البنك المركزي يخفض الفائدة 1%.. خبراء يوضحون تأثير القرار على الاقتصاد والاستثمار في مصر    فيضان النيل يغمر منازل وأراضي قرية دلهمو بالمنوفية.. ومعاناة متجددة للأهالي    نائب بالشيوخ يشيد بمشروع مستقبل مصر ويؤكد دوره في توفير فرص العمل وتعزيز التنمية المستدامة    بالصور.. قائمة الخطيب تتقدم رسميا بأوراق ترشحها لانتخابات الأهلي    صلاح يشارك في الترويج لكرة كأس العالم 2026    ضبط متهمين بالتعدي على طلاب أمام مدرسة بالمطرية    الداخلية تضبط 108 ملايين جنيه مخدرات وعناصر إجرامية شديدة الخطورة في مطروح    «المشاط»: العلاقات المصرية الكورية تتجاوز التعاون الثنائي إلى تعزيز التكامل الإقليمي والنفاذ إلى عمق القارة الأفريقية والآسيوية    محافظ المنوفية: 87 مليون جنيه جملة مشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة بمركزي تلا والشهداء    جفاف وإخلاء منازل.. هل يحمي السد العالي مصر من الفيضان    أسماء محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    ابنة الملحن محمد رحيم تعاني وعكة صحية وتخضع للرعاية الطبية    الإسكان تطلق منصة استقبال طلبات أصحاب الإيجار القديم للحصول على وحدات بديلة    القبض على المتهمين في مشاجرة «أبناء العمومة» بالمنيا    خاص| ميمي جمال تكشف تفاصيل شخصيتها في فيلم "فيها إيه يعني"    محمد رمضان ينافس على جائزة Grammy Awards    مجلس الإدارة ينضم لاعتصام صحفيي الوفد    جامعة قناة السويس تواصل دعم الحرف اليدوية بمشاركتها في معرض تراثنا الدولي    إدارة مسار تشدد على ضرورة الفوز أمام الأهلي.. وأنباء حول مصير عبد الرحمن عايد    محمد صلاح على موعد مع التاريخ في قمة ليفربول وتشيلسي بالبريميرليج    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    حزب العدل يعلن استعداده للانتخابات ويحذر من خطورة المال السياسي بانتخابات النواب    العفو الدولية: العدوان الوحشي على غزة أطلق مرحلة كارثية جديدة من النزوح القسري    الأونروا تنتصر قضائيا في أمريكا.. رفض دعوى عائلات الأسرى الإسرائيليين للمطالبة بتعويضات بمليار دولار    خلافات حول أولوية الحلاقة تنتهي بمقتل شاب طعنا على يد آخر بأكتوبر    تعرف على جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات    الأمم المتحدة: الحديث عن منطقة آمنة في غزة مهزلة    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    مخرج استنساخ: ميزانية الفيلم انعكست بشكل كبير علينا    غدا .. انطلاق مهرجان نقابة المهن التمثيلية بمسرح جراند نايل تاور    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول العربية المعتمدين لدى اليونسكو لدعم ترشيح خالد العنانى    احتفالية ضخمة للأوبرا في ذكرى انتصارات أكتوبر    126 عملية جراحية و103 مقياس سمع بمستشفى العريش العام خلال أسبوع    إجراءات وقائية تجنب طفلك عدوى القمل في المدارس    نجاح أول جراحة قلب مفتوح بالتدخل المحدود داخل مستشفى النصر في بورسعيد    ضبط شبكات تستغل ناديا صحيا وتطبيقات إلكترونية لممارسة أعمال منافية للآداب    محمد عواد يعود لقائمة الزمالك فى مواجهة غزل المحلة    اليوم العالمى للابتسامة.. 3 أبراج البسمة مش بتفارق وشهم أبرزهم الجوزاء    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    حكم البيع الإلكترونى بعد الأذان لصلاة الجمعة.. الإفتاء تجيب    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار مدرسة داخلية بجزيرة جاوة الإندونيسية إلى 7 قتلى    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    الداخلية تواصل ضرباتها ضد المخالفات بضبط 4124 قضية كهرباء و1429 بالمواصلات    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 3-10-2025 في محافظة قنا    ليلى علوي تنهار من البكاء خلال مهرجان الإسكندرية.. اعرف التفاصيل    الفيضان قادم.. والحكومة تناشد الأهالي بإخلاء هذه المناطق فورا    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    الشرطة البريطانية تكشف هوية منفذ هجوم مانشستر بالقرب من كنيس يهودي    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    مواقيت الصلاة اليوم وموعد خطبة الجمعة 3-10-2025 في بني سويف    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    مختار نوح: يجب محاسبة محمد حسان على دعواته للجهاد في سوريا    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة تحرير «الفلاح الفصيح»

أخذت أبعاد المسألة الزراعية فى مصر قبل 1952 عدة مظاهر حادة أهمها الزيادة المطردة فى درجة التفاوت فى توزيع ملكية الأرض الزراعية وتزايد البؤس فى صفوف صغار الفلاحين والأجراء وعمال التراحيل فى الريف.
