موضوع خطبة الجمعة اليوم وأسماء المساجد المقرر افتتاحها.. اعرف التفاصيل    أسعار الذهب اليوم الجمعة.. عيار 24 ب 3525.75 جنيه    ترينيداد وتوباجو تقرر الاعتراف رسميا بدولة فلسطين    طلاب مؤيدون لفلسطين ينصبون خيامًا أمام أكبر جامعة بالمكسيك (فيديو)    الدفاع الأمريكي: لا أرى مؤشرات على أن حركة حماس تخطط لأي هجوم    جمال علام يكشف موقفه من خوض انتخابات اتحاد الكرة المقبلة    إبراهيم سعيد يكشف كواليس الحديث مع أفشة بعد أزمته مع كولر    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 3- 5- 2024 والقنوات الناقلة    إبراهيم سعيد: عبد الله السعيد نسي الكرة مع الزمالك    زد يلتقي المقاولون العرب في مباراة خارج التوقعات بالدوري    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    حالة الطرق اليوم، سيولة مرورية بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    خريطة التحويلات المرورية بعد غلق شارع يوسف عباس بمدينة نصر    «سباق الحمير.. عادة سنوية لشباب قرية بالفيوم احتفالا ب«مولد دندوت    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان مسلسلات بابا جه وكامل العدد    تموين الغربية يضبط 2000 لتر سولار بمحطة وقود لبيعها بالسوق السوداء بالسنطة    مواعيد صرف معاش تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة لشهر مايو 2024    الفسفور.. أسعار الجمبري اليوم الجمعة3-5-2024 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة3-5-2024    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    "الدفاع التايوانية" تعلن رصد 26 طائرة و5 سفن صينية في محيط الجزيرة    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين جائزة حرية الصحافة    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    20 لاعبًا بقائمة الاتحاد السكندري لمواجهة بلدية المحلة اليوم في الدوري    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    سعر الموز والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 3 مايو 2024    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    هالة زايد مدافعة عن حسام موافي بعد مشهد تقبيل الأيادي: كفوا أيديكم عن الأستاذ الجليل    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل حمودة يكتب : خريف هيكل
نشر في الفجر يوم 10 - 02 - 2014

هيكل لم يعترض على خطة السادات لإعادة الإخوان وضرب الناصريين والتحالف مع الولايات المتحدة بعد ثلاثة شهور من وفاة عبدالناصر!

لم أحم كتاباتى بقميص واق من الرصاص.. ولم أضع فى جيبها بوليصة تأمين ضد الموت اغتيالا.. أو تشهيرا.

رفضت أن تكون هذه الكتابات مضيفة فى مطعم وجبات جاهزة تنفذ الطلبات فى انتظار البقشيش.. وآمنت بأن عليها أن تكون امرأة انتحارية تخطف الطائرة من دولة المغفلين لتهبط بها فى دولة المستنيرين.

حشوتها بالأعاصير.. ومسامير القلق.. وسكاكين الأسئلة.. وفرضت عليها كل ما فى رصيدى من علامات الاستفهام.

وأعترف بأننى تعلمت بعض هذه القواعد من رجل شهدت له بموهبة التعبير.. وبراعة التفكير.. ورغبة التغيير.. هو محمد حسنين هيكل.. تصورت أنه مؤمن بها.. مصر عليها.. مستعد لتنفيذ أحكامها.. لكننى.. عند أول اختبار وجدت أوهاما تتراقص أمامى.. وأشباحا تسخر منى.. وحقائق توقظنى من غفلتى وغفوتى.

■■■

كنت قد صدقته عندما كتب لى بخط يده عن أهمية السؤال فى حياة المجتمعات طلبا لمعرفة.. أو كشفا لحقيقة.. أو تفتيشا عن مستقبل أفضل.. فرحت أسأله: لماذا يصر على صداقة العائلة المالكة فى قطر رغم أنه يعرف أكثر من غيره حجم المؤامرات التى تدبرها وتمولها ضد بلاده؟ كيف هاجم نظام مبارك بينما ولداه أحمد وحسن استفادا منه بأكثر مما نتخيل فى علاقة «بيزنس» مباشرة مع جمال وعلاء مبارك؟ أليست هناك مسافة هائلة بين الصحافة والصرافة؟ كيف جمعت عائلته بين أب ينتقد السلطة وأبناء جمعوا من ورائها الثروة؟

وامتدت الأسئلة إلى مناطق شائكة أخرى.. حماسه لحزب الله رغم تحريض قائده حسن نصر الله على الجيش المصرى.. قبوله لشكر وتقدير وإعجاب من بشار الأسد متناسيا حجم الخراب الذى سببه لبلاده.. وحجم الضحايا الذين سقطوا من الشعب السورى.

وتوقفت الأسئلة طويلا عند سر اقترابه المعلن من جماعة الإخوان.. وانتقاله من موقف إلى موقف مضاد.. من دعم محمد مرسى إلى تقديم نصائحه إلى عبدالفتاح السيسى.. مكررا نفس القفزة بين جمال عبدالناصر وأنور السادات.. متربصا بمبارك لأنه لم يتجاوز فى علاقته به ما تفرضه الاعتبارات الإنسانية.. سؤال من الرئيس الأسبق عن مرضه.. وعرض بتحمل تكاليفه.. رفضه هيكل شاكرا.. مقدرا.

فرشت أمامه علنا منذ أسابيع بعض ما فى قلمى من أسئلة.. وكما توقعت.. لم يجب عنها.. معتمدا على «آفة النسيان».. حسب تشخيص نجيب محفوظ.. معتمدا على أننا «أقدم حضارة وأضعف ذاكرة».. وأننا نهوى صناعة الأصنام من شواهد قبور الرخام.. والأمثلة حاضرة وشاخصة.. الفاجر يصبح زاهدا.. والمأجور يتقلد أوسمة الوطنية.. ومن لم ينجب تلميذا واحدا نمنحه صفة المعلم.. ما أروع الخرافات عند المصريين.

