عاظمت حركة الفلاحين في الفترة من عام 1948حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952، وتجسدت في معارك الفلاحين ضد الظلم والسخرة في "بهوت وكفور نجم وساحل سليم وميت فضالة والسرو ودراوة والبدارى ودرين وأبو الغيط".. والعشرات من قرى مصر شمالاً وجنوباً. واستشهد في هذه المعارك والانتفاضات الكثيرون من القيادات المناضلة من أجل حق الفلاح في الحياة، سواء من الأجراء ومعدمي وفقراء الفلاحين أو من أبنائهم المثقفين، أمثال الشهداء، عناني عواد وغازي أحمد والمحامي عبد الحميد الخطيب. و أدى الوعي الطبقي التلقائي للفلاحين –المتزايد بقدر ما يعانونه من عسف واضطهاد- والذي ازداد إدراكا وإصرارا بدخول الفكر الاشتراكي والحركة اليسارية المصرية إلى كهوف فقراء الفلاحين والأجراء بعد الحرب العالمية الثانية، إلى قيام حركة نضالية فلاحية متسعة تستهدف استرداد حقوقهم الطبيعية في الأرض والكرامة والحياة الإنسانية. أصبح يوم 9 سبتمبر يوما خالدا فى تاريخ مصر. فهو اليوم الذى وقف فيه ابن الفلاحين وقائد الجيش المصرى أحمد عرابى عام 1881 ليواجه خديو مصر توفيق ويقول له : « لن نورث أو نستعبد بعد اليوم » وهو اليوم الذى أعلن فيه مجلس قيادة ثورة 23 يوليو بقيادة جمال عبد الناصر قرارات الاصلاح الزراعى والقضاء على الإقطاع فى 9 سبتمبر 1952. ثم يأتى نفس اليوم فى عام 2011 بقرار المشير طنطاوى لتحويل العيد الى أحتفال قومى وعطلة رسمية. ليكون الفلاح المصرى على موعد دائم لا يتغير فى 9 سبتبمر من كل عام. لقد كانت ثورة 23 يوليو بقيادة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ترجمة أمينة لطموحات الملايين من الفلاحين المصريين مثلما كانت تجسيد أمين لطموحات و آمال حركة الوطنية المصرية و بالذات فى قانون الاصلاح الزراعى و الذى نحتفل فى ذكراه فى التاسع من سبتمبر بإعتباره عيد الفلاح المصرى و لا يمكن أن يختلف كل من عاش في مصر قبل 23 يوليو 1952 -مهموماً بأوضاعها وعاملاً أو آملاً من أجل تغييرها- على حجم ما أحدثه الإصلاح الزراعي من تغييرات إيجابية كبيرة للتربة وللفلاح بل وللمجتمع المصري بأسره، من خلال: - إعادة تركيب هيكل الملكية الزراعية - نمو الحركة التعاونية الزراعية وتعميق دورها في خدمة الزراعة والفلاحين. - إقامة توازن نسبي بين الملاك والمستأجرين للأراضي الزراعية. ومنذ منتصف السبعينات و بعد سياسة الانفتاح الاقتصادى والردة على إنجازات ثورة يوليو قامت سياسات التكيف الهيكلي التي تبناها نظام الردة في المجال الزراعي، على عدة محاور أساسية: 1- تفكيكالمؤسسات الفلاحية والزراعية (وهذا ما حدث للحركة التعاونية الزراعية. 2 – إتباع سياسة ما يسمى "التصدير من أجل الاستيراد" (كزراعة الفراولة لاستيرادالقمح 3 - رفع يد الدولة عن العملية الزراعية على كافة محاورها (الائتمانية والإنتاجية والتسويقية ) 4 - إطلاق العنان لقوى السوق بالنسبة لحيازة الأرض (مما كان وراء صدور قانون العلاقة بين المالك و المستأجر. 