فى مؤتمره الصحفى الذى أعلن فيه نتيجة جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية، قال المستشار فاروق سلطان: "طلبنا من الجهات المعنية بالدولة إجراء تحقيقات وتحريات وافية وإمدادنا بالمعلومات حول قضية تسويد بطاقات الاقتراع لصالح أحد المرشحين"، وأضاف سلطان: "لم تجب علينا الجهات المعنية بالدولة، باستثناء جهة واحدة، أمدتنا بتحريات غير كافية، لم تتضمن من قام بتسويد البطاقات، وعدد البطاقات التى جرى تسويدها". انتهت إجابة رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية، وهو يتحدث عن موضوع لو أثبتته جهات التحقيق لتوجب إعادة الانتخابات بالكامل، أو إعلان أحد المرشحين خاسرا لو ثبت أنه، هو أو من معه من جماعته، وراء هذا التزوير. وحسب ما أعلن أيضا المستشار سلطان ضبط القضاة فى 15 محافظة أوراقا مسودة لصالح مرشح جماعة الإخوان محمد مرسي، مشيرا إلى إن إجمالى ما تم ضبطه بلغ نحو 2300 بطاقة مسودة لصالح مرسي تم استبعادها، وتحرير محاضر رسمية بها. ما لم يقله سلطان إن الجهة الوحيدة التى حققت فى موضوع البطاقات المسودة هى الشرطة، حيث شاركت الإدارة العامة للأمن العام، ومديريتا الأمن فى القاهرة والجيزة، ومديرا المباحث فى المديريتين، فى تحقيقات وتحريات مكثفة استمرت عدة أيام، وشملت خمسين من العاملين بالمطابع الأميرية. ما لم يقله سلطان أيضا أنه تم رفع تقرير واف للنيابة العامة يتضمن نتائج التحريات واستجواب العمال، ووضع الأمر أمام النيابة العامة، مرفقا بقائمة أسماء، ليس فقط المتهمين فى المطابع، وإنما من وقف خلفهم، ومن حرض ومن دفع أموالا لتسويد البطاقات وتزوير الانتخابات، لكن هذا التقرير لم يصل لجنة الانتخابات الرئاسية. ليس هذا فقط، لكن السؤال الأهم الذى لم يجب عليه سلطان: ما هى الجهات الرسمية فى الدولة التى خاطبتها اللجنة، وطلبت منها التحرى حول أكبر جريمة تزوير انتخابات، ليس فى مصر وحدها، وإنما ربما تكون الجريمة الأكبر والأبرز على مستوى العالم؟.. ثم لماذا صمتت هذه الجهات؟.. ولماذا امتنعت عن التحقيق؟.. وهل حققت ثم احتفظت بنتائج التحقيق دون أن تعلنها؟ مثل هذا الغموض المصطنع، يكشف بلا شك عن أن هناك جهات فى الدولة تعمدت إخفاء الحقيقة، لكن السؤال الأهم: لماذا أخفت الحقيقة؟.. وهل استخدمت كورقة مساومة فى لعبة السياسة القذرة التى تعيشها مصر الآن؟ الأكيد أن الشعب المصري الطيب كان مغيبا عن صناعة القرار قبل 25 يناير 2011، ثم أصبح بعدها ورقة يستغلها ويلعب بها البعض، ويصر آخرون على التعامل معنا باعتبارنا مغفلين أو فاقدى الأهلية، لكن حقيقة ما دار فى الانتخابات الرئاسية لن يتم إخفاؤه طويلا.. ولا بد أن تظهر الحقيقة فى يوم من الأيام.. تماما مثل كل ما جرى فى مصر منذ 25 يناير سواء فى الغرف المغلقة، أو تحت الموائد أو فى الصفقات القذرة.