رئيس «النواب» ينتقد تغيب وزيري المالية والتخطيط خلال مناقشة الموازنة: لا نقبل الأعذار    وزير الكهرباء يبحث مع وفدا بنك الاستثمار والاتحاد الأوروبيين سبل التعاون    خلال مؤتمر أخبار اليوم العقاري.. منير: لدينا 104 ألف وحدة إسكان سياحي    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    وزير الزراعة يفتتح ورشة العمل الأولى لتنفيذ استراتيجية إعلان كمبالا للبحث والتطوير الزراعي في أفريقيا    الضربة الإسرائيلية لإيران| وكالة الطاقة الذرية: لم تقع أضرار أخرى في منشآت التخصيب الإيرانية    ميدو: الأهلي أضاع فرصة التأهل.. وزيزو غير جاهز بدنيًا    صور لانهيار منزل بالطوب اللبن من 3 طوابق في قنا    انخفاض طفيف بالحرارة.. تفاصيل حالة الطقس والظواهر الجوية المتوقعة    محافظ سوهاج يدعو المواطنين للإبلاغ عن وقائع الغش في امتحانات الثانوية العامة بالأدلة    وكيل قطاع المعاهد الأزهرية لشئون الامتحانات: لجنة الفيزياء مستمرة.. وتصحيح عشوائي لقياس دقة الشكاوى    اليوم.. محاكمة 29 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية فى المقطم    في أول زيارة لماسبيرو.. "المسلماني" يستقبل هدى نجيب محفوظ قبل افتتاح استديو نجيب محفوظ    قصر ثقافة أبو سمبل يشهد انطلاق برنامج "مصر جميلة" لاكتشاف ودعم الموهوبين    بعد أزمة تواجدها في العراق.. إلهام شاهين: أخيرا هنرجع مصر    الصحة: إصدار 19.9 مليون قرار علاج مميكن من الهيئة العامة للتأمين الصحي خلال عام    جبهة داخلية صلبة في ظل تحديات إقليمية متصاعدة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 16 يونيو 2025    بعد ليلة دامية.. صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    مستقبل صناعة العقار في فيلم تسجيلي بمؤتمر أخبار اليوم    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    الإعدام شنقا لجامع خردة قتل طفلة وسرق قرطها الذهبى فى العاشر من رمضان    وزير التعليم العالى: بنك المعرفة المصري تحول إلى منصة إقليمية رائدة    معلق مباراة الأهلي: الحماس سبب تريند «تعبتني يا حسين».. والأحمر كان الأفضل (خاص)    السيسي لا ينسي أبناء مصر الأوفياء.. أخر مستجدات تكريم الشهداء والمصابين وأسرهم    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    شام الذهبي تطمئن الجمهور على نجل تامر حسني: «عريس بنتي المستقبلي وربنا يشفيه»    حكم الصرف من أموال الزكاة والصدقات على مرضى الجذام؟.. دار الإفتاء تجيب    "علوم جنوب الوادي" تنظم ندوة عن مكافحة الفساد    صيف 2025 .. علامات تدل على إصابتك بالجفاف في الطقس الحار    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    تفاصيل إنقاذ مريض كاد أن يفقد حياته بسبب خراج ضرس في مستشفي شربين بالدقهلية    موريتانيا.. مظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي على إيران وغزة    تنسيق الجامعات.. اكتشف برنامج فن الموسيقى (Music Art) بكلية التربية الموسيقية بالزمالك    مستشار الرئيس للصحة: مصر سوق كبيرة للاستثمار في الصحة مع وجود 110 ملايين مواطن وسياحة علاجية    استكمالا لسلسلة في الوقاية حماية.. طب قصر العيني تواصل ترسيخ ثقافة الوعي بين طلابها    ترامب يصل إلى كندا لحضور قمة مجموعة السبع على خلفية توترات تجارية وسياسية    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    إعلام إسرائيلى: تعرض مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب لأضرار جراء هجوم إيرانى    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    