أكد الدكتور صابر حارص" أستاذ الإعلام "والمشرف على برنامج علاج حالات الإدمان بحزب البناء والتنمية تعافي المجموعة الأولى التي دفعت بها الجماعة الإسلامية من مدينة طهطا قلب صعيد مصر تكريماً لرائد النهضة العلمية رفاعة الطهطاوي لتلقي العلاج على ثلاثة مراحل يعقبها مرحلة خضوع المتعافي لبرنامج مراقبة ومتابعة لا يقل عن شهرين يقوم خلالها حزب البناء والتنمية بتشغيل هؤلاء المتعافين حتى لا يقعوا مرة أخرى فريسة للضياع ومواجهة متطلبات وهموم الحياة. وأوضح حارص الذي يرأس وحدة بحوث الرأي العام بجامعة سوهاج أن برنامج علاج حالات الإدمان بصعيد مصر يمر بإرسال المريض إلى مستشفى المنيا الحكومي للطب النفسي التي يمكث فيها أسبوعين ينتقل بعدها إلى المعهد القومي لعلاج الإدمان ببورسعيد لمدة أسبوع ثم العودة إلى مستشفى المنيا أسبوع رابع للتأكد من سلامة مكونات الدم وخلوها من الملوثات والأمراض بنسب تسمح بالخروج.
وأشار " حارص " إلى بساطة فكرة علاج حالات الإدمان عكس ما يُشاع عنها نتيجة اعتمادها في الأيام الأربعة الأولى على كورس مكثف من المهدئات التي تغرق المريض في حالة عميقة من النوم لساعات طويلة يخضع خلالها لبرنامج غذائي صحي ومثالي ويعاني المريض خلالها من سيولة الفم والعطس والإسهال والتبول اللاإرادي وأحياناً حالات التشنج والصرع، ثم يُسمح له بعد ذلك بالنزول في حديقة المستشفى وتقليل نسبة الاعتماد على المهدئات ومشاهدته لأقرانه الذين سبقوه بأسبوع حتى تزداد قناعته ببساطة رحلة العلاج إذا ما توفرت له الرغبة الصادقة في الخروج من حالة الموت التي يعيشها
ويعاني المريض خلال هذه الفترة من استمرار حالة العطس ثم يتدرج في التخفف من المهدئات حتى يقل الاعتماد عليها من 14 قرص في اليوم تقريباً إلى 6 أقراص إلى 3 أقراص ثم التخلي عنها نهائياً
وفي حال ظهور أي شكوى خلال مرحلة المتابعة يصبح من حق المريض العودة إلى المستشفى لتكامل الشفاء مجاناً، أما في حال إصرار المريض على عدم استكمال برنامج العلاج فتُلزمه المستشفى بتحمل نفقات العلاج بأسعار المستشفيات الخاصة كنوع من الردع وتوفير ميزانية الدولة لمن يرغب في العلاج الحقيقي.
وحدد " حارص" نقطة بداية العلاج من توفر الإرادة ثم تجفيف منابع تمويل المدمن حتى من طريق السرقات بحيث لا يجد طريقاً للحصول على المال اللازم لشراء الأقراص أو المخدرات باعتبار أن جميع المُدمنين باستثناءات نادرة لا تفكر في التوبة والعلاج إلاّ حينما تستنفذ طرق الحصول على المخدر.
وكشف " حارص" عن ثلاث طرق تؤدي إلى إدمان التريمادول وأقراص التيومول بشكل عام تأتي في مقدمتها بالنسبة للطبقة المثقفة والوظائف العليا استخدامه في تطويل ممارسة العملية الجنسية وتأخير القذف، واستخدامه من جانب الطبقة الكادحة التي تقوم مصادر رزقها على الأعمال اليدوية في منحهم القوة وشدة الأعصاب والقدرة على السهر وتحمل المشاق ، مما أدى إلى انتشاره بين السائقين والنجارين والحدادين والعمال بشكل عام، وكذلك استخدامه من جانب الفتيات والنساء في التخلص من الإحساس بالقهر والمشاكل الأسرية ومنحهن قوة الإقناع والتأثير على الرجل كأب أو زوج ومواجهته بالحوار أولاً ثم بالانفجار في وجهه ثانياً والإطاحة بقيوده التي يحاول فرضها إلى درجة يتراجع فيها الرجل عن ممارسة ضغوطه.
وأكد" حارص" عبر لقائه مع المتعافين أن الصيادلة أو الذين يمارسون مهنة الصيدلة عامة هم السبب الرئيسي في إدمان النساء والفتيات بتقديم أقراص التريمادول لهم للتخلص من المشاكل والهموم الأسرية والضغوط النفسية ومنحنهن قدرة المواجهة مع الأخوة والآباء والأزواج والخروج من حالة الإحباط والتوتر.
