بنورة ساحرة تأتينا كل عام فى هذا الميعاد ونقف جميعاً تحية إجلال وتقدير إلى «أصل الأشياء» كما يقول قاموس المنجد عن «الأم».. تحية إلى أمى وكل الامهات ولا يجب أن ننسى تحية صاحب فكرة هذا العيد «عيد الأم»، الأخوان «على ومصطفى أمين» واللذان تربيا فى بيت «أم المصريين» وأنا أحياناً أسمعهم يقولون أو يسألون عما يتبادر إلى ذهنك إذا سمعت عن «كذا»؟ ويطلبون الاجابة فى كلمة واحدة أو تشبيه، ولا أدرى لماذا تذكرت هذا السؤال وأنا أكتب اليوم عن «أمي» وعيدها بعد غد يأتينا وبأجمل ما فى الحياة يهادينا.. وهذه ذكرياتى واحلامى وأنا أتذكر «أمي».. «أمي» قارورة عطر فواحة، «أمي» بحر فيروزى اللون مياهه سجادة للصلاة لا تأتيه الامواج إلا حانية، «أمي» شجرة «فل» مِجوِز تطرح الفل كل يوم ولا يشح أبداً «أمي» حتة بسبوسة بالسمن البلدى، «أمي» طبق قشطة بالعسل، «أمي» كنز يفتح لك من غير «سمسم» لتأخذ دون حساب، «أمي» دستور حب لم يضعه فقهاء دستوريون ولا أعضاء مجلس شعب لأن مواده من «جوه القلب» ولا سيسقط أبداً، «أمي» لا عمر لها لأننى أنا عمرها، «أمي» صبح دائم دون ليل أو عتمة، «أمي» طاقة نور بالمجان، «أمي» ملاك حارس يدعولى بالليل والنهار، وقديما قالوا «اللى مالوش أم حاله يغم»، وبالطبع لم يقصدوا ذلك اليتيم الذى فقد أمه وإنما أظنهم قصدوا من حرمته الأيام من أم ولو «بديلة» فالأمهات البديلات كالخالات أو العمات أو الجارات اللاتى تملأ الرحمة قلوبهن على اليتامى من الصغار. نسمع كثيراً عن فنائهن وعطائهن لأولادهن بالتبنى أو الرعاية.. المهم القصد الحب الذى يشملنا حتى مع الرحيل الذى هو سنة الحياة، ولا حرمنا الله من دعاء قلوب الأمهات لأنه حقاً كنز للنجاح والفلاح وكم سمعنا عن أناس يقولون عن حظهم السعيد «أمه أو أمها داعية لها» وعلى العكس نسمع أحياناً عمن تغضب عليه السماء إذا أغضب أمه يوماً، وربما سمعنا عن ذلك الملك الذى زال ملكه وذاق الذل بعد العز ثم عرفنا أنه لم يكرم أمه فغضبت عليه السماء، ولاحظوا أننى لا أقول غضبت الأم فالأم لا تغضب إلا ظاهرياً أما قلبها فهو قطعة من الحب ولكن السماء هى التى تغضب لها ويحق القصاص على «العاق» من الأبناء أو البنات، فاللهم جنبنا العقوق «ياالله» واجعلنا ممن ينالون كرامة رضى الأمهات. والآن جاء دورك يا أمى، أنت التى ولدتينى وربيتينى ورسمت دستورى فى حب الله والناس.. أرسل إليك فى عالمك العلوى بين يدى الله أصدق رسالة حب وشكر أن جعلت الحنان والصدق وكل ما هو جميل معتقدى ومنهجى.. لا أنساك أبداً وجهك الصبوح الطيب أمامى محفور فى رأسى، صوتك فى أذنى ماحييت، سجادة صلاتك أمام عينى لا تغيب، وأثر السجود على جبينك الوضاء أتذكره جيداً، ومنذ أيام قليلة أهدتنى غاليتى وصديقتى «سناء البيسي» صورة لك بعد أن قامت بتكبيرها.. وأنت لاشك تعرفين «سناء» يا أمى فهى كاتبتنا صاحبة أحلى المقالات أو على الأصح رسائل الدكتوراة التى تطلع علينا كل أسبوع فى «الأهرام» العظيم.. وقد أضفت صورتك الجديدة بعدما رأيتها كثيراً من الشجن النبيل بينما أنت تسكنين الجنة بإذن الله يا أمى، والآن لابد أن اعترف لك إننى أتذكرك أيضاً عندما أعلن حبى «لمصر» وأدعو لها بالسلامة من كل سوء والتطهر من كل فساد، فهى أيضاً أمنا وملاذنا، والآن وأخيراً وليس آخراً وبعد أن أعادت لنا ثورة يناير العظيمة أعداداً جديدة من أمهات عظيمات لشهداء فى جنة الخلد إن شاء الله، دعونا نتقدم إليهن بالتحية الواجبة وننحنى إجلالاً وإكباراً.. ورب العالمين يحتسب صبرهن وعداً بالجنة من غير حساب، واللهم ارحم أمهاتنا فى رحابك، واحفظ الأمهات الأحياء فهن شموع حياتنا ونبع الخير.. كل عام وكل الأمهات بخير فى الدنيا والآخرة