5 - الاعتماد الرئيسي وخاصة تجاه المتطلبات الغذائية على معونات المانحين الأجانب. وترتب على هذه السياسات السابقة التالى: - تقلص المساحات المنزرعة بالمحاصيل الغذائية أو اللازمة للصناعة الوطنية. - ازدياد معاناة وهموم الفلاحين من السوق السوداء وحاشيات الاحتكار. - تدهور الناتج الزراعي والاعتماد على الاستيراد من الخارج. وقد أدت تلك السياسات إلى مشهد الفقر و المرض و الجهل الذى عاد ليتصدر الصورة ، ليعيش الفلاحون المصريون تحت سياط القهر و الفساد و الاستبداد و محاولات شرسه لإستعادة أراضى الإصلاح الزراعى منهم و هو المسلسل الذى بدأ منذ منتصف السبعينات حتى قيام ثورة 25 يناير السلمية البيضاء والتى قامت لتحقيق العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة الإنسانية. ولكن بعد ثورة 25 يناير العظيمة هل يمكن تحقيق مطالب الفلاحين وإعانتهم على مواجهة الجور و القهر و الفساد والاستبداد الذى وقع عليهم طوال العهود الماضية، ومساعدتهم على مواصلة رحلة الحياة بمظلة التأمين الصحى و التأمين الإجتماعى وتوفير الأسمدة والمياه والتقاوى الصحية صديقة البيئة لمزارعهم وفتح أسواق مناسبة لتسويق منتجاتهم محليا وعالميا. إن كل القرارات التى صدرت فى الأيام الماضية عن الرئيس الدكتور / محمد مرسى رئيس الجمهورية كانت من أجل دعم الفلاح وتعويضه عن عمله وعرقه وجهده ومن أهمها إسقاط ديون بنك التنمية والائتمان الزراعي عن المزارعين وتوريد المحاصيل الزراعية بأسعار تكافئ الأسعار العالمية خاصة الأرز . إن الاحتفال بعيد الفلاح هو مجرد تعبير رمزي ، لكن الأهم من الاحتفال هو القرارات التى تساعد المزارع المصري على استكمال رسالته والحفاظ على الرقعة الزراعية المصرية ،ومنع التعدي عليها ، وهو الأمر الذي يجب أن تتبناه الدولة ومتخذى القرار ويتابعونه بكل حزم فى إطار تطبيق القانون للحفاظ على الرقعة الزراعية للأجيال القادمة . إن استصلاح الأراضى والتوسع الأفقي والرأسي فى الزراعة يجب أن يكون جزءا أساسيا من خطط وسياسة الدولة. الفلاح المصرى مدعو فى يوم عيده إلى زراعة توشكى وشرق العوينات والوادى الجديد وكل الدعم سيوجه لجهده وعطائه. كما يجب تقنين أوضاع واضعى اليد من فلاحى مصر وسيناء و الاصلاح الزراعى وشباب الخريجين ومنحهم عقود التمليك مع الحفاظ على هوية الفلاح المصرى والعودة الى تعريفه التعريف الصحيح حتى لا تتسلل كل الوظائف إلى «صفة الفلاح» من أجل منافع ذاتية ضيقة سواء فى السياسة أو الأقتصاد , دون معرفة لمشاكله وهمومه. الفلاح فى أى موقع أو مكان هو الصديق الحقيقى للبيئة لأنه هو الأداة والوسيلة التى تسعى على الدوام إلى تحويل التربة من اللون الأصفر أو الأسود إلى اللون الأخضر وسعادته تتزايد مع نمو الأشجار ورؤية الأرض بالغطاء الأخضر.على عكس ما توقع وابتغى الملاك والحكام -منذ نهايات القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين- كان للاستغلال والقهر الذي مورس على الفلاحين رد فعله الإيجابي على حركة النضال الطبقي في الريف المصري. فلقد أدى الوعي الطبقي التلقائي للفلاحين -المتزايد بقدر ما يعانونه من عسف واضطهاد- والذي ازداد إدراكا وإصرارا بدخول الفكر الاشتراكي والحركة اليسارية المصرية إلى كهوف فقراء الفلاحين والأجراء بعد الحرب العالمية الثانية، إلى قيام حركة نضالية فلاحية متسعة تستهدف استرداد حقوقهم الطبيعية في الأرض والكرامة والحياة الإنسانية. ولقد تعاظمت هذه الحركة في الفترة من عام 1948 حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952، وتجسدت في معارك الفلاحين ضد الظلم والسخرة في "بهوت وكفور نجم وساحل سليم وميت فضالة والسرو ودراوة والبدارى ودرين