سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تقرير جديد لمرصد الأزهر للغات الأجنبية عن التأصيل العلمي للقتال.. لا يصح بتر النصوص وعزلها عن سياقها.. والإسلام يحث على المسارعة في إنهاء الحروب والنزاعات
* تقرير جديد لمرصد الأزهر للغات الأجنبية عن التأصيل العلمي للقتال * التحقيق العلمي يجمع النصوص المختلفة ذات الموضوع الواحد مع مراعاة السياق * لا يصح بتر النصوص أو عزلها عن سياقها * غايات القتال في الإسلام نبيلة فلا يشرع قتال لنهب الأموال * الإسلام يحث المسلمين على المسارعة في إنهاء الحروب والنزاعات قال مرصد الأزهر للغات الأجنبية، إن من أبجديات التحقيق العلمي لدى أي باحث منصف جمعَ النصوص المختلفة ذات الموضوع الواحد مع مراعاة السياق والدلالات الزمانية والمكانية ومقاصد الشريعة للخروج بنتيجة صحيحة. وأضاف المرصد فى تقرير له عن التأصيل العلمى لآيات القتال فى القرآن، أنه لا يصح بتر النصوص، أو عزلها عن سياقها، أو تأويلها على غير مرادها، أو تفسيرها بما يتناقض مع القطعيات الأخرى، وبما يخالف مقاصد الشريعة الحنيفية السمحة الغراء ومرد ذلك إلى الجهل باللغة وفساد القصد. وأوضح أن قضية الجهاد أو القتال في القرآن الكريم والسنة النبوية من القضايا الخطيرة والتي يتهم فيها الإسلام ظلما وعدوانا من أعدائه الذين يتحينون الفرص للنيل منه والإساءة إليه، ويأتي هذا المقال لوضع الأمور في نصابها وفهم آيات القتال والجهاد فهما صحيحا بغير إفراط ولا تفريط، ومن ذلك: قوله تعالى {قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ } [التوبة: 14]. وفند المرصد الشبهة فى الآية قائلا "إن هذه الآية وردت في سياق متصل، وعزلها عن السياق الذي جاءت فيه هو سبب الخطأ في فهم هذه الآية قال تعالى {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ } [التوبة: 12، 13، 14]. فالأمر بالمقاتلة هنا ليس عاما، ولكنه متعلق بقوم نكثوا العهد، وطعنوا في الدين وأخرجوا المسلمين من ديارهم، وتربصوا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة. وما يتعلق بهذا المقام ضرورة التفريق بين "اقتلوا – وقاتلوا" فاقتلوا: أمر بإزهاق الأرواح، أما " قاتلوا " فهو لفظ من ألفاظ المفاعلة، وألفاظ المفاعلة بحسب الدلالة اللغوية تدل على مشاركة طرفين فهناك من يقاتل ظلما وعدوانا، وهناك من يقاوم هذا الظلم، وهذا يستفاد من التعبير بهذه الصيغة "قاتلوا"، وهذا هو فهم الأئمة لهذه الآية يقول الإمام الشافعي: "ليس القتال من القتل بسبيل فقد يحل قتال الرجل ولا يحل قتله" [1]. فإن لم تكن هناك ضرورة للحرب وتوقف الآخر عن قتال المسلمين سارع الإسلام إلى السلم أخذا بقوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال: 61]، وقوله صلى الله عليه وسلم "لا تقاتلوا إلا من قاتلكم" ذلك أن الإسلام يحب البقاء ويكره الفناء، وكشف القرآن الكريم عن هذا المبدأ وهو يوثق العلاقة بين القرآن والتوراة في حق الإنسان في الحياة، فقال تعالى: { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} المائدة:32. وأضاف المرصد، أن غايات القتال في الإسلام نبيلة فلا يشرع في الإسلام قتال لنهب الأموال واستعباد الأحرار ونشر الخراب والإرهاب في الأرض، وإنما يشرع القتال والجهاد في الإسلام لإحقاق الحق وإبطال الباطل، وإعلاء كلمة الله ورد عدوان المعتدين وحماية الدين والنفس والمال والعرض. وتتفق الشريعة الإسلامية مع سائر الشرائع الربانية في تشريع رد العدوان ومقاومة الظلم الواقع على المستضعفين في الأرض، إلا أن الشريعة قد اتخذت خطوات واسعة لتجنب الأضرار التي تنشأ عن المبالغة في رد العدوان فقال تعالى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194] وقال إن الإسلام يحث المسلمين على المسارعة في إنهاء الحروب والنزاعات بأسرع إشارة تظهر نية الخصم في الصلح والجنوح للسلم قال تعالى {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [الأنفال: 61]. وفي التعبير بقوله "وَإِنْ جَنَحُوا" أي مالوا إلى مسالمتك وترك الحرب[2]، دلالة على تشوف الشارع لحقن الدماء وإنهاء النزاعات؛ لأن الحرب لا تبقي ولا تذر. كما ورد النهي عن قتل النساء والأطفال والرهبان، فروي عن أَنَس بن مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا وَلَا صَغِيرًا وَلَا امْرَأَةً، وَلَا تَغُلُّوا، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ، وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»[5]. وأكد أن الذين يزعمون أن الإسلام يدعو إلى استحلال الدماء والأموال بغير وجه حق ضالون منحرفون، لديهم شذوذ في الرأي وتطرف في الفكر لا يتردد الأزهر الشريف في إعلان البراءة منه ومن الضالين المنحرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون. وأوضح أن تاريخ الإسلام والمسلمين صفحة ناصعة البياض، وإن سلوك بعض الجماعات المتطرفة هنا وهناك وصمة عار في جبينها، أما الإسلام فهو أسمى وأجل وأعظم من أن يتحدث باسمه متطرف أو منافق أو جاهل.