داخل حي الجمالية عشرات المساجد والمدارس التاريخية التي بنيت خلال فترات مختلفة من التاريخ المصري من العهد الأيوبي والفاطمي وحتى المملوكي، من بين هذه الآثار مدرسة جمال الدين الاستادار التي أنشئت لتدريس المذهب الحنفي، ورغم قيمتها التاريخية إلا أنها لم تحظ بشهرة كافية. تقع مدرس الأمير الأمير جمال الدين الاستادار بحي الجمالية، وهي المدرسة التي أنشأها الأمير جمال الدين الذي ولد عام752 هجرية(1352 ميلادية) بحي الجمالية، أما صاحبها فقدم إلى القاهرة سنة 770 هجرية وشغل عدة وظائف، ولكنه اشتهر بوظيفة الاستادار التي شغلها لدي العديد من الأمراء، وهي كلمة أصلها فارسي وتتكون من مقطعين "استد" بمعنى الأخذ و"دار" بمعنى ممسك وأضغمت الكلمتان فصارتا استادار بمعنى المتولي للأخذ وسمي بذلك لأنه يتولى أخذ أو جمع المال. استغرق إنشاء مدرسة جمال الدين الاستادار عاما واحدا (810 811 هجرية) وجمع بها القضاة والأعيان، وأجلس الشيخ عصام الدين محمد بن أحمد الخوارزمي، الشافعي على سجادة المشيخة وأسند تدريس الحنفية إلى بدر الدين محمود بن محمد المعروف بالشيخ زاده، والمالكية إلى شمس الدين محمد بن الباسطي، وتدريس الحنبلية إلى فتح الدين بن محمد نجم الدين الباهلي، وتدريس الحديث النبوي إلى شهاب الدين بن حجر، وتدريس التفسير لشيخ الإسلام قاضي القضاة جلال الدين البلقيني، فكان كل منهم يجلس إلى طلبته بعد الآخر في كل يوم ويكون آخرهم هو شيخ التفسير. وأجرى المنشئ لكل واحد منهم ثلاثة أرطال من الخبز يوميا وثلاثمائة درهم شهريا ورتب بها إماما ومؤذنين وفراشين ومباشرين، فجاءت كما يقول المقريزي في أحسن هندام وأتم قالب وأفخر زي وأبدع نظام، رغم ما ارتكب في بنائها وأوقافها من عسف وظلم. تتكون المدرسة من الداخل من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة إيوانات، أما الصحن فمفروش بالرخام الملون على سقف أرضيات مساجد ومدارس المماليك البحرية، وفي المدرسة كرسي المصحف على شكل مستطيل يعلوه درابزين خشبي فيه زخرفة مفرغة والمنبر يقع على يمين المحراب وهو من الخشب، كما يوجد سبيل في الركن الشمالي في المدرسة فرشت أرضيته بالرخام الملون، وكتاب يعلو السبيل، مطل على الشارع، أما المئذنة فتقع في الركن الشرقي للمدرسة، وتشبه مآذن العصر الأيوبي ولا سيما مئذنة المدرسة الصالحة. ورغم أنها تم ترميمها في عام 2001 في عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، إلا أن الإهمال ضربها من جديد فأصبحت جدرانها عرضة للسقوط وأكوام القمامة تحاصرها من كل جانب، بالإضافة إلى الاعتداءات المتكررة من قبل البائعين الذين حاصروا الشارع من كل مكان في غياب كامل للموظفين وللأمن ولوزارة الآثار، وهو ما يهدد هذه المدرسة التي تعد أحد أهم الآثار الإسلامية بالانهيار والسقوط، وأيضا يعد ذلك كارثة كبيرة، حيث ستلحق ضررا كبيرا بالأهالى والمنازل التي تحاصرها من كل جانب.