدولة والذى يستوجب التدخل لحماية الشركات العملاقة التى تلعب دورا كبيرا فى حركة تجارة مصر.