انقطاع خدمات الاتصالات في جنوب ووسط قطاع غزة    سعر الذهب الآن وعيار 21 اليوم ببداية تعاملات الاثنين 16 يونيو 2025    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    رئيس جهاز حماية المستهلك يلتقي وزير الطيران المدني لبحث سُبل التعاون بين الجانبين    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    مدرب بورتو: التعادل أمام بالميراس نتيجة عادلة.. وكنت واثقا من تألق كلاوديو راموس    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    فيديو.. الأمن الإيراني يطارد شاحنة تابعة للموساد    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    عمرو أديب: كنت أتمنى فوز الأهلي في افتتاح كأس العالم للأندية    فينيسيوس: نسعى للفوز بأول نسخة من مونديال الأندية الجديد    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    موجة جديدة من الصواريخ الإيرانية تنطلق تجاه إسرائيل    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في عام الثورات الجماهيرية التي تزحف بالملايين
المثقف:موجود..غائب..أم سيولد بعد قليل؟
نشر في أخبار الأدب يوم 31 - 12 - 2011

من الاسئلة التي يطرحها عام الثورات العربية، سؤال عن دور المثقف، فالتحركات الشعبية التي اسقطت انظمة مصر وسوريا وتواصل هز باقي الانظمة العربية، لم يقم بها اعضاء حزب معين او حتي مجموعة احزاب، ولم يكن لها قيادة تضع لها الخطط والسيناريوهات، وايضا لم يكن لها طائفة من المفكرين أو المنظرين الذين مهدوا لها، بالتأكيد لعبت الصحافة الخاصة دورا في تعبئة المشاعر طوال السنوات الفائتة، وكتب الكثير في انتقاد نظام المخلوع، لكنها كانت في الاغلب كتابة سلبية اي تكتفي بالانتقاد الذي لم يصل في احيان كثيرة لدرجة النقد ولكنها لم تكن تطرح افقا يمكن الاسترشاد به في تحرك ثوري، لم تشهد البلاد العربية الثائرة مجموعات مثل الشيوعيين في روسيا قبيل الثورة البلشفية، ولا مجموعة مفكرين مثل مفكري التنوير الفرنسيين، ولم تفرز حتي الان مجموعات مثل افرازات حركة 1968 الفكرية. بالتأكيد شارك الكثير من الكتاب والفنانين والمبدعين في كل أحداث العام الفائت لكن كانت المشاركة كمواطنين، وليس بصفة "المثقف".
الحلقة الوسيطة
اذن هل أنهت الثورات العربية الدور المفترض للمثقف؟ أم أن الظرف الحالي الذي يمر به العالم حيث أتاح التطور التكنولوجي عبر شبكات التواصل الاجتماعية ل"الجماهير" الاستغناء عن "القائد" او "الطليعة"؟ أم أن المثقفين الحاليين هم بشكل ما أو بأخر أبناء منظومة فكرية سابقة حتي لو كانوا ضدها- وبالتالي كانت علاقتهم ب"الثورة" طوال الوقت عبر الكتب ورؤية حروفها مرسومة في الكتب "الثورية" فلما أصبحت واقعا تجاوزتهم الاحداث.
أنور مغيث استاذ الفلسفة بجامعة حلوان كان قد أعد أطروحة الدكتوراة عن كيفية استقبال الشباب المصري للافكار الماركسية، بدأ حديثه بتقسيم ادوار المثقف تاريخيا حيث بدأ بالمثقف الثوري المنحاز والذي هو "حلقة وسيطة" بين العمال والافكار الثورية، كما عرفه لينين حيث ينتقل الوعي الثوري من خلال فئة المثقفين إلي الطبقات الكادحة، وبالتالي يمكن أن تقوم الثورة، أو في صورة أخري وهي صورة "المثقف العضوي" الذي يتمثل أفكار طبقته ويصبح لسان حالها والمعبر عن افكارها ووعيها ومصالحها ورؤيتها للعالم.
ثم يأتي جان بول سارتر بتصور جديد للمثقف والذي لا يفترض فيه ان يكون منحازا للطبقة العاملة، ولكن الاهم هو ان يصبح هذا المثقف "صوت الضمير الانساني" وبالتالي ينحاز للقيم الانسانية ويدافع عنها ويتحمل تبعات هذا الدفاع.
