خامس يوم العيد.. هل الثلاثاء إجازة رسمية؟    أسعار الذهب في بداية تعاملات رابع أيام عيد الأضحى المبارك    أسعار الفاكهة اليوم الإثنين 9 يونيو فى سوق العبور للجملة    17 و18 يونيو.. إجراء 3 قرعات علنية لتسكين العملاء بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    تراجع أسعار الذهب مع آمال التوصل لاتفاق تجاري بين أمريكا والصين    سعر الريال القطرى اليوم الإثنين 9-6-2025    البحرية الكورية الجنوبية تشارك في تدريبات متعددة الجنسيات بالفلبين    8 شهداء برصاص الاحتلال قرب مركز توزيع مساعدات برفح الفلسطينية    عقب تخطي إسبانيا.. البرتغال أكثر المنتخبات تحقيقًا لدوري الأمم الأوروبية    طقس شديد الحرارة اليوم الإثنين 9 يونيو 2025.. العظمى بالقاهرة 36 درجة    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    ضيوف الرحمن يختتمون مناسك الحج برمي الجمرات في ثالث أيام التشريق    حدائق "الزراعة" تستقبل أكثر من 33 ألف زائر في ثالث أيام عيد الأضحى    ضحى بحياته لإنقاذ الآلاف.. الحزن يخيم على الدقهلية بعد دفن شهيد الشهامة    التفاصيل الكاملة لحفل شيرين عبد الوهاب في ختام مهرجان موازين    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    تكثّف انتشار الفرق الطبية بالأماكن الساحلية والسياحية في عيد الأضحى    براتب 9400 ..إعلان 135 وظيفة شاغرة في قطاع الصيدلة و تسويق الأدوية    وزير الرى: رفع التصرفات المائية المطلوبة بالترع والحفاظ على المناسيب بالمصارف    إصابه قائد موتوسيكل ومصرع أخر إثر إصطدامه به في المنوفية    ياسمين صبري: لا ألتفت للمنافسة.. و"ضل حيطة" قصة تمس واقع الكثير من الفتيات    إصابة شرطيين خلال أعمال شغب في لوس أنجلوس الأمريكية    عاهل الأردن يؤكد ضرورة تكثيف الجهود للتوصل لتهدئة شاملة بفلسطين    لأول مرة.. رحمة أحمد تكشف كواليس مشاهد ابنها ب«80 باكو» (فيديو)    حديد عز يتجاوز 39 ألف جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 9-6-2025    الجيش الروسي يسقط 24 مسيرة أوكرانية    ليفاندوفسكي: لن ألعب لمنتخب بولندا تحت قيادة المدرب الحالي    6 مواجهات في تصفيات كأس العالم.. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «الوصول لأبعد نقطة».. ماذا قال خوسيه ريبيرو بعد خسارة الأهلي أمام باتشوكا؟    صحة المنيا: 21 مصابًا ب"اشتباه تسمم" يغادرون المستشفى بعد تلقي الرعاية    نقابة الأطباء بعد واقعة طبيب عيادة قوص: نؤكد احترامنا الكامل للمرضى    "لن يعود حيا" .."أبو عبيدة" يكشف محاصرة الاحتلال لمكان تواجد أسير إسرائيلي    «أسطول الحرية»: القوات الإسرائيلية تختطف المتطوعين على السفينة «مادلين»    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد» الاثنين 9 يونيو    ضحى بحياته لإنقاذ المدينة.. مدير مصنع "يوتوبيا فارما" يتبرع بنصف مليون جنيه لأسرة سائق العاشر من رمضان    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    منافس الأهلي.. قفازات كوستا تقود البرتغال إلى لقب دوري الأمم الأوروبية (فيديو)    اتحاد العمال: مصر فرضت حضورها في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    جنود إسرائيليون يحاصرون السفينة «مادلين» المتجه إلى غزة    وزارة الأوقاف تقيم أمسية ثقافية بمسجد العلي العظيم    أوربان يتعهد بالاحتفال حال انتخاب لوبان رئيسة لفرنسا    بعد تصديق الرئيس السيسي.. تعرف على عدد مقاعد الفردي والقائمة لمجلسي النواب والشيوخ بالمحافظات بانتخابات 2025    بدون كيماويات.. طرق فعالة وطبيعية للتخلص من النمل    مكسل بعد إجازة العيد؟ إليك نصائح للاستعداد نفسيًا للعودة إلى العمل    تريزيجيه يضع بصمته الأولى مع الأهلي ويسجّل هدف التعادل أمام باتشوكا.    تامر عاشور: أتمنى تقديم دويتو مع أصالة وشيرين    باتشوكا يتقدم على الأهلي بهدف كينيدي    أسماء ضحايا حادث انقلاب ميكروباص ترعة الدقهلية    4 أبراج «بيشوفوا الأشباح في الليل».. فضوليون ينجذبون للأسرار والحكايات الغريبة    بشكل مفاجئ .. إلغاء حفل لؤي على مسرح محمد عبد الوهاب بالإسكندرية    مكونات بسيطة تخلصك من رائحة الأضاحي داخل منزلك.. متوفرة لدى العطار    وكيل صحة سوهاج: تقديم الخدمة الطبية ل8 آلاف و866 مواطنا مؤخرًا بمستشفيات المحافظة    حدث بالفن | شيماء سعيد تستعيد بناتها وحلا شيحة تحلم ب يوم القيامة    خالد عيش: خروج مصر من قائمة ملاحظات العمل الدولية للعام الرابع يعكس الالتزام بالمعايير الدولية    فضيلة الإمام الأكبر    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكارو والمرسيدس .. رحلة لتتبع حداثة لم تكتمل في المشهد الثقافي المصري
نشر في صدى البلد يوم 28 - 03 - 2015

"الكارو والمرسيدس.. حداثة لم تكتمل" .. العنوان قد يشي بشيء من مضمون الكتاب ولكنه خادع من حيث أنه لا يعقد مقارنات بين غني وفقير أو سيارة مرسيدس وعربة بدائية تجرها الدواب (الكارو) ولكنه يصف تجاور حالتين اجتماعيتين- محدثة مجلوبة من الخارج وتقليدية بدائية.
الكتاب للباحثة الدكتورة هبة شريف صدر قبل نحو شهرين يحاول تتبع مسيرة التحديث الرسمية المصرية والنتائج الواقعية لعملية التحديث هذه على الأرض مع التركيز الشديد على المشهد الثقافي في مصر.
تقول الكاتبة في مقدمة الكتاب إن المجتمع في مصر لم يصبح مجتمعا حديثا تماما رغم أن به العديد من الناس الذي يتحدثون اللغات الأجنبية ويقودون السيارات ويجيدون التعامل مع كل مكتسبات المجتمعات الحديثة.. "مجتمع ما زال لم يتخط تماما طور المجتمعات التقليدية.. مجتمع مهجن بين الحديث والقديم.. أو هو حديث "حداثة منقوصة" لم تكتمل كل أركانها بعد."
هذه هي الفكرة الرئيسية في هذا الكتاب الذي يتناول أيضا فكرة الحداثة المنقوصة وانعكاساتها على المشهد الثقافي في نخبته. ويعرض للحالة الثقافية في البلاد بالقول إن مصر بها العديد من المثقفين ولكنهم عاجزون عن التقدم بالمجتمع نحو الحداثة، ومصر بها العديد من المؤسسات والكيانات الثقافية مثلها مثل أي دولة متقدمة في العالم. ويسأل "لماذا لم تتحول مصر إلى دولة حديثة فعلا؟"
ترى الكاتبة أن العبور إلى الحداثة هو أساس الصراع الدائر في مصر الآن. "صراع ثقافي شرس بين القديم والجديد أي بين التراث والحداثة بلغة المثقفين."
يقول الكتاب إن الثقافتين نشأتا عبر التاريخ بسبب الاستعمار أو البعثات الخارجية والمدارس الأجنبية والإرساليات. والثقافتان هما: ثقافة الحكام والنخبة المنبهرة بالثقافة السياسية الأوروبية والغربية و ثقافة الأغلبية وهي الثقافة التقليدية وقيمها التي تقف أحيانا نقيضا للثقافة الأوروبية.