■■■

ويعرف هيكل أكثر من غيره أن ما كتبت عنه وجد صدى فى أوساط مختلفة.. صفقت.. وشجعت.. وتحمست.. ودعمت بمستندات وملاحظات وحكايات.. لكننى لم أصدق أنه رفع شكواه ضدى إلى جهات عليا.. واعتبرت ما سمعت شائعة مغرضة.. تنال من الرجل أكثر مما تثبت قوة اتصالاته.. كما أن السلطة تغيرت.. ولم يعد فى مقدورها الاستجابة لتحريض كاتب على كاتب.. خاصة إذا كان الاثنان قد وصلا إلى سن التطهر.. وتصفية حسابات الدنيا.. قبل المثول أمام محكمة الآخرة.

إن الرأى حالة متحركة.. وليس مسمارا مدقوقا فى حائط.. أو تمثالا لا يتحرك من مكانه.. لكن.. تبقى الحقيقة سيدة كل العصور.. وتاج كل الاجتهادات.

والحقيقة أن كثيرا من روايات هيكل المنشورة والمصورة تفتقر للدقة.. وتتحامل على ما حدث.. وعند تأملها بدقة سنجدها تكذب نفسها بنفسها.. وكأنها خيال روائى لا شهادة صحفى.

وقد منعنا أنفسنا من التعرض لكثير من الأمثلة فيما قبل خشية أن نجد أنفسنا فى صفوف حملات لم نقبلها.. استهدفته أيام مبارك.. لكن.. أما وقد عاد الرجل إلى نفوذه وقوته وتأثيره فإن من حقنا تفنيد ما يقول وما يكتب دون اتهام بتدبير من سلطة.. أو منافسة على شهرة.. فهو نفسه أصبح جزءاً من السلطة.. كما أن شهرته يصعب انتقاصها.

وسنكتفى بالتعرض لرواياته التى كتبت وأذيعت فى سنواته الأخيرة.. أما رواياته القديمة فلن نقترب منها إلا بحذر.. فنحن لم نكن هناك بالشهادة وإن كنا قد تابعنا بالقراءة.

■■■

والشاهد أن كتابه الأخير «مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان» خفيف جدا.. متواضع جدا.. لا يليق به.. وليس فيه من هيكل القديم شىء.. لا من ذهنه.. ولا من توثيقه.. وفى كثير من حكاياته يكاد يكون ثرثرة متكررة لما قاله الناس فى الشوارع وعلى المقاهى وهم يستهلكون وقتهم فى التدخين وشرب الشاى.. ويحمل من الشائعات أكثر مما يحمل من مستندات.. وإذا لم يوافقنى هيكل الرأى أرجو أن يسامحنى عليه.

■■■

يروى هيكل فى الكتاب عن صدفة جمعت بينه وبين رجل الأعمال حسين سالم.. «صديق مبارك بالالتصاق».. حسب تعبير هيكل.. التقيا على متن طائرة «سويس اير» المتجهة إلى جنيف ذات يوم من عام 1988.. كانت بصحبة حسين سالم زوجته الثانية الشابة.. زوجة «السفر والسياحة».

ما لم يقله هيكل أن حسين سالم فى حياته أكثر من زوجة.. نظيمة أم ابنه خالد وابنته ماجدة.. وهالة وكانت سكرتيرته.. أغلب الظن أنها هى التى كانت معه على تلك الرحلة.. وقد عاشت معه ثمانى سنوات ثم تنقبت.. ولوسى وهى مصرية من جذور أرمينية.. وأخيرا.. هيرمينا.. وهى مغنية رومانية.. عملت فى ملهى فندقه «موفنبيك» على خليج نعمة فى شرم الشيخ عام 1997 وتزوجها عام 2002 وشيد لها مركزا تجاريا فى بوخارست تكلف نحو مائتى مليون دولار.

طوال معظم ساعات الرحلة راح هيكل يسأل حسين سالم عن مبارك وتلقى على ما يبدو إجابات ترضيه.. وإن قصرت الإجابات على ثياب مبارك من بيت الأزياء الإيطالى «بريونى» وهدايا المجوهرات الثمينة التى تلقتها زوجته من أميرات الخليج.. وتلقى هيكل فى الوقت نفسه دعوة عشاء من محدثه انتهت إلى مائدة شهية فى فندق «الريزوف».

وحسب إضافة هيكل فإنه وجد زجاجة نبيذ مفتوحة.. «لاحظت أنها شاتولارتور 1949.. وأبديت دهشتى فهذه زجاجة نبيذ لا يقل ثمنها عن عشرة آلاف دولار وعلقت عابرا على نوع زجاجة النبيذ»، ثم أضفت: « إنها خسارة لأنى لا أشرب».. وللإنصاف فقد رد (حسين سالم) قائلا: «ولا أنا أيضا».

توقفت عند هذا الجزء من الرواية.. فإذا كان هيكل لا يشرب فلماذا اهتم باستعراض خبرته فى مجال النبيذ.. فقد عرف من الوهلة الأولى أن زجاجة النبيذ «شاتولارتور 1949».. ونجح دون تردد فى تحديد ثمنها بسهولة.. «عشرة آلاف دولار».. والمعروف فى عالم الخمور أن أصعب خبرة خبرة النبيذ.. لا يصل إليها أحد إلا بعد طول اجتهاد.

لم أقصد تكذيب هيكل.. ولا الكشف عن عاداته فى الطعام والشراب.. لكن.. تعجبت من نفى حقيقة دون أن يطلب منه ذلك.. فلم يتهمه أحد بالشرب حتى يدافع عن نفسه.. وبدا أنه يتعسف فى إقحام القصة دون مبرر ليقرب منه على ما يبدو التيارات الإسلامية المحافظة التى برق نجمها فى تلك الفترة.. مزيلا ما قد يقف حائلا بينه وبينها من أمور مختلفة ولو كانت شخصية ليس من حق أحد أن يحاسبه عليها.

