رسميًا.. اليوم إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للموظفين بالحكومة والقطاع الخاص    سعر سبيكة الذهب اليوم الخميس 26-6-2025 بعد الارتفاع الجديد (جميع الأوزان)    موعد صرف معاشات يوليو 2025 بعد قرار السيسي بتطبيق الزيادة الجديدة    البيت الأبيض: لا مؤشرات على نقل إيران لليورانيوم المخصب قبل الضربات الأمريكية    عشائر غزة تؤمن مساعدات وصلت لبرنامج الأغذية العالمي خشية نهبها    غارات إسرائيلية تستهدف خيام النازحين في قطاع غزة    كارني: كندا لا تخطط للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي    تأهل فريق مونتيري المكسيكي إلى دور ال 16 في كأس العالم للأندية    «ميسي المنصورة» موهبة كروية فريدة تنضم لناشئي فريق المقاولون للعرب    تفاصيل عروض ناديي الزمالك وبيراميدز على انتقال بعض اللاعبين خلال الميركاتو الصيفي    طقس اليوم: شديد الحرارة رطب نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 35    قبل امتحان الفيزياء والتاريخ للثانوية.. تحذير مهم من وزارة التعليم للطلاب    نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة البحر الأحمر.. علي وشك الاعتماد    نموذج حل امتحان الفيزياء للثانوية العامة 2024 و 2023 (أسئلة وإجابة).. امتحانات الصف الثالث الثانوي السابقة pdf    تامر حسين يكشف عن تحضيرات اغنية «ابتدينا» مع عمرو دياب: «وش الخير»    تهنئة العام الهجري الجديد 1447 مكتوبة للأصدقاء والأحباب (صور وأدعية)    القانون يحدد شروط لإصدار الفتوى.. تعرف عليها    21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    رسالة وداع مؤثرة من حمزة المثلوثي لجماهير الزمالك.. أنتم الروح    "وشلون أحبك".. على معلول يتغزل بزوجته بصورة جديدة    راغب علامة يكسر الرقم القياسي في "منصة النهضة" ب150 ألف متفرج بمهرجان "موازين"    محافظ المنيا يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجري الجديد - صور    بينهم إصابات خطيرة.. 3 شهداء و7 مصابين برصاص الاحتلال في الضفة الغربية    5 أيام حمائم.. كيف انتهت حرب إيران وإسرائيل ب"شكرًا لحسن تعاونكم معنا"؟    مصرع 2 وإصابة 6 في انقلاب سيارة ملاكي بصحراوي البحيرة    مها الصغير تتهم أحمد السقا بضربها داخل كمبوند    إصابة 10 أشخاص في حادث على طريق 36 الحربي بالإسماعيلية    وفد برلماني من لجنة الإدارة المحلية يتفقد شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء    محمد رمضان: "رفضت عرض في الدراما من أسبوع ب 200 مليون جنيه"    تشريع جديد يُنصف العامل.. كيف يؤمن القانون الجديد حقوق العمال؟    «نقل الكهرباء» توقع عقدًا جديدًا لإنشاء خط هوائي مزدوج الدائرة    مؤتمر إنزاجي: سنحاول استغلال الفرص أمام باتشوكا.. وهذا موقف ميتروفيتش    إليسا تهنئ نادر عبدالله بعد تكريمه من «ساسيم»: «مبروك من نص قلبي»    التشكيل الرسمي لقمة الإنتر ضد ريفر بليت فى كأس العالم للأندية    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    تمريض حاضر وطبيب غائب.. رئيس الوحدة المحلية لنجع حمادي يفاجئ وحدة الحلفاية الصحية بزيارة ليلية (صور)    قافلة طبية لعلاج المواطنين بقرية السمطا في قنا.. وندوات إرشاية لتحذير المواطنين من خطر الإدمان    مينا مسعود يزور مستشفى 57357 لدعم الأطفال مرضى السرطان (صور)    إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تُلزم بإضافة تحذير عن خطر نادر للقلب بسبب لقاحات كورونا    صحة مطروح تنظم احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالدم    الزمالك يستقر على قائمته الأولى قبل إرسالها لاتحاد الكرة    وزير الرياضة يهنئ أبطال السلاح بعد التتويج ب 6 ميداليات أفريقية    مع إشراقات العام الهجري الجديد.. تعرف على أجمل الأدعية وأفضلها    صوت بلغاريا مع أنطاكية.. البطريرك دانيال يندد بالعنف ويدعو إلى حماية المسيحيين    الدفاعات الإيرانية تسقط طائرة مسيّرة مجهولة قرب الحدود مع العراق    «الشؤون العربية والخارجية» بنقابة الصحفيين تعقد أول اجتماعاتها وتضع خطة عمل للفترة المقبلة    محافظ قنا يتفقد مشروع تطوير ميدان المحطة.. ويؤكد: نسعى لمدينة خضراء صديقة للبيئة    حضور جماهيرى كبير.. ويل سميث لأول مرة فى مهرجان موازين بالمغرب (صور)    أخبار كفر الشيخ اليوم.. المؤبد لطالب أنهى حياة آخر    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. قفزة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة محليًا وعالميًا    رئيس هيئة الدواء المصرية: نحرص على شراكات إفريقية تعزز الاكتفاء الدوائي    مع حلول العام الهجري الجديد 1447ه.. متى يبدأ رمضان 2026 فلكيًا؟    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    إصابة 11 شخص من كلب ضال فى الغربية    بلاغ رسمي ضد أحمد السقا.. طليقته تتهمه بالاعتداء عليها وسبّها أمام السكان    جمال الكشكي: سياسة مصر تدعم الاستقرار وتدعو دائما لاحترام سيادة الدول    ممر شرفي من المعتمرين استعدادا لدخول كسوة الكعبة الجديدة (فيديو)    هذا ما يحبه الرجال..3 أشياء تفعلها النساء الجذابات بشكل منتظم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الخارجية الأمريكية" تكشف كواليس حرب أكتوبر..ولأول مرة تنشر وثائق سرية عنها
نشر في الفجر يوم 03 - 09 - 2012

