أبرزهم قرشي ونظير وعيد والجاحر، الأعلى أصواتا في الحصر العددي بدائرة القوصية بأسيوط    حملة «طفولتها حقها»: تحذيرات إنسانية من الصحة لوقف زواج القاصرات    «ترامب» يتوقع فائزًا واحدًا في عالم الذكاء الاصطناعي.. أمريكا أم الصين؟    جوتيريش يدين الغارات الإسرائيلية على غزة ويؤكد عدم قانونية المستوطنات في الضفة الغربية    ترامب محبط من روسيا أوكرانيا    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    محافظ الجيزة يتفقد موقع حادث ماسورة الغاز بعقار سكني في إمبابة    سقوط «أيظن وميسي».. ثنائي الرعب في قبضة مباحث بنها    عمرو دياب يتألق في حفل الكويت ويرفع شعار كامل العدد (فيديو)    أشرف زكي: عبلة كامل بخير واعتزالها ليس له علاقة بأي مرض    الرئيس الأمريكى ترامب: زيلينسكي لا يدعم خطة واشنطن لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    د. أسامة أبوزيد يكتب: الإخلاص .. أساس النجاح    الحصر العددي لدائرة حوش عيسى الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    مؤشرات الحصر العددي بدائرة بولاق، تقدم محمد إسماعيل وعلي خالد وإعادة مرتقبة بين حسام المندوه وعربي زيادة    قصف عنيف شمال شرق البريج.. مدفعية الاحتلال تشعل جبهة جديدة في وسط غزة    الفريق أسامة ربيع: لا بديل لقناة السويس.. ونتوقع عودة حركة الملاحة بكامل طبيعتها يوليو المقبل    أعرف حالة الطقس اليوم الجمعة 12-12-2025 في بني سويف    ظهر في حالة أفضل، أحدث ظهور لتامر حسني مع أسماء جلال يخطف الأنظار (فيديو)    ياسمين عبد العزيز: لماذا نؤذي بعضنا؟ الحياة لا تستحق.. أنا مات لي 5 مقربين هذا العام    بعد إعلان خسارة قضيتها.. محامي شيرين عبدالوهاب ينفي علاقة موكلته بعقد محمد الشاعر    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    الصحة: نجاح استئصال ورم خبيث مع الحفاظ على الكلى بمستشفى مبرة المحلة    البابا تواضروس: «من الأسرة يخرج القديسون».. وتحذيرات من عصر التفاهة وسيطرة الهواتف على حياة الإنسان    كواليس لقاء محمد صلاح مع قائد ليفربول السابق في لندن    حمزة عبد الكريم: من الطبيعي أن يكون لاعب الأهلي محط اهتمام الجميع    كأس العرب - هدايا: كنا نتمنى إسعاد الشعب السوري ولكن    قائمة نيجيريا - سداسي ينضم لأول مرة ضمن 28 لاعبا في أمم إفريقيا 2025    كامل الوزير: الاتفاق على منع تصدير المنتجات الخام.. بدأنا نُصدر السيارات والاقتصاد يتحرك للأفضل    كامل الوزير: أقنعتُ عمال «النصر للمسبوكات» بالتنازل عن 25% من حصصهم لحل أزمة ديون الشركة    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    كاري الدجاج السريع، نكهة قوية في 20 دقيقة    وائل رياض يشكر حسام وإبراهيم حسن ويؤكد: دعمهما رفع معنويات الأولاد    تصريحات خطيرة من أمين عام الناتو تثير غضبا سياسيا في ألمانيا    الشروط المطلوبة للحصول على معاش الطفل 2026، والفئات المستحقة    كالاس تعلق على فضيحة احتيال كبرى هزت الاتحاد الأوروبي    مرصد الأزهر مخاطبا الفيفا: هل من الحرية أن يُفرض علينا آراء وهوية الآخرين؟    