وأضاف الشيخ علاء الشنتلي " عضو شورى الجماعة الإسلامية " بسوهاج والمسئول المالي والإداري للبرنامج أن تكاليف علاج حالة الإدمان لا تتجاوز 400 جنيه شاملة جميع مراحلها، وعلى الرغم من بساطتها إلاّ أنها تمثل إحدى معوقات العلاج لكثير من الحالات التي لا تملك هذا المبلغ، كما يُعتبر البحث عن فرصة عمل أو مصدر للرزق أثناء فترة المتابعة هو المعوق الوحيد لمرور المريض بالمرحلة الانتقالية للإندماج في المجتمع وتكامل الشفاء
وكشف" الشنتل" ي عن مصادر التمويل الرئيسية التي يعتمد عليها برنامج العلاج والتي تقوم على مساعدة رجال الأعمال بمدينة طهطا أو المستثمرين في القاهرة من أصول صعيدية إضافة إلى أموال الذكاة الخاصة ببعض أعضاء الجماعة ذاتها.
وأعرب" الشنتلي " عن سعادته بنجاح البرنامج العلاجي وتشغيل المتعافين في أعمال حرة ومربحة تغطي نفقات الحياة والتي من شانها دفعت بكثير من حالات الإدمان إلى طلب العلاج فضلاً عن تلقي الجماعة الإسلامية بطهطا طلبات واستفسارات من الأحزاب والجماعات الأخرى لاكتسباب خبرة البرنامج العلاجي وتشغيل المتعافين وتطبيقه على حالات أخرى وتوسيع نطاق العلاج بدخول أحزاب أخرى في تبني نفس البرنامج.
وحدد " حار" ص الذي التقى مجموعة المتعافين بعد تماثلهم للشفاء خمسة أشكال للإدمان يعاني منها أبناء الصعيد في مقدمتها إدمان عائلة أقراص التيمول التي تشمل التريمادول والبيتاريل والميتاريل والويتيدول وهو الشكل الأكثر شيوعاً والذي تندرج تحته معظم حالات الإدمان ثم إدمان الحشيش الذي يعتقد كثيرين من متعاطيه في البداية أنه لا يؤدي إلى الإدمان عكس ما تبين في الفترة الأخيرة نتيجة غش الحشيش بأقراص التيمول المطحونة عبر مكابس مخصصة لذلك، وأشكال أخرى قليلة الظهور كشم البودرة وتناول الخمور وخاصة المشروب الجديد (آي دي) وتعاطي حقنة نوبال المخصصة لطلق السيدات أثناء الولادة.
وذكر "حارص" أن جماهير إدمان التيمول في صعيد مصر لم تعد قاصرة على الشباب أو أصحاب الحرف والمهن الدنيا أو الفئات القادرة اقتصادياً بل أصبح معظمها من المناطق الشعبية والعشوائية وشملت أوساط متعلمة ووظائف عليا من الطبقة المتوسطة كالأطباء والصيادلة أنفسهم وضباط ومشايخ ومحامين ومسشارين ومشتغلين بسلك النيابة وزوجات وبنات وأمهات وغيرهم.
وحذر" حارص " من خطورة تفشي حالات الإدمان في صعيد مصر وصعوبة علاجها نتيجة للعادات والتقاليد التي تعتبرها معرة اجتماعية يجب إخفائها والظروف المادية الصعبة التي يعيشها أبناء الصعيد وخاصة في ظل توقف عجلة العمل بعد تصاعد العديد من أشكال الثورة المضادة، وكشف حارص عن مآسي انسانية واجتماعية واقتصادية تطول أهالي وأسر المدمنين وتُشكل خطراً على الجيران والمجتمع الذي يقيمون فيه وتستوجب من القوى السياسية توجيه طاقاتها إلى مثل هذه المشكلات بدلاً من ضياع أوقاتها في الشوارع والميادين
كما كشف "حارص" عن وجود حالات عديدة ترغب في العلاج ولم يتوفر لها مصاريف العلاج والتنقلات وأن المستشفيات الحكومية ترفض دخول هذه الحالات رغم توفر نواياها القوية للرغبة في العلاج وطرقها أبواب المستشفيات أكثر من مرة، وكذلك وجود حالات أخرى تمتلك مصاريف العلاج ولكنها تتخوف عما تسمعه من تعرض المرضى للضرب المبرح بينما في حقيقة الأمر ان هذا الضرب لن يتم إلاّ في حال امتناع المريض عن تناول العلاج أو استخدامه في حالات الهياج العصبي وتكسير أبواب المستشفى وسب الدين للأطباء والمرضى ومحاولة الخروج من المستشفى بالقوة مما يدفع إلى محاولة السيطرة على المريض وحقنه بالبروفيل.