200 مليون دولار صادرات مصر من الدواء سنويًا.. و15 مليون نصيب إثيوبيا «الصحة»: مصانعنا معتمدة دوليًا.. والقرار الإثيوبي «مالوش لازمة» حمل قرار تجميد استيراد الأدوية المصرية من قبل إثيوبيا تكهنات عدة، بعضها سياسي، ربطها مختصون بأزمة سد النهضة بين الدولتين، وبعضها تقني حددها الجانب الإثيوبي في عدم تحقيق عدة اشتراطات، كعدم وجود محطات مياه مستقلة، والمصانع تقترب من الكتلة السكنية، وأخرى تعمل ماكيناتها منذ 15 عاما دون استبدال، بالإضافة إلى عدم وجود مراكز تكافؤ حيوي معتمدة دوليًا بما يضمن فاعلية وتصنيع عالي الجودة للدواء بالمواصفات الدولية، التي تشترطها منظمة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA" بضمان مطابقة طرق التصنيع أو المادة الخام أو طرق التخزين للمواصفات القياسية العالمية. لم يكن قرار أديس أبابا مفاجئا أو الأول من نوعه بعد أزمة سد النهضة، بل سبق واتخذت نفس القرار عام 2014؛ بعدم استيراد أدوية من 11 شركة، لم تلتزم بالاشتراطات المتفق عليها، لكن الأمر اختلف هذه المرة؛ حيث اتخذت إثيوبيا قرارا بعدم استيراد أدوية من مصر بصورة عامة، كما سبق وأوقفت المملكة العربية السعودية تداول أدوية معينة مستوردة من قبل بعض شركات الأدوية المصرية داخل المملكة؛ نتيجة عدم مطابقتها للمواصفات القياسية أكثر من مرة، وكذلك عدم مطابقة مصانع الإنتاج لمواصفات الاعتماد والجودة. واعتبر بعض المختصين قرار أديس أبابا بمثابة ناقوس خطر يؤشر لتراجع صناعة الدواء في مصر؛ خاصة أن إثيوبيا تعد إحدى أكبر الدول الإفريقية المستوردة للدواء من مصر، وخسارتها تمثل 25% من موازنة الدواء المحلي، بحسب الدكتور ماجد جورج، رئيس المجلس التصديري للدواء، الذي يرى أن قرار وقف استيراد إثيوبيا للدواء المصري، جرس إنذار ورسالة شديدة اللهجة إلى الجانب المصري، بشأن تصدير الدواء إلى جميع الدول الأخرى. وصحب القرار الإثيوبي تشكيكات في مدى فاعلية المادة الخام بالأدوية المصرية، الأمر الذي نفاه الدكتور علي عوف، رئيس غرفة شعبة الدواء باتحاد الغرف التجارية، مؤكدا وجود بروتوكول بين جميع الدول يقر بضرورة مرور الدواء على معامل التحاليل بالبلد المستوردة؛ حتى يتم التأكد من سلامة المادة الفعالة، وإلا يتم منعه من دخول الأسواق نفسها. المعروف أن مصر تصدر الدواء ل130 دولة، جميعها تتبع طرق التفتيش على المصانع، بحسب اشتراطات منظمة الصحة العالمية، مثل طريقة التصنيع والرطوبة والحرارة ونظافة المكان وصلاحية الماكينات، وبحسب عوف، فإن مصر تخصع للمعايير الدولية المحددة لعملية استيراد وتصدير الأدوية، خاصة أننا نمتلك 140 مصنعا للدواء، وكل الدول المستوردة ترسل لجانا للتفتيش على المصانع الموردة. وأضاف عوف ل«البديل» أن بعض الدول ترسل تقارير تطالب بتعديل أمور تتضمن عملية إنتاج الأدوية داخل المصانع المصرية، وتتم بالفعل وتستمر مسألة التوريد، متابعا: «أصدرت إثيوبيا عام 2014 بعض الملاحظات على طريقة عمل عدد من المصانع، لكنها لم تتحدث عن سلامة المنتج الدوائي على الإطلاق، والغريب أنها لم ترسل التقرير لمصر حتى اليوم»، مؤكدا أن ما يتطلب ضرورة إغلاق المصانع هو عدد الميكروبات مثلا، أو وجود رطوبة عالية بالمصانع، ما يؤثر على كفاءة الدواء، وهو ما لم يتضمنه التقرير الإثيوبي. وعلى الجانب الآخر، يرى محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إن لإثيوبيا الأحقية