سقوط إمبراطورية المال السياسي تحت فرمان الرئيس السيسي    8 مليارات جنيه إيرادات.. ماذا حققت السكة الحديد في 2025؟    ماكرون: روسيا لا تسعى للسلام ويتعين إجبارها على إنهاء الحرب    نائبة أوكرانية: مقترحات السلام الحالية غير واقعية وروسيا تسعى للسيطرة وإذلال الشعب الأوكراني    الرئيس الإسرائيلي يحسم موقفه من طلب ترامب العفو عن نتنياهو    كأس العرب| شوط أول سلبي بين السودان والعراق    كين يقود بايرن لاكتساح شتوتجارت في الدوري الألماني    عاكس صديقة شقيقته.. طالب يتنقم من زميله فى دار السلام بتمزيق جسده    ب 10 جنيهات، هشام الجخ يكشف بداياته من حفلات "الأندر جراوند" إلى القمة    خالد محمود يكتب: أفضل أفلام 2025    محافظ الأقصر والسفيرة الأمريكية يفتتحان «الركن الأمريكي» بمكتبة مصر العامة    أصالة تكشف حقيقة انفصالها    صحة المنوفية تتفقد 3 مستشفيات بمنوف لضمان انضباط الخدمة الطبية    الفريق أحمد خليفة يلتقى رئيس أركان القوات المسلحة القطرية    بدء فرز الأصوات على جدول أعمال عمومية المحامين لزيادة المعاشات    اسكواش – تأهل عسل ويوسف ونور لنهائي بطولة هونج كونج المفتوحة    عمر مرموش يشارك فى مباراة مان سيتي ضد سندرلاند قبل 20 دقيقة من النهاية    بيطري الشرقية: استدعاء لجنة من إدارة المحميات الطبيعية بأسوان لاستخراج تماسيح قرية الزوامل    الإعدام لمتهم والمؤبد ل2 آخرين بقضية جبهة النصرة الثانية    مان سيتي ضد سندرلاند.. السيتزنز يحسم الشوط الأول بثنائية دفاعية.. فيديو    هيئة الكتاب تهدي 1000 نسخة من إصداراتها لقصر ثقافة العريش دعمًا للثقافة في شمال سيناء    لليوم السادس التموين تواصل صرف مقررات ديسمبر حتى 8 مساء    العثور على فتاة متغيبة بالشرقية بعد تداول منشورات عن اختفائها    ضبط عاطل اعتدى على شقيقته بالمرج    الحبس شهر وغرامة 20 ألف جنيه لمساعدة الفنانة هالة صدقي بتهمة السب والقذف    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    نظام «ACI».. آلية متطورة تُسهل التجارة ولا تُطبق على الطرود البريدية أقل من 50 كجم    إطلاق الشهادة المرورية الإلكترونية رسميًا.. خطوة جديدة نحو «مرور بلا أوراق»    عمرو عابد يكشف سر عدم تعاونه مع أبطال «أوقات فراغ»    عاجل- رئيس الوزراء القطري: مفاوضات السلام في غزة تمر بمرحلة حرجة    هذا هو موعد عرض فيلم الملحد في دور العرض السينمائي    "الشرع": سوريا تعيش حاليًا في أفضل ظروفها منذ سنوات.. وإسرائيل تصدّر الأزمات إلى الدول الأخرى    حل أزمة عجز المدرسين.. كيف تمت معالجة أحد أكبر تحديات التعليم؟    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    موعد مباراة أتلتيكو مدريد ضد أتلتيك بلباو والقناة الناقلة    مواعيد مباريات دوري كرة السلة على الكراسي المتحركة    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    المرحلة النهائية للمبادرة الرئاسية «تحالف وتنمية»: قبول مبدئي ل9 تحالفات استعدادًا لتوقيع البروتوكولات التنفيذية    15 ديسمبر.. آخر موعد للتقدم لمسابقة "فنون ضد العنف" بجامعة بنها    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    الإعلان التشويقى لفيلم "القصص" قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    الزراعة توزع أكثر من 400 "فراطة ذرة" مُعاد تأهيلها كمنح لصغار المزارعين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    السيسي: سنعمل على تذليل أي عقبات لضمان نجاح مشروع المدارس اليابانية بمصر    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    محافظ الشرقية يتابع الموقف التنفيذي لسير أعمال إنشاء مجمع مواقف مدينه منيا القمح    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواجه الإمارات اليوم بحثا عن الانتصار الأول    منافس مصر - مدافع نيوزيلندا: مراقبة صلاح تحد رائع لي ومتحمس لمواجهته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هولندا / سبينوزا / نجيب محفوظ/ فرج فودة "3"
نشر في صدى البلد يوم 03 - 09 - 2019

"اللعنة عليه، اللعنة عليه في الصباح والمساء، اللعنة عليه في دخوله وخروجه، اللعنة عليه إلى الأبد، فليمسح أسمه من هذا العالم، وليجعل الإله منه معزولا عن اليهود، ولينزل عليه كل اللعنات… وأنتم الذين تعلمون الإله وتعرفونه، اعلموا أنه يحرم عليكم أي علاقة به، لا كتابية ولا كلامية، لا يقدم له أحد خدمة ولا يقترب منه أحد أكثر من أربعة أمتار، لا يجالسه ولا يكون معه تحت نفس السقيفة، ولا أحد يقرأ كتاباته…"
كان هذا هو أمر حرمان الكنيس اليهودي في هولندا للفيلسوف الذي خاب ظنهم فيه "سبينوزا"
هذا الأمر الذي يبدأ بصب اللعنات مثنيا بالعزل، عائدا للعنات الرب، والذي يخاطب المتدينين- أو إن شئت فقل المتطرفين- الذين هم فقط من يعلمون الإله ويعرفونه فهم مأمورون بعدم إقامة أدنى أنواع العلاقة معه حتى بالمكاتبة؛ بل تم تحديد المسافة التي لا يجوز بعدها الاقتراب من المغضوب عليه؛ والأكثر والأدهى من ذلك هو منع هؤلاء المتدينين من قراءة كتاباته؛ وهنا يظهر إلى أي مدى - في تصورنا - كان ضعف الإيمان في نفوس هؤلاء الذين يزعمون التدين؛ فلو كان الإيمان - كما نعتقد - قويا متغلغلا في القلوب ما خاف رجال الدين على أتباعهم من أيٍّ من أنواع القراءة.