■■■

وينهى هيكل فصل حسين سالم فى الكتاب برواية شاعت وقتها دون أن يتوقف لفحصها.. أن حسين سالم بعد ايام من قيام ثورة 25 يناير أقلع بطائرته الخاصة من شرم الشيخ ومعه مجموعة من صناديق تحتوى على 450 مليون يورو نقدا وجديدة ولا تزال بنفس التغليف الذى صرفت به من البنك المركزى الأوروبى.. وحطت الطائرة فى مطار أبوظبى ولاحظ مأمور المطار هذه الصناديق وأدرك على الفور أنها أوراق نقد وأخطر بالأمر سلطات مسئولة فى أبوظبى وصدر قرار بالاتصال بالقاهرة لسؤالها فى الموضوع.. وكان مبارك شبه معتزل فى شرم الشيخ لكنه لم يكن قد «تخلى» عن السلطة بعد.. وجرى الاتصال بنائبه الجديد السيد عمر سليمان وأشار النائب بالإفراج عن الرجل وعدم إثارة فضيحة فى الوقت الحاضر حول الموضوع لأن الظرف حرج.. وسأل بعض المسئولين فى الإمارات شخصيات مصرية عما يمكن التصرف به حيال الموضوع.. وكان بينهم نائب رئيس الوزراء المصرى السابق وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد.. وكانت نصيحته وغيره إيداع المبلغ مؤقتا فى البنك المركزى للإمارات والاتصال بالسلطات المصرية للبحث عن الأصل فى هذا الموضوع وكيفية التصرف حياله.

ورغم أن هيكل استشهد برشيد، فإنه عندما سأله فيما بعد وقت أن التقاه فى عاصمة أوروبية عن صحة الرواية استأذن الرجل حسب اعتراف هيكل نفسه بأن يبقيه خارج هذا الموضوع.. فالشاهد الذى استند إليه لم يتكلم.. لم يدل بشهادته.

وقد سألت عمر سليمان قبل رحيله عن الواقعة فنفاها قائلا: «إن حسين سالم كان فى الأقصر منذ ثلاثة شهور يشرف على توسعات فندق موفنبيك فى جزيرة التمساح عندما قرر السفر خارج مصر.. وفور ركوبه الطائرة اتصل بعائلته فى شرم الشيخ كى تذهب إلى المطار لتلحق به على متن الطائرة.. والطائرة من طراز فالكون 2000 لا تسع أكثر من 13 راكبا ولا تحمل أكثر من سبع حقائب.. وقد طلب قائدها الإذن بالسفر فرجعت سلطات المطار إلى الرئاسة.. وبعد نصف ساعة تلقت سلطات المطار الإذن بالموافقة من سكرتير مبارك جمال عبد العزيز».

وبسبب ضيق الطائرة فإن الزوج الثالث لماجدة ابنة حسين سالم لم يجد له مكانا بين من أقلعوا عليها.. كما أن مثل هذه الطائرات مهما كان حجمها ليست مصممة لحمل صناديق بضائع سواء كانت نقودا أو بصلا.. وهيكل يعرف ذلك أكثر من غيره.

وعرفت من مسئول بنكى مخضرم: أن حمل هذا المبلغ مستحيل على طائرة صغيرة.. فوزن تلك الملايين لن يقل عن ثلاثة أطنان من الكيلوجرامات.. بل ربما تزيد إذا ما تذكرنا عملية شهيرة جرى فيها تهريب 210 ملايين دولار من المكسيك.. ونشر وقتها أن وزن الشحنة المالية كان أربعة أطنان.

وفيما بعد.. اتهم حسين سالم بعد أن هبط إسبانيا التى يحمل جنسيتها فى قضية غسيل أموال.. فقد وجد فى حسابه بأحد البنوك هناك 27 مليون يورو.. وكشفت القضية لحظة أن ذهب ابنه خالد إلى البنك يسأل عنها.. وقبض على حسين سالم وخالد وماجدة.. ولم تجد السلطات فى بيته سوى 127 ألف يورو لم تكف لسداد الكفالة المطلوبة (10 ملايين يورو).. وبعد أن خفضت إلى النصف دفعها له صديق تركى.. وبعد ثلاثة شهور فى السجن أفرج عن ماجدة وخالد بكفالة مليون يورو لكل منهما.

وأرسلت السلطات القضائية المصرية المستشار أحمد سعد (هيئة قضايا الدولة) إلى إسبانيا لتعقب أموال حسين سالم.. لكن.. بعد ثلاثة شهور لم يتوصل الرجل- هو وزميل له جاء يسانده- إلى شىء.

■■■

لا أدافع بالقطع عن حسين سالم.. فقد كنت الوحيد فى الصحافة المصرية الذى نشرت عقد تصدير الغاز إلى إسرائيل الذى تولته شركته.. شركة شرق المتوسط.. كما نشرت كيفية استيلائه على جزيرة التمساح فى الأقصر.. تكلمت عنه فى وقت سكت الجميع بمن فيهم هيكل.. وكشفت ما يفعل فى وقت كان هناك من يتناول معه العشاء فى أغلى فنادق جنيف وتفتح له زجاجة نبيذ بعشرة آلاف دولار.. بل أكثر من ذلك كان الناصريون ينشرون له إعلانات تهنئة فى ذكرى ثورة يوليو.

إنها البطولات المؤجلة.. حيث يكون الحديث فى وقت يكون فيه الخصم عاجزا عن الرد.. بما يشبه وصول سيارة إسعاف بعد وفاة المريض.. أو فتح خراطيم سيارة حريق بعد أن تكون النيران قد التهمت كل شىء.. كما أن لا أحد يأخذ ثواب الحج لو ذهب إلى الأراضى المقدسة بعد الموعد الشرعى.

missing image file
■ تعمد بلا مبرر القول بأنه «لا يشرب» وهو على مائدة دعاه إليها حسين سالم.. وفى الوقت نفسه عرف بسهولة نوع النبيذ الذى قدم فى العشاء.. بخبرة نادرة.. فهل تعمد بذلك تقديم عربون محبة للتيارات الدينية الصاعدة؟

missing image file
■ كتب «عبدالناصر ليس أسطورة» ونفذ عملية التخلص من رجال الزعيم الراحل فى انقلاب 15 مايو! ■ اعترافات هيكل الأخيرة تؤكد أنه مسئول عن الكوارث السياسية التى لحقت بمصر طوال الأربعين سنة الماضية! ■ القيادى الإخوانى السابق خالد الزعفرانى: هيكل حذر رموز الجماعة من ترك الميادين قائلا: لو تركتموها.. مبارك سيشم نفسه ويعلق ألفا منكم فى المشانق ■ ادعى أن حسين سالم حمل معه 450 مليون يورو وخبراء النقد يقولون إنها شحنة تزن ثلاثة أطنان وليس فى الطائرات الخاصة مكان لها!

