رسالة الفدائية «صابحة» ناقلة خرائط تمركزات العدو على صدر طفلها الرضيع قبل وفاتها بأيام: ربنا يقويك يا ريس ويحفظ جيش مصر    إزالة بعض خيام الطرق الصوفية بطنطا بسبب شكوى المواطنين من الإزعاج    مؤسس مقاطعة السمك ببورسعيد ل"كل الزوايا": تأثير المبادرة وصل 25 محافظة    الزراعة ل«مساء dmc»: المنافذ توفر السلع بأسعار مخفضة للمواطنين    «إكسترا نيوز» ترصد جهود جهاز تنمية المشروعات بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    أستاذ اقتصاد: سيناء تستحوذ على النصيب الأكبر من الاستثمار ب400 مليار جنيه    استقالة متحدثة لخارجية أمريكا اعتراضا على سياسة بايدن تجاه غزة    ادخال 21 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر بوابة معبر رفح البري    في اليوم ال203.. الاحتلال الإسرائيلي يواصل أعمال الوحشية ضد سكان غزة    موعد مباراة الهلال والفتح والقنوات الناقلة في الدوري السعودي    رمضان صبحي: كنت حاسس إن التأهل من مجموعات إفريقيا سهل.. ومقدرش أنصح الأهلي    «الأرصاد» عن طقس اليوم: انخفاض في درجات الحرارة بسبب تأثر مصر بمنخفض جوي    رسالة من كريم فهمي ل هشام ماجد في عيد ميلاده    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فلسطيني يشتكي من الطقس الحار: الخيام تمتص أشعة الشمس وتشوي من يجلس بداخلها    طيران الاحتلال يشن غارات على حزب الله في كفرشوبا    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    إشادة برلمانية وحزبية بكلمة السيسي في ذكرى تحرير سيناء.. حددت ثوابت مصر تجاه القضية الفلسطينية.. ويؤكدون : رفض مخطط التهجير ..والقوات المسلحة جاهزة لحماية الأمن القومى    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 26- 4- 2024 والقنوات الناقلة    صحة القليوبية تنظم قافلة طبية بقرية الجبل الأصفر بالخانكة    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة بمليارات الدولارات إلى كييف    "تايمز أوف إسرائيل": تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن 40 رهينة    أول تعليق من رمضان صبحي بعد أزمة المنشطات    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    أبرزهم رانيا يوسف وحمزة العيلي وياسمينا العبد.. نجوم الفن في حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير (صور)    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    بعد سد النهضة.. أستاذ موارد مائية يكشف حجم الأمطار المتدفقة على منابع النيل    وزير الخارجية الصيني يلتقي بلينكن في العاصمة بكين    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    «جريمة عابرة للحدود».. نص تحقيقات النيابة مع المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    خالد جلال يكشف تشكيل الأهلي المثالي أمام مازيمبي    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    سيد معوض يكشف عن رؤيته لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي.. ويتوقع تشكيلة كولر    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الابتلاء في القرآن: أنواعه ونتائجه
نشر في الفجر يوم 14 - 01 - 2014

البلاء والابتلاء، والفتنة، والامتحان، والاختبار خمسة ألفاظ مختلفة تشترك في الدلالة على معنى واحد هو الاختبار·

يقال في اللغة: بلاه ببلوه بلواً، أو بلاء، وابتلاء يبتليه ابتلاء: إذا جرَّبه واختبره·

وفي القرآن الكريم: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) القلم:17: أي اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع حتى أكلوا الجيف بدعوته صلى الله عليه وسلم·(1)

(وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّهُ بكلمات فأتمهن) البقرة:124: أي اختبره بما كلفه من الأوامر والنواهي·(2)·

(ولقد فتنا سليمان) ص:34: أي ابتليناه واختبرناه·

(يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن) الممتحنة:10: أي اختبروهن لتعرفوا إيمانهن·

والله عز وجل جعل العلة لخلق المؤمن والحياة اختبار عباده وابتلاءهم لتبيين محسنهم ومسيئهم، فقال: (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير· الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) الملك: 1 2·

