ترأس وزير الخارجية وشئون المغتربين الأردني، أيمن الصفدي، بالشراكة مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والشئون الأمنية للاتحاد الأوروبي، فيدريكا موجيريني، أعمال المنتدى الإقليمي الثاني لدول الاتحاد من أجل المتوسط الذي نظمته الرئاسة المشتركة للاتحاد "الأردن والاتحاد الأوروبي" في برشلونة اليوم الاثنين. ووفقا لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا"، فقد شارك في المنتدى الوزاري وزراء خارجية وممثلون عن الدول الأعضاء، البالغ عددهم 43 دولة، بالإضافة إلى ممثلين عن المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية ومؤسسات المجتمع المدني والجهات الممولة لمشاريع الاتحاد في منطقة جنوب المتوسط. وتبنى المنتدى خارطة طريق لتعزيز عمل الاتحاد في الفترة المقبلة، بهدف تطوير أطر التعاون والتنمية بين دول الاتحاد، بالإضافة إلى العمل على إيجاد حلول للقضايا الإقليمية والأزمات التي تمر بها المنطقة. وركزت الدول الأعضاء خلال المنتدى الوزاري على دور الشباب المحوري والرئيسي في محاربة التطرف والإرهاب في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط والعالم بأكمله. يشار إلى أن هذه هي الفترة الرئاسية الثالثة للمملكة؛ حيث تولت الأردن الرئاسة لأول مرة عام 2012 ولمدة سنتين وتم تمديد الولاية لعامين آخرين انتهت في سبتمبر 2001. وعملت الرئاسة الأردنية المشتركة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي على تنظيم أحد عشر اجتماعًا قطاعيًا على مستوى وزاري وعدة اجتماعات تقنية على مستوى الخبراء في كل من مجالات الطاقة وتنمية الأعمال والنقل والتنمية الحضرية والبيئة والمياه والتعليم العالي والبحث والشؤون الاجتماعية والمدنية، كما تم خلال الرئاسة الأردنية اعتماد 47 مشروعا تنمويا أورومتوسطيا. وأشار الصفدي - في كلمته التي افتتح فيها أعمال المنتدى - إلى جهود الأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني بدعم الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والعالمي. كما تطرق الصفدي الى دور المملكة في محاربة الإرهاب والتطرف والأعباء الناجمة عن استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين. وأكد أهمية دور الشباب في المنطقة وضرورة تمكينهم من التعامل مع الصراعات ومنع التطرف العنيف والتصدي له وبناء السلم المستدام. وأشار إلى "المؤتمر الدولي للشباب: السلام والأمن"، الذي عقده الأردن برئاسة ولي العهد الأردني والذي جاء ترجمة لرؤاه في تعزيز دور الشباب في المنطقة لمحاربة التطرف العنيف والإرهاب. وتطرق الصفدي إلى قرار مجلس الأمن التاريخي رقم 2250 المقدم من الأردن، والذي أسس لمرحلة جديدة يتم فيها إدماج الشباب كشريك أساسي في صنع السلام المستدام ومكافحة التطرّف وتعزيز تمثيلهم في عملية صنع القرار. وأشار إلى أهمية تدريب الوعاظ والأئمة على نقل الموعظة الصحيحة التي تمثل أسس وقيم الإسلام الحنيف، داعيا إلى الاستفادة من معهد الملك عبدالله الثاني لتأهيل الأئمة والوعاظ، كما دعا كافة الدول الأعضاء لتكثيف مساعيها لدعم المشاريع الأورومتوسطية والتنمية المستدامة وتوفير الفرص الخلاقة لشريحة الشباب لتمكينهم من أداء دورهم البناء في مجتمعاتهم وتجنيبهم ويلات الانجرار وراء التطرف والإرهاب. وأكد الصفدي استمرار دعم الأردن لجهود الاتحاد من أجل المتوسط و تعزيز اليات التعاون والشراكة في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وحث الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط الأردن على الاستمرار في الرئاسة لفترة ثالثة حتى عام 2018. وعلى هامش أعمال المنتدى، عقد الصفدي عددا من الاجتماعات الثنائية