مذكرة الحفظ فى قضية أحمد هيكل التى عاد بعدها من لندن التى هرب إليها

missing image file
■ اتهم ابنه أحمد فى قضية شراكة بينه وبين هيئة البترول وتعهد مسئولو الشركة بدفع كل ما يطلب منهم فحفظت القضية وعاد الابن الهارب من لندن! ■ ابنه الآخر حسن هرب إلى لندن رغم أنه مطلوب على ذمة قضية بيع البنك الوطنى بعد أن ساهم فى مكسب لجمال مبارك يزيد على 594 مليون جنيه حسب قرار الإحالة!

ومن جانبه دافع حسين سالم عن نفسه قائلا: «إنه لو كان يعلم أن هيكل على متن تلك الطائرة السويسرية لأخذ غيرها».. وأضاف: «إن هيكل يكره مبارك ونظر إليه على أنه فلاح سقط من السماء على عرش مصر».. واستطرد: «ومن جانبه شعر هيكل بالخطر من مبارك ومبارك نفسه كان يسعده أن يشعر هيكل بالتهديد طوال الوقت حتى لا يفكر فى الكتابة عنه أو عن عائلته.. ونجح مبارك فى ذلك طيلة ثلاثين عاما.. ويرجع خوف هيكل من مبارك إلى علمه أن مبارك قد يصل فى غضبه إلى حد الهمجية».

وتوقع حسين سالم أن يكتب هيكل عنه «أقوى من ذلك».. و«لكننى فوجئت به يتحدث عن النبيذ والأزياء».. «مما يعنى أنه ليس لديه معلومات ثقيلة عنى».

■■■

لقد نشر هيكل كثيرا من الشائعات متخلياً عن طريقته فى الفحص والتوثيق.. منحها حصانة لا تستحقها ولو وضع تحتها اسمه وخاتمه.

فى 23 مايو عام 2011 أثبت هيكل من جديد أن «الأستاذ» يرتكن إلى شائعات لا مستندات فى كثير من أحاديثه.. فى ذلك اليوم جلس أمام المستشار خالد سليم فى جهاز الكسب غير المشروع للتحقيق فيما نشره لبيب السباعى على لسانه فى «الأهرام».. أن ثروة مبارك تتراوح ما بين 9 و11 مليار دولار.. ولم يستطع هيكل أن يثبت ما قال.. وراح يتحدث عن تقارير ومصادر خارجية دون أن يقدم نسخة منها.. وكاد المحقق أن يسجنه بتهمة نشر معلومات كاذبة لولا تدخل جهات عليا فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

سبق أن حقق مع هيكل فى نفس المكان وقت أن كان يشغله المدعى العام الاشتراكى.. بل.. إن الحجرة التى كانت تنتظره ليدلى بأقواله نفس الحجرة التى سئل فيها من قبل.. واحترم المستشار عاصم الجوهرى ذكرياته القديمة السيئة فنقل التحقيق إلى غرفته.

ومما تسجله ورقتا التحقيق أن المستشار خالد سليم قال له باستنكار لا يخلو من الدهشة: «بسمعتك وكيانك واسمك كيف تستقى معلومات من وكالات أنباء وتذكرها على مسئوليتك فى تلك الظروف الصعبة؟».. فألقى هيكل بالمسئولية على «الأهرام» التى اتهمها بتضخيم تصريحاته والعبث بها.

■■■

وفى تلك الأيام ضاعف هيكل من عدد الجسور الممدودة بينه وبين تنظيم الإخوان.. التقى قياداتهم فى بيته الريفى بمنطقة برقاش.. وتناول معهم الطعام.. وشرب معهم الشاى والقهوة وعصير البرتقال متجنبا الحديث عن خبرته فى النبيذ.

كان عمر سليمان قد التقى قيادات من الإخوان فى 3 فبراير عام 2011 قبل رحيل مبارك عن الحكم بثمانية أيام.. واتفق الطرفان معا على انسحاب حشود الجماعة من الميادين مقابل تشكيل حزب سياسى لها.. فانزعج هيكل واستدعى رموزا إخوانية قائلا: «لو انسحبتم من الميادين فإن مبارك سيشم نفسه ويعلق ألفا منكم فى المشانق».

تحالف هيكل مع الجماعة بوضوح ودون تردد متصورا أنهم أقرب إليه من مبارك والمجلس الأعلى للقوات المسلحة وباقى التيارات السياسية المدنية.. كشف هذه الواقعة القيادى الإخوانى السابق خالد الزعفرانى.. كان الرجل ضيفا على برنامجى «آخر النهار».. وفى الفاصل الإعلانى قال أمام ضيفى الآخرين بهاء الدين شعبان وناصر عبدالحميد (وهما من قيادات ثورة 25 يناير) ما قال.. وعندما اتصلت به فيما بعد طالبا مزيدا من التفاصيل قال: إنه كان جالسا وسط قيادات إخوانية فى الإسكندرية عندما كشف لهم مدحت الحداد (أمين حزب الحرية والعدالة وشقيق عصام وهشام الحداد ويمتلك شركة لتنظيم المعارض) فى بيته بحى جناكليس عن نصيحة هيكل «المخلصة».. وكان بين الحضور عبد اللطيف آدم.. وهو ينتمى إلى تنظيم سيد قطب الذى سعى إلى تفجير وتخريب مصر عام 1965.. وقت أن كان هيكل أبرز رموز نظامها.

