عندما بدأت مقالي السابق بالأية القرآنية (بسم الله الرحمن الرحيم "ن والقلم وما يسطرون" صدق الله العظيم) لم أكن أتصور أنها أيضاً بداية مقالي الحالي وعلي الرغم من إعجابي بحرف الألف إلا أنني مضطر لملازمة حرف النون في هذا المقال أيضاً، كنت قد نويت تكملة ما بدأت وأن أسترسل في سرد نتائج الفترة الماضية من العمل العام إلا إنه ومع الأحداث الجارية في مصر ومع بدأ الحملات الدعائية للإستحقاقات الرئاسية وحالة الزخم اللامحدود من كل الكتاب والصحفيين والإعلاميين علي بحث وتفنيد وتدقيق كل أمر يصدر عن مرشحي الرئاسة، وجدت أنه من الطبيعي أن أكتب عن الأمور التي يتغاضي عنها الناس في هذا الشأن والتي سأحدد محدداتها في العنصريين الأتيين: الأول هو " مِن إختياراتك ، أعرف إسلوب حياتك وأهدافك". الثاني هو " تكلم حتي أستطيع أن أري ذاتك ". العجيب أنه عندما بدأت الكتابة وجدت خيطاً رفيعا بين ما أكتبة وبين مقاليٍ السابقين وهو ما ستسفر عن الكلمات في مقالي هذا والقادم. أحب أن أنوه عن أن أخطر عنصر في ميداننا السياسي هو السياسي البلطجي المتجول وهو من بدأ حياته كسياسي متجول إلا أن الظروف السيئة والتقلبات التي مرت بها البلد قد ساعدته علي إيجاد موضع ثابت بالميدان ليمارس من خلاله تطفله علي المارة مستخدماً أصدقائه من البطالة السياسية لتنمية نفوذه حتي وصل لمرحلة البلطجة السياسية والأمثلة لذلك كثيرة وسأعلن عنه بوضوح تام في المقال القادم فقد أقسمت ألا يتقصف قلمي وبإذن الله سأفعل. أيضاً، أحد الأسباب التي دعتني لتغيير مسار المقال اليوم هو المقال الرائع للأستاذ معتز بالله عبد الفتاح المنشور في جريدة "الوطن" في يوم السبت الموافق الثالث من مايو بعنوان «تحيا مصر» و«هنكمل حلمنا» والذي تحدث فيه عن مدلول الشعار الإنتخابي. وفي السياق ذاته سأتحدث أنا عن الرمز الإنتخابي ومدلولاته وسيكون ذلك تحت المحدد الأول " من إختياراتك ، أعرِف إسلوب حياتك وأهدافك". بين النجم والنسر وكلاهما رغم أنه يبدأ بحرف النون إلا أنهما يختلفان ويتباينان كل التباين من حيث الدلالة والتأثير كما سنوضح: أولاً: لماذا النجم؟، وفقاً لإجابة المرشح الرئاسي المشير عبدالفتاح السيسي فإن النجم مرتبط بتاريخ العلم المصري إرتباطاً راسخاً وهو أمر صحيح ويستخدم كدليل في عتمة الصحراء، وعليه فإننا نقول أن إختياره للنجم هو إختيار منطقي (علي الرغم من أن الجميع ظن أنه سيختار رمز النسر) ومنطقية الأمر تعود لإرتباط النجم به سنوات طويلة منذ أن كان برتبة الملازم ثاني وحتي صار برتبة الفريق أول وهو تلازم شرطي وفقاً لتاريخه المهني. إن دلالة إختيار النجم تعطي الإيحاء بإن صاحبه يرضي لنفسه الإحتراق ليُنير لغيرة الطريق وليهديهم سبيل الرشاد ولا تنسوا البواعث القرآنية وذكر النجم أكثر من مرة في القرآن الكريم كقوله تعالي (بسم الله الرحمن الرحيم "وبالنجم هم يهتدون" صدق الله العظيم) وهم ما يتسق مع البنية الدينية والفدائية لصاحب الإختيار. أيضاً إن أختيار النجم هو دليل علي العلو والسمو والشاهد في في قوله (بسم الله الرحمن الرحيم "فلا أُقسم بمواقع النجوم وإنه قسم لو تعلمون عظيم" صدق الله العظيم) وهم ما يتسق مع البنية الدينية والأخلاقية لصاحب الإختيار. وهو ما ظهر جلياً في إحترامه لمواعيد بدأ الحملات الدعائية لحملته الإنتخابية وإهتمامه الواضح بالنواحي الأخلاقية في ممارساته وتعاملاته وهو ما أكده أكثر من مرة بقوله "أحترم نفسي وأحترم المصريين". ثانياً: لماذا النسر؟، علي الرغم من المرشح الرئاسي الأستاذ حمدين صباحي لم يُسأل عن سبب إختياره لرمز النسر إلا أن المتلازمات تقودنا دوماً للإجابات المنطقية وهي تأتي من صفات النسر (للعلم فالعلم المصري والأختام الرسمية كانت تحمل شعار الصقر وليس النسر وهو ما تغير بعد وفاة الزعيم البطل أنور السادات): إن النسر يتميز بالسرعة العالية والقدرة علي المناورة. إن النسر دوماً لديه النزعة للقنص فيتحين الفرص ويستخدم الأساليب ليصل إلي فريسته. أيضاً، النسر آكل الجيف فلا يعافها كما يفعل الصقر مثلاً وهو بذلك يبيح لنفسه أخذ مجهود غيره والتمتع به بالإضافة لما سبق، فإن التكوين الضئيل للنسر مقارنة بالصقر يجعله لا يقوي علي مجابهة الصعاب أو الوصول للقمم. ومما سبق ماذا وجدنا، وجدنا أن كلٌ يختار ما يناسبه ويناسب شخصيته وثقافته وأهدافه وكيفية الوصول إليها...... عن مرشحي الرئاسة أتحدث وفي خضم الأحداث لا ننسي أننا أخذنا عهداً علي أنفسنا أن نراعي الله في الإختيار وان لنا شعاراً وحلماً نحيا لنراه واقعا ملموساً ومطبقاً من الجميع هو أن يكون "هدفنا بلدنا" ولنكمل الحديث عن المحدد الثاني في مقالي القادم قريباً جداً.