أعلنت أثيوبيا إيقاف التعامل مع مايقرب من 11 مصنع دواء مصري ووقف الإستيراد منها، بعد إرسال وزارة الصحة الإثيوبية حملة تفتيشية على تلك المصانع المصرية لإنتاج الأدوية وغالبيتهم مصانع تابعة للشركات القابضة للأدوية المملوكة للدولة، ولم ينل إعجابهم مكان المصنع الدوائي، والصرف الصحي الخاص بالمصانع المصرية . وجاء في تقرير الوفد الأثيوبي الذي زار مصر قبل شهر من الآن وتم رفعه إلى وزاره الصحة والسكان المصرية أن أديس أبابا ترفض بشكل قاطع استيراد الدواء المصري، لعدم وجود محطات مياة مستقلة، كما أن بعض المصانع لا تبعد عن الكتلة السكنية ب 10 كيلو مترات، ومصانع أخرى تعود ميكنتها إلى 15 سنة دون استبدال، وعدم وجود مراكز تكافؤ حيوي معتمدة دوليًا بما يضمن فاعلية وتصنيع عالي الجودة للدواء بالمواصفات الدولية، حيث تقضي توصيات منظمة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA" ضمان مطابقة طرق التصنيع أو المادة الخام أو طرق التخزين للمواصفات القياسية العالمية . لم يكن قرار أديس أبابا المفاجئ هو الأول من نوعه بعد أزمة مصر الجارية مع الجانب الأثيوبي في قضية المياة وبناء سد النهضة، حيث سبق أن أوقفت المملكة العربية السعودية تداول أدوية معينة مستوردة من قبل بعض شركات الأدوية المصرية داخل المملكة نتيجة عدم مطابقتها للمواصفات القياسية أكثر من مرة وكذلك عدم مطابقة مصانع الإنتاج لمواصفات الإعتماد والجودة، وهو ما وصفه الدكتور جلال غراب، رئيس الشركة القابضة للأدوية السابق ب"النعرة الوطنية" . قدرة أثيوبيا على الإستيراد ضعيفة "الحبشة عمرها ما كانت عميل تصديري لمصر وهي دولة مُفلسة ومعندهاش عملة حرة كفاية".. هذا ما أرجعه غراب الذي أكد في تصريحات خاصة ل"التحرير" أن أديس أبابا لا تمتلك القدرة الكافية على الإستيراد ولم تكن في يوم ما في بؤرة اهتمام مصر نظرًا لقدرتها المحدودة على الشراء . وكانت أثيوبيا تعتمد في شراء الأدوية على الإستيراد من المعسكر الشرقي "الصين، الهند"، حيث الأدوية رخيصة الثمن وغير مسجلة ومشكوك في فعاليتها بحسب رئيس الشركة القابضة للأدوية الذي أوضح أن كل لجنة تفتيش تستطيع أن تجد من الذرائع والمبررات أن تقول أن هذا الدواء غير مطابق للمواصفات القياسية، حيث تعتمد كل دولة على بروتوكول معين يختلف طبقًا لمن ينفذه ويخضع للأهواء الشخصية والظروف السياسية الجارية . في المقابل اعتبره البعض بمثابة ناقوس خطر يدل على تراجع صناعة الدواء في مصر، حيث تعد أديس أبابا أحد أكبر الدول الإفريقية المستوردة للدواء من مصر، وخسارتها تمثل 25% من موازنة الدواء المصري بحسب الدكتور ماجد جورج، رئيس المجلس التصديرى للدواء الذي يرى قرار وقف استيراد أثيوبيا للدواء المصري يحمل جرس انذار ورسالة شديدة اللهجة إلى الجانب المصري، بشأن تصدير الدواء إلى كافة الدول الأخرى . وكان من المخطط ضمن الزيارات المتبادلة بين الجانبين المصري والأثيوبي انشاء مصانع للدواء داخل اثيوبيا وتوريد الخامات المصرية إلى هناك، فضلًا عن تصدير منتجات دوائية فى مختلف الأنواع، خاصة أن سمعة الدواء الهندىوالصينى ليست جيدة في السوق الإفريقي . 