الإدارية العليا تبدأ نظر 251 طعنا على نتائج المرحلة الأولى من انتخابات النواب    جامعة حلوان تنظم ندوة تخطيط ووضع برامج العمل    انتخابات مجلس النواب 2025.. "القومي للمرأة" يعلن تخصيص غرفة عمليات لمتابعة العملية الانتخابية    ارتفاع مؤشرات البورصة في مستهل التعاملات    البيئة: تنفيذ برنامج الصناعات الخضراء المستدامة قبل نهاية العام الجاري    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في فيتنام إلى 90 قتيلا    جيش الاحتلال يزعم اغتيال قيادي بارز في كتائب القسام    نتنياهو يزعم: حماس لا تتوقف عن خرق وقف إطلاق النار في غزة    مجموعة الأهلي - الجيش الملكي يتقدم باحتجاج رسمي ضد حكام لقاء يانج أفريكانز    نصر: قيمة رعاية الزمالك لا تصل للربع بالنسبة للأهلي    خبر في الجول - إصابة عضلية ل "دولا" لاعب سلة الاتحاد.. ومدة الغياب    جوزيه جوميز: كنا نستحق نقطة واحدة على الأقل أمام الهلال    «لا سفر لكبار السن فوق 75 عاما بدون مرافق».. «التضامن» يوضح ضوابط حج الجمعيات    أمن القاهرة ينجح في تحرير شخص عقب اختطافه واحتجازه بالقوة    ضبط عاطل قتل جارِه بعد مشاجرة في عزبة عثمان بشبرا    جرس إنذار جديد.. كيف نحمي أطفالنا من التحرش؟‬    إصابة مواطن في مشاجرة بين عائلتين بمركز أطسا بالفيوم    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    "آية عبد الرحمن ليست مجرد صوت".. مايا مرسي تُشيد بمذيعة دولة التلاوة    إقبال من الجمهور الإيطالي والأوروبي على زيارة متحف الأكاديمية المصرية بروما    الزمالك وديربي لندن وقمة إيطالية.. تعرف على أهم مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    هيئة الاستثمار: طرح فرص استثمارية عالمية في مدينة الجلالة والترويج لها ضمن الجولات الخارجية    وزير الخارجية يلتقي وزيرة خارجية كندا على هامش قمة مجموعة العشرين بجوهانسبرج    أسعار الفراخ اليوم "متتفوتش".. اشتري وخزّن    المشاط: أدعو القطاع الخاص الياباني للاستثمار في النموذج الجديد للاقتصاد المصري    الكنيسة القبطية تستعيد رفات القديس أثناسيوس الرسولي بعد قرون من الانتقال    ضبط شخص يدير مصنع بدون ترخيص لإنتاج مشروبات مصنعة بمواد مجهولة المصدر وغير صالحة للاستهلاك الآدمى    تعرف علي التهم الموجهة لقاتل زميله وتقطيع جثته بصاروخ كهربائى فى الإسماعيلية    يحقق طفرة في إنتاج اللحوم والألبان.. ماذا تعرف عن مشروع إحياء البتلو؟    اليوم.. الزمالك يبدأ رحلة استعادة الهيبة الأفريقية أمام زيسكو الزامبى فى الكونفدرالية    موعد مباراة ريال مدريد أمام إلتشي في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    اتحاد الأثريين العرب يهدي درع «الريادة» لحمدي السطوحي    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    وزارة الصحة: إصابات الأنفلونزا تمثل النسبة الأعلى من الإصابات هذا الموسم بواقع 66%    في اليوم العالمي للسكري.. جامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية    "عيد الميلاد النووي".. حين قدّم الرئيس هديته إلى الوطن    «سويلم» يتابع منظومة الري والصرف بالفيوم.. ويوجه بإعداد خطة صيانة    الوجه الخفى للملكية    الدفاع الروسية: تدمير 75 مسيرة و5 مراكز قيادة تابعة للقوات الأوكرانية    بدء فعاليات التدريب المشترك «ميدوزا- 14» بجمهورية مصر العربية    الفن الذى يريده الرئيس والشعب    «هنيدي والفخراني» الأبرز.. نجوم خارج منافسة رمضان 2026    قوى عاملة الشيوخ تناقش اليوم تعديل قانون التأمينات والمعاشات    أولياء أمور مصر: كثافة التقييمات ترفع معدلات القلق بين الطلاب خلال امتحانات الشهر وتؤثر على أدائهم    وزارة الصحة: معظم حالات البرد والأنفلونزا ناتجة عن عدوى فيروسية    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاحد 23112025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    استطلاع رأي: شعبية ماكرون تواصل التراجع بسبب موقفه من أوكرانيا    استشهاد 24 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة    نقيب الموسيقيين يفوض «طارق مرتضى» متحدثاً إعلامياً نيابة ًعنه    وكيل صحة دمياط: إحالة مسئول غرف الملفات والمتغيبين للتحقيق    الصحة: علاج مريضة ب"15 مايو التخصصي" تعاني من متلازمة نادرة تصيب شخصًا واحدًا من بين كل 36 ألفًا    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الابتلاء في القرآن: أنواعه ونتائجه
نشر في الفجر يوم 14 - 01 - 2014