تقول الكاتبة هبة شريف وهي أستاذ سابق في الأدب الألماني بجامعة القاهرة إنه عبر التاريخ سارت عمليات التحديث "بطريقة غير منظمة إلى حد كبير واعتمدت على أسلوب أقرب إلى التجريب العشوائي.. و كان اختيار قيم الحداثة وفرضها انتقائيا إلى حد كبير وفقا للأهواء السياسية للحكام."
ففرض طرق الإدارة الحديثة في عهد محمد علي أو الاشتراكية في عهد عبد الناصر "لم يصاحبه استعارة قيم الحداثة الأخرى مثل الحرية والديمقراطية والمساواة أمام القانون.. لأن هذه القيم كانت ستهدد طبعا النظام السياسي من أساسه."
ولكن بتغير هوى الحكام السياسي والأيديولوجي تغير الواقع تغيرا سريعا فشهدت مصر عدة مراحل من التطور المجتمعي. ونتيجة للتطلع إلى تحقيق المجتمع الحديث واللحاق بركب المدنية ظهر مفكرون مثل أحمد لطفي السيد أو فرح أنطون أو قاسم أمين ومحمد عبده حاولوا من خلال كتاباتهم التعريف بأفكار الحداثة التي يبغون تحقيقها. "ومع ذلك ظلت تلك الأفكار مقتصرة على النخبة وعلى العاصمة."
ومع ظهور نظام عبد الناصر أصبح التعليم مجانيا وأتيحت بذلك فرص كبيرة لطبقات محرومة للارتقاء مجتمعيا. ولكن "رغم ذلك لم يتحقق حلم مصر الحديثة.. فأصبحت الدولة تتحكم في مصائر البشر.. وأممت مثلا كل الصحف ومعظم دور النشر.. وانحسر الخطاب الذي كان من قبل متنوعا ما بين إسلامي وليبرالي واشتراكي وشيوعي ليصبح خطابا رسميا واحدا اختزل الحرية والتقدم في التحرر من الاستعمار."
"ومع تغول الدولة الشمولية صاحبة الصوت الواحد والرأي الواحد فقد رضي المفكرون المصريون بتنحية أفكار التجديد التي كانت تنادي بالديمقراطية والحرية لصالح هذا الخطاب الأوحد." وصار المثقفون المصريون جزءا من دائرة المستفيدين من النظام الحاكم بسبب تشابك مصالحهم مع مصالح الدولة.
وترى الكاتبة أن عقد التسعينات شهد اتجاها إلى الخصخصة واقتصاد السوق.. فتغير المجتمع المصري بصورة خاصة تبدلت فيها الرؤى والمواقع أكثر من مرة وبسرعة بشكل لم يتح للمجتمع أن يستوعب نتائج كل تجربة بشكل عميق.
وتخلص إلى أن شكل الحياة الحديث لم يقض تماما على الشكل القديم.. فنشأت "حداثة هجينة أو منقوصة". وتسوق الكاتبة مثالا هو فيلم قنديل أم هاشم (المأخوذ عن رواية يحيى حقي) حيث يخلص الطبيب الذي تلقى تعليمه في الخارج إلى أنه لا بد أن يستوعب ما هو موجود إلى جانب ما هو علمي.
فالحداثة في مصر "حداثة منقوصة" لم تتحقق لأنها لم تدخل في نسيج المجتمع المصري بل فرضت عليه فرضا من قبل النخبة الحاكمة.
وفي وقتنا هذا فهم القطاع الإعلامي الخاص أن مزاج المصريين الثقافي شديد التنوع فلم يقتصر على تقديم منتج يعكس خطابا واحدا موجها إلى المثقفين الذين يصبون جام غضبهم على هذا القطاع "لأنه لا يرتقي لمستواهم".
وفهم القطاع الإعلامي الخاص أيضا أن الأصل هو إتاحة جميع المنتجات وليس منعها وأن الأفضل إتاحة جميع المنتجات الثقافية المختلفة لأن الجمهور ليس فصيلا واحدا إسلاميا أو تنويريا ولا تيارا واحدا ولا نخبويا فقط ولا شعبيا فقط. الجمهور المتلقي للمنتجات الثقافية المصرية هو خليط من هذا كله.
