إتسمت التغطيه الإعلاميه للقنوات الفضائيه فى الإنتخابات الرئاسية 2014 خلال الثلاثة أيام الماضيه بالإضطراب والتشتت وإنعدام المهنيه ، الأمر الذى جعل أسوأ ما حدث فى عملية الإنتخابات ككل هو التغطيه الإعلاميه لهذه الإنتخابات ، فما كان يذاع على إحدى القنوات عن حدث معين فى إحدى اللجان كان يذاع عكسه تمامآ عن نفس الحدث على شاشة قناه أخرى .
كانت بعض القنوات الفضائية تذيع أن اللجان الانتخابية خاويه ولا يوجد إقبال على التصويت والمبالغه فى ذلك للدرجه التى وصفها البعض "بشحاتة الأصوات" للعمليه الإنتخابيه والذى خيب كل التوقعات التى صنعوها هم بأنفسهم ونسوا أنهم إعلاميين وليسوا سياسين, بينما ظهرت قنوات اخرى تشيد بالإقبال الكبير على اللجان وفرحة المشاركين ، بالإضافه إلى خروج بعض الإعلاميين عن الأداء المهنى بترديد عبارات أوالفاظ غير لائقه أوإطلاق الشائعات التى لا أساس لها من الصحه لم تراعى المعايير الأخلاقيه للمهنه والوارده بميثاق الشرف الإعلامى وإنما الهدف الوحيد منها هو تضليل المشاهدين عن حقيقة سير العمليه الإنتخابيه ربما بهدف حشد عدد أكبر من المواطنين للنزول والمشاركه فى عملية التصويت .
كل ما سبق أدى إلى حدوث إضطراب وتشتت للرأى العام فى الشارع المصرى حول سير العمليه الإنتخابيه مما أدى نتائج عكسيه وإنعدام مصداقية تلك القنوات لدى الجمهور بالإضافه إلى تشتيتهم وهو ماظهر بوضوح على مواقع التواصل الإجتماعى خلال أيام الإنتخابات والكثير منهم بنى موقفه من هذه الإنتخابات بناءآ على هذه الصوره المضطربه .
"الفجر" رصدت هذه الحاله للوصول إلى أسبابها وأوجه التقصير والخطأ فى التغطيه الإعلاميه للإنتخابات .
فمن جانبه أتهم "ياسرعبد العزيز" الخبير الإعلامى ,بعض الإعلاميين بإرتكابهم أخطاء كبيره فى التغطيه الإعلاميه للإنتخابات الرئاسيه مما أدى إلى إعادتنا إلى أوضاع ماقبل ثورة 25 يناير بسبب التحول من الأداء الإعلامى فى حدود الإلتزام بالمعايير الإعلاميه إلى أداء إدعائى بالدرجه الأولى يستهدف الحشد والتعبئه على حساب الرساله الإعلاميه .
وحدد عبد العزيز ابرز الاخطاء وهى "الخلط الكبير بين الرأى والرأى الأخر والحقيقه على أرض الواقع وعدم تطابق الرأى المطروح مع هذا الواقع وان أغلب هذه التغطيه إنطابعيه ومستنبطه من أراء وتوجهات الإعلامى الشخصيه وغير مستنده إلى حقائق" .
وايضا "خروج عدد من الإعلاميين عن التقاليد المهنيه والأداء المهنى للإعلام وهذا ما كان واضح فى أداء بعض الإعلاميين كترديد بعض العبارات الغير لائقه أو تعنيف المشاهدين لزيادة نسبة الإقبال والمشاركه فى التصويت أو التصريح بتوقعات شخصيه مثل أن أحد المرشحين أعلن أنه سوف ينسحب من السباق الرئاسى إذا لم تشارك أعداد كبيره فى التصويت فى الإنتخابات وبالطبع كلها إدعاءات مزيفه والغرض منها هو زيادة الحشد ليس إلا ، وبالطبع كل ماسبق يتنافى مع المعايير المهنيه والأخلاقيه للإعلام .
. بالاضافة الى إنعزال بعض الإعلاميين عن دورهم الأساسى المتمثل فى التغطيه الإعلاميه والإتجاه نحو لعب أدوار قاده سياسين مما أضعف مصداقية بعضهم لدى المواطنين .
كما أكد الدكتور "صفوت العالم" إستاذ الإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهره أن أغلب الوسائل الإعلاميه فشلت فشل ذريع فى تغطية الإنتخابات الرئاسيه من إفتقار التغطيه إلى الأداء المهنى وعدم التفرقه بين الرأى والخبر فالتغطيه فى أغلب الوسائل أتسمت بالأراء الشخصيه للإعلاميين وليس للأخبار الموجوده على أرض الواقع فى الشوارع واللجان ، موضحاً ان التغطيه هى أن تنقل صوره مطابقه من واقع ما يحدث وليس الإدلاء بأراء وتحليلات شخصيه .