وفيما بعد.. واصل هيكل نصائحه للجماعة.. واستقبل مرشحها الرئاسى محمد مرسى.. وظل على اتصال به.. وذهب إليه بنفسه إلى قصر الاتحادية بعد فوزه.. وبعد سقوط حكمه فى 3 يوليو 2013 استقبل الدكتور محمد على بشر والدكتور عمرو دراج ليستمع منهما إلى مبادرة الجماعة للتوافق مع السلطة الجديدة التى تحكم مصر.

ولم ينس هيكل- وهو يغسل يديه من علاقته بالإخوان- أن يتهمهم بحرق بيته الريفى فى برقاش.. والاستيلاء على مقتنيات أثرية.. وأنكر الإخوان ذلك.. ونسبوا الحادث إلى عصابات جنائية.. تنشط عادة وقت الاضطربات.

■■■

والنصيحة الغالية التى يجب أن يوجهها إليه المقربون منه والمؤمنون به والمقلدون له أن يكف عن الكلام.. فكلما تكلم كشف بنفسه تناقضاته.. وتقلباته.. وانقلاباته.. خاصة أن ما تبقى من الزمن لن يمنحه فرصة جديدة للتراجع والتصحيح كما حدث كثيرا فيما قبل.

■■■

يوم 3 يناير الماضى تحدث إلى لميس الحديدى عن اجتماع عقده أنور السادات فى استراحة القناطر بعد شهرين أو ثلاثة شهور من توليه الحكم.. حضرته السيدة حرمه.. وحسب رواية هيكل فإن السادات صرح بأنه ينوى التخلى عن سياسات سلفه جمال عبدالناصر.. وأنه سيتوجه إلى الولايات المتحدة التى ستخرج منتصرة من حربها الباردة مع الاتحاد السوفيتى.. وأن سياساته سترتكز على حلول مصر محل إسرائيل والسعودية فى خدمة المصالح الأمريكية على خريطة الشرق الأوسط.. لذلك لابد من التصالح مع تنظيم الإخوان لوضع الإسلام فى حالة عداء ضد الشيوعية.. وساعده فى التصالح مع الجماعة عثمان أحمد عثمان ومرشد الإخوان الخفى وقتها حلمى عبدالمجيد.. وكان مديرا مؤثرا فى شركة المقاولون العرب.

استدعى السادات الإخوان ليحاربوا معه الناصريين واليساريين فى الداخل بما يضمن بقاء نظامه.. وليواجهوا الشيوعيين فى الخارج بما يخدم المصالح الأمريكية.. لتصبح مصر فى تصوره أهم دولة فى الشرق الأوسط.

وبنص كلام هيكل.. فقد قال السادات: «لقد ناكف عبدالناصر الأمريكان زيادة عن اللزوم وعلينا تقديم حسن النية لأمريكا لكى نحل محل إسرائيل ونجعل أمريكا غير محتاجة لها».

هذه هى المرة الأولى التى يعترف فيها هيكل بنوايا السادات فى تغيير سياسات مصر ناحية الاتجاه المعاكس لسياسات عبدالناصر تماما.. عبدالناصر الذى يعتبره هيكل أهم زعيم عربى ساهم بعد شهور قليلة من وفاته فى الانقلاب عليه.. قبل أن يبرد دمه.. وتهدأ روحه.. منتهى الوفاء.

حدث ذلك الاجتماع فى نهاية عام 1970 قبل انقلاب مايو 1971 بعدة شهور.. الانقلاب الذى يفخر هيكل بأنه مهندسه وصانعه ومروجه.. لم يكن هيكل على علم فقط بنوايا السادات فى استخدام الإخوان لمحاربة الناصريين فى الداخل والشيوعيين فى الخارج ليكون خادما للاستراتيجية الأمريكية، وإنما ساهم فى تنفيذ خطته بكل ما منحه الله من خبرة.

لقد مهد لتغيير موقفه بمقال شهير نشره بعنوان «عبدالناصر ليس أسطورة».. اتهم فيه رجال عبدالناصر بتحضير الأرواح.. تشكيكا فى قدرتهم.. ورجما لمواقفهم.. وكان المقال عربونا مباشرا للتفاهم مع السادات.

لقد كان هيكل يزهو بكونه أقرب رجل إلى عبدالناصر وأنه ساهم فى صياغة أفكاره وتوجهاته ومبادئه فى «فلسفة الثورة» و«الميثاق الوطنى» و«بيان 30 مارس» فلماذا قبل المشاركة فى الكفر بكل ما آمن به وانحاز إلى خصومه وساهم فى ضربه؟ والأسوأ أنه لا يزال يبكى عليه.. فهل ينطبق عليه المثل القائل: «يقتل القتيل ويمشى فى جنازته».

إن تلك الشهادات.. صادمة.. ولو جاءت متأخرة.. تؤكد مسئولية هيكل عن كل ما جرى فى مصر منذ انقلاب مايو 1971 حتى ثورة 25 يناير 2011.. فقد امتد عهد الردة أربعين عاما كاملة.

ما فائدة تأليف عشرات الكتب وصياغة مئات المقالات وتضييع ملايين الدقائق فى حوارات تتحدث عن وطنية عبدالناصر وسلامة تجربته وعبقرية استراتيجيته من كاتب شارك فى هدمه؟

لو كان هيكل قد خرج من دائرة السلطة فور علمه بمخططات السادات لحصل على شهادة تبرئة من المشاركة فى أكبر جريمة تاريخية حاقت بمصر فى القرن العشرين.. لكنه.. لم يفعل ذلك.. بل.. أكثر من ذلك خاض المعركة مع السادات.. ناصحا.. مساندا.. مؤيدا.. مروجا.. متحمسا.. ولم ينقلب على السادات إلا بعد أن أخرجه من الأهرام فى بداية عام 1974.

فى كتاباته وأحاديثه حاسب هيكل الجميع عن أخطائهم.. ولكنه.. لم يتوقف دقيقة واحدة ليحاسب نفسه.. والمؤكد أن اعترافه الأخير يدينه تاريخيا وسياسيا.. فقد شارك عن علم ومعرفة فيما هو قادم.

