* أستاذ عقيدة بجامعة الأزهر: * صلاة الجماعة من أفضل القربات إلى الله تعالى * حضور صلاة الجماعة عليه أجر حجة * صلاة الجماعة تمحو الخطايا وترفع الدرجات من فضل الله تعالى وحكمته أن شرّع للمسلم كثيراً من العبادات، تؤدى جماعات، وجعلها من أعظم الشعائر وأجل الطاعات، فيختلط المسلم بالناس والأفراد، ويبتعد عن العزلة والانفراد، ويزيل الهموم والمنغصات، فتهدأ نفسه وتقر عينه وترتفع المعنويات، والصلوات من أهم هذه العبادات، قال تعالى:{وَأَقِيمُواْ 0لصَّلوٰةَ وَآتُواْ 0لزَّكَوٰةَ وَ0رْكَعُواْ مَعَ 0لرَّاكِعِينَ} [البقرة:43]. ويجيب «صدى البلد» عن بعض الأسئلة التي تشغل الأذهان عن فضل صلاة الجماعة؟ وكيف حذر الإسلام من التهاون في أدائها؟ وكيف كان السلف الصالح حريص عليها؟ وما الوسائل المعينة على صلاة الجماعة؟. فضل صلاة الجماعة: أكدت الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن صلاة الجماعة من أفضل القربات التي يتقرب بها المسلم لرب الأرض والسماوات، لذلك ينال الأجر العظيم في الدنيا والآخرة. وأضافت «شاهين» ل«صدى البلد»، أن الله عز وجل يشهد لمن يحافظ عليها في المسجد بالإيمان والهداية، كما قال سبحانه: «إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَٰجِدَ 0للَّهِ مَنْ ءامَنَ بِ0للَّهِ وَ0لْيَوْمِ 0لاْخِرِ وَأَقَامَ 0لصَّلَوٰةَ وَءاتَىٰ 0لزَّكَوٰةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ 0للَّهَ فَعَسَىٰ أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ 0لْمُهْتَدِينَ» [التوبة:18]. وقالت أستاذ العقيدة والفلسفة: إنه في كل مرة تذهب إلى المسجد لحضور صلاة الجماعة، فإن لك من الأجر كأجر حجة، فقد روي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ» رواه احمد وأبو داود. ونوهت بأن المحافظ عليها كأنه في صلاة حتى يرجع إلى بيته، مستشهدة بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا توضَّأَ أحدُكُم في بيتِهِ ثمَّ أتى المسجدَ، كانَ في الصَّلاةِ حتَّى يرجعَ، فلا يقُلْ هَكَذا، وشبَّكَ بينَ أصابعِهِ» أخرجه الحاكم. ونبهت على أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد، مستدلة بما روي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». وفي رواية عن ابن عمر«بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». أخرجهما: البخاري وأحمد. وبيّنت أن الله تعالى يمحُو بصلاة الجماعة الخطايا، ويرفع بها الدرجات كما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أدلُكم على ما يمحو اللهُ بهِ الخطايا ويرفعُ بهِ الدرجاتِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ! قال: «إسباغُ الوضوءِ على المكارهِ، وكثرةُ الخطا إلى المساجِدِ، وانتظارُ الصلاةِ بعدَ الصلاةِ، فذلكمْ الرباطُ ». أخرجه: مسلم. واستطردت: أن أجر صلاة الفجر والعشاء جماعة كأجر من قام الليل كما روي عن عثمانُ بنُ عفانَ رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول: «من صلى العشاءَ في جماعةٍ فكأنما قام نصفَ الليلِ، ومن صلى الصبحَ في جماعةٍ فكأنما صلى الليلَ كلَّهُ». أخرجه مسلم وابن حبان، مضيفة وأما في الآخرة: فيستظل تحت ظل عرش الله، كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «سبعةٌ يُظِلُّهمُ اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه.... ورجلٌ قلبُه مُعَلَّقٌ في المساجدِ، ..» أخرجه: الشيخان. وتابعت: وللمصلي نور يوم القيامة: روي عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه الترمذي وأبو داود. واستكملت: أن الله تعالى أعد له مكاناً في الجنة، فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من غدا إلى المسجدِ أو راح، أعدَّ اللهُ له نُزُلًا من الجنَّةِ كلَّما غدا أو راح» متفق عليه، وكتب الله له براءة من النار والنفاق، كما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن صلَّى للهِ أربعينَ يومًا في جماعةٍ يدركُ التَّكبيرةَ الأولَى كُتبَ له براءتانِ براءةٌ من النَّارِ وبراءةٌ من النِّفاقِ» أخرجه: الترمذي. التحذير من التخلف عن صلاة الجماعة: وشددت الدكتورة إلهام شاهين على أنه إذا كان الإسلام أعطى الأجر الكبير لمن حافظ على صلاة الجماعة، فقد حذر أشد التحذير من التفريط في أدائها جماعة، حتى أثناء الحرب والخوف تقام صلاة الجماعة كما قال سبحانه: «وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ 0لصَّلَوٰةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ» [النساء:102]. وحذرت من أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عد المتخلف عن صلاة الجماعة وخاصة العشاء والفجر من المنافقين، مستشهدة بما روي عَن أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» البخاري ومسلم. ولفتت إلى أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يرخص في ترك الجماعة حتى للأعمى، مستشدة بما روي عَنْ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ الْمَدِينَةَ كَثِيرَةُ الْهَوَامِّ وَالسِّبَاعِ. قَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَحَيَّ هَلًا» أخرجه النسائي وأبو داود، مضيفة: وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدْ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» أخرجه أبو داود والنسائي. حرص السلف على صلاة الجماعة: وأكدت أنه لهذا الفضل العظيم لأداء الصلاة جماعة، والتحذير الشديد من التخلف عنها، كان السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين حريصين أشد الحرص على صلاة الجماعة، رجالا ونساء ولهذا شواهد منها: روي عن أم المؤمنين عائشةَ رضي الله عنها، قالتْ: "إنْ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليُصلِّي الصبحَ فيَنصرِفُ النساءُ متلفِّعاتٍ بمُروطهنَّ، ما يُعرَفْنَ من الغَلَس". متفق عليه وكشفت عن سعيد بن المسيب لم تفته صلاة الجماعة مدة أربعين سنة، وكان يقول:"ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد"، مضيفة أن ربيعة بن يزيد كان يقول: "ما أذن المؤذن لصلاة الصبح منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد إلا أن أكون مريضاً أو مسافراً". وسائل تعين على صلاة الجماعة: وقدمت الدكتورة إلهام شاهين، بعض النصائح التي تعين على صلاة الجماعة، منها: تنظيم الوقت ونشاطات الحياة حسب مواعيد الصلاة، مُصاحبة المصلين والصالحين، تجنب قرناء السوء، ومعرفة فضل وثواب صلاة الجماعة، إدراك خطورة التخلف عن صلاة الجماعة.