كشفت وزارة الخارجية الأمريكية خلال الأسبوع الجارى عن وثائق سرية ومذكرات ومحاضر اجتماعات للرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته الشهير هنرى كسينجر فى الفترة بين عامى 1973 و1976، حيث ركزت الوثائق على كواليس الصراع العربى الإسرائيلى الذى وصل ذروته أثناء حرب أكتوبر عام 1973 ثم مفاوضات وقف إطلاق النار ومقدمات عملية السلام التى بدأها السادات بتشجيع من الجانب الأمريكى.

ويأتى أهم ما تؤكده هذه الوثائق التى كشفت عنها وزارة الخارجية الأمريكية، اعتراف هنرى كسينجر مستشار الأمن القومى وقتها ووزير الخارجية لاحقاً- فى اجتماع رسمى أمريكى "فى 27 نوفمبر 1973" بأن إسرائيل لديها سلاح نووى وتستطيع استخدامه، وإن كان ما لديها هو عدد محدود من الرؤوس النووية، وأن ما كانت تخشاه أمريكا فى ذلك الوقت أن يؤدى تشدد إسرائيل واللوبى الموالى لها داخل الولايات المتحدة إلى اندفاع الاتحاد السوفيتى نحو مواجهة مع أمريكا فى الشرق الأوسط..

ما أظهرته الوثائق أيضاً أن أمريكا أصبحت على قناعة بأن اعتماد إسرائيل فى بقائها على الوسائل العسكرية وحدها فكرة خاطئة، وأنه لا بد من الدخول فى علاقة سلام بناءً على تسوية للقضية، وبدا واضحاً للإدارة الأمريكية استعداد الرئيس المصرى أنور السادات للدخول فى مفاوضات، وكان من الضرورى تقديم مكاسب لكى يستطيع السادات إقناع شعبه بتغيير المسار تجاه إسرائيل.. وجاءت أول دفعة من المساعدات الأمريكية لمصر: 250 مليون دولار.. بينما حصلت إسرائيل على عشرة أضعاف هذه المساعدات بتعبير الرئيس الأمريكى الأسبق نفسه ريتشارد نيكسون.