البلاء والابتلاء، والفتنة، والامتحان، والاختبار خمسة ألفاظ مختلفة تشترك في الدلالة على معنى واحد هو الاختبار·

يقال في اللغة: بلاه ببلوه بلواً، أو بلاء، وابتلاء يبتليه ابتلاء: إذا جرَّبه واختبره·

وفي القرآن الكريم: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) القلم:17: أي اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع حتى أكلوا الجيف بدعوته صلى الله عليه وسلم·(1)

(وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّهُ بكلمات فأتمهن) البقرة:124: أي اختبره بما كلفه من الأوامر والنواهي·(2)·

(ولقد فتنا سليمان) ص:34: أي ابتليناه واختبرناه·

(يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن) الممتحنة:10: أي اختبروهن لتعرفوا إيمانهن·

والله عز وجل جعل العلة لخلق المؤمن والحياة اختبار عباده وابتلاءهم لتبيين محسنهم ومسيئهم، فقال: (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير· الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) الملك: 1 2·

وأقسم سبحانه إنه سيبلو عباده أي يختبرهم بالمكاره والمصائب ليظهر صبرهم واحتسابهم ورضاهم بما قدَّره عليهم فقال: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين· الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون· أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) البقرة: 155 157·

والابتلاء في القرآن أنواع

1 ابتلاء بالتكليف كما في قوله تعالى في الآية 124 من سورة البقرة: (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات)·

ومنها أمره بذبح ابنه، ولما استجاب لأمر ربه، وتهيأ لتنفيذ الذبح، سمَّى الله ذلك التكليف البلاء المبين، أي الواضح، وافتدى الله الابن العزيز الصابر الراضي بقضاء ربه بكبش عظيم: قال (رب هب لي من الصالحين· فبشرناه بغلام حليم· فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبك فانظر ماذا ترى قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين· فلما أسلما وتلَّه للجبين· وناديناه أن يا إبراهيم· قد صدَّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين· إن هذا لهو البلاء المبين· وفديناه بِذِبْحٍ عظيم) الصافات: 100 107·

ومن الابتلاء بالتكليف ما حدث لأصحاب القرية من بني إسرائيل (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرَّعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون) الأعراف:163، وقال سبحانه: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) محمد:31·

2 ابتلاء بالمحن والشدائد والمصائب ليظهر الصبر والرضا والتسليم·

ومن ذلك قوله تعالى: (أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون· ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) العنكبوت: 2 3·

وقوله عز وجل: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشِّر الصابرين) البقرة:155·

فمن الخطأ ادعاء الإيمان من غير الثبات في الشدائد، والرضا بقضاء الله، إن سنة الله في خلقه أن يختبر إيمان المؤمنين بأن يصيبهم بما يكرهون، فإن صبروا ورضوا بما قدَّر ربهم فقد صدقوا في قولهم آمنا، وإن لم يصبروا ويرضوا فهم كاذبون في دعوى الإيمان·

ومن الابتلاء بالمحن والشدائد ما تحفل به حياة الأنبياء والمرسلين، (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثٌ يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) يوسف:111·

3 ابتلاء هو عقاب على ارتكاب المعاصي التي يرتكبها العباد، ومن ذلك قوله تعالى: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون· فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم) القلم: 17 20·

فما أصاب أهل مكة، وما نزل بحديقة هؤلاء المانعين حق الله هو ابتلاء انتقام وعقاب·

4 ابتلاء بالنعم والخيرات: فكل خير يتفضل الله به على عبد من عباده هو اختبار له ليظهر شكره، وحسن استخدام النعم فيما يرضي المنعم سبحانه وتعالى، فإن شكر فقد نجح في امتحان الخير، وأرضى ربه، واستحق المزيد من الخير تحقيقاً لوعد الله، عز وجل، (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) إبراهيم:7·

