كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الانفلات الأخلاقي الذي صاحب وواكب وعاصر وعاشر ونافس الانفلات الأمني، حتى صرنا نسمع في عرض الشارع وطوله كلمات وعبارات تقشعر لها الأبدان، كلمات وعبارات تدل على انهيار أخلاقي تام، كلمات وعبارات كان نطقها وسماعها قديماً يعد من تاسع المستحيلات وكان ظلها يقود إلى إراقة الدماء وفتح أبواب الجبانة من ناحية وأبواب السجن من ناحية أخرى، كلمات وعبارات يباهي بها اليوم ناطقوها الذين لا يجوز احتسابهم من فئة أبناء آدم وربما تخجل بعض الحيوانات منهم إذا ما فكروا في الانتساب إلى فصيل حيواني. هذا ويمثل الخلل الأخلاقي المريع وجهاً رسمياً للدولة الرسمية زمن المخلوع، إذ إن وزراء بعينهم اتخذوا هدم كيان البلد الأخلاقي رسالة سامية مقدسة لابد أن ينجزوها على أكمل وجه، تسابق وزراء كل يهدم ما يستطيع في زمن قياسي حتى يرضى القائمون على سدة الحكم عنهم فيطيل من أعمارهم التخريبية في هذا البلد المنكوب الموكوس. إن وزيراً واحداً للتربية والتعليم التي نُكِبَت به إنما كان مسئولاً وبنسبة تفوق التصور في انهيارنا الأخلاقي، وزير كان ممن أنتجتهم آلة النظام المخلوع ورضا الهانم،وزير لا يمت للتربية والتعليم بصلة، طبيب أطفال قضى على أخلاق أطفالنا وأحالهم إلى ماكينة سباب وعنف و"قلة أدب"، وزير تصور أن التلميذ الطالب إنما هو ملاك لا يأتي بمنكر وفي الوقت ذاته تصور أن المعلم هو مصدر كل الشرور والانحلال، التلميذ في نظره على حق دائماً وبرئ دائما ولا يجوز اتهامه أما المعلم فهو متهم دائماً ومدان دائماً ولا يجوز تبرئته، التلميذ يتطاول ويسب ويلعن ويعتدي باليد وبرفقة الأهل والجيران على المعلم، والمعلم مخطئ ولابد من مجازاته وزير مسئول عن 90% مما هو موجود على أرض مصر من سفالات وبذاءات يتداولها الشارع المصري، إذ كانت حقبته معمل تفريخ الانهيار الأخلاقي في المؤسسة التعليمية،وزير صدعنا بقوله دوما"ولادي التلامذة"، ولاده الذين دللهم حتى أوجد بينهم فصائل منحلة قذرة لاتدين إلا بالخروج على كل ما هو منطقي وأخلاقي ومألوف للنفوس السوية، وزير لو تمت محاسبته على ما اقترفت يداه لقضى 7000 عام في السجن، وهي المدة التي عاشتها مصر كدولة وجاء الوزير ليلغي كل هذه القرون ويستبدلها بقرون من عنده، قرون تم تركيبها في رءوس أبنائه الطلاب فنطحوا كل ما هو جميل وداسوه بحوافرهم، ماذا أقول؟ لك الله يا مصر الوزراء الذين يأتون بإشارة إصبع أحمر شفاه تستخدمه سيدة القصر،هذا بشأن ما يتم تداوله من شتائم وسباب في البيت والشارع والمدرسة وكل المواقع، أما عن الانهيار الذي ينتجه التليفزيون فحدث ولا حرج،انهيار على قدم وساق على يد تليفزيون الريادة وهو إنتاج وزاري، أي على يد وزير أسس وقنن لتغييب الفضيلة والقيم والمثل العليا، وبذلك حملنا لواء الريادة في الوهن الأخلاقي والتحلل من القيم والمبادئ، ومن هنا ندرك أن وزيرين استطاعا هدم ما لا تهدمه خطط الشياطين الحمر والسود والفوشيا،وزيران يعيشان بيننا ولا ينقصهما إلا إقامة تماثيل لهما في كل بيت مصري تم هدم أركانه الأخلاقية.