خلال أحد هذه الاجتماعات شكا الرئيس نيكسون من قوة نفوذ اللوبى اليهودى فى واشنطن، مؤكداً أنه يتلقى أوامر وتعليمات من الحكومة الإسرائيلية، التى كانت ترأسها جولدا مائير فى ذلك الوقت، وهو ما يضعف من نفوذ الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط.

وقال نيكسون: ضغوط اللوبى اليهودى تجعل الكونجرس يتصرف بشكل غير عقلانى، وعندما نحاول الضغط على إسرائيل لتتصرف بعقلانية، تقفز أمامنا أعذار الانتخابات الإسرائيلية والانتخابات الأمريكية وغيرها من الأمور، وأضاف مخاطباً عدداً من كبار المسئولين فى إدارته يوم 18 مايو 1973: "رجاء لا تقفوا فى صف الإسرائيليين طوال الوقت، الإسرائيليون جذابون وأكفاء.. لكن المخاطرة كبيرة".

وأبدى الرئيس الأمريكى السابق قلقاً من تطور الصراع فى المنطقة خشية حدوث مواجهة عسكرية بين الأمريكان والسوفييت، وقال لمساعديه: "إسرائيل تستطيع هزيمة العرب بمساعدتنا، لكن إذا انهارت علاقاتنا بالاتحاد السوفييتى وقرر الروس مساعدة العرب، فإن إسرائيل سوف تنتهى، ولذلك نحتاج للتحرك تجارياً ودعم الدول الأولى بالرعاية لتبنى سياسات لا تعبر عن الهوس بدولة واحدة حتى لا ندمر مصالحنا فى الشرق الأوسط".

كما كشفت أمريكا عن محاضر اجتماع بين هنرى كسينجر، الذى شغل وقتها منصب مستشار الأمن القومى، مع عدد من كبار مسئولى البيت الأبيض، كان أحدها فى 3 أغسطس عام 1973، أى قبل شهرين من حرب أكتوبر. وخلال هذا الاجتماع قال كسينجر: إن إسرائيل قوية جداً والأزمة الحقيقية ستكون من نصيب العرب، ولذلك فإن إسرائيل تطالب باستسلام فورى للعرب، أما العرب فيأملون فى معجزة، لكن بعد أسبوعين من اندلاع المعارك الحربية تغير موقف كسينجر الذى أصبح وزيراً للخارجية- وبدا مذهولاً مما حدث، وأشار إلى خطأ فى حسابات واشنطن وتل أبيب وفشل معلوماتهما الاستخباراتية، وقال بالنص:هناك من يقول إننا منعنا إسرائيل من توجيه ضربة استباقية للعرب، إن كل معلومتنا الاستخباراتية كانت تؤكد عدم وجود احتمال لهجوم عربى على إسرائيل، لكن لماذا فشلت إسرائيل فى توقع الهجوم؟ لأننا على مدار 4 سنوات كنا نطالبهم بالتحرك الدبلوماسى، وبالتالى استنتجوا أن العرب لن يهاجموهم عسكرياً، وبالتالى تيقنوا أنهم غير مهددين لأن العرب ضعفاء جداً"، مضيفا: "لقد وقعنا فى نفس الخطأ.. فقد افترضنا أن الإسرائيليين أكفاء جداً والعرب لن يجرأوا على مهاجمتهم".

وأشار كسينجر إلى اعتقاد إسرائيل بأن أى مواجهة مع العرب ستكون تكراراً لحرب 1967 وهو ما لم يحدث.

وفى جلسة مغلقة أثناء حرب السادس من أكتوبر، قال كسينجر الذى فاز بجائزة نوبل للسلام فى نفس العام لجهوده فى وقف القتال فى فيتنام، إن "الحرب أظهرت أن التكتيكات الحربية الإسرائيلية عفا عليها الزمن، والحقيقة هى أن إسرائيل لم تعد قادرة على تحقيق انتصارات عسكرية كما فعلت عام 1967، فاستراتيجية إسرائيل تلخصت فى الاستعداد للحرب على جبهة واحدة فى وقت واحد، ولهذا لا يمكن تطبيقها هذه المرة لأننا فى حرب استنزاف، وهذا أمر خطير جداً بالنسبة لإسرائيل"
وتدخل نيكسون وقتها قائلاً: "قبل حرب أكتوبر شعرت إسرائيل بأنه ليس لديها حافز للتفاوض، والآن يجب عليها إعادة تقييم هذا الموقف المؤلم، حيث لا يمكن لإسرائيل أن تحتمل حرباً أخرى". وأجابه كسينجر: "الآن على إسرائيل أن تجد آلية يمكن من خلالها تحسين موقفها عن طريق المفاوضات، وليس عن طريق الوسائل العسكرية فقط، ونحن الآن فى موقف نحاول فيه منع تفاقم الحرب حتى لا تتسع وتتحول إلى مواجهة شاملة مع العرب، ولدينا فرصة جيدة للتسوية".