مع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والشؤون الأمنية للاتحاد الأوروبي وأمين عام الاتحاد من أجل المتوسط ووزراء خارجية كل من مالطا "الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي" ولوكسمبورج والبرتغال وفلسطين واسبانيا والبانيا. وناقش الصفدي مع نظرائه العلاقات الثنائية واليات تعزيز الشراكة الاقليمية وآخر التطورات وآثارها على دول المنطقة. كما التقى مع مفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار والتوسع يوهتنس هان، وتطرقا، في اللقاء، إلى أزمة اللجوء السوري وأعبائها على الأردن واليات الدعم والمساعدة الأوروبية للمملكة في ضوء خطة الاستجابة الأردنية لمواجهة أعباء اللجوء السوري 2017-2019. كما بحث الصفدي مع المفوض الأوروبي مسألة تبسيط قواعد المنشأ، وطالب الاتحاد الأوروبي بضرورة مراجعة الاتفاق المبرم بهذا الخصوص بهدف تخفيف الشروط الواردة فيه بحيث يتم تطبيقه على كافة مصانع المملكة بالاضافة للمناطق الخاصة المشمولة بالاتفاق، وحث الجانب الأوروبي على ضرورة تقديم الدعم للأردن لمساعدته في استقطاب الاستثمارات الأجنبية. كما عقد الصفدي والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والشؤون الأمنية للاتحاد الأوروبي ووزير خارجية اسبانيا وأمين عام الاتحاد من أجل المتوسط مؤتمرا صحفيا في نهاية أعمال المنتدى حيث أعلنوا عن تبني خارطة طريق واضحة لتعزيز التعاون الاقليمي في منطقة المتوسط. وأشار الصفدي إلى أن اجتماع اليوم يؤكد أن "العمل المشترك يقلل من حدة التحديات التي نمر بها ويضاعف من وحدتنا في تعزيز أطر التعاون الاقليمي والذي يهدف الى بناء حياة فضلة وكريمة"، مشيرًا إلى أن "المتوسط يجمعنا ولا يشكل عاملا ماديًا يفرقنا". وفي إطار الرد على سؤال حول علاقة المملكة مع الإدارة الأمريكية الجديدة، قال الصفدي إن العلاقات الأردنيةالأمريكية متينة وتاريخية، وان المملكة تتطلع للعمل مع الإدارة الجديدة على مواجهة التحديات المشتركة والتي تشمل النزاعات والأزمات التي تمر بها المنطقة، مؤكدًا ضرورة خدمة المصالح المشتركة التي تستهدف تكريس الأمن والاستقرار والإنجاز الاقتصادي. وقال: "كما هي الحال بين الأصدقاء، سيتحدث الأردن بصراحة وانفتاح مع الولاياتالمتحدة حول رؤيتنا بخصوص مصالحنا المشتركة وبناء الأمن والاستقرار ودحر قوى الارهاب والتطرف في المنطقة". وأضاف أن الأردن سيتحدث بوضوح حول ضرورة حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وعاصمتها القدسالشرقية وفقًا للمرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية وشرطًا لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين، مشيرًا إلى أن الإجراءات أحادية الجانب تؤثر على جدوى هذا الحل، وتنذر بتكريس اليأس الذي يستغله الإرهابيون لبث أفكارهم المتطرفة. وبما يتعلق بأزمة اللجوء السوري، أكد الصفدي أن الأردن قدم كل ما يستطيع تقديمه في استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين نيابةً عن المجتمع الدولي، مشيرًا إلى أن ما يقدمه المجتمع الدولي من مساعدات لا يعتبر خدمة للأردن وإنما واجب إنساني تجاه اللاجئين. ودعا الصفدي "للاستثمار في أمن واستقرار المنطقة حيث أثبتت الظروف أننا نواجه نفس التحديات وأن عدم دعم اللاجئين يجعلهم فريسة لليأس والتطرف والجماعات الإرهابية".. مشيرا إلى "أهمية إثراء التعاون في مكافحة الإرهاب الذي يشكل مسخًا لا ينتمي الى انسانيتنا المشتركة، ولا يمت بصلة الى قيم السلام واحترام الحياة والاخر المختلف التي يمثلها الدين الإسلامي الحنيف، والتي أكد عليها الملك عبدالله الثاني في خطابه أمام البرلمان الأوروبي عام 2015"، مضيفًا أن الأردن سيبقى صوتًا للعقل وقوة للأمن والاستقرار في المنطقة.