الدفع ب 5 سيارات للسيطرة على حريق بمخزن نادي الترسانة في إمبابة    رحيل الشاعر والروائى الفلسطينى ماجد أبو غوش بعد صراع مع المرض    العثور على جثة مجهولة لشخص بشاطئ المعدية في البحيرة    طلاب الأدبي في غزة ينهون امتحانات الثانوية الأزهرية.. والتصحيح في المشيخة بالقاهرة    طريقة عمل كيكة السينابون في خطوات بسيطة    قفزة في سعر الذهب بأكثر من 65 جنيها بعد خفض الفائدة.. اعرف التفاصيل    أولياء أمور مدرسة الإسكندرية للغات ALS: حادث KG1 كشف انهيار الأمان داخل المدرسة    ياسمين عبد العزيز: ندمت إني كنت جدعة مع ناس مايستاهلوش    أليو ديانج يقود قائمة منتخب مالى الرسمية استعدادا لأمم أفريقيا 2025    مدير الصحة العالمية: رصدنا سلالة جديدة من كورونا نراقبها    فصل التيار الكهربائي عن 11 منطقة وقرية بكفر الشيخ السبت المقبل    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    محمد رمضان ل جيهان عبد الله: «كلمة ثقة في الله سر نجاحي»    وزير العمل يشهد تسليم 405 عقود عمل لذوي همم في 27 محافظة في وقت واحد    وزير الصحة يتفقد مقر المرصد الإعلامي ويوجه باستخدام الأدوات التكنولوجية في رصد الشائعات والرد عليها    أستاذ قانون دستورى: قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات متوافقة مع الدستور    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    بث مباشر الآن.. مواجهة الحسم بين فلسطين والسعودية في ربع نهائي كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    أسعار الفضة تلامس مستوى قياسيا جديدا بعد خفض الفائدة الأمريكية    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخير.. "الخارجية" الأمريكية تفرج عن وثائق سرية لحرب أكتوبر
كسينجر «قبل الحرب»: إسرائيل قوية جداً والعرب ضعفاء جداً وهم يأملون فى معجزة... و«بعد الحرب»: كل معلوماتنا الاستخباراتية ضللتنا

أفرجت وزارة الخارجية الأمريكية هذا الأسبوع عن وثائق سرية ومذكرات ومحاضر اجتماعات للرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته الشهير هنرى كسينجر فى الفترة بين عامى 1973 و1976، وتركز الوثائق على كواليس الصراع العربى الإسرائيلى الذى وصل ذروته فى حرب أكتوبر عام 1973 ثم مفاوضات وقف إطلاق النار ومقدمات عملية السلام التى بدأها السادات بتشجيع من الجانب الأمريكى. من أهم ما تؤكده الوثائق التى كشفت عنها وزارة الخارجية الأمريكية اعتراف هنرى كسينجر -مستشار الأمن القومى وقتها ووزير الخارجية لاحقاً- فى اجتماع رسمى أمريكى (فى 27 نوفمبر 1973) بأن إسرائيل لديها سلاح نووى وتستطيع استخدامه، وإن كان ما لديها هو عدد محدود من الرؤوس النووية، وأن ما كانت تخشاه أمريكا فى ذلك الوقت أن يؤدى تشدد إسرائيل واللوبى الموالى لها داخل الولايات المتحدة إلى اندفاع الاتحاد السوفيتى نحو مواجهة مع أمريكا فى الشرق الأوسط.. ما تكشف عنه الوثائق أيضاً أن الولايات المتحدة باتت على قناعة بأن اعتماد إسرائيل فى بقائها على الوسائل العسكرية وحدها فكرة خاطئة، وأنه لا بد من الدخول فى علاقة سلام بناءً على تسوية للقضية، وبدا واضحاً للإدارة الأمريكية استعداد الرئيس المصرى أنور السادات للدخول فى مفاوضات، وكان من الضرورى تقديم «مكاسب» لكى يستطيع السادات إقناع شعبه بتغيير المسار تجاه إسرائيل.. وكانت أول دفعة من المساعدات الأمريكية لمصر: 250 مليون دولار.. بينما حصلت إسرائيل على «عشرة أضعاف هذه المساعدات» بتعبير الرئيس الأمريكى الأسبق نفسه ريتشارد نيكسون.