وأقسم سبحانه إنه سيبلو عباده أي يختبرهم بالمكاره والمصائب ليظهر صبرهم واحتسابهم ورضاهم بما قدَّره عليهم فقال: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين· الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون· أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) البقرة: 155 157·

والابتلاء في القرآن أنواع

1 ابتلاء بالتكليف كما في قوله تعالى في الآية 124 من سورة البقرة: (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات)·

ومنها أمره بذبح ابنه، ولما استجاب لأمر ربه، وتهيأ لتنفيذ الذبح، سمَّى الله ذلك التكليف البلاء المبين، أي الواضح، وافتدى الله الابن العزيز الصابر الراضي بقضاء ربه بكبش عظيم: قال (رب هب لي من الصالحين· فبشرناه بغلام حليم· فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبك فانظر ماذا ترى قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين· فلما أسلما وتلَّه للجبين· وناديناه أن يا إبراهيم· قد صدَّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين· إن هذا لهو البلاء المبين· وفديناه بِذِبْحٍ عظيم) الصافات: 100 107·

ومن الابتلاء بالتكليف ما حدث لأصحاب القرية من بني إسرائيل (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرَّعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون) الأعراف:163، وقال سبحانه: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) محمد:31·

2 ابتلاء بالمحن والشدائد والمصائب ليظهر الصبر والرضا والتسليم·

ومن ذلك قوله تعالى: (أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون· ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) العنكبوت: 2 3·

وقوله عز وجل: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشِّر الصابرين) البقرة:155·

فمن الخطأ ادعاء الإيمان من غير الثبات في الشدائد، والرضا بقضاء الله، إن سنة الله في خلقه أن يختبر إيمان المؤمنين بأن يصيبهم بما يكرهون، فإن صبروا ورضوا بما قدَّر ربهم فقد صدقوا في قولهم آمنا، وإن لم يصبروا ويرضوا فهم كاذبون في دعوى الإيمان·

ومن الابتلاء بالمحن والشدائد ما تحفل به حياة الأنبياء والمرسلين، (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثٌ يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) يوسف:111·

3 ابتلاء هو عقاب على ارتكاب المعاصي التي يرتكبها العباد، ومن ذلك قوله تعالى: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون· فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم) القلم: 17 20·

فما أصاب أهل مكة، وما نزل بحديقة هؤلاء المانعين حق الله هو ابتلاء انتقام وعقاب·

4 ابتلاء بالنعم والخيرات: فكل خير يتفضل الله به على عبد من عباده هو اختبار له ليظهر شكره، وحسن استخدام النعم فيما يرضي المنعم سبحانه وتعالى، فإن شكر فقد نجح في امتحان الخير، وأرضى ربه، واستحق المزيد من الخير تحقيقاً لوعد الله، عز وجل، (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) إبراهيم:7·

وكثيراً ما يخفى على الناس أن النعم ابتلاء، فيظنونها تكريماً من الله لهم، لا اختباراً لشكرهم فيسيئون استخدامها، ويفترون بها، فيفسدون ولا يصلحون، على نحو ما قصه القرآن عن قارون: (إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين· قال إنما أوتيته على علم عندي) القصص: 76 78·

والله عز وجل يذكر لنا أنه يبتلي عباده بالخير كما يبتليهم بالشر، فيقول سبحانه وتعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) الأنبياء:35·

وقال سبحانه: (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) الأعراف:168·

والابتلاء بالشر أهون من الابتلاء بالخير

فإن الامتحان بالشر امتحان مباشر يدركه عامة الناس فكل من وقع به ما لا يحب من مصيبة أو فقد عزيز أو نقص في مال أو نفس يدرك غالباً أنه مُبتلى ومُختبر، فيلجأ إلى ربه يسأل اللطف والتخفيف والتعويض قائلاً في الآية 156 من سورة البقرة كما علَّمه ربه: (إنا لله وإنا إليه راجعون)·أما الامتحان بالخير فهو امتحان غير مباشر لا يدرك حقيقته إلا من صدق إيمانه، وصفت بصيرته، فأدرك أنه مسؤول عن كل ما يتفضل الله به عليه من الصحة، أما التمكين في الأرض، أو زيادة في الخير على نحو ما قصه القرآن الكريم عن نبي الله سليمان عليه السلام، إذ قال حينما سمع صوت النملة تحذر قومها من الهلاك إن لم يدخلوا مساكنهم خشية أن يحطمهم جيشه المتعدد الجنسيات من الإنس والجن والطير (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) النمل:19·

