تحدثت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن فوز الرئيس محمد مرسي برهانه إذا أكدت اللجنة العليا للانتخابات النتائج الرسمية للاستفتاء على الدستور المصري الذي أجري في الخامس عشر والثاني والعشرين من ديسمبر. ولكن طرحت الصحيفة تساؤلا: ما هو الثمن؟
بالتأكيد، وافق 64% من المصريين على مشروع الدستور رافضين الاعتراضات التي عبرت عنها المعارضة المتنافرة التي رفضت مضمون الدستور – الصارم للغاية ومستوحى من الإسلام – والطريقة التي فُرض بها الدستور، أي بالقوة ودون تشاور.
ولكن، أوضحت صحيفة "لوموند" أن هذه الأغلبية زائفة، حيث أن نتائج الاستفتاء تشوبها شكوك كبيرة بالتزوير، لدرجة أن رئيس اللجنة العليا للانتخابات اعتذر عن منصبه لأسباب صحية رسميا بين جولتي الاستفتاء.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى وجود ممارسات تذكر بالتجاوزات التي كان يمارسها نظام حسني مبارك، مثل ترك مراكز الاقتراع بدون إشراف قضائي وقيام رؤساء مراكز اقتراع بتعطيل عمليات التصويت عمدًا في المناطق المعروفة بأنها تؤيد المعارضة ووجود بطاقات تصويت غير مرقمة وترهيب الناخبين.
وتساءلت صحيفة "لوموند": ما قيمة تشاور شارك فيه ثلث الناخبين؟ فإن اعتماد الدستور الجديد – الذي ينهي بصورة رمزية المرحلة الانتقالية التي استمرت ما يقرب من عامين – أدى إلى تعميق الانقسامات بين المصريين بدلًا من جمعهم حول مشروع مشترك، حيث أن هناك الإسلاميين والآخرين. ويتحمل الرئيس محمد مرسي مسئولية هذا الانقسام.
وشددت الصحيفة الفرنسية على أن محمد مرسي تصرف منذ بداية الحملة للاستفتاء كرئيس حزب أكثر من كونه رئيسًا لجميع المصريين، منتهكًا دولة القانون واستقلال القضاء. فقد قام الإخوان المسلمون بتحويل الاستفتاء على الدستور إلى استفتاء على الله، حيث أن من يصوت بلا على الدستور ليس مسلمًا جيدًا، مثلما يقال في المساجد والتجمعات السياسية، مما يثير مخاوف أولئك الذين يرون في هذا الدستور بدايات حكم ديني.
وليست مفارقة أنه في الوقت الذي يقسم الرئيس الإسلامي المصري بلاده، لا يزال محمد مرسي يتمتع بشعبية في المحافل الغربية. كما يستفيد الرئيس مرسي من ثمار وساطته بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية خلال الحرب القصيرة والعنيفة بينهما في نوفمبر الماضي.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه لا ينبغي أن يكون المصريون كبش فداء للاستقرار الإقليمي. ولن تفتدي الدول الغربية – التي رحبت بعملية التحول الديمقراطي في مصر – سكوتها الطويل في الماضي على الحكم المطلق لمبارك من خلال تجاهل الحكم المطلق الذي قد يتشكل تحت قيادة مرسي. ويتمثل دور الدول الغربية في التذكير بأن جوهر الديمقراطية لا يتلخص في الفوز في الصناديق ولكنه يكمن أيضًا في احترام الأقلية وقواعد دولة القانون.
وفي ظل الاضطرابات التي تشهدها، تحتاج مصر أكثر من أي وقت مضى للمساعدة المالية الدولية التي يجب أن تكون مصحوبة بشروط واضحة فيما يتعلق باحترام القواعد الديمقراطية.