كيف تتناقض أقوال كاتب مع أفعاله محدثا كل هذه الفجوة العميقة؟ هل دفاعه عن عبدالناصر نوع من التكفير عن ذنب المشاركة فيما ارتكب ضد عهده؟.. ألم يكن من الأجدى ألا يشارك فى تلك الجريمة بدلا من البكاء على الأطلال فور أن تخلى السادات عنه بعد أن استنفد غرضه من وجوده بجواره؟

لقد أخفقت «مجموعة مايو» فى التصدى لانقلاب السادات رغم كشفها نواياه.. لكنها لم تشارك فى نسف تجربة الزعيم الذى آمنت به.. قبلت بالسجن ولم تقبل بتفكيك الثورة.. لم تزرع فى رأس السادات أفكاراً من عينة تحييد أمريكا.. والحرب المحدودة لتحريك الأزمة.. وصعوبة العبور.. تلك الأفكار التى روج لها هيكل ترجمة لمخطط السادات.

إن شهادة هيكل الأخيرة تلقى بظلال كثيفة من الشكوك حول الأدوار السياسية التى لعبها.. وتحدد بوضوح من استفاد منها.. وكيف انتهت بنا إلى المتاهات التى نعانى منها حاليا.

■■■

إن هيكل ينجذب تلقائيا إلى قوة السلطة مهما كانت طبيعتها.. ملكية.. جمهورية.. إسلامية.. ناصرية.. ساداتية.. عسكرية.. إخوانية.. يذهب إليها عارضا خدماته ونصائحه وموهبته فى صياغة ما تريد.. لا يهمه من فيها.. فكل عدو سابق هو بالمصلحة صديق لا حق.. وكل صديق حالى هو بنفس المصلحة عدو لاحق.

يتقرب هيكل من السلطة القائمة.. يصبح جزءا منها.. يستفيد من اندماجه فيها.. فإذا ما غربت أو أقصته عنها انقلب عليها.. واستفاد من جديد وهو يعارضها.. حالة نادرة للبراجماتية الخالصة جعلته موجودا فى كل العصور.. قادرا على البقاء فى كل الأزمنة.. إن لا أحد سوى هيكل سكن بيت الحكم فى مصر أكثر من ستين سنة رغم تغيير مالكه.. هيكل فى الحقيقة لا يعمل إلا لحساب هيكل.. دون تورط فى أيديولوجية.. أو انحياز لطريق ثابت بعينه.

ولو لم يجد فى سلطة دسما أو شحما أو خيرا فإنه لا يتردد فى أن يقلب الحقائق للنيل منها.. ليظهر فى صورة بطل معارض.. وبقدرته الفائقة على التعبير ينجح دائما فيما يريد.

■■■

جمعتنى رحلة سفر مع محمد عبد السلام المحجوب.. رجل المخابرات البارع الذى واصل بخبرته صعوده فى الجهاز حتى وصل إلى رئاسة هيئة الخدمة السرية فيه.. الهيئة المسئولة عن العمليات الخارجية وتجنيد العملاء لمصر.. ظللت طوال ساعات السفر صامتا أستمع منه لكثير مما فعل.. وتعرض إلى ما نشره هيكل فى كتابه «مبارك وزمانه» عن العملية التى كانت ستنفذ ضد إيران الخومينية.. وكان هو وراءها.

تتلخص هذه العملية حسب رواية هيكل فى اتفاق جرى فى لانجلى (مقر قيادة وكالة المخابرات المركزية) وأجهزة عربية لغزو إيران بتمويل سعودى وبمشاركة جماعات إيرانية لاجئة فى فرنسا بعضها تابع للسيد شهبور بختيار آخر رئيس وزراء فى حكم الشاه ومعهم أنصار للأميرة أشرف شقيقة الشاه وتوأمه.. وجهزت الأسلحة.. واتفق على أن يكون الغزو من منطقة قريبة فى سلطنة عمان.. وكلف المحجوب بمسئولية مهمة فى العملية.. لكنه.. عندما سافر إلى عمان وجد أن فرص النجاح معدومة.. وتحدد له موعد مع مدير وكالة المخابرات الأمريكية.. وهناك فى لانجلى حدد كل العقبات التى يستحيل معها نجاح الخطة.. وحسب ما كتب هيكل بالنص: «فإن المحجوب كتب تقريره وكان الرد نقله محافظا للإسكندرية».

قال لى المحجوب: إن الجملة الأخيرة فيما كتب هيكل ليست صحيحة.. فلم أنقل محافظا إلى الإسكندرية بسبب التقرير.. كما أننى قبل أن أكون محافظا للإسكندرية مررت محافظا للإسماعيلية.. كما أن تركى جهاز المخابرات كان أمراً تقتضيه طبيعة العمل فى الجهاز.. ولم يكن بسبب تقرير رفعته وحذرت فيه من عملية فاشلة.. بل إننى قدرت على ذلك التقرير ولم أعاقب بسببه.. إن كان عمل المحافظ أو الوزير عقابا.

لقد أراد هيكل الطعن فى مبارك وإدخاله فى جملة غير مفيدة.. وغير ضرورية.. ولو على حساب الحقيقة.

■■■

ونأتى لأبرز نقاط ضعف هيكل.. أولاده.. إن أكبرهم على.. طبيب بارع.. تعود أن يمر على والده ليطمئن على صحته يوميا.. أما أحمد وحسن فقد عملا فى البيزنس.. وكسبا من ورائه مئات الملايين من الدولارات.. واكتويا بنيرانه.. فقد وضعتهما تطورات الأحداث بعد ثورة 25 يناير فى مواقف صعبة.. أمام جهات تحقيق طالبت بمنعهما من السفر.. ووضعتهما على قوائم ترقب الوصول.. فى مقارنة فرضت نفسها بين أب يشهر سيف محاربة الفساد.. وولديه فى موطن شبهات.