وآشار "العالم" الى أن هذا الفشل لم يكن فى أيام الإنتخابات فقط بل بدايته كانت من قبل موعد الإنتخابات بأداء أتسم بالمبالغه الكبيره والغير دقيقه فى التوقعات الخاصه بنسبة مشاركة المواطنين فى الإنتخابات ومقارنة الإنتخابات الحاليه بإنتخابات 2012 وبعدوا كل البعد عن الواقع والمؤكد لذلك أن المرشحين الأثنين فى هذه الإنتخابات لم يكونوا يمثلون عدة إتجاهات سياسيه كما حدث فى الإنتخابات الرئاسيه الماضيه فى 2012 فوجود 13 مرشح رئاسى مابين تيارات إسلاميه وأحزاب متعدده ومنها الحزب الوطنى ومرشحين ثوريين .
واوضح ان ذلك جعل هناك تعدديه فى التوجهات السياسيه وبالتالى فى زياده فى نسبة المشاركه وبدلآ من أن تقوم وسائل الإعلام بتدريب الناس على المشاركه السياسيه والتوعيه بأهمية ذلك كمبدأ وليس بهدف المقارنه بين الإنتخابات الحاليه والماضيه تم تركيز كل الجهود والطاقات فى دعم المرشحين والتسابق فى عمل لقاءات وحوارات معهم .
بالاضافة إلى تخوين المواطنين وتوجيه إتهامات لهم إذا ماشاركوا فى الإدلاء بصوتهم وهذا خطأ كبير من شأنه أن يؤدى إلى نتائج عكسيه وهو ما قد حدث بالفعل .
واكد "العالم "أن الإعلام المصرى حتى الأن لم يتفهم الطبيعه الخاصه للشعب المصرى وهى أن المشاركه التصويتيه لن تحدث بين عشية وضحاها لأن المشاركه السياسيه درجات إحداها الذهاب إلى صناديق الإقتراع للمشاركه فى التصويت ، فالإعلام الفترة الماضيه كان يركز كل طاقاته وجهوده لتحقيق هدف واحد وهو أن الرئيس المعزول محمد مرسى كان ناجحآ فى إنتخابات 2012 بحصوله على 13 مليون صوت بسبب الخوف من أنه إذا حصل المرشح الفائز هذه المره على عدد أصوات أقل من ذلك سوف تقول جماعة الإخوان الإرهابيه والرأى العام الدولى أن شرعية مرسى أكبر من شرعية الرئيس الحالى وأن ماحدث فى 30 يونيو يعد "إنقلاب عسكرى" وليست ثوره شعبيه وما إلى ذلك .
وقال "العالم" كان كل تركيز بعض الإعلاميين على الحشد ثم الحشد ليس إلا ، وفى الواقع أن كل هذا الضغط الذى حدث لم يكن له أى قيمه تذكر لأنهم لم يدركوا حقيقه واحده فى غاية الأهميه وهى وجود فارق كبير واضح بين الإنتخابات الماضيه فى 2012 أو حتى ماقبل ثورة 25 يناير والإنتخابات الحاليه فلا يوجد أى مقارنه فكلنا نعلم أن الإنتخابات كان يتم تزويرها وخاصة فى عهد الرئيس المخلوع مبارك ولم يكن يجرؤ أحد على التحدث فى ذلك بالإضافه إلى أصوات يتم شرائها سواء بأموال أو بمواد تموينيه أو ماشابه ذلك أو كانت تذهب إليهم سيارات مخصوصه لنقلهم إلى اللجان وهكذا ، بالإضافه إلى خلو الإنتخابات هذه المره من أى دعايه على أساس دينى للحشد .
واضاف قائلاً:"أن الإنتخابات هذه المره كانت نزيهه بكل المقاييس فمن الطبيعى أن نسبة المشاركه تكون أقل من ذى قبل وهو الأمر الذى لم يستطع الإعلاميين إدراكه بالرغم من وضوحه وضوح الشمس مما أدى إلى تركيز جميع الجهود فى إتجاه خاطئ ونتائج عكسيه قد تسئ للمشهد بالكامل بإعطاء صوره للرأى العام العالمى أنهم يتحايلون على الناس كى تشارك وهم بالطبع لايريدون الوصول لذلك ولكن أدائهم أوصلهم لذلك بالفعل .
وايضا من أسباب هذا الفشل المبالغه بشكل ملحوظ فى بعض المشاكل مثل مشكلة الوافدين حتى أصبحت الصوره العامه أن الإعلاميين يركزون على هذه المشكله ليس لحلها وإفادة أصحابها فقط ولكن لكسب المزيد من الأصوات وكأن دور الإعلام كله إنحصر فى الدعايه والحشد فى الإنتخابات .