الكاملة في جميع ما أقرته؛ خاصة أن الاشتراطات التي تحدثت عنها محددة من قبل منظمة الصحة العالمية، أبرزها عدم وجود مراكز دولية معتمدة للتكافؤ الحيوي بمصر, مضيفا أن أزمة المياه أثرت على مصانع الدواء، بجانب عدم وجود آليات للنقل المستقل، وهو ما ذكرته أديس أبابا في أسباب مقاطعة الدواء المصري. وأكد فؤاد ل«البديل» أن مسألة عدم وجود مادة فعالة بالدواء المصري كما تردد، أمر غير صحيح علي الإطلاق، ويجب على وزارة الصحة الخروج عن صمتها غير المبرر، وأن تدلي ببيان أو تشير إلى أنها تحقق في الأمر؛ للسيطرة على الخوف الذي انتاب المواطنين من عدم سلامة الدواء المحلي, والتصدي لمحاولات النيل من سمعة الدواء المصري في جميع أنحاء العالم. وأوضح الدكتور محيي عبيد، نقيب الصيادلة، أن ما فعلته إثيوبيا يعد تعنتًا واضحًا من قبل الوفد الصيدلي في حق مصر بشأن التركيز على عمر الماكينات المستخدمة في مصانع إنتاج الدواء، ومطالبتهم باستبدال الماكينات التي يزيد عمرها على 15 عاما، مضيفا أن القرار الإثيوبي الخاص بوقف استيراد الدواء المحلي لن يؤثر بحال من الأحوال على تجارة الدواء في مصر، التي تصدر أدوية إلى أكثر من 65 دولة في مختلف أنحاء العالم، حيث يبلغ إجمالي الصادرات المصرية للدواء 200 مليون دولار. ووصف الدكتور مجدي مرشد، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، قرار وقف استيراد إثيوبيا للدواء المصري ب«سياسي» في المقام الأول، وتعد هذه المرة الأولى التي تزور فيه لجنة التفتيش الإثيوبية لمصانع الدواء المصرية، وتتخذ قرارها بمبررات واهية، بحسب تعبيره. وأكد مرشد ل«البديل» أن الدواء المصري يتم التفتيش عليه من قبل 65 دولة أخرى، بعضها ينتج الدواء ويمتلك القدرة العالية على الاستيراد من الجانب المصري، مضيفًا أن الدواء يُحكم عليه بالجودة والفاعلية والثبات ووجود مصانع الإنتاج والتصنيع في مناطق خالية من الميكروبات والأوبئة، لا عمر الماكينات وغيرها من الأسباب الواهية التي أعلنها الوفد الإثيوبي، على حد قوله. وفي السياق، يرى الدكتور ماجد جورج، رئيس المجلس التصديري للصناعات الطبية، أن القرار الإثيوبي يؤثر بصورة كبيرة على سمعة الدواء المصري في الخارج، خاصة في ظل توتر العلاقات المصرية الإثيوبية، رغم زيارة الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة المصري لأديس أبابا مرتين منذ توليه الوزارة، وسعي مصر نحو دعم إثيوبيا من الناحية الصحية وإعادة العلاقات بين البلدين. وأضاف جورج ل«البديل» أن إجمالي ما تستورده إثيوبيا من أدوية مصرية يتراوح ما بين 10 إلى 15 مليون دولار سنويًا كحد أقصى، ثم تأتي المملكة العربية السعودية ضمن قائمة أكبر الدول المستوردة للدواء المصري، تليها العراق والإمارات وعدد من دول الخليج. وعلى جانب آخر، قال الدكتور طارق سالمان، رئيس إدارة التفتيش الصيدلي التابعة لوزارة الصحة، أن جميع مصانع الأدوية المصرية مراقبة وتم تسجيلها للتصدير قبل طرح مناقصات الأدوية، وكذلك تعمل وفق نظم الجودة الشاملة. ونفى سالمان أن يكون قرار لجنة التفتيش الإثيوبية يحمل أي أبعاد سياسية، لكنه يُرجع ذلك إلى المعايير الشخصية إلى حد كبير، التي تتأثر بالشخص الذي يقوم بالتفتيش، وهي من الأسباب التي يصنفها تحت بند "ملاحظات" دون إيقاف التعامل مع أكثر من 11 مصنع أدوية، قائلا: «القرار مالوش لازمة ولا يقدم أو يؤخر على صادراتنا من الدواء».