ابن الدولة
من زاوية اخري يحلل
شريف يونس أستاذ التاريخ بجامعة حلوان تاريخ "المثقف الحديث" في مصر حيث يري انه ابن الدولة بشكل عميق، فلم يأت هذا المثقف تاريخيا مما يسمي "المجتمع المدني" وإنما كان ابن تحديث من أعلي أجراه محمد علي وخلفاؤه.
لذا يعتبر المثقف نفسه شريكا في السلطة، قد يكون شريكا مغبونا أو ساخطا.. ولكنه شريك. وموضوع هذه الشراكة هو "النهضة"، أي قيادة سكان يُفترض فيهم أنهم ركام متبق من الماضي، شبه همجي، يجب نقله إلي الحداثة أو التقدم أو التحضر أو أي مرادفات مشابهة. وبالتالي المثقف حين يعارض تكون معارضته للدولة، يدور حولها ويحاول توجيهها أو هدمها. هذا الوضع أو هذه التركيبة تجعل التغيير الحقيقي يأتي دائما من خارج نطاق الثقافة.. من هوامش يكون موقف المثقف منها عادة هو إدانتها لأنها "منحطة" "منحدرة المستوي"، "عامية"، "سوقية". ولكن بطبيعة الحال المجتمع أقوي من المثقف.. لذلك يظهر جيل جديد من المثقفين يكون أقدر علي تذوق ما اعتبره المثقف من الجيل السابق انحطاطا. ربما كان ذلك أحد الأسباب التي تجعل صراعات الثقافة تتخذ شكل صراعات أجيال.
نتيجة أخري يراها شريف نتيجة لذلك، أن المثقف يلحق دائما بالثورة حتي ولو كان ينادي بها نظريا. لأنه ببساطة لا ينتمي إلي قوي التغيير حقا. هو قوة محافظة في الأساس، مع استثناءات هنا وهناك، تكون عادة غير معترف بها في الثقافة. ويستنتج شريف من كل ذلك أن "المثقف الطليعي" كان فقط طليعة بقدر ما يكون أداة تعمل من داخل الدولة.. أما كطليعة ثورية فلا يكون كذلك إلا من وجهة نظر نفسه. فقد ظلت الهوة متسعة بين "العامة" و"النخبة المتعلمة" عموما والمثقفين خصوصا.

القفز من أعلي
بينما يري شريف أن "المثقف العضوي" بالتعريف يختلف تماما عن المثقف بالمعني المصري والعربي. المثقف العضوي يأتي من أسفل، وهو مثقف بقدر ما تكون له رؤية قادمة بالضبط من مجتمعه الخاص، ويقود ناسه لأنه يعرفهم ومنهم، لا بطريقة التعبير عن "الأمة" في مجموعها من أعلي. المثقف هذا قد يكون عاملا في مصنع أو موظفا في شركة أو أحد سكان حي. وليس شرطا أن يكون قد قرأ الكثير من الكتب، ولكن لديه القدرة علي قراءة الواقع المحيط به وإفادة ناسه بقراءته.
المثقف العضوي بهذا المعني موجود وكان دائما موجودا.. ولكن النخبة أثبتت دائما عجزها عن التواصل معه، مكتفية بأحلامها بالتواصل التي كتبتها في مسلسلات التليفزيون "الثورية" و"اليسارية"، ولكن القفز علي المجتمع من أعلي تليفزيون الدولة ليس فيه أي شيء "عضوي"، سوي عضوية هذه الفئة الاجتماعية في مشروع التحديث من أعلي.
المثقف العالمي
لكن بالنسبة لمغيث غيرت الثورات العربية مفهوم "المثقف الطليعي" تماما، فالمثقف الان لم يعد منفصلا عن باقي المجتمع، وانما اصبح الدور الذي يلعبه المثقف يتمثل في اعادة صياغة المجتمع وفقا لمجموعة من المعايير تسمح بعد ذلك بالاحتجاج، فالمثقف هنا يقوم بوضع بذور معينة والعمل الي دفعها بشكل اعمق كي تتمكن من النمو فيما بعد. ويضرب مغيث مثلا بفكرة التمييز ضد المرأة، فالمسألة تبدأ بكتب وأفكار تؤهل المجتمع لاستيعاب دور المرأة فيما بعد، انطلاقا من هذه الرؤية يؤكد مغيث علي أن دور المثقفين يتعاظم هذه الفترة، فهم الذين يدفعون باشكال عدة جدار القهر والديكتاتورية، لم يعد الدور الان للمنظمات الاممية العابرة، ولكن للمثقفين الذين يتحدون معا عبر بلدانهم ويتضامنون ويعملون علي قضايا واحدة عبر العالم.
