تشهد الساحة السورية تطورات سريعة ومتلاحقة، تزامنًا مع الدور الذي تلعبه الاستخبارات العالمية كالولاياتالمتحدةالأمريكيةوبريطانيا والإسرائيلية بالتأثير على سياق الأحداث الميدانية في سوريا وفقًا لأجنداتهما، فكثيرًا ما تتردد أخبار تثبت تورط هذه الاستخبارات في سوريا، كالخبر الذي تم تداوله قبل سنتين على موقع واشنطن بلوج، والذي يفيد بأن قائد ما يسمى بالجيش السوري الحر، شريف العصفوري، الذي قبضت عليه ميليشيات جبهة النصرة الإرهابية، حيث أخبر خاطفيه أنه يتعاون مع الكيان الصهيوني مقابل تقديم الدعم الطبي والعسكري لهم. بريطانيا وما يسمى بالجيش الحر تجددت أنباء تثبت تورط قوى أوروبية وأمريكية في سوريا، حيث كشف تقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن متعاقدين مع الحكومة البريطانية يديرون المكتب الصحفي لمقاتلي المعارضة بشكل فعال، لكنهم يخفون أي علاقة للمملكة المتحدة، حيث ترمي الحملة إلى تعزيز سمعة ما تسميه الحكومة "المعارضة المعتدلة". وأضافت الصحيفة، أن الكشف عن تعاون بريطاني مع المعارضة السورية، يأتي تزامنا مع تصريحات أمريكية تفيد بصعوبة التمييز بين الإرهابيين والمعارضة، مضيفة أن البت في أي فصائل تستحق الدعم أمر محفوف بالمخاطر بالنسبة للحكومة البريطانية؛ لأن جماعات كثيرة أصبحت تميل، وعلى نحو متزايد، إلى التطرف خلال سنوات الحرب الخمس. ووفقا للصحيفة فإن الدعم البريطاني طال الشق الإعلامي للمعارضة، تحت إشراف وزارة الدفاع، حيث ينتج المتعاقدون المستأجرون من وزارة الخارجية، أشرطة الفيديو والصور والتقارير العسكرية والبث الإذاعي، ويطبعون المشاركات في وسائل الإعلام الاجتماعية بشعارات مجموعات الثوار، ثم تعمم المواد في الإعلام العربي المرئي والمسموع وتنشر على الإنترنت مع إخفاء أي دليل على تورط الحكومة البريطانية. وتقول الصحيفة، إن جهود الدعاية في بريطانيا لمصلحة المعارضة السورية المسلحة بدأت بعد فشل الحكومة في إقناع البرلمان بدعم العمل العسكري ضد الرئيس الأسد. وتظهر وثائق التعاقد التي اطلعت عليها صحيفة "الجارديان"، أن الحكومة البريطانية أنفقت على هؤلاء المتقاعدين من خلال "صندوق الصراع الاستقرار" ما يقرب من 2.4 مليون جنية استرليني، حيث يعملون في اسطنبول على تسهيل الاتصالات الاستراتيجية والحملات الإعلامية لدعم المعارضة السورية المسلحة المعتدلة، وقال مصدر بريطاني مطلع على ملف التعاقد، إن الحكومة تدير أساسا "المكتب الصحفي للجيش السوري الحر"، وقد تولى، ريجستر لاركن، مستشار في الاتصالات الدولية، لفترة وجيزة متابعة مشروع التعاقد لدعم المعارضة المسلحة المعتدلة، وكان المشرف عليه عقيدا سابقا في الجيش البريطاني، والذي كان يعمل أيضا خبير الاتصالات الاستراتيجية في وزارة الدفاع، ويأتي المشروع البريطاني باعتباره وسيلة للحفاظ على موطئ قدم في سوريا إلى أن يكون هناك تدخل عسكري بريطاني. المحابة الأمريكية لجبهة النصرة كثيرا ما نسمع عن المحابة التي تقوم بها السعودية لأطراف تنتمي لمنظمات الإرهابية أو المنبثقة عنها في سوريا، كجبهة النصرة الإرهابية، ويبدو بأن التصرفات السعودية كانت مدعومة من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية، الأمر الذي فضحته محادثات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظرية الروسي سيرجي لافروف، حيث أكد لافروف أن واشنطن حاولت ضم مواقع تحت سيطرة "جبهة النصرة" إلى مناطق نظام التهدئة في حلب، خلال مباحثاتها الأخيرة. وأشار لافروف، إلى أن هناك من يرغب باستخدام الأمريكيين لمساعدة "جبهة النصرة" على الهروب من تحت القصف، مشيرا إلى العلاقات المريبة بين القيادة التركية مع تنظيمي "داعش" و"النصرة". تصريحات لافروف تزامنت مع إعلان وزارة الدفاع الروسية، أمس الأربعاء، حيث قالت، إن هناك عددا من المعارضة السورية في حلب انضم إلى "جبهة النصرة"، الأمر الذي يعني أن الهدنة الأمريكية التي عقدتها مع الطرف الروسي حول سوريا، قد تتضمن جبهة النصرة بطبيعة الحال، نظرًا لصعوبة الفصل بين المعارضة التي اندمجت بالفعل بالجبهة، والعكس صحيح. وما يثير الاستغراب أن الولاياتالمتحدة دائمًا ما تعول بأن تضغط روسيا على السلطات السورية لتلتزم بالهدنة في حلب، لكنها في المقابل لا تعطي أي ضمانات للروس بأن تضغط على الأطراف المعارضة التي اختلط حابلها بنابلها وأصبحت المعارضة المعتدلة كما يروق لواشنطن تسميتها متداخلة مع المعارضة المدرجة على قوائم الإرهاب.