استمعت محكمة جنايات القاهرة إلى مرافعة هيئة الدفاع عن اللواء أحمد رمزي مساعد وزير الداخلية رئيس قوات الأمن المركزي السابق في قضية اتهامه بالمشاركة في قتل المتظاهرين السلميين إبان أحداث ثورة يناير من العام الماضي وهى القضية التى تضم أيضا الرئيس السابق حسنى مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه. واستهل الدكتور محمد سعيد المحامي مرافعته اليوم بطلب إلى المحكمة بعدم قبول كافة الدعاوى المدنية في القضية .. مشيرا إلى أنه بالنسبة للدعوى المقامة من هيئة قضايا الدولة فإنها تفتقد إلى عنصر الضرر الشخصى المباشر الذي أوجبه القانون ونص عليه، حيث كانت هيئة قضايا الدولة قد بررت إدعائها المدني بأنه يمثل دفاعا عن الحق والمال العام وهو الأمر الذي يخرج عن اختصاص محكمة الجنايات.
وأشار الدفاع إلى أنه بالنسبة للدعوى المدنية المقامة من لجنة الحريات بنقابة المحامين فإنها لا تمثل شخصية اعتبارية كي تكتسب الحق في التقاضي، أما عن الدعاوى المدنية المقامة من المصابين وذوي المتوفيين فإن معظم هذه الدعاوى قد أقيمت استنادا لدرجة القرابة للمجني عليهم، غير أن القانون أكد أنه ليس كل قريب صاحب صفة أو مصلحة للمطالبة بالتعويض حيث اشترط القانون أن يكون هذا القريب من المكلفين بالرعاية والانفاق على المجنى عليه.
وأكد دفاع اللواء أحمد رمزي انتفاء كافة أوجه الاشتراك في جريمة القتل المنسوبة إلى المتهمين معتبرا أن النيابة العامة لم تقدم الدليل على وجود عنصر التحريض على القتل، فضلا عن أنها لم تقدم الدليل على أوجه المساعدة التى أوردتها في قرار الاتهام .. مشيرا إلى أن القانون اشترط إثبات الوحدة المعنوية واتحاد الإرادات بين المتهمين لتنفيذ الجريمة، وفي حالة عدم ثبوت أن جريمة القتل والشروع فيه قد وقع جراء هذه الافعال يكون مقتضى ذلك تبرئة جميع المتهمين.
وقال دفاع اللواء أحمد رمزي إنه في حالة عدم اثبات وجود اتفاق جماعي ووحدة معنوية بين المتهمين على ارتكاب الجرائم فإنه لابد بالضرورة ان يعاقب كل متهم على فعله الشخصى وحده.. معتبرا أن قيام النيابة العامة باستصدار أمر ثان بالإحالة في قضية قتل المتظاهرين وإلقاء عبء الاتهام فيه على مبارك والعادلي يقتضي بالضرورة نزع الاتهام من بقية المساعدين الستة الذين وردت أسماؤهم في القضية الأولى التى كانت النيابة العامة قد أحالتها للمحاكمة. وتطرق دفاع رمزي إلى الاتهام المسند إلى موكله والمتعلق بتسليح القوات بأسلحة نارية بالمخالفة لتعليمات التسليح المنصوص عليها قانونا .. مشيرا إلى أن النيابة أغفلت ذكر ماهية النص القانوني الذي جرى مخالفته على نحو يمثل قصورا يوجب نقض الحكم حال صدوره حيث أن محكمة النقض أوجبت في أحكام عديدة لها ايراد النص الذي تمت مخالفته واعتبرت أن هذا الامر يعد شرطا من الشروط الاساسية لتوصيف الجريمة حال وقوعها وان قرار الاتهام في شأن المتهمين قد خلا تماما من عبارات الاتهام المحددة للمخالفات القانونية. وقال إن المادة 102 من قانون الشرطة أتاحت الحق في استعمال السلاح النارى في المظاهرات التى تهدد المال العام والمصلحة الجماعية وأن قرارات وزراء الداخلية المتعاقبين منذ 40 سنة ماضية تضمنت هذا الأمر دون أن تدخل عليه اي تعديلات.
وأكد دفاع اللواء أحمد رمزى مساعد وزير الداخية في مرافعته عدم وجود عنصر سبق الإصرار على قتل المتظاهرين كظرف مشدد للعقوبة ذلك لاستحالة وجود معرفة شخصية بين الوزير ومساعديه من جهة والقتيل الأول الذي أورده أمر الإحالة معاذ السيد كامل على نحو ينفي وجود القصد الجنائي لدى المتهمين وثبوت انعدام التحريض والاشتراك وعدم توافر العلم بما كان سيقدم عليه الفاعلون الأصليون من جرائم.