وقال وزير الخارجية أنه خلال الاجتماع السريع الذى عقده الرئيس الأمريكى مع وزرائه قال فيه: إن "الخطر الأكبر فى الشرق الأوسط هو أن القوى المحلية يمكنها أن تورط القوى العظمى فى الصراع كما حدث فى الحرب العالمية الأولى، ولهذا لم نسمح للقوى المحلية بأن تملى علينا سير الأحداث، فكل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى لديه أصدقاء ليدعمهم، والاختبار الحقيقى هو ما إذا كنا نستطيع تقديم الدعم لأصدقائنا وتحقيق توازن القوى فى الوقت نفسه".

وحذر نيكسون، الذى أقامت حكومته جسراً جوياً لتوصيل السلاح جواً إلى إسرائيل خلال الحرب، من أن النقطة الأساسية هى محاولة عدم دفع الاتحاد السوفييتى إلى إرسال قواته، لأن المواجهة وقتها ستكون رهيبة، وهذا ما كان يروج له «صقور الإدارة الأمريكية» فى ذلك الوقت.

وقال كسينجر وقتها: «نحن نتخذ إجراءات صارمة على الأرض ولكننا نتحدث بهدوء، فلا ينبغى التصعيد حتى نرى كيف يمكن للدبلوماسية أن تنجح فى مسعاها، فنحن نتصرف بهدوء رغم خطورة الأمر بالتوازى مع رد الفعل المتواضع من جانب العرب".


وعلى الجانب الأخر، خلال اجتماع لمجلس الوزراء فى الولايات المتحدة عقد فى 27 نوفمبر 1973، طلب «نيكسون» من «كسينجر» أن يطلعه على تفاصيل جولته فى الشرق الأوسط، وخلال هذا الاجتماع الحاسم، قال كسينجر: "عندما ذهبت فى رحلة إلى الشرق الأوسط، كانت أمامى عدة نقاط، أولها الطلب العربى بعودة القوات الإسرائيلية إلى خطوط ما قبل 22 أكتوبر، وثانياً كان علينا العمل على بدء عملية التفاوض، وثالثاً أننى أخبرت العرب أن الولايات المتحدة وحدها يمكنها أن تضمن عملية التفاوض وانسحاب إسرائيل من الأراضى التى احتلتها، كما قلت للسادات إن لديه فرصة تاريخية، ويمكنه التفاوض بشأن وقف إطلاق النار أو يمكنه العمل لعقد مؤتمر يمكن أن يؤدى إلى سلام حقيقى، وبما أن السادات رجل حكيم فقد بدأنا التفاوض على خطة من 6 نقاط لتعزيز وقف إطلاق النار والبدء فى عملية التفاوض".
وأخبر كسينجر الإدارة الأمريكية أن إسرائيل فى جميع الأحوال لن تستطيع أن تفعل الكثير قبل يناير، فقد تم تأجيل الانتخابات الإسرائيلية بسبب الحرب وسيتم إجراؤها فى 31 ديسمبر، وعبر كسينجر عن أمله فى أن تؤدى نهاية حرب أكتوبر إلى مفاوضات السلام. وأضاف كسينجر أنه من المحتمل أن تكون الأولوية لفصل القوات من أجل إدخال بعض قوات الأمم المتحدة بحيث تكون احتمالات التفاوض اللاحقة أكبر من احتمالات عودة القتال، ثم تأتى المرحلة الثانية وهى الأصعب بشأن الاتفاق على حدود إسرائيل، والترتيبات الأمنية بين إسرائيل والعرب، وضمانات القوى العظمى لتلك الاتفاقات.