فى بعض هذه الاجتماعات شكا الرئيس نيكسون من قوة نفوذ اللوبى اليهودى فى واشنطن، مؤكداً أنه يتلقى أوامر وتعليمات من الحكومة الإسرائيلية، التى كانت ترأسها جولدا مائير فى ذلك الوقت، وهو ما يضعف من نفوذ الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط.
وأضاف نيكسون: «ضغوط اللوبى اليهودى تجعل الكونجرس يتصرف بشكل غير عقلانى، وعندما نحاول الضغط على إسرائيل لتتصرف بعقلانية، تقفز أمامنا أعذار الانتخابات الإسرائيلية والانتخابات الأمريكية وغيرها من الأمور»، وقال مخاطباً عدداً من كبار المسئولين فى إدارته فى 18 مايو 1973: «رجاء لا تقفوا فى صف الإسرائيليين طوال الوقت، الإسرائيليون جذابون وأكفاء.. لكن المخاطرة كبيرة».
وفى نفس الاجتماع بدا الرئيس الأمريكى السابق قلقاً من تطور الصراع فى المنطقة خشية حدوث مواجهة عسكرية بين الأمريكان والسوفييت، وقال لمساعديه: «إسرائيل تستطيع هزيمة العرب بمساعدتنا، لكن إذا انهارت علاقاتنا بالاتحاد السوفييتى وقرر الروس مساعدة العرب، فإن إسرائيل سوف تنتهى، ولذلك نحتاج للتحرك تجارياً ودعم الدول الأولى بالرعاية لتبنى سياسات لا تعبر عن الهوس بدولة واحدة حتى لا ندمر مصالحنا فى الشرق الأوسط».
كما أفرجت «الخارجية» عن محاضر اجتماع بين هنرى كسينجر، الذى شغل وقتها منصب مستشار الأمن القومى، مع عدد من كبار مسئولى البيت الأبيض، كان أحدها فى 3 أغسطس عام 1973، أى قبل شهرين من حرب أكتوبر. وخلال ذلك الاجتماع قال كسينجر: إن «إسرائيل قوية جداً والأزمة الحقيقية ستكون من نصيب العرب، ولذلك فإن إسرائيل تطالب باستسلام فورى للعرب، أما العرب فيأملون فى معجزة»، لكن بعد أسبوعين من اندلاع المعارك الحربية تغير موقف كسينجر -الذى أصبح وزيراً للخارجية- وبدا مذهولاً مما حدث، وأشار إلى خطأ فى حسابات واشنطن وتل أبيب وفشل معلوماتهما الاستخباراتية، وقال بالنص:
«هناك من يقول إننا منعنا إسرائيل من توجيه ضربة استباقية (للعرب)؛ إن كل معلومتنا الاستخباراتية كانت تؤكد عدم وجود احتمال لهجوم عربى على إسرائيل، لكن لماذا فشلت إسرائيل فى توقع الهجوم؟ لأننا على مدار 4 سنوات كنا نطالبهم بالتحرك الدبلوماسى، وبالتالى استنتجوا أن العرب لن يهاجموهم عسكرياً، وبالتالى تيقنوا أنهم غير مهددين لأن العرب ضعفاء جداً»، واستطرد قائلاً: «لقد وقعنا فى نفس الخطأ.. فقد افترضنا أن الإسرائيليين أكفاء جداً والعرب لن يجرأوا على مهاجمتهم»، وأشار كسينجر إلى اعتقاد إسرائيل بأن أى مواجهة مع العرب ستكون تكراراً لحرب 1967 وهو ما لم يحدث.
وخلال جلسة مغلقة أثناء حرب السادس من أكتوبر، قال كسينجر الذى فاز بجائزة نوبل للسلام فى نفس العام لجهوده فى وقف القتال فى فيتنام، إن «الحرب أظهرت أن التكتيكات الحربية الإسرائيلية عفا عليها الزمن، والحقيقة هى أن إسرائيل لم تعد قادرة على تحقيق انتصارات عسكرية كما فعلت عام 1967، فاستراتيجية إسرائيل تلخصت فى الاستعداد للحرب على جبهة واحدة فى وقت واحد، ولهذا لا يمكن تطبيقها هذه المرة لأننا فى حرب استنزاف، وهذا أمر خطير جداً بالنسبة لإسرائيل».