ولقد لعب قانون الإصلاح الزراعى الأول الصادر فى سبتمبر 1952 دورا مهما فى تصفية مقومات الهيكل الزراعى القديم، إذ أدى إلى ضرب القاعدة الاقتصادية «الطبقة الإقطاعية» المكونة من كبار ملاك الأراضى، وفتح الباب أمام تحرير قوى الإنتاج فى الريف المصرى. فقد عمل واضعو السياسات الاقتصادية على خلق شروط جديدة يتم فى ظلها تحرير صغار وفقراء الفلاحين من براثن الاستغلال الاقتصادى والقهر الاجتماعى لملاك الأرض والمرابين وتجار الريف. ولقد أدى هذا بدوره إلى تبلور مجموعة جديدة من العلاقات الزراعية أكثر ملاءمة لأغراض التنمية والتطور الاقتصادى والاجتماعى فى البلاد.
وفيما يلى تقييم للأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لعملية التحول الزراعى فى مصر خلال الفترة: «1952 - 1970» حتى قيام ثورة 25 يناير.
1- الآثار المترتبة على برنامج توزيع الأرض:
أدى تطبيق قانون الإصلاح الزراعى الأول والثانى فى عامى 1961 ,1952 إلى إعادة توزيع حوالى مليون فدان لصالح صغار الفلاحين مما أدى إلى توسيع قاعدة الملكية الصغيرة وإحداث تحسين مهم فى الأحوال الاجتماعية والمعيشية لحوالى 342 ألف أسرة من سكان الريف. ولقد أعطت الأولوية فى توزيع الأرض للمستأجرين السابقين للأرض والعمال الزراعيين الدائمين والفلاحين الذين يعولون أسرا كبيرة العدد، وأخيرا الأفقر من بين سكان القرية التى تقع فى زمامها الأرض.
ومن الواضح أن الإصلاح الزراعى المصرى لم يهدف إلى إشباع «الجوع للأرض» لدى جميع الفلاحين المستأجرين والمعدمين. فنظرا لمحدودية المساحة المعاد توزيعها كانت المفاضلة بين عملية اختيار «تحكمى» للمنتفعين بالإصلاح الزراعى بحيث توزع الأرض المتاحة على أكبر عدد ممكن من الفلاحين فى شكل «حيازات اقتصادية»، أو تحويل كل الفلاحين المعدمين إلى ملاك لبضعة قراريط من الأرض لا تفى باحتياجاتهم المعيشية. ومن وجهة النظر الاقتصادية البحتة، يمكن القول بأن توزيع الأرض على المعدمين فى شكل «حيازات قزمية» من بضعة قراريط سوف لا ينتج عنه تحرير الفلاحين تحريرا اقتصاديا ناجزا، إذ أنهم سوف يضطرون لشراء جزء من احتياجاتهم الغذائية من السوق وسيستمرون فى تخصيص جزء من وقتهم للعمل كأجراء وعمال زراعة.أضف إلى ذلك ما قد يؤدى إلى هذا الوضع من تدهور فى مستوى الإنتاج الزراعى نظرا لتفتت الحيازات وانعدام الوفورات فى عملية الإنتاج.