وكثيراً ما يخفى على الناس أن النعم ابتلاء، فيظنونها تكريماً من الله لهم، لا اختباراً لشكرهم فيسيئون استخدامها، ويفترون بها، فيفسدون ولا يصلحون، على نحو ما قصه القرآن عن قارون: (إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين· قال إنما أوتيته على علم عندي) القصص: 76 78·

والله عز وجل يذكر لنا أنه يبتلي عباده بالخير كما يبتليهم بالشر، فيقول سبحانه وتعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) الأنبياء:35·

وقال سبحانه: (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) الأعراف:168·

والابتلاء بالشر أهون من الابتلاء بالخير

فإن الامتحان بالشر امتحان مباشر يدركه عامة الناس فكل من وقع به ما لا يحب من مصيبة أو فقد عزيز أو نقص في مال أو نفس يدرك غالباً أنه مُبتلى ومُختبر، فيلجأ إلى ربه يسأل اللطف والتخفيف والتعويض قائلاً في الآية 156 من سورة البقرة كما علَّمه ربه: (إنا لله وإنا إليه راجعون)·أما الامتحان بالخير فهو امتحان غير مباشر لا يدرك حقيقته إلا من صدق إيمانه، وصفت بصيرته، فأدرك أنه مسؤول عن كل ما يتفضل الله به عليه من الصحة، أما التمكين في الأرض، أو زيادة في الخير على نحو ما قصه القرآن الكريم عن نبي الله سليمان عليه السلام، إذ قال حينما سمع صوت النملة تحذر قومها من الهلاك إن لم يدخلوا مساكنهم خشية أن يحطمهم جيشه المتعدد الجنسيات من الإنس والجن والطير (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) النمل:19·

وقوله عليه السلام عندما جاءه عرش ملكة سبأ من اليمن إلى الشام في أقل من غمضة العين: (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم) النمل:40·

ولأن الامتحان بالخير أصعب من الامتحان بالشر ····· (وقليل من عبادي الشكور) سبأ:13·

والابتلاء على قدر الإيمان

فكلما قوي إيمان العبد اشتد ابتلاؤه، ولأن الأنبياء أقوى المؤمنين إيماناً كان بلاؤهم شديداً، وفي الحديث عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى العبد على حسب دينه(3)·

والابتلاء دليل على حب الله لمن ابتلاه

فعن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عِظم الجزاء، مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط(4)·

وهو يكفِّر السيئات ويرفع الدرجات

وفي الحديث الشريف: ما يصيب المسلم من همٍّ ولا نصبٍ ولا وصبٍ حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه

الابتلاء في القرآن: أنواعه ونتائجه

بقلم: أ·د·علي أحمد طلب جامعة الأزهر أسيوط

البلاء والابتلاء، والفتنة، والامتحان، والاختبار خمسة ألفاظ مختلفة تشترك في الدلالة على معنى واحد هو الاختبار·

يقال في اللغة: بلاه ببلوه بلواً، أو بلاء، وابتلاء يبتليه ابتلاء: إذا جرَّبه واختبره·

وفي القرآن الكريم: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) القلم:17: أي اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع حتى أكلوا الجيف بدعوته صلى الله عليه وسلم·(1)

(وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّهُ بكلمات فأتمهن) البقرة:124: أي اختبره بما كلفه من الأوامر والنواهي·(2)·

(ولقد فتنا سليمان) ص:34: أي ابتليناه واختبرناه·

(يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن) الممتحنة:10: أي اختبروهن لتعرفوا إيمانهن·

والله عز وجل جعل العلة لخلق المؤمن والحياة اختبار عباده وابتلاءهم لتبيين محسنهم ومسيئهم، فقال: (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير· الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) الملك: 1 2·

وأقسم سبحانه إنه سيبلو عباده أي يختبرهم بالمكاره والمصائب ليظهر صبرهم واحتسابهم ورضاهم بما قدَّره عليهم فقال: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين· الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون· أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) البقرة: 155 157·

والابتلاء في القرآن أنواع

1 ابتلاء بالتكليف كما في قوله تعالى في الآية 124 من سورة البقرة: (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات)·

ومنها أمره بذبح ابنه، ولما استجاب لأمر ربه، وتهيأ لتنفيذ الذبح، سمَّى الله ذلك التكليف البلاء المبين، أي الواضح، وافتدى الله الابن العزيز الصابر الراضي بقضاء ربه بكبش عظيم: قال (رب هب لي من الصالحين· فبشرناه بغلام حليم· فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبك فانظر ماذا ترى قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين· فلما أسلما وتلَّه للجبين· وناديناه أن يا إبراهيم· قد صدَّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين· إن هذا لهو البلاء المبين· وفديناه بِذِبْحٍ عظيم) الصافات: 100 107·