وجاءت الثورة لتضع الأمور في نصابها بالنسبة ليونس. إذ كشفت بجلاء أن المثقف ليس قائد الأمة، والثقافة ليست هي القيادة.. وإن كان المتظاهرون بالطبع قد استفادوا من التراث الثقافي السائد، من ضمن التراثات التي استفادوا منها. بالعكس، كان من شأن تراث الوصاية الطويل المسمي "المثقف الطليعي" أن كره الناس كل قيادة.

إعادة إنتاج
الباحث السياسي الشاب عمر عبد الرحمن يري الامر من زاوية مقاربة لشريف يونس حيث يري أن أحد أبرز مفارقات الثورة المصرية أنها أعادت للحياة شعارات حقبة التحرر الوطني الكلاسيكية كمطالب جماهيرية ملحة في الوقت الذي كانت هذه الشعارات الكبري- وما يرتبط بها من دور للمثقف الوطني- محل نقد وتفكيك دائمين.
ويأتي "مثقف التحرر الوطني" كأحد أهم منتجات التحرر الوطني التي كانت عرضة للتفكيك والنقد، مثقف التحرر الوطني ذاك كان بمثابة المتحدث الرسمي باسم هذه الجماعة الوطنية الوليدة، وهو لا يستمد سلطته من حقل معرفي بعينه ولكن من خلال قدرته علي النفاذ المباشر لهوية هذه الجماعة التي لاتتاح لغيره إذ يبدو هو الوحيد القادر علي هذه الرؤية الشاملة التي تتحدي التخصص العلمي الدقيق، ويقع علي عاتق هذا المثقف مهمة تمثيل هذه الهوية وبناءها عبر طيف واسع من الأشكال التعبيرية. هذا النموذج كان حاضراً ومهيمناً عبر جناحي الوطنية المصرية المحافظ/الإسلامي أو الليبرالي/اليساري..والخلاف بين مثقفي هذه التيارات كان يمتحور حول تصوراتهم عن هوية الجماعة الوطنية تلك. ومع نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة كانت سلطة هذا المثقف نفسها علي المحك، فبدأت الإتجاهات مابعد البنيوية تفعل فعلها علي الجانب الليبرالي واليساري لتعيد تشكيل المشهد الأدبي والنقدي وكذلك لتتداخل مع اتجاهات البحث الأكاديمي.وعلي الجانب الإسلامي كذلك أضحت فكرة مشروع إعادة تأهيل المجتمع علي الطراز الإسلامي بالاستناد حصرياً علي جهاز الدولة محل تشكك أخذاً في الاعتبار الفشل الذريع لمشاريع مشابهه في إيران والسودان..وبدأت حساسيات جديدة في الظهور داخل المعسكر الإسلامي تتحدي هذا النموذج الكلي لصالح صورة أقرب للمشروع الإسلامي مع نهاية القرن التاسع عشر- أي مشروع ديني إصلاحي يشتغل علي جسم المعرفة الإسلامية نفسها وليس مذهباً أيديولوجياً أو برنامج عمل يحمل أصحابه للسلطة، انظر لنماذج مثل هبة رؤوف عزت مثلاً".
تبادل الآدوار
الباحث والمدون الشاب عمرو عزت يري الموضوع من زاوية مختلفة فبالنسبة له الثورة والحركة الجماهيرية التي تتقدم وتنحسر هي علي عكس المتوقع فيها أكبر عدد من "المثقفين" ولكن بمعني مختلف. هناك قدر واسع من التعبير وإنتاج الأفكار والأشكال الفنية المختلفة عبر وسائط كثيرة يشكله العديد من الشباب المتعلمين والمستهلكين بكثافة لأشكال كثيرة من الفن والأدب والمنتجين لها في الوقت نفسه.
