الأصل في الضريبة العامة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرا بما لها من ولاية على إقليمها لتنمية مواردها، باعتبار أن حصيلتها تعد إيرادا عاما يؤول إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التي يتم تدبيرها لتشكل جميعها نهرا واحدا لإيراداتها الكلية، وأن نص القانون هو الذي ينظم رابطتها محيطا بها، مبينا حدود العلاقة بين الملتزم بها من ناحية وبين الدولة التي تفرضها من ناحية أخرى، سواء في مجال تحديد الأشخاص الخاضعين لها، أو الأموال التي تسري عليها، وشروط سريانها وسعر الضريبة، وكيفية تحديد وعائها وقواعد تحصيلها، وأحوال الإعفاء منها ، والجزاء على مخالفة أحكامها. وكان قانون الضريبة إذ يصدر على هذا النحو، فإنه ينظم رابطتها تنظيما شاملاً يدخل في مجال القانون العام، ويبرز ما للخزانة العامة من حقوق قبل الممول وامتيازاتها عند مباشرتها، وبوجه خاص في مجال توكيده حق الإدارة المالية في المباداة بتنفيذ دين الضريبة على الممول، وتأثيم محاولة التخلص منه. وإذ كان حق الخزانة العامة في جباية الضريبة يقابله حق الممول في فرضها وتحصيلها على أسس عادلة، إلا أن المحقق أن الالتزام بالضريبة ليس التزاما تعاقديا ناشئا عن التعبير المتبادل عن إرادتين متطابقتين، بل مرد هذا الالتزام إلى نص القانون وحده فهو مصدره المباشر، وإذ تتدخل الدولة لتقرير الضريبة وتحصيلها، فليس باعتبارها طرفا في رابطة تعاقدية أيا كان مضمونها، ولكنها تفرض - في إطار من قواعد القانون العام - الأسس الكاملة لعلاقة قانونية ضريبية لا يجوز التبديل أو التعديل فيها أو الاتفاق على خلافها. وحيث إن المشرع أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، بدءا من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، الذي أسند بنص البند سابعا من المادة "8" منه لمجلس الدولة كهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته فنص في البند سابعا من مادته رقم "8" على الحكم ذاته، وأكدت هذا الاختصاص المادة "10" من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، التي عقدت في البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقا للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة. إلا أنه وإذ كانت المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية الصادرة في منازعات الضرائب والرسوم إلغاءً وتأويلاً ووقف تنفيذ وتعويضا يختص بها كأصل عام القضاء الإداري، إلا أنه إذا كان القرار الإداري صدر مخالفا للقانون، فإنه يتجرد من صفته الإدارية وتسقط عنه الحصانة المقررة للقرارات الإدارية، ويكون من حق القضاء العادي أن يتدخل لحماية مصالح الأفراد مما قد يترتب عليه، ما ينزع عنها صفتها كقرارات إدارية ويكون النزاع بشأنها من اختصاص المحاكم العادية. كما أن مناط قبول دعوى الفصل فى تنازع الاختصاص وفقا للبند ثانيا من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى ولا تتخلى إحداها عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها وشرط إطباقه بالنسبة إلى التنازع الإيجابى أن تكون الخصومة قائمة فى وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إليها لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما حمل المشرع على أن يقرر بالفقرة الثالثة من المادة 31 من قانون المحكمة الدستورية العليا أن رفع دعوى التنازع على الاختصاص مؤداه لزوما وقف "الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه".