ليل ساكن، سيارات متوقفة على جانبي الطريق، إضاءة صفراء تكسر سواد الليل من أعمدة الإنارة، وفجأة يظهر في الواجهة رجل عشريني ببشرة سوداء وملامح يملؤها الخوف والرعب يركض سريعا وخلفه عنصري أمن، ويسمع دوي 3 رصاصات سكنت ظهره ليسقط أرضا، ويقف قاتليه فوق جثته "ريتشارد بروكس"، ممسكين بأسلحتهم التي أسكتت وهج روح الضحية، ذلك المشهد شهدناه كثيرا في الأفلام السينمائية ولكن تلك المرة كان واقعا، ليعلن سقوط ضحية جديدة تؤكد عنصرية الشرطة الأمريكية تجاه أصحاب البشرة السوداء، ويسقط جورج فلويد 2 كما اسمته بعض وسائل الإعلام العالمية. يمكنك أن تتخيل شعور الضحية صاحب ال 27 ربيعا، في لحظاته الأخيرة قبل أن تفيض روحه إلى بارئها، وترى في بريق عينيه أشباح الماضي ولحظات حياته التي مرت عليه كشريط سريع، قبل أن ينطفئ نور عينيه وتتوقف ضربات قلبه ويتحول من شخص في عنفوان شبابه إلى جثة هامدة، لم يفعل شيئا غير أنه انتظر دوره في طابور للحصول على وجبة سريعة يسد بها رمق جوعه. الواقعة بدأت عندما كان بروكس جالسا في سيارته من طراز ويندي، مساء أول أمس الجمعة، وغافله النوم، وشك ضباط الشرطة في الضحية وحاولوا توقيفه إلى أن الأخير قاوم الاعتقال وحدث شجارا بين الضحية والضباط ليحاول بعدها الركض خوفا، إلا أن أحد العنصرين أطلق عليه النار ليسقط جثة هامدة. اقرأ أيضا| شرطة أتلانتا تنشر أسماء وصور الضباط المتورطين في قتل بروكس تلك الواقعة جاءت بعد فترة قصيرة من مقتل جورج فلويد وهو رجل أسمر البشرة أيضا لتنطلق تظاهرات تنديد في أغلب أنحاء الولاياتالمتحدةالأمريكية، وحدثت مواجهات كبيرة بين المتظاهرين والشرطة استخدمت فيها الشرطة الأمريكية العنف ضد المتظاهرين. الحادثة الثانية أثارت غضب المواطنين في مدينة أتلاتنا الأمريكية، لتخرج تظاهرات ضخمة مرة أخرى تندد بالتعامل الوحشي للشرطة مع الضحية وقتله بدم بارد، وأشعل المتظاهرون النيران في مطعم وينديز الذي كان ينتظر الضحية بجواره للحصول على وجبته. من جانبها تقدمت رئيسة شرطة أتلانتا إيريكا شيلدز باستقالتها كأول رد فعل على الحادث، قائلة: "لأكثر من عقدين خدمت إلى جانب بعض أفضل الرجال والنساء في شرطة أتلانتا، وبدافع الحب للمدينة قدمت استقالتي من منصبي". في حين أصدر برايان كام حاكم أتلانتا، تغريدة على موقع تويتر، كشف فيها عن إطلاق تحقيق في سلوك رجال الشرطة بعد أن أدت تصرفاتهم إلى مقتل بروكس. وفي ظل التظاهرات يتساءل الجميع هل تتعمد الشرطة الأمريكية أن تزيد من الطين بلة وتترك العنصرية تنتشر بين عناصرها، ومتى تعيد القيادة السياسية في الولاياتالمتحدة حساباتها أم ستترك القوس مفتوحا أمام مزيد من العنصرية والقتل لأصحاب البشرة السمراء على يد عناصر الشرطة.