تعرف القضية رقم 10427 لسنة 2011 جنايات العجوزة (المقيدة برقم 889 لسنة 2012 كلى شمال جيزة والمقيدة برقم واحد لسنة 2011 حصر تحقيق المكتب الفنى) بقضية البنك الوطنى المصرى. وتتلخص هذه القضية التى كنت أول من نشر عنها فى تحالف بين شركتى هيرمس والنعيم للاستثمار وبعض أعضاء مجلس إدارة البنك لشراء حصة حاكمة من أسهمه (80%) قبل بيعها لبنك كويتى.. فتحقق من وراء ذلك ربحا تجاوز المليار و870 مليون جنيه.. ووجهت النيابة التهمة لتسعة أشخاص.. منهم جمال مبارك المتهم السادس الذى استفاد صندوق حورس (2) الذى حقق أرباحا صافية فى الفترة ما بين يوليو 2003 وديسمبر 2009 أكثر من 497 مليون جنيه.. وكسب من عملية البنك وحدها أكثر من 414 مليون جنيه.. وما يلفت النظر أن رأسماله بدأ بعشرة آلاف دولار ووصل إلى أقصاه فى عام 2008 إلى 410 آلاف دولار.. حسب قائمة أدلة الثبوت فى القضية.

ودخل علاء مبارك المتهم السابع على الخط وتربح من بيع أسهم من البنك (290 ألف سهم) أكثر من 12 مليون جنيه بعد أن اشترى الاسهم باسم زوجته هيدى راسخ وتحولت الأرباح إلى حسابه.

وسبقهما فى قائمة المتهمين حسن محمد حسنين هيكل.. المتهم الخامس.. 45 سنة.. رئيس تنفيذى شركة هيرمس القابضة.. وحسب شهادة ماهر أحمد صلاح الدين (44 سنة) رئيس الإدارة المركزية لشكاوى المتعاملين بهيئة الرقابة المالية فإن حسن هيكل قام هو وزميل فى هيرمس بتوجيه شركات وأفراد وصناديق استثمارية ناحية شراء اسهم البنك.. وتحقق من وراء ذلك مئات الملايين.

وشهد أحمد حسين قورة (71 سنة) رئيس مجلس إدارة البنك الوطنى سابقا بأن شركتى هيرمس والنعيم «قامتا بالتحايل على القانون لشراء أسهم البنك عن طريق الشراء بأسماء وصناديق متعددة بغرض بيع البنك لمستثمر أجنبى».. وأرسلت الشركتان له أحد اعضاء مجلس الإدارة ليدخل فى اللعبة.. لكن الرجل استقال قبل أن تقع الفأس فى الرأس وحصل على مليونى و400 ألف جنيه مكافأة نهاية الخدمة.

واضاف: «إن مخطط بيع البنك كان عن طريق شركتى هيرمس (شركاتها التابعة لإدارة المحافظ المالية وصناديق الاستثمار) وشركة النعيم.. وذلك بالدخول على سهم البنك بتتابع غريب للاستحواذ عليه وعدم ظهور هذا الأمر فى السوق».

وبرر عدم ملاحظة البنك المركزى أو البورصة لهذا المخطط المنظم والمتقن من قبل القائمين على شركتى هيرمس والنعيم بأن الاستحواذ على السهم كان عن طريق صناديق أوف شور أحيانا.

لقد أجمع كل الشهود والخبراء أن مسئولى هيرمس ومن بينهم حسن هيكل هم من وجهوا المشترين إلى أسهم البنك.. وحسب ملف القضية فإن تحريات هيئة الأمن القومى أكدت أن جمال وعلاء مبارك أسسا شركة بوليون فى قبرص وارتبط جمال مبارك بعلاقات قوية مع حسن هيكل.. وأسست هيرمس 21 صندوق استثمار بعضها بجزر فيرجين أيلاند المعروفة بغسيل الأموال.. ومنها صندوق حورس (2) بغرض شراء أسهم البنك.. ومن خلال صناديق حورس واحد واثنين وثلاثة استثمرت 534 مليون جنيه فى 35 شركة.. جرى التخارج فى 25 منها.

من بين الشهود كان أشرف محمود عباس زكى المدير التنفيذى لشركة هيرميس للترويج بأن هذه الشركة تتكون من إدارة واحدة.. المسئول عنها حسن هيكل.

وأضاف حازم أحمد مصطفى شوقى المدير التنفيذى لشركة هيرمس للاستثمار المباشر أن الشركة مملوكة لهيرمس القابضة بنسبة 65% وشركة بوليون بنسبة 35% وأنها سجلت فى فيرجين أيلاند.

واضاف: «أن شركة القلعة للاستثمارات وأحمد هيكل من ضمن المؤسسين لصندوق حورس (2)».

وفى قرار الإحالة الذى وقعه المستشار عاشور فرج المحامى العام بالمكتب الفنى للنائب العام فإن المتهم الخامس (حسن هيكل) اشترك مع المتهمين من الأول إلى الثالث (أيمن فتحى حسين سليمان وشقيقه أحمد وياسر الملوانى) بطريقى الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب جريمة التربح موضوع التهمة بأن اتفق معهم على تكوين حصة حاكمة من اسهم البنك الوطنى المصرى وساعدهم بصفته مديراً تنفيذياً لشركة هيرميس القابضة بأن وجه الشركات التابعة لشركته والخاضعة لرقابتها وهى شركات هيرميس لإدارة صناديق الاستثمار وهيرميس لإدارة المحافظ المالية وهيرميس للسمسرة وهيرميس للوساطة إلى شراء أسهم البنك الوطنى المصرى لصالح صندوق حورس (2) وصناديق الاستثمار ومحافظ الأوراق المالية إدارة تلك الشركات توطئة لإعادة بيعها لمستثمر استراتيجى دون الإعلان عن وجود رابطة واتفاق بينهم بالمخالفة للقواعد المقررة مما مكنهم من الحصول بغير حق على ربح مقداره 594283353 جنيها فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات».