ويرى بعض الباحثين أنه بينما يمكن تبرير عملية توزيع أراضى الإصلاح الزراعى على المستأجرين السابقين والعمال الزراعيين الدائمين على أساس اعتبارات «الكفاية الاقتصادية» فإن مزايا ذلك الإجراء كان يمكن أن تمتد لعدد أكبر من الأسر المعدمة إذا ما تم تخفيض الحد الأقصى للملكية إلى 25 فدانا فى المرحلة الثانية من الإصلاح الزراعى فى عام .1961 ولكن كانت الإمكانية السياسية للأخذ بمثل هذا الحل تكاد تكون معدومة نظرا لاعتبارات أيديولوجية وسياسية تنبع أساسا من الطبيعة الاجتماعية والاقتصادية للنظام الجديد النابع من ثورة 23 يوليو. ففى الواقع كان اتخاذ إجراء حاسم ضد الشرائح العليا من «كبار الملاك الغائبين» ضرورة لتأمين الثورة وأمرا سهلا نسبيا من الناحية السياسية إذا ما قورن بإجراء أكثر راديكالية يمس أغنياء الفلاحين الذين يشكلون قوة ضاغطة ظلت تقاوم بضراوة أى تخفيض لاحق للحد الأقصى لملكية الأرض.
لذلك ليس هناك ما يدعو لمناقشة آثار توزيع الأرض بالنسبة للمعدمين، حيث إن عمال الزراعة والتراحيل لم يستفيدوا بشكل أساسى من توزيع أراضى الإصلاح الزراعى. ولكن حزمة الإجراءات المكملة لتوزيع الأراضى. التى أخذت شكل تنظيم شروط العمل وتحديد الحد الأدنى للأجور لعمال الزراعة والتراحيل، قد أدت إلى تحسن فى مستوى معيشة المعدمين من سكان الريف المصرى، والتعويض عن عدم الاستفادة من الآثار التوزيعية للإصلاح الزراعى. ولعل المساهمة الإيجابية الملموسة لتحسين حال المعدمين قد تمثلت فى ازدياد فرص العمالة للمعدمين من سكان الريف عن طريق التوسع فى مشروعات الأشغال العامة فى الستينيات «السد العالى ومشروعات استصلاح الأراضى».
وتشير الدلائل الإحصائية إلى اتجاه لتزايد عدد الأسر المعدمة فى الريف المصرى منذ منتصف الستينيات وبذا فإن شبح «مشكلة زراعية جديدة» قد بدأ يلوح فى الأفق بعد استنفاد نتائج «الآثار التوزيعية» التى تمخضت عن برنامج إعادة توزيع الأرض فى الخمسينيات وبداية الستينيات، وكذلك تخلف مجهودات استصلاح الأراضى الجديدة والتوسع الأفقى عن مواكبة الزيادة الهائلة والسريعة لعدد الأسر التى تتطلع لتملك الأرض أو التمتع بحقوق الانتفاع بها.
2- التحول فى الهيكل الزراعى وعملية التمايز الاجتماعى بين الفلاحين: يتم التمايز الاقتصادى والطبقى فى صفوف الفلاحين كنتاج لعملية تاريخية طويلة وكمحصلة للعديد من القوى الاجتماعية - الاقتصادية التى تلعب دورها لإحداث تمايز مهم بين شرائح مختلفة من الفلاحين: أغنياء الفلاحين ومتوسطى الفلاحين وصغار الفلاحين. وفى ظل نظام العلاقات الزراعية الذى ساد فى مصر فى فترة ما بعد الإصلاح الزراعى تحول أغنياء الفلاحين «وبعض متوسطى الفلاحين» إلى مزارعين رأسماليين يعتمدون إلى حد كبير على استخدام العامل المأجور ويقومون بالإنتاج أساساً من أجل السوق مستخدمين آلات زراعية حديثة للاستفادة من وفورات النطاق. بينما على الطرف النقيض، ظلت الأغلبية العظمى من فقراء وصغار الفلاحين الذين يقومون بزراعة قطع صغيرة من الأرض (أقل من خمسة أفدنة) عادة ما يلجأون لتأجير جزء من قوة عملهم للغير من أجل مقابلة احتياجاتهم المعيشية المتزايدة.