والدافع في هذا أن المحطات الخاصة تعتمد في دخلها إلى حد كبير على الإعلانات المقترنة بنسبة المشاهدة العالية. وبالتالي كان لزاما عليها أن تخاطب شرائح متعددة من المجتمع المصري... لأن هذه القنوات تبنت مفاهيم السوق الحداثية المبنية على استراتيجيات جذب المشاهد فقد اختلفت البرامج الدينية التي تقدمها اختلافا جوهريا في الشكل والمضمون.
وتشير الكاتبة إلى أن الإعلام الخاص في مصر يملكه رجال أعمال لهم مصالحهم وحساباتهم مع السلطة الحاكمة. لكن هذا القطاع الإعلامي يعيش على الإعلانات وعلى نسبة المشاهدة. فإذا لاحظ تراجعا في نسبة المشاهدة يبدأ يغير من سياساته باستثناء بعض القنوات التي أنشئت لهدف معين.
فالمشاهد في النهاية هو الذي يضغط على هذه القنوات لتغيير خطابها. وذلك بخطوة بسيطة هي أن ينصرف عن مشاهدة هذه القنوات.
تنتقل الكاتبة من مرحلة إلى أخرى لتبين أن محاولات التحديث الفوقية لم تأت بثمار نتيجة لتفريغها من مضمونها الذي يعتمد بالأساس على الحرية والديمقراطية والمساواة أمام القانون. وترصد أن النخبة المثقفة انحازت للسلطة تارة ولاذت بالتعالي عن أذواق الناس تارة أخرى ورسمت حدودا بين ما هو راق وهابط تارة ثالثة متسلحة بعلم وثقافة ومعرفة باللغات وغير ذلك.
وتفرد الكاتبة جزءا من كتابها لرصد مشهد انتفاضة يناير كانون الثاني 2011 من الزاوية الثقافية. وتتساءل: هل يختفي الخطاب المتنوع الذي ظهر بعد الثورة معبرا عن كل الأفكار التي تدور في المجتمع المصري بتياراتها المختلفة ليتم فرض خطاب رسمي واحد في استدعاء صريح لنفس سيناريو الخمسينات الذي أضر كثيرا بمسيرة الحداثة في مصر؟
وعلى الرغم من أن الكتاب صغير في حجمه ( 109 صفحات) وهو من القطع الصغير إلا أن الكاتبة تناقش التطور التاريخي لتجليات محاولات التحديث وترسم صورا دقيقة مصحوبة بأمثلة واقعية لما آل إليه المشهد بعد كل ما مر على مصر.
وترصد الكاتبة أن المشهد الثقافي المصري يملك شكل المشهد الثقافي الحديث ولكن لا يملك مضمونه. فمضمون المشهد الثقافي الحديث هو حرية التعبير ودعم قوي للمبدعين وبنية تحتية جيدة وكوادر ثقافية مؤهلة وطرق إدارة حديثة ومساواة في توفير الفرص وإتاحة المنتجات الثقافية للجمهور بشكل عادل وشفافية في اختيار المبدعين والرقابة والتقييم.
وتؤكد الكاتبة في كتابها الصادر عن دار سلامة للنشر والتوزيع أن إتاحة الفنون بجميع أنواعها هو أساس حرية الاختيار فكل جماعة أو مجموعة من البشر تختار من المعروض ما يلائم ذائقتها ويلائم احتياجاتها. فالجمهور ليس مجموعة واحدة وليس كتلة واحدة يمكن تشكيلها طبقا لذوق النخبة.
وتختم الكاتبة كتابها الشيق بالتساؤل: هل يعد هذا مؤشرا على أن المجتمع المصري لا يناسبه شكل الحداثة كما هي موجودة في مجتمعاتها؟ أم أن الحداثة هي شكل من أشكال التطور الإنساني العام يمكن تحققها في مجتمعات مختلفة شرط تحقق شروطها كلها وشرط أن تكون الحداثة هي النتاج الطبيعي لتطور هذا المجتمع وحركته؟
الكتاب شيق للغاية وصعب اختزاله في عرض صغير وهو في الوقت نفسه ممتع ومبسط إلى أقل درجة ولا يصعب على القارئ العادي فهم مضمونه وتدبره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.