وهنا تدخل نيكسون قائلاً: «قبل حرب أكتوبر شعرت إسرائيل بأنه ليس لديها حافز للتفاوض، والآن يجب عليها إعادة تقييم هذا الموقف المؤلم، حيث لا يمكن لإسرائيل أن تحتمل حرباً أخرى». وأجابه كسينجر: «الآن على إسرائيل أن تجد آلية يمكن من خلالها تحسين موقفها عن طريق المفاوضات، وليس عن طريق الوسائل العسكرية فقط، ونحن الآن فى موقف نحاول فيه منع تفاقم الحرب حتى لا تتسع وتتحول إلى مواجهة شاملة مع العرب، ولدينا فرصة جيدة للتسوية».
وذكر وزير الخارجية أنه خلال الاجتماع السريع الذى عقده الرئيس الأمريكى مع وزرائه قال: إن «الخطر الأكبر فى الشرق الأوسط هو أن القوى المحلية يمكنها أن تورط القوى العظمى فى الصراع كما حدث فى الحرب العالمية الأولى، ولهذا لم نسمح للقوى المحلية بأن تملى علينا سير الأحداث، فكل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى لديه أصدقاء ليدعمهم، والاختبار الحقيقى هو ما إذا كنا نستطيع تقديم الدعم لأصدقائنا وتحقيق توازن القوى فى الوقت نفسه».
وحذر نيكسون، الذى أقامت حكومته جسراً جوياً لتوصيل السلاح جواً إلى إسرائيل خلال الحرب، من أن النقطة الأساسية هى محاولة عدم دفع الاتحاد السوفييتى إلى إرسال قواته، لأن المواجهة وقتها ستكون رهيبة، وهذا ما كان يروج له «صقور الإدارة الأمريكية» فى ذلك الوقت.
وقال كسينجر: «نحن نتخذ إجراءات صارمة على الأرض ولكننا نتحدث بهدوء، فلا ينبغى التصعيد حتى نرى كيف يمكن للدبلوماسية أن تنجح فى مسعاها، فنحن نتصرف بهدوء رغم خطورة الأمر بالتوازى مع رد الفعل المتواضع من جانب العرب».
وخلال اجتماع لمجلس الوزراء فى الولايات المتحدة عقد فى 27 نوفمبر 1973، طلب «نيكسون» من «كسينجر» أن يطلعه على تفاصيل جولته فى الشرق الأوسط، وخلال هذا الاجتماع الحاسم، قال كسينجر: «عندما ذهبت فى رحلة إلى الشرق الأوسط، كانت أمامى عدة نقاط، أولها الطلب العربى بعودة القوات الإسرائيلية إلى خطوط ما قبل 22 أكتوبر، وثانياً كان علينا العمل على بدء عملية التفاوض، وثالثاً أننى أخبرت العرب أن الولايات المتحدة وحدها يمكنها أن تضمن عملية التفاوض وانسحاب إسرائيل من الأراضى التى احتلتها، كما قلت ل«السادات» إن لديه فرصة تاريخية، ويمكنه التفاوض بشأن وقف إطلاق النار أو يمكنه العمل لعقد مؤتمر يمكن أن يؤدى إلى سلام حقيقى، وبما أن السادات رجل حكيم فقد بدأنا التفاوض على خطة من 6 نقاط لتعزيز وقف إطلاق النار والبدء فى عملية التفاوض».
وأخبر كسينجر الإدارة الأمريكية أن إسرائيل فى جميع الأحوال لن تستطيع أن تفعل الكثير قبل يناير، فقد تم تأجيل الانتخابات الإسرائيلية بسبب الحرب وسيتم إجراؤها فى 31 ديسمبر، وعبر كسينجر عن أمله فى أن تؤدى نهاية حرب أكتوبر إلى مفاوضات السلام. وأضاف كسينجر أنه من المحتمل أن تكون الأولوية لفصل القوات من أجل إدخال بعض قوات الأمم المتحدة بحيث تكون احتمالات التفاوض اللاحقة أكبر من احتمالات عودة القتال، ثم تأتى المرحلة الثانية وهى الأصعب بشأن الاتفاق على حدود إسرائيل، والترتيبات الأمنية بين إسرائيل والعرب، وضمانات القوى العظمى لتلك الاتفاقات.