وقال الدكتور محمد سعيد في مرافعته إن القانون قد اشترط صراحة مشروعية الأمر الصادر من جانب الرئيس لمرؤوسيه حتى تتم اطاعة هذه الأوامر ، موضحا أن القانون أوجب على كافة المرؤوسين سواء بالنسبة للشرطة أو القوات المسلحة باطاعة مايصدره رؤساؤهم من تعليمات وأوامر عدا تلك التى تخالف صحيح حكم القانون حيث تشدد القانون في ذلك الأمر وألقى بعبء الاتهام على من يطيع أمرا من رئيسه يحمل مخالفة صريحة للقانون .
وطالب أشرف رمضان المحامي عن اللواء أحمد رمزي مساعد وزير الداخلية رئيس قوات الأمن المركزي السابق ببراءته مما هو منسوب إليه من اتهامات، مؤكدا تمسكه بطلب سماع شهادة مدير أمن الجامعة الأمريكية بشأن وقائع التعدي على المتظاهرين في ميدان التحرير، وكذلك مديري المناطق بالأمن المركزي في مختلف المحافظات الذين لم يجر سؤالهم في النيابة. ودفع المحامي رمضان ببطلان كافة التحقيقات التي أجرتها النيابة، وذلك تحت ذريعة أنها لم تجر بالحياد المطلوب وكونها حملت قصورا شديدا على نحو تعجز معه المحكمة على استخلاص الصورة الحقيقية للوقائع، أو أن تباشر المحكمة تحقيقا بنفسها في كافة الوقائع للوقوف على صحتها. وقال بعدم انطباق مواد الاتهام على الواقعة لخروجها عن نطاق التجريم لتوافر الأسباب التي تتيح الحق في استعمال القوة وأداء الواجب وحالة الضرورة والدفاع الشرعي عن النفس.. مؤكدا انتفاء الجريمة بركنيها المادي والمعنوي (الفعل والتحضير له) وعدم وجود القصد الجنائي (النية المبيتة) لارتكابها. وأشار إلى أن أوراق القضية تخلو تماما من ثمة دليل يقيني يفيد أن المتهمين جميعا قد شاركوا في ارتكاب الجرائم المتعلقة بقتل المتظاهرين.. معتبرا أن النيابة العامة قد أحالت المتهمين للمحاكمة مدفوعة بسلطة الاتهام التي طغت على سلطة التحقيق الرامية للوصول إلى الجناة الحقيقيين. وأضاف أن النيابة لم تتطلع لإثبات الحقيقة، حيث كانت مدفوعة تحت وطأة ضغوط الثوار والضغوط الشعبية لتقديم المتهمين للمحاكمة الجنائية، فرجحت سلطة الاتهام على سلطة التحقيق.. واستطرد قائلا: "استشعرنا أثناء التحقيقات أن قرارات الإحالة للمحاكمة ونتيجة التحقيق معدة سلفا إثر ضغوط الثورة"..
وأكد الدفاع عن اللواء أحمد رمزي مساعد وزير الداخلية رئيس قوات الأمن المركزي السابق أن العديد من الأطباء الذي شاركوا في علاج حالات الإصابة التي لحقت بالمواطنين في أيام الثورة الأولى، قالوا في شهادتهم أمام محققي النيابة إن العديد من المصابين أفادوا بأن من تسبب في إصاباتهم مجموعات من البلطجية وليس ضباط الشرطة.
وقالإن القوات المسلحة هي من تولت حفظ الأمن من بعد الساعة الرابعة عصر يوم 28 يناير من العام الماضي (جمعة الغضب) وأن الشهود أكدوا انسحاب كافة قوات الشرطة وعدم تواجدها بمحيط ميدان التحرير، لافتا إلى أن هذه الشهادات تتفق مع الأوامر الصادرة والمثبتة في الدفاتر الرسمية بانسحاب قوات الأمن المركزي وإعادة تمركزها أمام مبنى وزارة الداخلية واتحاد الإذاعة والتلفزيون.
وأكد أن العديد من التقارير الطبية التي أعدت من جانب الأطباء كانت تشير إلى أن أسباب الوفاة التي وقعت يوم 29 يناير كانت بسبب أسلحة بيضاء ومشاجرات، في حين أن الاتهامات المسندة إلى المتهمين لا علاقة لها بمثل هذه الأمور، فضلا عن أن تواريخ تلك الإصابات تأتي بعد الانسحاب الكامل لقوات الشرطة والأمن المركزي . وأضاف أن بعض الإصابات اكتشف أطباء أنها سابقة على تلك الأحداث، وأن البعض الآخر أثبت في تاريخ متأخر إصاباته عندما علم بأن الدولة ستقوم بتعويض المصابين في تلك الأحداث، إلى جانب ما تعرض له أطباء من ضغوط وإكراه لكتابة تقارير طبية تفيد أن ذويهم قد قتلوا أو أصيبوا إثر المواجهات مع قوات الأمن، وأن العديد من الأطباء أقروا بذلك مؤكدين على تزوير تلك التقارير.