وباستخدام جميع المعايير فإن شريحة «أغنياء الفلاحين» أخذت تتسم بملامح اجتماعية اقتصادية محددة بما يشهد بأنها تحولت (أو أنها فى طريقها للتحول) إلى طبقة من الرأسماليين الزراعيين. وفى الواقع، فإن أغنياء الفلاحين، أو ما أسماهم «Professor Binder The Second Stratum» (الشريحة الثانية)، أصبحوا يحتلون موقعاً مسيطراً فى الهيكل الزراعى الجديد استناداً إلى ما يتوافر لهم من إمكانيات إنتاجية كبيرة (أى توافر معدلات أعلى للفائض القابل للتسويق) وإلى سهولة حصولهم على تسهيلات الائتمان الزراعى التعاونى، بالإضافة إلى استخدام قوتهم السياسية وعلاقاتهم الوطيدة بالموظفين المحليين لتدعيم مركزهم إزاء صغار وفقراء ومعدمى الفلاحين.
وإذا نظرنا إلى الإحصائيات الخاصة بالتغيرات فى ملكية الأرض تتضح الحقيقة الهامة وهى أن شريحة أغنياء الفلاحين (ملاك 20 50 فداناً) قد نجحت فى امتلاك المزيد من الأرض الزراعية بالشكل الذى لم يتحقق لأية شريحة أخرى، إذ بلغت الزيادة فى المساحة المملوكة لهذه الشريحة 161 ألف فدان (أى حوالى 20% من مساحة الأرض الزراعية التى كانوا يمتلكونها).
وفى الجانب الآخر من الصورة، نجد المزارع التى تقل مساحتها عن خمسة أفدنة (وهى تمثل مزارع صغار وفقراء الفلاحين) تمثل ما يمكن أن يطلق عليه قطاع الإنتاج السلعى الصغير. وظل هذا القطاع يتميز بأنه يضم أغلب المزارع المصرية (84% منها)، ويتسم بشيوع طرق الزراعة «كثيفة العمل» واستخدام أدوات الإنتاج البدائية.
وعلى الرغم من وجود سقف للملكية الزراعية بحد أقصى قدره 50 فداناً (قانون 1969) فإن أغنياء ومتوسطى الفلاحين بدأوا فى تكثيف وتنويع إنتاجهم بزراعة المحاصيل غير التقليدية للخضر والفاكهة، ذات الأسعار المرتفعة وغير المحددة رسمياً، بينما ظل الحائز الصغير لا يستطيع التخصص فى زراعة مثل هذه المحاصيل لما تحتاجه من تكاليف مرتفعة وحجم حيازات أكبر. وبذا أضيف عامل جديد إلى التفاوت فى دخل المحاصيل لصالح أغنياء ومتوسطى الفلاحين مما أدى إلى زيادة حدة الفوارق الداخلية بين صغار الفلاحين ومتوسطيهم وأغنيائهم فى مرحلة «ما بعد الإصلاح الزراعى».
وهكذا فإن التغيرات فى الهيكل الزراعى فى فترة ما بعد الإصلاح الزراعى قد ساهمت فى أن تأخذ عملية التمايز فى صفوف الفلاحين أبعاداً جديدة.