وأبو الغيط".. والعشرات من قرى مصر شمالاً وجنوباً. واستشهد في هذه المعارك والانتفاضات الكثيرون من القيادات المناضلة من أجل حق الفلاح في الحياة، سواء من الأجراء ومعدمي وفقراء الفلاحين أو من أبنائهم المثقفين، أمثال الشهداء، عناني عواد وغازي أحمد والمحامي عبد الحميد الخطيب. مرحلة جديدة مرحلة جديدة ومعقدة للنضال الفلاحي بعد الإصلاح الزراعي وعنها يقول مستشار ااتحاد الفلاحين لا يمكن أن يختلف كل من عاش في مصر قبل 23 يوليو 1952 -مهموماً بأوضاعها وعاملاً أو آملاً من أجل تغييرها- على حجم ما أحدثه الإصلاح الزراعي من تغييرات إيجابية كبيرة للتربة وللفلاح بل وللمجتمع المصري بأسره، من خلال:? إعادة تركيب هيكل الملكية الزراعية ? نمو الحركة التعاونية الزراعية وتعميق دورها في خدمة الزراعة والفلاحين.? إقامة توازن نسبي بين الملاك والمستأجرين للأراضي الزراعية... ولكن? نتيجة للنظرة "الإدارية الفوقية" للإصلاح الزراعي.? وللتوجه "الطبقي" الذي يعرقل تحويله إلى واقع اجتماعي متطور لفقراء الفلاحين.? ولعدم وضع مقدرات هذا الإصلاح-تحت دعاوى مختلفة في أيدي الفلاحين الحقيقيين والقوى الاشتراكية.. قام حلف غير مقدس مشكل من كبار الملاك السابقين، والقوى الاستغلالية الجديدة بالريف المصري، والعناصر البيروقراطية التي وضعت نفسها في خدمتهم، محاولاً -بكل الوسائل- ألا يصبح هذا الإصلاح في خدمة أصحاب المصلحة الحقيقية فيه من جماهير الفلاحين... ومن هنا كانت الانتفاضات الفلاحية الجديدة -منذ أواخر الخمسينينات وحتى منتصف الستينيات- ضد هذا الحلف وتوجهاته واستغلاله للفلاحين، وقامت المعارك في "كمشيش وأوسيم ومطاي وبني صالح وشبراملس والحوانكه وسجين".. وغيرها من قرى مصر في بحري والصعيد، واستشتهد من مناضلي الفلاحين "صلاح حسين والدسوقي أحمد علي وعبد الحميد عنتر وأبو زيد وأبو رواش"، وغيرهم من القيادات الفلاحية. التكيّف الهيكلي .. والنضال الفلاحي منذ السبعينيات :قامت سياسات التكيف الهيكلي التي فرضت علينا منذ منتصف السبعينيات في المجال الزراعي، على عدة محاور أساسية: 1 تفكيك المؤسسات الفلاحية والزراعية (وهذا ما حدث للحركة التعاونية الزراعية). 2 إتباع سياسة ما يسمى "التصدير من أجل الاستيراد" (كزراعة الفراولة لاستيراد القمح). 3 رفع يد الدولة عن العملية الزراعية على كافة محاورها (الائتمانية والإنتاجية والتسويقية). 4 إطلاق العنان لقوى السوق بالنسبة لحيازة الأرض (مما كان وراء صدور قانون الإيجارات الجديد). 5 الاعتماد الرئيسي وخاصة تجاه المتطلبات الغذائية على معونات المانحين (وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية). وكان من الطبيعي أن يترتب على هذه السياسات:? تقلص المساحات المنزرعة بالمحاصيل الغذائية أو اللازمة للصناعة الوطنية.? ازدياد معاناة وهموم الفلاحين من السوق السوداء وحاشيات الاحتكار.? تدهور الناتج الزراعي والاعتماد على الاستيراد من الخارج. وابتدأت -منذ ذلك التاريخ- مرحلة جديدة -ومريرة- من نضال الحركة الفلاحية والقوى اليسارية المناصرة لها. فالأمر لم يعد مجرد مواجهة استغلال كبار الملاك (كما كان الوضع قبل ثورة يوليو)، ولا مقاومة التآمر على الإصلاح الزراعي (كالخمسينيات والستينيات)، ولكنه أصبح مواجهة لمخطط عدواني أمريكي شرس للهيمنة على زراعتنا وغذائنا ومقدرات مجتمعنا