جيوش من الشباب الذي يكتب، يرسم، يصوّر، ينتج الفيديو، يناقش ويطور الأفكار والأيديولوجيات. هذا الزخم يحجب صورة "مثقف" بعينه أو "مثقفين" بعينهم يتصدرون المشهد بوصفهم مثقفين طليعيين أو حتي مثقفين عضويين.
وعن الدور الذي يلعبه التدوين كمفجر أو محرض ثوري يري عزت أن التدوين باعتباره الفكرة البسيطة للإنتاج والاستهلاك بدون وسطاء أو رقابة أو قولبة أصبح سمة لتداول المعلومات والأفكار، فكرة "المدوّن" حتي نفسها تتواري لصالح جمهور من المدونين والمتابعين لبعضهم البعض. الأمر طبعا ينطوي علي مراكز تأثير ومبادرة ذات قدرة أكبر من غيرها علي لفت الأنظار والإلهام، ولكن ذلك أيضا لحظي ومرتبط بموقف معين. فكرة "الدور" - دور المثقف أو دور السياسي- تتغير لصالح تبادل أدوار مستمر يحدث في الشارع. ويتابع عزت "أنا نفسي أقوم أحيانا بدور الصحفي، الحقوقي، المسعف، المدوّن، المحرّض، الكاتب، المصوّر الفوتوغرافي، مصوّر الفيديو، المتظاهر ،المعتصم، الناشط الحزبي/ عضو حركة شبابية/ عضو مجموعة فكرية، جندي المشاه الواقف ضمن حشود، مشارك في رمي الحجارة، وأحيانا التفلسف علي هامش الثورة."
المباغتة
تأتي الثورة في وجهة نظر عبد الرحمن لتباغت الطرفين الاسلامي والليبرالي..وهي وإن انطلقت شراراتها الأولي عبر شبكات لا تتمحور حول مركز واحد ولا تعرف وجوهاً ثقافية معبرة عن توجهاتها إلا أنها سريعاً ما اصطدمت بالأسئلة الكلاسيكية السابق الإشارة إليها خصوصاً مع الاتجاه لكتابة دستور جديد "للأمة"... بعبارة أخري اصبحت تلك القوي مطالبة بالاشتباك مع أسئلة ليست معدة إليها وكلها تسبطن وتستدعي نفس الموقع الكلاسيكي للمثقف الذي تمردت عليه هذه القوي الفاعلة..وبالتالي لم يكن من قبيل المصادفة أن يتصدر مشهد الجدل العام غداة رحيل مبارك الوجوه الثقافية الأكثر تقليديةً ومحافظةً سواء من المعسكر الإسلامي أو من المعسكر الليبرالي كيحيي الجمل مثلا (أو حتي كتّاب كعلاء الأسواني) إذ أنها الوحيدة المؤهللة للتعامل مع تلك الإشكاليات..وهنا يصبح هذا المثقف النقدي المنتمي للعقد الماضي- أو عقد ماقبل الثورة- أياً كانت توجهاته في مواجهة سؤال مصيري: إما استكمال المسار الذي بدأه باتجاه التوحد مع حالة الأقلية أو اتخاذها هدفاً استراتيجياً..أي إعادة التفكير في موقع المثقف من الأصل وقلب المسألة رأساً علي عقب ليصبح المثقف حُكماً منتمياً للهامش بعد أن كان مركز الخطاب الوطني في كافة طبعاته..بعبارة أخري تصبح مهمة المثقف هي تأسيس هامش لكل متن جديد يبزغ..أو أن يعيد هذا المثقف التفكير في موقعه مرة أخري باتجاه إحياء خطاب وطني ديمقراطي يقدم رؤية بديلة للجماعة الوطنية في تأسيسها الثاني من خلال الصراع مع رؤي التيار الإسلامي المهيمنة..ويصبح لزاماً عليه بالتالي تقديم صياغات "معقولة" و"ممكنة التحقق" للسياسات التعليمية أو الفنية مثلاً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.