وقوله عليه السلام عندما جاءه عرش ملكة سبأ من اليمن إلى الشام في أقل من غمضة العين: (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم) النمل:40·

ولأن الامتحان بالخير أصعب من الامتحان بالشر ····· (وقليل من عبادي الشكور) سبأ:13·

والابتلاء على قدر الإيمان

فكلما قوي إيمان العبد اشتد ابتلاؤه، ولأن الأنبياء أقوى المؤمنين إيماناً كان بلاؤهم شديداً، وفي الحديث عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى العبد على حسب دينه(3)·

والابتلاء دليل على حب الله لمن ابتلاه

فعن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عِظم الجزاء، مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط(4)·

وهو يكفِّر السيئات ويرفع الدرجات

وفي الحديث الشريف: ما يصيب المسلم من همٍّ ولا نصبٍ ولا وصبٍ حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه

الابتلاء في القرآن: أنواعه ونتائجه

بقلم: أ·د·علي أحمد طلب جامعة الأزهر أسيوط

البلاء والابتلاء، والفتنة، والامتحان، والاختبار خمسة ألفاظ مختلفة تشترك في الدلالة على معنى واحد هو الاختبار·

يقال في اللغة: بلاه ببلوه بلواً، أو بلاء، وابتلاء يبتليه ابتلاء: إذا جرَّبه واختبره·

وفي القرآن الكريم: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) القلم:17: أي اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع حتى أكلوا الجيف بدعوته صلى الله عليه وسلم·(1)

(وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّهُ بكلمات فأتمهن) البقرة:124: أي اختبره بما كلفه من الأوامر والنواهي·(2)·

(ولقد فتنا سليمان) ص:34: أي ابتليناه واختبرناه·

(يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن) الممتحنة:10: أي اختبروهن لتعرفوا إيمانهن·

والله عز وجل جعل العلة لخلق المؤمن والحياة اختبار عباده وابتلاءهم لتبيين محسنهم ومسيئهم، فقال: (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير· الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) الملك: 1 2·

وأقسم سبحانه إنه سيبلو عباده أي يختبرهم بالمكاره والمصائب ليظهر صبرهم واحتسابهم ورضاهم بما قدَّره عليهم فقال: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين· الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون· أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) البقرة: 155 157·

والابتلاء في القرآن أنواع

1 ابتلاء بالتكليف كما في قوله تعالى في الآية 124 من سورة البقرة: (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات)·

ومنها أمره بذبح ابنه، ولما استجاب لأمر ربه، وتهيأ لتنفيذ الذبح، سمَّى الله ذلك التكليف البلاء المبين، أي الواضح، وافتدى الله الابن العزيز الصابر الراضي بقضاء ربه بكبش عظيم: قال (رب هب لي من الصالحين· فبشرناه بغلام حليم· فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبك فانظر ماذا ترى قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين· فلما أسلما وتلَّه للجبين· وناديناه أن يا إبراهيم· قد صدَّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين· إن هذا لهو البلاء المبين· وفديناه بِذِبْحٍ عظيم) الصافات: 100 107·

ومن الابتلاء بالتكليف ما حدث لأصحاب القرية من بني إسرائيل (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرَّعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون) الأعراف:163، وقال سبحانه: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) محمد:31·

2 ابتلاء بالمحن والشدائد والمصائب ليظهر الصبر والرضا والتسليم·

ومن ذلك قوله تعالى: (أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون· ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) العنكبوت: 2 3·

وقوله عز وجل: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشِّر الصابرين) البقرة:155·