ومن الابتلاء بالتكليف ما حدث لأصحاب القرية من بني إسرائيل (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرَّعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون) الأعراف:163، وقال سبحانه: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) محمد:31·

2 ابتلاء بالمحن والشدائد والمصائب ليظهر الصبر والرضا والتسليم·

ومن ذلك قوله تعالى: (أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون· ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) العنكبوت: 2 3·

وقوله عز وجل: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشِّر الصابرين) البقرة:155·

فمن الخطأ ادعاء الإيمان من غير الثبات في الشدائد، والرضا بقضاء الله، إن سنة الله في خلقه أن يختبر إيمان المؤمنين بأن يصيبهم بما يكرهون، فإن صبروا ورضوا بما قدَّر ربهم فقد صدقوا في قولهم آمنا، وإن لم يصبروا ويرضوا فهم كاذبون في دعوى الإيمان·

ومن الابتلاء بالمحن والشدائد ما تحفل به حياة الأنبياء والمرسلين، (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثٌ يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) يوسف:111·

3 ابتلاء هو عقاب على ارتكاب المعاصي التي يرتكبها العباد، ومن ذلك قوله تعالى: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون· فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم) القلم: 17 20·

فما أصاب أهل مكة، وما نزل بحديقة هؤلاء المانعين حق الله هو ابتلاء انتقام وعقاب·

4 ابتلاء بالنعم والخيرات: فكل خير يتفضل الله به على عبد من عباده هو اختبار له ليظهر شكره، وحسن استخدام النعم فيما يرضي المنعم سبحانه وتعالى، فإن شكر فقد نجح في امتحان الخير، وأرضى ربه، واستحق المزيد من الخير تحقيقاً لوعد الله، عز وجل، (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) إبراهيم:7·

وكثيراً ما يخفى على الناس أن النعم ابتلاء، فيظنونها تكريماً من الله لهم، لا اختباراً لشكرهم فيسيئون استخدامها، ويفترون بها، فيفسدون ولا يصلحون، على نحو ما قصه القرآن عن قارون: (إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين· قال إنما أوتيته على علم عندي) القصص: 76 78·

والله عز وجل يذكر لنا أنه يبتلي عباده بالخير كما يبتليهم بالشر، فيقول سبحانه وتعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) الأنبياء:35·

وقال سبحانه: (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) الأعراف:168·

والابتلاء بالشر أهون من الابتلاء بالخير

فإن الامتحان بالشر امتحان مباشر يدركه عامة الناس فكل من وقع به ما لا يحب من مصيبة أو فقد عزيز أو نقص في مال أو نفس يدرك غالباً أنه مُبتلى ومُختبر، فيلجأ إلى ربه يسأل اللطف والتخفيف والتعويض قائلاً في الآية 156 من سورة البقرة كما علَّمه ربه: (إنا لله وإنا إليه راجعون)·أما الامتحان بالخير فهو امتحان غير مباشر لا يدرك حقيقته إلا من صدق إيمانه، وصفت بصيرته، فأدرك أنه مسؤول عن كل ما يتفضل الله به عليه من الصحة، أما التمكين في الأرض، أو زيادة في الخير على نحو ما قصه القرآن الكريم عن نبي الله سليمان عليه السلام، إذ قال حينما سمع صوت النملة تحذر قومها من الهلاك إن لم يدخلوا مساكنهم خشية أن يحطمهم جيشه المتعدد الجنسيات من الإنس والجن والطير (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) النمل:19·

وقوله عليه السلام عندما جاءه عرش ملكة سبأ من اليمن إلى الشام في أقل من غمضة العين: (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم) النمل:40·

ولأن الامتحان بالخير أصعب من الامتحان بالشر ····· (وقليل من عبادي الشكور) سبأ:13·

والابتلاء على قدر الإيمان

فكلما قوي إيمان العبد اشتد ابتلاؤه، ولأن الأنبياء أقوى المؤمنين إيماناً كان بلاؤهم شديداً، وفي الحديث عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى العبد على حسب دينه(3)·

والابتلاء دليل على حب الله لمن ابتلاه

فعن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عِظم الجزاء، مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط(4)·

وهو يكفِّر السيئات ويرفع الدرجات

وفي الحديث الشريف: ما يصيب المسلم من همٍّ ولا نصبٍ ولا وصبٍ حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه

وورد أن العبد ليصيبه البلاء حتى يمشي على الأرض ما عليه خطيئة·

وعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كل له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابه ضراء صبر فكان خيراً له(5)·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.