في كل مرة أرى حلقة أو مقطع من برنامج دولة التلاوة، أشعر أن الروح لازالت بخير، وأن صوت الطفل المصري "لما يفتح صدره ويقرأ كلام ربنا" يهز فينا شعور قوي كنا نعتقد إننا تناسيناه وسط زحمة الدنيا ومشاغل الحياة، دولة التلاوة ليس مجرد مسابقات ولا استعراض مواهب، لكنه درس مفتوح، مصر فيه ترجع لنفسها تاريخها الحقيقي، تاريخ بلد اتبنت على صوت المآذن وأخلاق الناس الطيبين. أما عن مشاركة الأطفال فى دولة التلاوة ليس لأصواتهم جميلة فقط، لكن حضورهم ونقائهم يجعلنا نتأكد إن التربية من الممكن أن تفعل معجزات، خاصة الطفل الذى يتراوح عمره من 8 أو 10 سنوات يقف يقرأ القرآن بالخشوع والتدبر والقوة، تعرف أن خلفه بيت يسير بشكل صحيح، وأب وأم يدركون قيمة الكلمة وقيمة الدين وقيمة الأخلاق التى تكمل أى نجاح.
مصر طوال عمرها البلد الذى حافظ على هويته بصوت المقرئين، بداية من الشيخ رفعت للشيخ الحصري والشيخ المنشاوى والشيخ عبدالباسط عبد الصمد، والشيخ محمود على البنا الذي لازال يذكرنا برائحة خير زمان، وصباح الجمعة، وأجواء ما قبل مدفع رمضان بمجرد سماع صوته، وأكدت أن الأجيال الصغيرة أو "Gen Z" الذى اعتقد البعض أنهم جيل يسير نحو التريند أو لفت الانتباه أو التمرد، الكثير منهم يحملون كتاب الله بصدق، وكأن مع كل طفل يقف أمام الكاميرا ويتلو آية قرأنية، "إحنا مش بس بنسمع تلاوة فقط.. إحنا بنسمع مستقبل".
لابد أن نكون متذكرين أن تربية أولادنا على حفظ دينهم والاحترام والإخلاص ليس رفاهية، هذه ضرورة، لأن الطفل الذي يربى على كتاب الله، ينشأ بارا بأهله، مخلص لوطنه، ثابت أمام الدنيا مهما اتغيرت. برنامج دولة التلاوة ليس مجرد برنامج، بل استثمار فى ضمير أمة، وجيل جديد سيثبت للعالم أن مصرنا بلد التلاوة.