وأكد كسينجر: "نحن لا نريد ضمانات قد تورط الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى عند حدوث أى نزاع صغير، ويوجد انطباع لدينا أن العرب لديهم رغبة فى التفاوض أكثر من أى وقت مضى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك هناك ضغوط شديدة من دول الخليج والعراق وليبيا وأيضاً الاتحاد السوفييتى، وللأسف معها بريطانيا وفرنسا واليابان التى أخذت صف العرب المتشددين تجاه المفاوضات".

وبدا وزير الخارجية متفائلاً حيث قال: "الاحتمالات أمامنا جيدة، لكننا قد نواجه بعض الصعوبات، وستواجه إسرائيل وقتاً عصيباً لأنها ستضطر للانسحاب من بعض الأراضى، لكن تل أبيب لا يمكن أن تصر على الاستمرار فى هذه الحروب المنهكة. مشكلة إسرائيل صادمة، وقد اعتمدت كليا على التفوق العسكرى والآن هى تعلم جيداً أنها لا تستطيع أن تفعل ذلك".


وفى وقت لاحق من الاجتماع، قال كسينجر: إن "إسرائيل -قبل الحرب- كانت تعتقد أن أى صراع سيكون تكراراً لما حدث فى عام 1967. واعتقدت أيضاً أن الوضع الحالى هو الأفضل على الإطلاق بالنسبة لها، وأنه لا يوجد ما يضغط عليها لتغيير ذلك الوضع.. والآن أصبحت الأمور مختلفة بسبب الحرب والعزلة الدبلوماسية التى وقعت فيها إسرائيل".

وفى إشارة إلى ضغوط الدول الأوروبية، قال كسينجر: «علينا أن نوضح أننا ملتزمون بأمن إسرائيل، ولكن يجب البحث عن وسائل أخرى غير الوسائل العسكرية الصرفة، وأعتقد أن وجود حزام أمنى على الأرض أفضل من الضمانات، والضمانة الوحيدة التى تأخذها إسرائيل على محمل الجد ستكون ضمانة الولايات المتحدة، وسيرفضون أى ضمانة أوروبية - أمريكية أو أى ضمانة من الأمم المتحدة، بل وسيسخرون منها، والاتحاد السوفييتى يمكن أن يقدم ضمانة للعرب». وواصل وزير الخارجية حديثه قائلاً: إن "هناك نوعين من الجوانب غير العسكرية فى المفاوضات، هما: القدس والفلسطينيون"، مضيفا:"بالنسبة للفلسطينيين وغزة هناك إمكانية للتوصل إلى حل.. لكن القدس مشكلة صعبة، ولا بد من إيجاد طريقة لانتزاع الأماكن العربية المقدسة من سيطرة إسرائيل، ومصر لا تهتم كثيراً بشأن القدس، لكن الملك فيصل مهووس بها وغير مهتم بسيناء، ونظرياً مشكلة القدس قابلة للحل على نمط دولة الفاتيكان".

وأثناء الاجتماع أكد كسينجر أن إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات، لكنه شكا من أن اليهود الأمريكيين "يتخذون موقفاً متشدداً للغاية"، قائلا: "دعونا نوضح: نحن نحاول الحفاظ على أمن إسرائيل، وليس لدينا أى نية للتضحية بإسرائيل، ويوماً ما سوف يقدمون الشكر لنا".

وأضاف كسينجر أن الرئيس نيكسون «هو أفضل صديق لإسرائيل مقارنة بأى رئيس أمريكى سابق، وسيأتى الوقت الذى يدرك الإسرائيليون فيه ذلك، فلا يمكن أن تستمر إسرائيل من خلال الحلول العسكرية، والإسرائيليون لا يمكنهم الانتصار فى حرب استنزاف طويلة".

ولخص نيكسون فحوى الاجتماع قائلاً: "نحن مع أمن إسرائيل، ونقف ضد أى محاولة للتأثير على أمنها أو تدميره، وقد أثبتنا ذلك مرتين فى هذا الصراع من خلال الجسر الجوى والتحذير الذى أصدرناه، وعلى صقور إسرائيل أن يتحدثوا بهذه الطريقة، لكن إسرائيل ليس لديها أصدقاء، وهى تعتمد اعتماداً كلياً على الولايات المتحدة".

