توالت اليوم ردود الفعل السياسية على التفجيرات الارهابية التي شهدتها الساحة اللبنانية وأجمعت على التحذير من الفتنة وعلى المطالبة بسرعة تشكيل الحكومة الجديدة وان كانت المواقف قد كشفت عن استمرار التباعد والخلاف. فقد أهاب وزير الصحة علي حسن خليل بالقوى السياسية الوقوف وقفة تاريخية ترفض الوقوع في فخ الفتنة والاتهامات المتبادلة التي تعمق الشرخ الوطني وتقفل الباب امام بحث مسؤول عن تسوية سياسية تفرض العودة الى منطق الحوار بعيدا عن الشروط والشروط المضادة واطلاق نقاش حول حماية الاستقرار الداخلي وابعاد لبنان عن الغرق في تداعيات ما يجري على مستوى المنطقة والجوار. ودعا الى تأمين مظلة سياسية عبر خطاب وطني يستلهم الثوابت الوطنية المتفق عليها بما يؤمن مظلة للاجهزة الامنية والعسكرية للقيام بدورها لحفظ الامن والاستقرار وفتح الباب امام نقاش كل المواضيع السياسية الخلافية والاسراع في تشكيل حكومة مشاركة وطنية تملأ الفراغ السائد في عمل اجهزة ومؤسسات الدولة وتنقل البلاد من حالة الشلل الى تفعيل الاداء. وحذر وزير الزراعة حسين الحاج حسن من ان بلاده تعيش في مرحلة صعبة وحساسة ودقيقة لا سيما بعد التفجيرات الإرهابية. وقال ان الجميع في لبنان أدانوا التفجيرات وهذا موقف بديهي لكن المشكلة في كيفية مواجهة التحديات الأمنية ومواجهة الوضع السياسي والتحديات القائمة أمام اللبنانيين. ولفت الذين لم يتغير خطابهم السياسي من انه يؤدي الى مزيد من التباعد والتشكيك والخصام وتعطيل المؤسسات محذرا من فتنة ودسائس تحيكها أجهزة مخابرات إقليمية ودولية للايقاع بين اللبنانيين. وإعتبر وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش أن من المعيب أن يستثمر البعض الدماء لغايات سياسية في الوقت الذي لا تزال الناس تلملم جراحها وأشلاء أبنائها محذرا من ان من يربط بين التفجيرات وبين ما قام به حزب الله في الدفاع عن بلاده فهو يحاول تقديم تبرير وذريعة للمجرمين والقتلة. وطالب تكتل نواب بعلبك - الهرمل بالمسارعة الى عقد طاولة حوار تصوغ تفاهمات تحمي لبنان وأهله وتعزز المناعة الوطنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة تعمل على معالجة القضايا الامنية والسياسية والاجتماعية تحفظ ارتباط المواطن بوطنه وتشل حركة المجموعات الارهابية المدمرة وتقتفي أثرها وتأمين الغطاء السياسي الكامل للجيش الوطني وكل الاجهزة الامنية المعنية في مواجهتها. من جهتها اعتبرت كتلة نواب زحلة أن لبنان دخل أتون الحرب الإقليمية التي لا قدرة له على تحملها والتي تعود بالهلاك على جميع اللبنانيين داعية حزب الله الى الإنسحاب الفوري من سوريا. كما دعت الكتلة بعض القوى الحزبية التي نشرت حواجزها لإقامة أمنها الذاتي الى عدم تقويض الدولة وبأن تنسحب من الشوارع وتترك للجيش وللأجهزة الأمنية القيام بواجباتها محذرة من ان هذا الواقع الشاذ يعيد إلى اللبنانيين صور سنوات الحرب الأهلية. وحذر رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال إرسلان من أن المنطقة مقبلة على مزيد من الضغوط عبر التفجيرات الأمنية وعلى لبنان ان يتحسب إلى هذه المرحلة بروح وطنية جامعة للحد من تأثيراتها. وشدد على الكف عن المراهنات التي تعطل تأليف حكومة وحدة وطنية جامعة وعلى العودة إلى طاولة حوار مجدية للحد من الانكشاف الأمني ولاخذ انفجارات الضاحية وطرابلس عبرة بوجوب تحصين الوحدة الداخلية. واعتبر عضو كتلة تيار "المستقبل" النائب خالد الضاهر ان إنفجاري طرابلس سببهما المدينة بذاتها وما ترمز إليه من عصيان على الخضوع لمشروع حزب الله والمشروع الإيراني في المنطقة ورفضها هيمنة السلاح غير الشرعي على الأراضي اللبنانية. واتهم حزب الله بانه يقف وراء أطلاق الصواريخ على منطقة بعبدا التي تضم