وأضاف كسينجر: «نحن لا نريد ضمانات قد تورط الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى عند حدوث أى نزاع صغير، ويوجد انطباع لدينا أن العرب لديهم رغبة فى التفاوض أكثر من أى وقت مضى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك هناك ضغوط شديدة من دول الخليج والعراق وليبيا وأيضاً الاتحاد السوفييتى، وللأسف معها بريطانيا وفرنسا واليابان التى أخذت صف العرب المتشددين تجاه المفاوضات».
وبدا وزير الخارجية متفائلاً حيث قال: «الاحتمالات أمامنا جيدة، لكننا قد نواجه بعض الصعوبات، وستواجه إسرائيل وقتاً عصيباً لأنها ستضطر للانسحاب من بعض الأراضى، لكن تل أبيب لا يمكن أن تصر على الاستمرار فى هذه الحروب المنهكة. مشكلة إسرائيل صادمة، وقد اعتمدت كليا على التفوق العسكرى والآن هى تعلم جيداً أنها لا تستطيع أن تفعل ذلك».
وفى وقت لاحق من الاجتماع، قال كسينجر: إن «إسرائيل -قبل الحرب- كانت تعتقد أن أى صراع سيكون تكراراً لما حدث فى عام 1967. واعتقدت أيضاً أن الوضع الحالى هو الأفضل على الإطلاق بالنسبة لها، وأنه لا يوجد ما يضغط عليها لتغيير ذلك الوضع.. والآن أصبحت الأمور مختلفة بسبب الحرب والعزلة الدبلوماسية التى وقعت فيها إسرائيل».
وفى إشارة إلى ضغوط الدول الأوروبية، قال كسينجر: «علينا أن نوضح أننا ملتزمون بأمن إسرائيل، ولكن يجب البحث عن وسائل أخرى غير الوسائل العسكرية الصرفة، وأعتقد أن وجود حزام أمنى على الأرض أفضل من الضمانات، والضمانة الوحيدة التى تأخذها إسرائيل على محمل الجد ستكون ضمانة الولايات المتحدة، وسيرفضون أى ضمانة أوروبية - أمريكية أو أى ضمانة من الأمم المتحدة، بل وسيسخرون منها، والاتحاد السوفييتى يمكن أن يقدم ضمانة للعرب». وواصل وزير الخارجية حديثه قائلاً: إن «هناك نوعين من الجوانب غير العسكرية فى المفاوضات، هما: القدس والفلسطينيون».
وأضاف «بالنسبة للفلسطينيين وغزة هناك إمكانية للتوصل إلى حل.. لكن القدس مشكلة صعبة، ولا بد من إيجاد طريقة لانتزاع الأماكن العربية المقدسة من سيطرة إسرائيل، ومصر لا تهتم كثيراً بشأن القدس، لكن الملك فيصل مهووس بها وغير مهتم بسيناء، ونظرياً مشكلة القدس قابلة للحل على نمط دولة الفاتيكان». وخلال الاجتماع أكد كسينجر أن إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات، لكنه شكا من أن اليهود الأمريكيين «يتخذون موقفاً متشدداً للغاية».
وقال: «دعونا نوضح: نحن نحاول الحفاظ على أمن إسرائيل، وليس لدينا أى نية للتضحية بإسرائيل، ويوماً ما سوف يقدمون الشكر لنا». وأضاف أن الرئيس نيكسون «هو أفضل صديق لإسرائيل مقارنة بأى رئيس أمريكى سابق، وسيأتى الوقت الذى يدرك الإسرائيليون فيه ذلك، فلا يمكن أن تستمر إسرائيل من خلال الحلول العسكرية، والإسرائيليون لا يمكنهم الانتصار فى حرب استنزاف طويلة».