وأضاف: "إننا نقدم الأسلحة التى ضمنت التفوق لإسرائيل على العرب طوال 25 عاماً، لكن الإسرائيليين لا يستطيعون إبعاد الاتحاد السوفييتى عن المنطقة، وعليهم أن يسألوا أنفسهم ماذا سنفعل إذا طلب السوفييت تدخلنا للتوصل إلى حل، ستكون هذه آخر مرة نفعلها".

وتابع الرئيس الأمريكى الأسبق: "لا يمكن أن تبنى إسرائيل سياستها على الأمن العسكرى، ونحن فى حاجة إلى عنصر تكميلى حتى لا يعتقدوا أننا نبتزهم، وتسوية القضية ستكلف إسرائيل التنازل عن بعض الأراضى، وهذا هو السبب فى تأييدنا للقرار 242، وهو يتيح لنا الظهور كطرف محايد لا ينحاز لطرف على حساب آخر".

وخلال الاجتماع سُئل كسينجر أيضاً عما إذا كانت إسرائيل ومصر لديهما القدرة على إنتاج أسلحة نووية، فأجاب بأن "إسرائيل لديها القدرة على إنتاج أعداد محدودة من الأسلحة النووية، لكن مصر ليس لديها أى قدرة، ولا نعتقد أن السوفييت قد سمحوا لها بالدخول فى هذا المجال، وإذا لوحت إسرائيل باستخدام الأسلحة النووية سيقف السوفييت فى مواجهتها وسيكون هذا خطيراً جداً بالنسبة لإسرائيل".
إسرائيل لديها سلاح نووى وقادرة على إنتاج أسلحة نووية لكن مصر ليس لديها أى قدرة


ونشرت الخارجية الأمريكية أيضاً نسخة من اجتماع عقد فى 24 أبريل 1974 بين نيكسون ونائبه جيرالد فورد وكسينجر ومستشار الأمن القومى برنت سكوكروفت وقادة فى الكونجرس.

وركز الاجتماع على خطة لتقديم 2.2 مليار دولار من المساعدات إلى إسرائيل. وقال نيكسون: "لقد ثبت فى 3 أكتوبر أن الفكرة القائلة بأن إسرائيل يمكنها أن تدافع عن نفسها بالأسلحة الأمريكية فقط فكرة خاطئة".

وأضاف: "لا يمكن لإسرائيل أن تصمد فى مواجهة المعارضة السوفيتيية.. ونحن فى مرحلة تحول فى السياسة الخارجية، فى مرحلة نحن مرتبطون كثيراً بإسرائيل بشكل حصرى، والآن نحن نعمل على تطوير علاقة صداقة مع المنطقة كلها، ولا نستهدف ولا يمكننا إخراج الاتحاد السوفييتى من المعادلة - وهذه هزيمة، لكن لا بد أن نتدخل.. ليس بقوة كبيرة بل لكى نقوم بدور حفظ السلام، والآخرون لديهم ربما تصورات للشرق الأوسط، والعرب الذين يأتون إلينا يعلمون أنهم ليس هناك ما يخيفهم منا، وهذا ثمن باهظ من أجل الاستقلال والسلام فى المنطقة".

وفى الاجتماع دعا نيكسون "الكونجرس" بمنح مصر 250 مليون دولار من المساعدات، قائلاً: «مساعداتنا لإسرائيل هى 10 أضعاف مساعداتنا للعرب".

وأكد كسينجر أن الرئيس المصرى "السادات" هو أول زعيم يلزم بلاده بالسلام بعيداً عن فكرة إبادة إسرائيل.. والسادات عليه أن يثبت لشعبه أن السياسة الجديدة تحقق له مكاسب وأن لديه علاقات مع الولايات المتحدة.. ويمكننا أن نحرز تقدماً مع إسرائيل بالقدر الذى يجعلهم لا يشعرون بتعرض أمنهم للخطر"، وبعد ذلك بخمس سنوات وقَّعت إسرائيل ومصر معاهدة السلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.