وسط تكدس بشري يلفت الانتباه، وعلى بعد 200 متر من دار القضاء العالي بمنطقة الإسعاف، وعقب عدة محاولات من أجل الوصول لاكتشاف ٍسبب الازدحام، نجد بطلة المشهد سيدة على مشارف الانتهاء من عقدها الثالث، ترتدي جلبابا أسود متهالكا من قسوة الزمن، وتمسك بقبضة يديها اليمين سكينا مخصصة لتفريغ نبات الصبار، واليد اليسرى النبات، وبلهجة إسكندرانية تقول: "بضاعتي أكبر دعاية ليا يا أستاذ". "أم يوسف" ولدت في محافظة الإسكندرية، ومتزوجة ولديها ابن وحيد، ونتيجة للظروف الحياتية لم تجد مصدر رزق لتنفق على منزلها، فاتخذت من ملح البحر قوته، والتكيف على تقلبات الزمن، فوضعت مهنة شقيقها الملقب ب"خميس زجاجة" نصب عينيها وتعلمت منه سر صنعة تفريغ نبات الصبار ووضعه في زجاجات ومن ثم بيعه منذ 10 سنوات. كانت منطقة محرم بوسط الإسكندرية المكان الأول لمنتج السيدة الثلاثنية، فتستخدم نبات الصبار دون إضافات للبشرة، والآخر الذي يحتوى على بعض الزيوت الطبيعية للشعر "أنا ببيع نبات طبيعي مش ضحك على الناس"، حققت شهرة ذائعة الصيت في البقعة الصغيرة التي تجلس بها في الإسكندرية. ونتيجة لرفقتها الطويلة مع نبات الصبار الذي تحصل عليه من شقيقها القاطن في واحة سيوة، اتخذت من الصبّار سمة التكيف على البيئات المختلفة، وأصبح هدف فتح أسواق جديدة يراودها، فأتت إلى القاهرة منذ ثمانية أيام، وبذكاء مدروس اختارت أكثر الأماكن الحيوية في وسط المدينة فتجلس بقرب شديد من منطقة "وكالة البلح" و"دار القضاء العالي". "الصبار يوضع علي البشرة لمدة ساعتين فقط، ويوضع على الشعر قبل النوم ويغسل الشعر بعد الاستيقاظ مباشرة، ويتكرر الموضوع يوميًا"، وبوسائل إقناعية ولهجة مختلطة بثقة شديدة تشرح للسيدات اللاتي يقفن أمامها كيفية استخدام المنتج المسعر ب15 جنيها. وأكدت السيدة التي يساعدها زوجها الأربعيني أن الصبار يمنع تساقط الشعر، ويطيل الشعر، ويغذي فروة الرأس وينعمه، فلم تكتفِ السيدات بأخذ عبوة واحدة بل تصل لشراء 10 عبوات، فتأتي إليها السيدات من مختلف أحياء القاهرة.