قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" [المائدة 8]، ويفهم من هذه الآية الكريمة أن الله "جل وعلا" يطلب من المؤمنين العدل في الشهادة، وألا يحملهم بغض قوم على ترك هذا العدل، فالعدل يكون مع الصديق والعدو على السواء لأن العدل يكون في الشهادة. والشهادة في إحدى صورها اللغوية: الحضور، ويقال: شهد بكذا، إذا أخبر به، وأدى ما علمه بالمعاينة أو السماع ولذا تعدى بالباء؛ لأنه مضمن معنى أخبر، فصار من معاني الشهادة الإخبار بما قد شوهد. والدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، ولد بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 م بعامين، لأنه من مواليد 1954، أي أنه لم يشهد قيام الثورة، ولم يعاصرها إلا طفلاً، وتوفى جمال عبد الناصر وهو لا يزال طفلاً لم يشب عن الطوق بعد، أي أنه لم يشهد التجربة الناصرية. والدكتور عصام من مواليد إمبابة محافظة الجيزة، وأظن أنه لولا مجانية التعليم التي كانت إحدى ثمار ثورة يوليو، ما سمعنا عن الدكتور عصام، ولا قرأنا تطاوله على قامة وطنية رفيعة أصاب عبد الناصر أو أخطأ إن ما يقوله العريان هو طمس لتاريخ مصر وتزييف لوعيها الحر لحساب الوعي المعلب الذي تعمل من خلاله الجماعات المنغلقة. وأنا أهدي للدكتور العريان هذه الهدية لينشرها إلى جوار سطوره التي يسود بها صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وهذ الهدية موجودة في جريدة الأنباء الكويتية العدد رقم 6383 الصادر يوم الأحد الموافق 13 فبراير 1994 م، حيث نشرت الجريدة على لسان المستشار الدمرداش العقالي، أحد أعضاء التنظيم الخاص "الجهاز السري للإخوان"، ومسئول الشباب والطلبة في حركة الإخوان، وزوج شقيقة الكاتب الإخواني المعروف سيد قطب: "من الثابت أن اليوزباشي جمال عبد الناصر حسين قد انخرط في صفوف الإخوان المسلمين عام 1942 م مشكلاً مع عبد المنعم عبد الرؤوف وأبو المكارم عبد الحي ومحمود لبيب الجهاز الخاص للإخوان المسلمين في الجيش". وفي موضع آخر من الشهادة يقول: "وقد كتب البنا موصيا بأن يكون المسئول عن جماعة الإخوان المسلمين في حالة اغتياله أو غيابه هو عبد الرحمن السندي، رئيس الجهاز الخاص، وإذا لم يكن السندي موجودا يصبح جمال عبد الناصر حسين هو المرشد العام للجماعة". وقد نجح عبد الناصر في ما فشلت فيه الجماعة عندما آلت إليها السلطة في مصر، يقول المستشار العقالي: "كان السندي مسجونا في حادث سيارة الجيب، فانصرفت الأنظار إلى جمال عبد الناصر ليقود الجماعة كما جاء في وصية المرشد العام".. "على أثر ذلك شرع عبد الناصر في بناء تنظيم الضباط الأحرار الذي كان يضم في الواقع أكثر من تنظيم سري وأكثر من اتجاه سياسي وعقائدي، وكان ذلك عام 1949 م". وكان عبد الناصر يتوقع من الإخوان ما توقعه الشعب المصري منكم في أعقاب ثورة يناير 2011م ، فقد سئل في أحد الاجتماعات التمهيدية للضباط الأحرار: "هل تتوقع من الإخوان خيرا"، فأجاب: "نعم خير كثير" "المصور 31/10/1954 م -حلمي سلام: قصة ثورة الجيش". ويبقى السؤال مشرعا في وجه مزيفي التاريخ: "هل ما زال الشعب المصري يتوقع من الإخوان خيرا؟"، لا أظن، وسؤال آخر للدكتور عصام: "هل تتوقع أو تعتقد أن الشعب المصري سيصدقك فيما تذهب إليه من تأريخ للمرحلة الناصرية وأنت مدفوع بحقد أسود موروث في وعيكم المعلب؟!".