هدأ الليل ، توسد القمر قلب السماء ، غلفه السحاب الرقراق ، شح الضوء المسكوب فوق البسيطة ، نام الخلق إلا عيون عبد القوى ، ظل يركض منذ أول الليل خلف الضفادع يهمس لها : يا ضفدع يا بنت ضفدعين .. ردى على "عبده" المسكين أم أنك تفضلينه من الطين . يمد يده فى المصرف يصطاد قرموطا يحاول التملص ، يتكوم بجوار الشادوف يبكى : - يا مسكين آكل القراميط لا الضفادع .. هم يحبونها ، أنا أكرهها كراهيتى لزمن مسيلمة . يصيح : مسيلمة نبيكم ولحمنا طعامكم يعلو صوت بكائه ، نغلق علينا دورنا نحاول النوم . عبد القوى من بلدتنا ، ولدنا وهو موجود والناس تموت . جلبابه بلون الأرض ورأسه مجدب ، وذقنه شعثاء . يقتات مع صيد الماء حشائش الأرض. نفسه تعاف خرج البيوت وهباتها. ينام على رأس البلدة ، يتوسد ذراعيه، يتغطى بعيدان من قش الأرز ، عيناه ضيقتان ثقابتان ، صوته الجهورى يخترق الصدر.. يسكن فيه . قليلون من يحاولون التقرب والحديث معه ، يخافون جرأته . ليلة .. طرق باب مجاهد بعد عودته من العراق صائحا : - الغربان أكلت فخذى زوجتك يا مجاهد وأنت فى الغربة تجاهد . زوجة مجاهد كادت تسقط وهى تستحم، لملمت فخذيها قبلت رأس زوجها منعته من الاعتداء عليه ، ولم تخرج من دارها حتى سافر ثانية . حول راكية النار ، حكايات وأقوال ، عبد القوى فاكهة السهرات . تمر الليالى ولسانه فى القرية يسعى ، علقت به عبارة واحدة يصيح بها كل مساء ( كيفما تكونوا يول عليكم). تطوع أبناء البلدة المتعلمون بكتابتها أينما يأمرهم عبد القوى. على حائط الجمعية ، المستوصف ، المدرسة ، دوار العمدة . اجتمع الناس لأول مرة يفكرون فى عبارة المجذوب الذى لم يعد ينطق غيرها ، نسى اللصوص والعاهرات .. لم يعد يعلق عليهم..فقط هذه العبارة تمر عبارته ليلا ، فى الصباح نجد المصارف مليئة بالكيماوى الفاسد ، وبقايا الأوراق المحروقة لأرقام لا نفهمها . ضقنا بصراخه ، وضاق بنا . برزت عظامه ، جحظت عيناه ، نقش داخلها (كيفما تكونوا يول عليكم) . فجأة دوت صرخة: عبد القوى راقد فى البركة ، ولسانه مقطوع.. ملقى فوق الأرض. حاولوا دفن اللسان مع جثة صاحبه ، كان قد التصق بالأرض ، نبتت جذوره وامتدت تسعى تحتها. أقاموا فوقه ضريحا من طين ، البعض يراه يتحرك فى المساء والآخرون يؤكدون أنهم يسمعون صوت صراخه فى الليل (كيفما تكونوا