ومهما كانت نهاية هذه القضية فإن ما يهمنا فيها هو العلاقة الكاشفة بين أبناء هيكل وابناء مبارك.. وفى الوقت نفسه أتمنى من قلبى أن يخرج منها حسن هيكل بريئا.. فهو واحد من أفضل الخبراء فى مجاله على مستوى العالم.. وأشعر برغبة حقيقية فى كتاباته التى أرسلها من الغربة بنية طيبة لإصلاح الاقتصاد المصرى مما يعانى منه الآن.

بسبب اتهامه فى القضية نجح حسن هيكل فى الهروب إلى لندن.. ولا يزال هناك.. والمؤكد أن العاصمة البريطانية التى تستضيفه هاربا سبق أن استضافت شقيقه أحمد هاربا أيضا فى عام 2011.. ولم يتوقف الأب عن زيارتهما.. وفى الوقت نفسه لم يتوقف عن الهجوم على فساد نظام مبارك.

■■■

بدأت قضية أحمد هيكل (القضية رقم 119 لسنة 2011 حصر تحقيق أموال عامة عليا والمقيدة برقم 310 حصر وارد أموال عامة عليا لنفس السنة) ببلاغ تقدم به بعض العاملين وأعضاء اللجنة النقابية فى شركة مصر للبترول.. شهدت فيه فاتن عطية رضوان الموظفة بالشركة عن قيام مسئولين بهيئة البترول وشركة مصر للبترول بهدم كل منشآت الشركة فى مستودع مسطرد وتسليم الأرض المملوكة لها (نحو 192 ألف متر مربع) إلى الشركة المصرية للتكرير.. شركة أحمد هيكل للانتفاع بها بإنشاء مشروع للتكرير الهيدروجينى للمازوت مقابل انتفاع الشركة بأرض أخرى مملوكة لشركة حسن هيكل بذات المنطقة نظير إيجار سنوى قدره 106 جنيهات للمتر يزداد سنويا بنسبة 5% وهو سعر يقل عن السعر الحقيقى لتلك الأرض.. ولوجود تفاوت فى سعر المتر بين الأراضى المتبادلة وقيام المسئولين بشركة مصر للبترول بتخريد 23 صهريجا وبيعها بثمن مقداره 406 آلاف جنيه يقل عن قيمتها الحقيقية مما يعد إهدارا للمال العام.

وبسؤال مروان نبيل العربى (ابن أمين عام الجامعة العربية وشقيق زوجة أحمد هيكل وابن خالته) رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للتكرير قرر أنها إحدى الشركات التابعة لشركة القلعة.. تساهم فيها هيئة البترول وكل من أحمد محمد حسنين هيكل وطارق صلاح الدين عطية عضو منتدب بها.. وأضاف: أن المشروع يوفر للدولة 60% من قيمة استيراد السولار بثمن يقل واحداً فى المائة عن السعر العالمى.. وتقرر تبادل الأراضى مع هيئة البترول حفاظا على البيئة.. واستطرد: إنه قدم استقالته من الشركة فى 8 مارس 2011 وجلس فى مكانه عبدالفتاح أبوزيد إبراهيم.

قرر رئيس مجلس الإدارة الجديد أنه مستعد للتنازل عن حقوق الشركة التى ترتبت على العقد المبرم مع هيئة البترول، كما قرر تنازله عن كل حقوق للشركة تترتب على خطاب الحكومة المصرية عن ضمانها لتنفيذ المشروع من أجل الحصول على القرض المخصص للشركة بشأن المشروع لحين الانتهاء من التحقيقات وقدم إقرارا كتابيا بذلك.

ويبدو أن تلك التنازلات سهلت غلق القضية بعد استبعاد شبهة جرائم العدوان على المال العام.

وعاد أحمد هيكل من لندن.. وتصادف أن كان هو وزوجته مى العربى على نفس الطائرة التى كنت على متنها عائدا إلى القاهرة.. ولكن.. تلك الواقعة وإن أغلقت تتناقض مع ما سبق أن قاله هيكل لى إنه حرم على أولاده التعامل مع الحكومة فى مشروعات البيزنس.. والواضح هنا أن ابنه شارك الحكومة فى مصفاة تكرير فى مسطرد.. من جانب آخر.. لم يتدخل مبارك فى بيزنس ولدى هيكل ردا على اختلاف والدهما معه.. لقد اختلف الكبار.. وتشارك الصغار.

■■■

لست أقصد بما كتبت أن أطعن فى هيكل.. ولا أن أنال منه.. بل العكس.. أردت أن يراجع نفسه.. ويحتفظ بما حقق من مكاسب أدبية وغيرها.. دون أن يفتح فيه بنفسه ثغرات يصعب تبريرها.. فربما لا يمنحه الزمن فرصة أخرى.. كما منحه كثيرا فيما قبل.

وربما.. جرأة منى أن أتطوع بذلك.. لكنى.. أخشى أن يجد من يستمع إليه.. ويأخذ بنصائحه التى لم يستفد منها سواه.. ودفعت مصر فيها ثمنا غاليا.. لا تقدر عليه فى ظروفها الحالية.. فنحن نمشى على سلك رفيع معلق فى الهواء.. لن يوصلنا إلى بر السلامة إلا بأفكار متطورة.. تنفض نفسها من تجارب سيئة عاشها وفرضها الكبار.. إن من كان سببا فى الكارثة لا يمكن أن يمتلك طوقا للنجاة.

لقد وجدت فى احتفالات القوات المسلحة ومناسباتها المختلفة نفس الوجوه التى تحالفت مع الإخوان وسبق لها أن خدمت نظام مبارك.. فهل نتحملها من جديد؟ هل سيتقبلها الشعب لو بقيت فى سفينة المستقبل؟

■■■

فى مسرحيات شكسبير الخالدة عبارات فرضت نفسها وأنا أرسو بما أكتب على بر النهاية.

الحقيقة تطهرنا.. الخيال والواقع أكثر قربا مما نتصور لكنهما لا يلتقيان.. كلنا نختار.. خياراتنا حياتنا.. الصعوبة.. هل تتقبل حياتك.. ربما تكبر.. ربما تنجح.. لكن.. هل تصدق نفسك.. حين تكون وحدك هل تعرف النوم؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.