يبدو أن المعاناة هى قدر المصريين، مهما تغيرت الحكومات أو الأشخاص، فقد شهدت الأسواق ارتفاعا غير مبرر فى أسعار الأسمدة، بالإضافة لقلة المعروض منها، واستمرار السوق السوداء للمتاجرة فيها، مثلما كان يحدث فى نفس هذا التوقيت من كل عام، وهو ما يتطلب حلولا جذرية لحل الأزمة التى يعانى منها الفلاحون حاليا، حيث تضاعفت أسعار الأسمدة خلال الأسبوع الماضي، وارتفع سعر جوال سماد اليوريا وزن 50 كيلوجراما من 75 جنيها فى العام الماضي، إلى 160 جنيها لهذا العام، وارتفع سعر جوال «النترات» من 70 جنيها إلى 145 جنيها، و«السوبر» من 37 جنيها إلى 50 جنيها. وفى تصريحات ل«الفجر»، قال عصام حسين المتحدث باسم شركة أبو زعبل للأسمدة، إن أزمة الأسمدة ليس سببها كميات الإنتاج، مشيرا إلى أن المصانع تنتج كميات تزيد على احتياجات السوق المحلية، مضيفا أن «القطاع الخاص فى مجال الأسمدة تحديدا بريء من هذه الأزمة، فهناك عدة أنواع من الأسمدة، منها السماد الأزوتى والفوسفاتى والبوتاسيوم، لكن معظم الفلاحين فى مصر يستخدمون السماد الأزوتي، ومصانع الدولة تحتكر إنتاج هذا النوع، بنسبة 100%، فضلا عن احتكار بنك التنمية والائتمان الزراعى لتوزيع هذه الأسمدة على الفلاحين».
وأشار حسين إلى أن كل فلاح له نسبة مقررة حسب مساحة الأرض التى يمتلكها، مضيفا أن هناك عمليات تلاعب تتم من قبل البنك، يتم من خلالها تسريب كميات من السماد إلى شركات خاصة، تقوم بخلط «اليوريا» مع أسمدة أخري، ثم تقوم بتصديرها إلى الأسواق الخارجية، فضلا عن تسرب كميات أخرى إلى السوق السوداء، وهو ما يؤثر على كميات الأسمدة المعروضة، وما يتحصل عليه الفلاحون.
وعلمت «الفجر» أن د.كمال الجنزورى رئيس الوزراء قرر عقد اجتماع مع الجهات المختصة عن أزمة السماد يوم السبت المقبل، لبحث طرق حلها، من خلال إشراك القطاع الخاص فى عملية التوزيع، لتقليل حدة الأزمة، وذلك بالتزامن مع توجيه العاملين فى جمعيات التعاون الزراعي، الاتهام لبنك التنمية والائتمان الزراعي، وزارة الزراعة، بالفشل فى إدارة الأزمة، وتمكين مافيا السوق السوداء من السيطرة على الأسمدة، رغم إعلان البنك عن اكتفائه بالتوزيع فى 5 محافظات فقط بالوجه القبلي، وإسناد التوزيع للتعاونيات الزراعية.
وأشار موظفو التعاونيات الزراعية إلى أن وزارة الزراعة لا تمتلك خطة للاحتياجات السنوية للمزارعين من الأسمدة، خاصة خلال موسم زراعة المحاصيل الصيفية، التى تصل ل 4.2 مليون طن، يتم تغطيتها من إنتاج المصانع الحكومية، أبوقير والدلتا، بالإضافة إلى شراء جزء من إنتاج مصانع الأسمدة فى المناطق الحرة، والتى تساهم فيها الدولة بنسبة 50%، وأوضحوا أن الأزمة الحالية سببها نقص الكميات الموردة للمزارعين، نتيجة فشل وزارة الزراعة فى إلزام مصانع الأسمدة بتوريد الحصة الشهرية، المقدرة ب 250 ألف طن لبنك التنمية والائتمان الزراعي، والجمعيات التعاونية الزراعية، والاكتفاء بتوريد 180 ألف طن شهرياً. من جهته، يقول كرم صابر مدير مركز الأرض لحقوق الإنسان، إن جزءا من أزمة الأسمدة يرجع إلى أن معظم المزارعين يستأجرون الأراضى الزراعية من أصحابها، بينما تذهب حصة الأسمدة إلى المالك بموجب عقود الحيازة والملكية، ليقوم ببيعها إلى المستأجر بأسعار مضاعفة، متسببا فى أزمة السوق السوداء