ولخص «نيكسون» فحوى الاجتماع قائلاً: «نحن مع أمن إسرائيل، ونقف ضد أى محاولة للتأثير على أمنها أو تدميره، وقد أثبتنا ذلك مرتين فى هذا الصراع من خلال الجسر الجوى والتحذير الذى أصدرناه، وعلى صقور إسرائيل أن يتحدثوا بهذه الطريقة، لكن إسرائيل ليس لديها أصدقاء، وهى تعتمد اعتماداً كلياً على الولايات المتحدة». وأضاف: «إننا نقدم الأسلحة التى ضمنت التفوق لإسرائيل على العرب طوال 25 عاماً، لكن الإسرائيليين لا يستطيعون إبعاد الاتحاد السوفييتى عن المنطقة، وعليهم أن يسألوا أنفسهم ماذا سنفعل إذا طلب السوفييت تدخلنا للتوصل إلى حل، ستكون هذه آخر مرة نفعلها».
وتابع الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون: «لا يمكن أن تبنى إسرائيل سياستها على الأمن العسكرى، ونحن فى حاجة إلى عنصر تكميلى حتى لا يعتقدوا أننا نبتزهم، وتسوية القضية ستكلف إسرائيل التنازل عن بعض الأراضى، وهذا هو السبب فى تأييدنا للقرار 242، وهو يتيح لنا الظهور كطرف محايد لا ينحاز لطرف على حساب آخر».
وخلال الاجتماع سُئل كسينجر أيضاً عما إذا كانت إسرائيل ومصر لديهما القدرة على إنتاج أسلحة نووية، فأجاب بأن «إسرائيل لديها القدرة على إنتاج أعداد محدودة من الأسلحة النووية، لكن مصر ليس لديها أى قدرة، ولا نعتقد أن السوفييت قد سمحوا لها بالدخول فى هذا المجال، وإذا لوحت إسرائيل باستخدام الأسلحة النووية سيقف السوفييت فى مواجهتها وسيكون هذا خطيراً جداً بالنسبة لإسرائيل».
وأفرجت «الخارجية» الأمريكية أيضاً عن نسخة من اجتماع عقد فى 24 أبريل 1974 بين نيكسون ونائبه جيرالد فورد وكسينجر ومستشار الأمن القومى برنت سكوكروفت وقادة فى الكونجرس. وركز الاجتماع على خطة لتقديم 2.2 مليار دولار من المساعدات إلى إسرائيل. وقال نيكسون: «لقد ثبت فى 3 أكتوبر أن الفكرة القائلة بأن إسرائيل يمكنها أن تدافع عن نفسها بالأسلحة الأمريكية فقط فكرة خاطئة».
وأضاف: «لا يمكن لإسرائيل أن تصمد فى مواجهة المعارضة السوفيتيية.. ونحن فى مرحلة تحول فى السياسة الخارجية، فى مرحلة نحن مرتبطون كثيراً بإسرائيل بشكل حصرى، والآن نحن نعمل على تطوير علاقة صداقة مع المنطقة كلها، ولا نستهدف ولا يمكننا إخراج الاتحاد السوفييتى من المعادلة - وهذه هزيمة، لكن لا بد أن نتدخل.. ليس بقوة كبيرة بل لكى نقوم بدور حفظ السلام، والآخرون لديهم ربما تصورات للشرق الأوسط، والعرب الذين يأتون إلينا يعلمون أنهم ليس هناك ما يخيفهم منا، وهذا ثمن باهظ من أجل الاستقلال والسلام فى المنطقة».
وخلال الاجتماع طالب نيكسون «الكونجرس» بمنح مصر 250 مليون دولار من المساعدات، قائلاً: «مساعداتنا لإسرائيل هى 10 أضعاف مساعداتنا للعرب». وأضاف كسينجر أن «السادات هو أول زعيم يلزم بلاده بالسلام بعيداً عن فكرة إبادة إسرائيل.. والسادات عليه أن يثبت لشعبه أن السياسة الجديدة تحقق له مكاسب وأن لديه علاقات مع الولايات المتحدة.. ويمكننا أن نحرز تقدماً مع إسرائيل بالقدر الذى يجعلهم لا يشعرون بتعرض أمنهم للخطر». وبعد ذلك بخمس سنوات وقَّعت إسرائيل ومصر معاهدة السلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.