لست مقلداً – قلباً وقالباً – لمذهب عقائدى إسلامى تراثى أو معاصر مثل : الأشاعرة ، المعتزلة ، المرجئة ، السلفية ، الإمامية الأثنا عشرية ... إلخ ، أو غيرها حاضراً أو مستقبلاً. ولست منتسباً – صفة وهوية – إلى مذهب فقهى إسلامى مثل : مذاهب أهل السنة والجماعة ( الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية ) ولا مذاهب الشيعة ( الجعفرية والزيدية ) ولا المذهب الإباضى ، ولا غير ذلك حاضراً أو مستقبلاً . ولا تابعاً لطرق سلوكية روحية كالصوفية ، حاضراً أو مستقبلاً. ليست لى انتماءات سياسية مؤيدة أو معارضة إلى أن ألقى الله – عز وجل - . نسبتى وانتمائى لمسمى ( الإسلام ) عقيدة وشريعة وسلوكاً ، مع الحق حيث كان لقوة دليله أو تحقيقه مصلحة أو دفعه مفسدة . إذا علم هذا فإن الأزهر الشريف – وأشرف وأعتز بثقافتى الأزهرية – فى مناهجه يدعو إلى التعددية الفكرية والتنوع الفقهى فى المجتمع المسلم ، ويواصل حوار الحضارات مع أهل الكتاب خاصة المسيحيين ، وهذه محمدة للمرجعية الإسلامية الكبرى المعتمدة المعتبرة – ولله المنة والفضل - ، والتقريب بين المذاهب الإسلامية أولى وأهم . والحق أن تراثنا التاريخى الإسلامى بحاجة إلى قراءة منصفة دقيقة عميقة عادلة لإعطاء كل ذى حق حقه ، بعيداً عن مرويات معظمها كتب فى غير عهده السياسى بل فيما يليه مما يفقده التجرد والموضوعية والواقعية ، مما ساهم إلى حد كبير إلى مبادئ تراثية متوارثة صارت مسلمات منها ما يؤجج الصراع الفكرى والعرقى والطائفى ، والمشهدين مذاهب ( السنة والشيعة ) لا يحتاج إلى براهين ، وما بين بعض أهل السنة كالحنابلة وبين الإباضية لا يفتقر إلى أدلة . ومما يبعث على الغرابة والنكارة معاً أن تتسع صدور وتفسح عقول لحوار أديان وملل – والأصوب حوار حضارات أو ثقافات لأن الأديان والملل لا يفيد فيها وبينها حوارات - ، وتغلق مساعى التقريب بين مذاهب إسلامية معاصرة : السنة ، والشيعة : الإمامية والزيدية ، والإباضية ، كلها تتفق فى الأصول العامة لمكونات الدين الحق : الإيمانيات والعمليات ، والإحسانات ، وإن كانت لها رؤى فى أصول وفروع مبادئ أو أدبيات مذهبية . قد كانت مساع مشكورة للتقريب بين هذه المذاهب الإسلامية فيما يعرف بالتقريب ومن رواد ذلك الإمام الراحل مولانا الشيخ محمود شلتوت – رحمه الله تعالى – بفتوى شهيرة وآراء علمية منها : 1- " إن الإسلام لا يوجب على أحد من أتباعه اتباع مذهب معين بل نقول : إن لكل مسلم الحق فى أن يقلد بادئ ذى بدء أى مذهب من المذاهب المنقولة نقلاً صحيحاً ، والمدونة أحكامها فى كتبها الخاصة ، ولمن قلد مذهباً من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره ، ولا حرج عليه فى شىء من ذلك ، وأن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثنا عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعاً كسائر مذاهب ، فينبغى للمسلمين أن يعرفوا ذلك ، وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة ، فما كان دين الله ، وما كانت شريعته بتابعة لمذهب ، أو مقصورة على مذهب ، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله – تعالى – يجوز لمن ليس أهلاً للنظر والاجتهاد تقليدهم ، والعمل بما يقررونه فى فقهم، ولا فرق فى ذلك بين عبادات ومعاملات. 2- " لسنا حريصين على أن تكون دراستنا فى الأزهر لمجرد العلم والتحصيل ، إنما نحن ندرس للاستيعاب والفهم ، ثم التطبيق والعمل بكل ما يمكن العمل به ، وفقه الشيعة مأخوذ ببعض أحكامه فى كثير من القانون عندنا، وكثير من علمائنا عمل ببعض أحكام العبادات عندهم ، ونحن إنما نرجع إلى الكتاب والسنة ، فمتى لم يخالف الرأى أصلاً من الأصول الإسلامية الصحيحة ، ولم يتعارض مع نص شرعى فلا بأس من تطبيقه، والأخذ به ، وذلك هو التقريب المنشود ، والتيسير المرجو . إن دعوة ( التقريب ) بين المذاهب الإسلامية دعوة مباركة طيبة ، ترسخ الأخوة الإيمانية الإسلامية ، والزمالة العلمية ، والوحدة الإسلامية ، والنصوص الشرعية متوافرة ، والشواهد متكاثرة ، والاستنباطات متعاضدة . وهنا ينبغى التنبيه والتنويه على أمور مهمة : 1- ليس معنى فتوى الإمام الراحل الشيخ / محمود شلتوت ، ومن أيدوه تحول المسلم السنى إلى مسلم شيعى ، كلا ، فليس من المقبول ولا المعقول فى المنهج العلمى السليم ، والالتزام العملى الحقيقى اعتناق المسلم السنى لآراء تخص الشيعة مرفوضة من نظرنا كأمور الإمامة التى يرونها أصلاً شرعياً ، ولا استحلال نكاح المتعة ، ولا تنقيص سادتنا الصحابة – رضى الله عنهم أجمعين ، ولا الخوض فى أعراض سادتنا آل البيت – رضى الله عنهم أجمعين - ، ولا عصمة سادتنا آل البيت – رضى الله عنهم أجمعين - ، وليس مطلوبا من الشيعى المسلم اعتناق ما يراه مخالفاً لمبادئ مذهبه كالأولوية فى الخلافة الراشدة ، وليس مطلوبا من المسلم السنى اعتناق مبادئ الإباضية من تحفظهم على تصرفات الخليفتين الراشدين ، سيدنا عثمان وعلى – رضى الله عنهما – ولا البدء بخطب الجمع والعيدين بالبسملة ولا القول بفساد الصوم بالغيبة أو القول بعدم المسح على الخفين أو الاستنجاء من خروج الريح ... الخ . فالمطلوب هنا هو التعاون فى الأصول العامة ، والإعذار للمخالف فى الفروعيات ، وإعادة النظر وفق فقه ( المراجعات ) وفقه ( الموازنات ) فى الأمور الخلافية كأعمال بحثية بوسائل وسياسية شرعية وبآليات البحث العلمى والمتعمدة ، وضبط الاصطلاحات التاريخية ضبطاً بتأصيل وتنظير وتجرد مثل ( أهل السنة والجماعة ) ، ( الخوارج ) ، ( الشيعة ) ، ( الإمامة ، الولاية ، الخلافة ) . وحصر وقصر ذلك فى التراث غير الموروث الآن لعدم جدواه أى حقبة تاريخية بإيجابياتها وسلبياتها تكون ذكريات الماضى ، وليست عدة الحاضر ولا أملاً المستقبل ، والبعد التام عن قذائف : التكفير والتنابز بألقاب مسيئة ، ونعوت رديئة كالبدعة والفسق.