وزارة الدفاع والقصر الجمهوري وهو من قام بزرع العبوات خدمة لمشروع إيران النووي في المنطقة. وقال ان إنفجاري طرابلس سبقهما خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي هدد بإنفجارات. وكان نصر الله قد حذر في خطابه من تفجيرات تنفذها خلايا تكفيرية. وكشف عضو كتلة تيار المستقبل النائب خضر حبيب عن وجود 17 طنا من المتفجرات دخلت الى لبنان متسائلا من لديه القدرة على ادخالها وتفجيرها ومن المستفيد من ضرب طرابلس وضاحية بيروت. وفي تلميحه الى اتهام النظام السوري بالمتفجرات والتفجيرات دعا الى تذكر ما سبق ان أعلن هذا النظام من ان ما يحدث في سوريا سيكون لديه تداعيات على لبنان والمنطقة. ولفت الى ان الدعم الذي قدمه تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري للثورة السورية لم يكن يوما دعما بأسلحة او عتاد. وصف عضو كتلة حزب الله البرلمانية "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله من ان التفجيرات التي تستهدف المناطق اللبنانية بانها محاولة مكشوفة لجر لبنان الى الفتنة. ودعا السياسيين والمسؤولين الى في مثل هذه الحالات الى التحدث بمسؤولية لا أن تأخذهم الغرائز والعصبيات والمذهبيات لأن كل كلام غير مسؤول يسهم في تعزيز القلق، وأكد ان البلاد تحتاج الى حكومة وحدة وطنية جامعة وقادرة في لحظة التهديد تستطيع ان تحد من التدهور الامني. ورأى المسؤول التنظيمي لحركة أمل في اقليم جنوب لبنان النائب هاني قبيسي ان السيارات المفخخة تسعى الى تدمير الوطن لافتا الى ان من امتهن سياسة القتل والتشريد في العالم هو من احتل فلسطين وهجر الشعب الفلسطيني ويعمل مع ادوات خفية ليضرب الوحدة والعروبة والقومية والمقاومة. وحذر من ان هناك من يريد التخريب والقتل ويسعى الى فتنة سنية شيعية وعلى الجميع ان يعي بأن هناك مؤامرة كبيرة تدار بفكر صهيوني وتمول بأشكال متنوعة من الاموال التي تجمع من اماكن كثيرة في العالم وتنفذ بأيدي المجرمين لا علاقة لهم بالاسلام ولا علاقة لهم بالسنة ولا بالشيعة. بدوره حذر ممثل تنظيم الجماعة الإسلامية "الاخوان السلمون" في البرلمان عماد الحوت من أن هناك محاولة لعرقنة لبنان متهما النظام السوري بإلهاب المنطقة كلها ولبنان الحلقة الأضعف فيها. وقال ان على كل من تورط في سوريا أن يراجع حساباته وعلى حزب الله وعلى الجميع ان يخرج من هذا التورط والالتزام باعلان بعبدا. ودعا الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى الإسراع في تأليف حكومة تضم جميع القوى الفاعلة لمواجهة الانكشاف الأمني والسياسي والاقتصادي وتشكل حصن مناعة للبنان في مواجهة العدو الصهيوني. واعتبر الحزب ان التفجيرات الارهابية الاخيرة تحمل بصمات العدو الصهيوني وحلفائه الغربيين وأدواته المتطرفين وهي رسالة ترويع دموية تستهدف استقرار لبنان وأمنه وتوسيع قاعدة الخلاف بين اللبنانيين. وأكد عضو هيئة الرئاسة في حركة "أمل" خليل حمدان ان المجرم واحد واليد التي عبثت في الضاحية الجنوبية هي نفسها التي فعلت ذلك في طرابلس معتبرا ان بلاده تعيش في ظل تفكك سياسي وترهل أمني ولا مبالاة من بعض الاطراف التي تعمل لصالح جهات خارجية تريد إسقاط لبنان لالحاقه بالمنطقة بكاملها. واتهم الذين يحاولون تبديد مفاعيل القاعدة الماسية "الجيش والشعب والمقاومة" بتفرقة المواطنين وبتوجيه سهام الحقد ضد الجيش اللبناني وضد المقاومة لاسقاط سلاحها في مواجهة اسرائيل. ودعا لقاء العلماء والدعاة في شمال لبنان الى تصنيف تفجيري طرابلس تحت عنوان جرائم الإبادة البشرية مطالبا في بيان له الدولة وأجهزتها الأمنية إلى بذل أقصى الجهد من أجل كشف خيوط هذه الجريمة لكشف المجرم وإنزال العقاب الرادع به وإلى التشدد في حفظ الأمن ولو على حساب راحة المواطن ومصلحته.