3 تأثير إعادة توزيع الدخل الزراعى على تكامل وتوسيع السوق المحلية: إن المتغيرات التى طرأت على توزيع الدخل الزراعى لصالح قطاع عريض من سكان الريف (كنتيجة لإعادة توزيع الأرض لصالح صغار الفلاحين وتخفيض القيمة الإيجارية للأرض للفلاحين المستأجرين) قد شكلت شرطاً ضرورياً لإيجاد سوق محلية واسعة للمنتجات الصناعية فى المناطق الريفية. وبذا ساعدت على إعطاء بعض الدفعات القوية لعملية التصنيع فى مصر. ومما لاشك فيه أن زيادة القوة الشرائية لقطاع عريض من المنتفعين من الإصلاح الزراعى: (المستأجرين وبقية صغار الفلاحين) قد أدت إلى توسيع حجم السوق المحلية للسلع الاستهلاكية والخدمات.
وبالمثل فإن تحول أغنياء ومتوسطى الفلاحين إلى طبقة من الرأسماليين الزراعيين قد ساعد على توسيع السوق المحلية لوسائل الإنتاج (الآلات الزراعية، الأسمدة الكيماوية.. إلخ) وبذا وفر حافزاً هاماً للتوسع فى صناعات إحلال الواردات فى تلك الفروع من الصناعة. إذ أن المعدلات المرتفعة لاستخدام الأسمدة الكيماوية فى الزراعة المصرية ولاسيما بعد الاتجاه نحو تنويع الهيكل المحصولى فى غياب طمى النيل ونقص حجم الأسمدة البلدية، قد أدت إلى توسع كبير فى الطاقة الإنتاجية للأسمدة الكيماوية فى مصر. كذلك بدأت عملية «تجميع الجرارات» فى مصر، إلا أنه لم تتوافر معلومات عن نصيب «المكونات المستوردة» للجرارات التى يتم تجميعها فى ذلك الوقت.
ويلاحظ أن الاتجاه نحو التوسع فى صناعة الآلات الزراعية قد أصبح ضرورة حتمية فى ظل التركيب المحصولى القائم، وتكثيف الإنتاج والرغبة فى سرعة إنجاز العمليات الزراعية. وأهم الآلات التى كانت موضع استخدام واسع: ماكينات الرى الجرارات آلات الدرس موتورات رش المبيدات.
ويمكن القول إجمالاً بأن نمو حجم المبادلات القطاعية (بين الزراعة والصناعة) لأغراض «الميكنة الزراعية» والاستهلاك الريفى للمنتجات الصناعية قد ساعد على دفع عجلة التنمية الصناعية خلال الخطة الخمسية الأولى (1960 1965) وبالتالى أدى إلى مزيد من النمو لقوى الإنتاج فى المجتمع المصرى ككل.
وقد تم التراجع عن معظم إنجازات ثورة يوليو فى المجال الزراعى خلال فترة حكم السادات ومبارك، إذ بدأت عمليات طرد الفلاحين من أراضيهم لصالح بعض الملاك السابقين نتيجة دعاوى قضائية، وتم كذلك القضاء على استمرار عقود تأجير الأرض وأصبح هناك تهديد كبير لاستقرار الفلاحين فى الأراضى القائمة على الإيجار وهى تمثل مساحة كبيرة من الأراضى المصرية كما تم القضاء على نظام المستلزمات الزراعية المدعومة للفلاح من أسمدة ومبيدات وبذور منتقاة مما أدى إلى ارتفاع تكلفة العمليات الزراعية وضعف ربحية الأرض المزروعة قمحاً وقطناً مما أدى إلى درجة أكبر من الانكشاف الغذائى نتيجة الاستيراد الكثيف للقمح وأزمة كبيرة فى مجال تصدير القطن وتشغيل مصانع الغزل والنسيج فى المحلة وكفر الدوار.
وكل هذا له نتائج خطيرة على مستقبل الزراعة المصرية والأمن الغذائى المصرى، ولعله قد آن الأوان بعد ثورة 25 يناير المجيدة فى إعادة النظر فى مجمل السياسات الزراعية المطبقة خلال العشرين عاماً الأخيرة.
بما فى ذلك تطوير الجمعيات التعاونية وبنك التنمية والائتمان الزراعى الذى تم تغيير قياداته مؤخراً.
أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.