هذا الأمر الكنسي هو فتوى دينية لا تقبل الأخذ والرد أو المناقشة وبالطبع هي حكم ليس فيه استئناف.
ولقد تلقف هذه الفتوى أحد المتطرفين اليهود فقرر أن يخلص الدنيا من شرور "سبينوزا" فإذا هو في جنح الظلام منقضا عليه بآلة حادة يريد الإجهاز عليه بضربة في عنقه، شاء القدر أن ينتبه في اللحظة الحاسمة الفيلسوف لتخطئ الضربة الرقبة وتصيبه في الجسد فينجو من الموت.
قُبِض على الجاني اليهودي المتطرف وفي التحقيق أعلن أنه كان يريد أن يكفي العالم شرور كتابات "سبينوزا" فسأله المحقق مثل ماذا؟ فأجاب أنه لم يقرأ شيئا له، وفي الإجابة على السؤال الثاني فمن أين علمت أن كتاباته شريرة؟، فأجاب أنه علم ذلك من أمر الكنيس اليهودي السالف الذكر.
نترك هولندا و سبينوزا والقرن السابع عشر في أوروبا ونصل إلى تسعينات القرن الماضي لنشهد نفس الجريمة التي وقعت لسبينوزا في القاهرة لأديب العربية الأول العالمي نجيب محفوظ حينما تم الاعتداء عليه في عنقه حيث نجح المتطرفون الإرهابيون هنا هذه المرة في الوصول إلى رقبة الأديب والتي كان لحظتها شيخا مسنا لا يستطيع أن يقاوم أو يقفز قفزة للخلف أو للأمام مثلما فعل سبينوزا الذي كان في مرحلة الشباب فخانت الطعنة الطاعن ولم تمس العنق.
وإن شاء الله في الحالتين أن ينجو الكاتبان الكبيران اللذان تعرضا لمحاولة الاغتيال بنحر الرقبة نتيجة لفتوى دينية: الأولى لكنيس يهودي والثانية لشيخ مسلم متطرف؛ ولعلنا هنا نتذكر ما قاله الشيخ عمر عبد الرحمن تعليقا على رواية آيات شيطانية لسلمان رشدي حيث ذكر: أنه لو كنا قد قتلنا نجيب محفوظ ما جرأ سلمان رشدي على كتابة مثل هذه الرواية، وهذه اللغة تعكس طريقة التفكير في التكفير كما تدفع أتباعهم إلى ابتكار الوسيلة في التنفيذ والتي كانت واحدة في مكانين مختلفين: أمستردام والقاهرة، وفي زمانين مختلفين: القرن السابع عشر والقرن العشرين.
كانت هولندا في ذلك العصر هي واحة للحرية يلجأ إليها الذين يُضَيَّق عليهم في بلدانهم من الكتاب والفلاسفة، هؤلاء المنوط بهم تشكيل وعي شعب من الشعوب أو أمة من الأمم، هؤلاء الذين لا يمكن أن يبدعوا أو أن تروج كتاباتهم وأفكارهم ولا أن يبدلوا حال أمتهم من حال إلى أخرى أكثر وعيا وفهما وإدراكا إلا إذا أطلقوا لعقلهم العنان ولخيالهم الجناحين.
وهذه هي نفس البيئة التي كانت في مصر في القرن التاسع عشر وردحا من القرن العشرين والتي كان نتيجتها ظهور تلك الكوكبة الأدبية والفكرية التي زخرت بها مصر - والتي مهد لها فيلسوف بقدر جمال الدين الأفغاني الذي احتضنته مصر بعدما لفظته دار الخلافة بالأستانة - وامتد تأثيرها في العالم العربي كله، فعلى سبيل المثال لا الحصر وجدنا تأثيرا كبيرا لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي استخدم المنهج الشكي في دراسة التاريخ، والذي أعلى من خلاله قيمة العقل إعلاء كبيرا. متبعا للمنهج الفلسفي لديكارت الفيلسوف الفرنسي، الذي سبق سبينوزا بقرنين من الزمان وأعلن هذا في بداية دراسته للبحث الأدبي في كتابه (في الشعر الجاهلي )... يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.