فمن الخطأ ادعاء الإيمان من غير الثبات في الشدائد، والرضا بقضاء الله، إن سنة الله في خلقه أن يختبر إيمان المؤمنين بأن يصيبهم بما يكرهون، فإن صبروا ورضوا بما قدَّر ربهم فقد صدقوا في قولهم آمنا، وإن لم يصبروا ويرضوا فهم كاذبون في دعوى الإيمان·

ومن الابتلاء بالمحن والشدائد ما تحفل به حياة الأنبياء والمرسلين، (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثٌ يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) يوسف:111·

3 ابتلاء هو عقاب على ارتكاب المعاصي التي يرتكبها العباد، ومن ذلك قوله تعالى: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون· فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم) القلم: 17 20·

فما أصاب أهل مكة، وما نزل بحديقة هؤلاء المانعين حق الله هو ابتلاء انتقام وعقاب·

4 ابتلاء بالنعم والخيرات: فكل خير يتفضل الله به على عبد من عباده هو اختبار له ليظهر شكره، وحسن استخدام النعم فيما يرضي المنعم سبحانه وتعالى، فإن شكر فقد نجح في امتحان الخير، وأرضى ربه، واستحق المزيد من الخير تحقيقاً لوعد الله، عز وجل، (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) إبراهيم:7·

وكثيراً ما يخفى على الناس أن النعم ابتلاء، فيظنونها تكريماً من الله لهم، لا اختباراً لشكرهم فيسيئون استخدامها، ويفترون بها، فيفسدون ولا يصلحون، على نحو ما قصه القرآن عن قارون: (إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين· قال إنما أوتيته على علم عندي) القصص: 76 78·

والله عز وجل يذكر لنا أنه يبتلي عباده بالخير كما يبتليهم بالشر، فيقول سبحانه وتعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) الأنبياء:35·

وقال سبحانه: (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) الأعراف:168·

والابتلاء بالشر أهون من الابتلاء بالخير

فإن الامتحان بالشر امتحان مباشر يدركه عامة الناس فكل من وقع به ما لا يحب من مصيبة أو فقد عزيز أو نقص في مال أو نفس يدرك غالباً أنه مُبتلى ومُختبر، فيلجأ إلى ربه يسأل اللطف والتخفيف والتعويض قائلاً في الآية 156 من سورة البقرة كما علَّمه ربه: (إنا لله وإنا إليه راجعون)·أما الامتحان بالخير فهو امتحان غير مباشر لا يدرك حقيقته إلا من صدق إيمانه، وصفت بصيرته، فأدرك أنه مسؤول عن كل ما يتفضل الله به عليه من الصحة، أما التمكين في الأرض، أو زيادة في الخير على نحو ما قصه القرآن الكريم عن نبي الله سليمان عليه السلام، إذ قال حينما سمع صوت النملة تحذر قومها من الهلاك إن لم يدخلوا مساكنهم خشية أن يحطمهم جيشه المتعدد الجنسيات من الإنس والجن والطير (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) النمل:19·

وقوله عليه السلام عندما جاءه عرش ملكة سبأ من اليمن إلى الشام في أقل من غمضة العين: (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم) النمل:40·

ولأن الامتحان بالخير أصعب من الامتحان بالشر ····· (وقليل من عبادي الشكور) سبأ:13·

والابتلاء على قدر الإيمان

فكلما قوي إيمان العبد اشتد ابتلاؤه، ولأن الأنبياء أقوى المؤمنين إيماناً كان بلاؤهم شديداً، وفي الحديث عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى العبد على حسب دينه(3)·

والابتلاء دليل على حب الله لمن ابتلاه

فعن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عِظم الجزاء، مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط(4)·

وهو يكفِّر السيئات ويرفع الدرجات

وفي الحديث الشريف: ما يصيب المسلم من همٍّ ولا نصبٍ ولا وصبٍ حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه

وورد أن العبد ليصيبه البلاء حتى يمشي على الأرض ما عليه خطيئة·

وعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كل له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابه ضراء صبر فكان خيراً له(5)·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.