200 مليون دولار.. صادرات مصر من الدواء سنويًا فيما أوضح الدكتور محي عبيد، نقيب الصيادلة أن ما فعلته أثيوبيا يعد تعنتًا واضحًا من قبل الوفد الصيدلي ضد مصر بشأن التركيز على عمر الميكنات المستخدمة في مصانع انتاج الدواء، ومطالبتهم بإستبدال الميكنات التي يزيد عمرها على 15 عام والتي تقوم مصر بتحديثها من عام لأخر . وأضاف أن القرار الأثيوبي الخاص بوقف استيراد الدواء المصري لن يؤثر بحال من الأحوال على تجارة الدواء في مصر والتي تصدر أدوية إلى أكثر من 65 دولة في مختلف أنحاء العالم، حيث يبلغ اجمالي الصادرات المصرية للدواء 200 مليون دولار . وأعلن الدكتور مجدي مرشد، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب أن قرار وقف استيراد أثيوبيا للدواء في مصر هو قرار سياسي في المقام الأول، وهي المرة الأولى والأخيرة التي تزور فيه لجنة التفتيش الأثيوبية لمصانع الدواء المصرية، وتتخذ قرارها بهذه المبررات الواهية بحسب تعبيره. وأشار مرشد إلى أن الدواء المصري يتم التفتيش عليه من قبل 65 دولة أخرى بعضها ينتج الدواء ويمتلك القدرة العالية على الإستيراد من الجانب المصري، مضيفًا أن الدواء يُحكم عليه بالجودة والفاعلية والثبات ووجود مصانع الإنتاج والتصنيع في مناطق خالية من الميكروبات والأوبئة لا عمر الماكينات وغيرها من الأسباب الواهية التي أعلنها الوفد الأأثيوبي على حد قوله . 15 مليون دولار.. حجم استيراد أثيوبيا للدواء ومن جهته يرى الدكتور ماجد جورج، رئيس المجلس التصديري للصناعات الطبية أن القرار الأثيوبي يؤثر بصورة كبيرة على سمعة الدواء المصري في الخارج، خاصة في ظل توتر العلاقات المصرية الاثيوبية رغم زيارة الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة المصري لأديس أبابا مرتين منذ توليه الوزارة وسعي مصر نحو دعم أثيوبيا من الناحية الصحية وإعادة العلاقات بين البلدين . ويضيف جورج ل"التحرير" أن اجمالي ما تستورده أثيوبيا من أدوية مصرية يتراوح ما بين 10 إلى 15 مليون دولار سنويًا كحد أقصى ثم تأتي المملكة العربية السعودية ضمن قائمة أكبر الدول المستوردة للدواء المصري تليها العراق والإمارات وعدد من دول الخليج . الصحة : مصانعنا معتمدة دوليًا والقرار الأثيوبي "مالوش لازمة" وعلى صعيد أخرى قال الدكتور طارق سالمان، رئيس إدارة التفتيش الصيدلي التابعة لوزارة الصحة أن جميع مصانع الأدوية المصرية مراقبة وتم تسجيلها للتصدير قبل طرح مناقصات الأدوية وكذلك تعمل وفق نظم الجودة الشاملة . ونفى سالمان في تصريحات خاصة أن يكون قرار لجنة التفتيش الأثيوبية يحمل اي أبعاد سياسية، ولكنه يُرجع ذلك إلى المعايير الشخصية إلى حد كبير والتي تتأثر بالشخص الذي يقوم بالتفتيش، وهي من الأسباب التي يصنفها تحت بند "ملاحظات" دون ايقاف التعامل مع أكثر من 11 مصنع أدوية، قائلًأ: هذا القرار مالوش لازمة ولا يقدم أو يؤخر على صادراتنا من الدواء".