ذكرت صحيفة "لو كورييه انترناسيونال" الفرنسية أنه لم يعد لدى الإخوان المسلمين سوى خيارين: إما أن يواصلوا المظاهرات والاعتصامات ويستمروا في السير مسلحين من أجل الانخراط في العنف، مما قد يلحق أضرار لا رجعة فيها بالجماعة، أو أن يظهروا الحكمة وينسحبوا من الشارع بعد التوصل إلى اتفاق مع الجيش عبر وسيط مستقل، وهو الاتفاق الذي سيسمح بتجاوز انعدام الثقة في الجانبين.
وبالنظر إلى الأحداث الجارية في سيناء وفي ميدان رابعة العدوية الذي يعتصم فيه أنصار مرسي وأعداد القتلى في ميدان التحرير خلال المواجهات بين أنصار مرسي ومعارضيه، يبدو أن الخيار الأول هو السائد اليوم. فمنذ منذ عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو، أسفرت المواجهات بين أنصار مرسي ومعارضيه وقوات الأمن عن سقوط أكثر من 300 قتيلًا.
ولكن، إذا استمرت أعمال العنف والمواجهات على هذا المستوى من الحدة، فإن الموت محقق بالنسبة إلى الإخوان المسلمين. وقد أعرب سكان حي رابعة العدوية عن غضبهم وإحباطهم جراء احتلالهم من قبل أنصار الرئيس المعزول، ولن يمر وقت طويل قبل فض هذا الاعتصام بالقوة.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه من الممكن أن يختار قادة جماعة الإخوان، وبصفة خاصة المرشد محمد بديع والأمين العام لحزب الحرية والعدالة محمد البلتاجي، بتعريض جماعتهم ومصر إلى الخطر، من خلال إلقائهما في دوامة من العنف وعدم الاستقرار. فهم يرفضون قبول رحيل مرسي كأمر نهائي، ولكنهم لن يكونوا قادرين على اللعب على قدم المساواة مع النظام الجديد.
وشددت صحيفة "لو كورييه انترناسيونال" على أنه يبدو بوضوح أن الإخوان المسلمين لم يتعلموا من مواجهتهم مع جمال عبد الناصر في الخمسينيات. ففي ذلك الوقت، رفضت إدارة الجماعة المتعطشة للحكم ما عرضه عليها الرئيس عبد الناصر. وكذلك، يجب أن يفهم قادة الإخوان اليوم أن ما حدث أمام مقر الحرس الجمهوري يظهر جيدًا أي الجانبين سيفوز إذا تم اختيار تسوية الصراعات بالقوة، حيث قُتل 51 متظاهرًا من أنصار مرسي في الثامن من يوليو برصاص الجيش.
ويعد هذا السيناريو انتحارياً بالنسبة إلى قادة الإخوان المسلمين، وخطيئة بالنسبة إلى تاريخ الجماعة. وهذا الاختيار يتعارض أكثر مع مصالح مصر التي تواجه مشكلات اقتصادية ملحة فيما يتعلق بالعمل والأمن الغذائي والفقر.
أما الخيار الثاني، فسيتم تحقيقه من خلال وساطة بين الجيش وإدارة الإخوان المسلمين. وإذا كان الجيل الأول من الجماعة وقادتها ليسوا على استعداد للتفاوض لإنهاء أعمال العنف والفوضى اليومية المفروضة على المصريين، يتعين على النظام فتح حوار مع الجيل الجديد. ولدى المرشد محمد بديع والمحيطين به مسئولية تاريخية، ألا وهي فهم المشهد السياسي الحالي والخضوع للمصلحة العامة للمصريين.
ومن الممكن أن تدعم الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي وقطر والسعودية التوصل إلى اتفاق يضمن لجماعة الإخوان المسلمين عدم تعرضها للقمع ويسهل مشاركتها في الفترة الانتقالية. وسيكون استبعاد مختلف التيارات المؤيدة لمرسي كارثياً، لأنهم مصريون ومن الممكن أن ينخرطوا في العنف مثلما فعل الإسلاميون في الأربعينيات عندما اغتالوا رئيس الوزراء في عام 1948، وفي الثمانينيات عند اغتيال الرئيس أنور السادات في عام 1981، وفي التسعينيات عندما اندلعت موجة الإرهاب التي تقودها الجماعة الإسلامية.