قال السفير يحيى نجم، إن الحكم النهائي الصادر ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، لا يرضي أسر شهداء مذبحة الاتحادية تماما، وإن كان يمثل نوعا من العدالة، كما أنه في كل الأحوال عنوان الحقيقة. وأضاف، في حواره ل"البديل" أن المشهد السياسي اليوم به كثير من السلبيات، وأن النظام الحالي لا يختلف كثيرا عن نظام الإخوان من حيث القمع والاستبداد وتخوين المعارضين، كما أنه يقود البلد إلى كارثة اقتصادية قد تتسبب في انفجار الغضب الشعبي في أي وقت، مؤكدا في الوقت نفسه، أنه لن يشارك في مظاهرات 11 نوفمبر، التي قال إن الدعوة إليها غامضة ولا يعرف من يقف خلفها. كأحد ضحايا أحداث الاتحادية.. كيف استقبلت الحكم النهائي بسجن محمد مرسي؟ الحكم عنوان الحقيقة، وبعد رحلة طويلة أدليت خلالها بشهادتي أمام النيابات والمحاكم، صدر الحكم الذي يقطع بأن الجريمة التي ارتكبت ضد مدنيين أبرياء أمام بوابات القصر الجمهوري وأسفرت عن سقوط شهداء ومئات الجرحى بإصابات بالغة، تضمنت العمد في القتل والتحريض والعنف ضد المتظاهرين بدلا من تأمينهم، وبكل تأكيد، كان جميع الضحايا مشتاقين للقصاص، وجاء الحكم ليحقق نوعا من العدالة، وإن كان لا يرضي كليا أسر الشهداء. هل ترى أن الحكم يغلق الباب أمام فكرة المصالحة مع جماعة الإخوان؟ بكل تأكيد هذا حكم يدين الجماعة وقياداتها ويصمهم بالإرهاب وارتكاب العنف ضد المدنيين، وأعتقد أن الجماعة إذا كانت جادة وتعمل لمصلحة مصر، فعليها الاعتراف بهذه الجرائم، وعلى قادتها أن يعترفوا بمسؤوليتهم الكاملة عما حدث في الاتحادية، بل وبجرائمهم في حق ثورة يناير واتهاماتهم للمتظاهرين بأنهم مأجورون ومدفوعون وما إلى ذلك، ومن ثم، فلا مجال للمصالحة إلا بعد تنفيذ الأحكام والاعتذار عما اقترفه أعضاء الجماعة، إذا أرادوا أن يكون لهم مستقبل سياسي. هل يعنى ذلك أنك مع إدماج الجماعة في الحياة السياسية مرة أخرى؟ أنا أدعو إلى لم الشمل الوطني بشكل عام، ومن لم تثبت ضده جريمة عنف أو تحريض فهو مواطن مصري لا يمكن حرمانه من حقوقه السياسية، ولكن يجب على الجماعة أن تعيد حساباتها بالكامل في تنظيمها، بل وفي وجودها والأسس التى تقوم عليها بصفة عامة، قبل أن نتحدث عن أي مصالحة. كيف تقرأ المشهد السياسي حاليا؟ المشهد سيئ ويشبه عهد الإخوان؛ نفس الاستبداد السياسي، الاحتكار الاقتصادي، الوعود الكاذبة، مصادرة الحريات والاعتداء على حقوق الإنسان، كل السلبيات التي قامت ضدها ثورتا 25 يناير و30 يونيو تتفاقم الآن، من سجن ومطاردة واعتداء على المواطنين العاديين واختفاء قسري، وتعذيب بأقسام الشرطة، وتلفيق اتهامات كتلك التى حدثت معنا في ال25 من أبريل "يوم الأرض" بعد المظاهرات ضد التنازل عن تيران وصنافير، وأنا شخصيا قضيت نحو 50 يوما بالحجز. كيف تقرأ قدرة القوى السياسية على الدخول في انتخابات 2018؟ لا بديل عن الخيار الوطني المدني لأن الاستمرار مع النظام الحالي هو كارثة ستؤدي إلى أعمال عنف أو ثورة جياع، وأتمنى أن يتخلى السيسي عن الحكم الآن؛ لأنه تسبب في مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية جسيمة، وإذا لم يحدث ذلك فليس أمامنا سوى الانتخابات المقبلة لإنقاذ البلد بعد التفريط في الأرض والمياه وحقوق الإنسان وغيره، وخسارة المعركة القادمة ستكون كارثة للقوى المدنية ولمصر. ما أجندتكم للاجتماع التشاوري الذي تشارك فيه مع بعض القوى السياسية؟ هدفنا إتاحة حرية الاختيار أمام الشعب، فلا ينبغي أن يظل محصورا بين المطرقة والسندان، بين الإخوان والجنرالات والفلول، لذا نعمل على توفير خيار جديد من كفاءات معروفة بنزاهتها وخبراتها ونضالها من خلال طرح أسماء وطنية، ونحن الآن في طور الإعداد لبلورة هذا البديل وطرحه للرأي العام خلال الفترة المقبلة، ليقول الشعب كلمته. ما رأيك في المنطق القائل بأنه لا مجال للحديث عن حقوق الإنسان في ظل الحرب ضد الإرهاب؟ هذه الثنائيات اعتمدت عليها كل الأنظمة الحاكمة، فمثلا كان منهج مبارك "أنا والاستقرار، أو الحرية والإرهاب" ومنهج الإخوان "الإسلام أو العلمانية". هذه مساومات مضحكة تجاوزاتها الشعوب والأمم منذ سنوات طويلة. كل الدول تريد أن تحظى باستقرار دون اعتداء على الحريات، فليس هناك تعارض إطلاقا، فالإرهاب موجود في كل دول العالم ومع ذلك تحظى بالأمن والحرية والصحة والتعليم وحقوق الإنسان، ولكن مصر تحولت إلى إقطاعيات وكل طرف يريد فرض رؤيته بدافع من مصلحته، المؤسسة العسكرية والأمنية تفعل ذلك بالبلد، وكأننا نعيش ما يشبه عصر أمراء الطوائف بالأندلس، وهذا ما لا نريده لمصر. هل تقصد بذلك انغماس المؤسسة العسكرية في السياسة والاقتصاد؟ أي بلد تحتكر فيه مؤسسة ما السلطة والثروة والإعلام هو على طريق كارثة محققة. انخراط الجيش في الحياة الاقتصادية يضع الشعب في مواجهة الجيش وهذا خطر، ويضع الجيش في موضع المحتكر للأنشطة الاقتصادية، ويجعله مسؤولا عن كافة الأزمات مثل السكر والأرز واللبن، وهذا ليس دوره، كما أنه يجعله عرضة للفساد والرشوة والتنافس والتسابق على المال، حيث لا مجال لعمل الأجهزة الرقابية. هل ترى مصلحة لمصر في التعاون مع إيران؟ إيران ومصر دولتان كبيرتان في الشرق الأوسط، ويجب أن يكون بينهما حوار مستمر، للوقوف على عناصر الاتفاق وعناصر الاختلاف، مع الوعي بأن إيران دولة كبرى لها مصالح يجب أن تحترم بالقدر الذي لا يجعلها تتعارض مع مصالحنا، كما أن هناك مصالح استراتيجية بين الدولتين، ويمكن لهما أن تتعاونا فيما هو متفق عليه كالأمن القومي العربي وأمن الخليج، وأمن باب المندب، فضلا عن أن إيران لديها تجربة ممتازة في التنمية، والبحث العلمي، وإطلاق أقمار صناعية، وهي تجارب يمكننا الاستفادة منها. أيهما تفضل.. ترامب أم كلينتون؟ كلاهما يمثل المصالح الأمريكية وليست المصرية أو العربية، ومن ثم لا أعول على أي منهما في شيء، ومع ذلك يجب أن يستمر الحوار مع الأمريكان لنعظم مكاسبنا ونقلل من خسائرنا، وأن يفهم الأمريكان قيمة مصر والعالم العربي، وألا يتدخلوا بفجاجة في شؤون المنطقة. هل تؤيد النزول في مظاهرات 11 نوفمبر؟ هذه دعوى غامضة، وليس لدي معلومات كافية عمن يقف خلفها وجدول أعمالها، وهذا لا ينفي حالة الغليان والكبت بالشارع المصري، ولكن على السلطة عدم استخدام العنف ضد متظاهرين سلميين، فنحن مع حق التظاهر السلمي دون عنف.