" الرحمن الرحيم " أسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة . والرحمن أشد مبالغة من الرحيم ، وهما أسمان يجب أن نفرح بهما لرحمة ربنا بنا يقول تعالي "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " يونس وقد كان الجمع بين الصفتين لأن الأول كان للوصف والثانى للفعل ، فالرحمن تعني أن الرحمة صفة الله عز وجل والرحيم تعني إنه المتعطف بالرحمة على خلقه . وقيل أن " الرحمن الرحيم " أسمان رفيقان أحدهما أرفق من الآخر ، والرفق من صفات الله تعالي ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب الرفق ويعطي الرفق ما لا يعطي على العنف ". وهناك رحمة عامة ورحمة خاصة الرحمة العامة : هي للمؤمن والكافر ، للعاصي والطائع ،يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب " وهناك حديث قدسي : " عبدي لى عليك فريضة ولك علي رزق ، فإذا خلفتني فى فريضتي لم أخالفك فى رزقك ". الرحمة الخاصة : هي للمؤمن يتجلي فيها الله على قلبك فيملأه نوراً ويقربك إليه وهي رحمة يجب أن نسعي إليها بالطاعة والذكر والمجاهدة " رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ". " الرحمن " : ذو الرحمة الشاملة العامة التي وسعت الخلق في أرزاقهم وأسباب معيشتهم ومصالحهم ، وهي كما ذكرنا للمؤمن والكافر . الرحمة هي الأصل فى كل حياتنا ، فالكون بدأ برحمة ، فعندما دخلت الروح جسد آدم عطس ، فقال له الله : (يرحمك ربك) ...وكل سورة فى القرآن تبدأ ب بسم الله الرحمن الرحيم ، ونهاية حياتنا رحمة إن شاء الله ،فالجنة رحمة " يقول تعالي " ففي رحمة الله هم فيها خالدون "آل عمران كما أن الرحمة تملأ كل حياتنا ... فالليل والنهار رحمة ، والمطر رحمة ، والعلاقات الإجتماعية رحمة ، وصلة الرحم من الرحمة ، والدين الاسلامي رحمة ، والرسول صلى الله عليه وسلم رحمة " وما أرسلنالك إلا رحمة للعالمين " الانبياء . وحاجة الخلق بعضهم إلى بعض رحمة فلولا ذلك لتعطلت مصالحهم وساءت علاقتهم والمصائب فى الدنيا رحمة ، فالرحمن الرحيم يقومك لتحصل على السعادة الأبدية فى الآخرة ذلك لأن السعادة مكانها الجنة وليس الدنيا يقول تعالي " بل تؤثرون الحياه الدنيا والآخرة خير وأبقى " الأعلي . فالدنيا من الجنة كرحم الأم من الدنيا . حتي الموت رحمة ، فالأمتحان انتهي وحان وقت الراحة وإن شاء الله تصبح من المقبولين ،ففى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن لحظة الموت وأنت مؤمن " تأتية ملائكة يجلسون حوله بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس ويبشروك " ألا تخافوا ولا تحزنوا " . فالله عز وجل يطمئنك لأنه رحيم ولأنك ذاهب إلى عالم جديد لا تعرفه . ثم يأتي ملك الموت عند رأسك ويقول " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية " الفجر . فتخرج النفس إلي رحمة الله عز وجل . والرحمة الحقيقة هي الرحمة التي تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد وان كرهتها نفسه وشقت عليه ، فأرحم الناس بك من شق عليك فى دفع الضر عنك ، فمن رحمة الأب بولده أن يضغط عليه ليتأدب بالعلم والعمل ، ويشق عليه في ذلك بالضرب ... الخ . ويمنعه من شهواته التى تعود عليه بالضرر ، وان لم يفعل ذلك ظناً منه انه يرحمه ويريحه فهذه هي رحمة مقرونة "بجهل" . والرحيم مع الجهل عدو فى صورة صديق ، لذلك فان من تمام رحمة أرحم الراحمين تسليط أنواع البلاء على العبد فهو سبحانه أعلم بمصلحته ولكن العبد بجهله يتهم ربه بإبتلاؤه ، فالأوامر والنواهي والابتلاءات هي رحمة وحماية . والله عز وجل يرحم المؤمنين لمصلحتهم لا لمصلحته ، فهو عز وجل لا يضرهم إلا لينفعهم فهو سبحانه يأخذ ليعطي . ويذل ليعز . فكل أنواع الابتلاءات فى الدنيا هي تلافياً لضرر أشد فى الآخرة . يقول تعالي " ولنذيقتهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون " السجدة فهو قد يصرف عنك الدنيا كلها من اجل سعادتك فى الآخرة والله يعلم وانتم لا تعلمون .فالله عز وجل خلقك للآخرة فأرغب ايها العبد فيما عنده حتي يطمئنك فى الدنيا والآخرة . حديث قدسي " اهل ذكري أهل مودتي ، أهل شكري أهل زيادتي ، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، ان تابوا فأنا حبيبهم ، وان لم يتوبوا فانا طبيبهم ، ابتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب ، الحسنة عندي بعشرة امثالها وأزيد والسيئة بمثلها وأعفو ، وأنا أرحم بعبدي من الأم بولدها . والآن ما واجبنا نحو هذا الإسم ؟ - عليك أن ترحم من حولك فالراحمون يرحمهم الله ، عليك بتأصيل خلق الرفق الذى هو مظهر من مظاهر الرحمة . فالسيدة عائشة رضى الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف " ومن حرمة الله الرفق فلا خير فيه وهو محروم من كل الخير لأن الرفق باب الخير . يقول صلى الله عليه وسلم " من يحرم الرفق يحرم الخير كله . - عليك أن ترحم اولادك واهل بيتك بأن تربيهم التربية الاسلامية الصحيحة ، وان تعامل (زوجتك ) المعاملة التى ترضي الله . وأن تعامل العاملون عندك برحمة . - عليك أن ترحم نفسك بعدم التمسك بالدنيا وحبها والتعلق بها ، وان ترحم نفسك بطلب النجاه من النار والفوز بالجنة وذلك بتقوي الله وحفظ حدوده . - عليك ان ترحم "الحيوان" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من انسان قتل عصفوراً فما فوقها بغير حق إلا سأله الله عنها " وتذكر ان أمرأة دخلت النار فى هرة حبستها ؟