في السابع و العشرين من فبراير الماضي صدر فجأةً بيان مشترك بين روسيا الإتحادية و الولاياتالمتحدةالأمريكية حول إعلان الهدنة في سوريا بين أطراف الصراع أي وقف الأعمال العدائية بين قوات الجيش العربي السوري و باقي تنظيمات المعارضة المسلحة بإستثناء تنظيمي "داعش و جبهة النصرة" و التي بالرغم من إعلان الهدنة إستمرت الأعمال القتالية ضدهم من جانب الحملة الروسية و الجيش العربي السوري من جهة، و غارات التحالف الدولي من جهة أخري.ف لأول مرة منذ خمسة أعوام شهد الميدان السوري هدوءاً ملحوظاً علي أغلب جبهات القتال، بعد إعلان الهدنة في فبراير الماضي و التي لاقت ترحيباً كبيراً من الحكومة السورية و تنظيمات المعارضة المسلحة. كما شكلت كلِ من موسكو و واشنطن مركزين لمراقبة الهدنة بكامل القطر السوري، و هما مركز التنسيق الروسي بقاعدة "حميميم" باللاذقية، و مركز أمريكي في العاصمة الأردنية عمّان. و منذ ذلك التاريخ، أي 27 فبراير أخذت الديناميكية العسكرية و السياسية للصراع السوري تسير بوتيرة أسرع مما مضت. حيث سجلت وزارة الدفاع الروسية أكثر من 372 خرق للإتفاق الهدنة من قبل المجموعات المسلحة بكامل القُطر السوري، ابرزهم جيش الإسلام، و أحرار الشام، اللذين استهدفا العديد من المدن بقذائف الهاون و المدفعية. من جهة أخري نجحت بعض الجماعات و التنظيمات المسلحة الأخري في إستعادة بعض النقاط التي فقدتها قبل الهدنة في الجبهة الشمالية بالتحديد، الأمر الذي هدد التوزيع الديموغرافي العسكري لأطراف الصراع قبل الهدنة و جعل إتفاق الهدنة قاب قوسين أو أدني خاصًة مع حشد الجيش السوري و حلفائه علي تخوم حلب تمهيداً لتحريرها بشكل كامل. كما تم تركيز المجهود الحربي للجيش السوري و حلفائه بعد إعلان الهدنة علي البقع الجغرافية التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي وحده، فحقق إنتصارات نوعية غيرت إلي حد كبير الديموغرافية العسكرية في الميدان السوري و عجّلت إلي ما تطور إليه الوضع الميداني الآن. ف إستغل الجيش العربي السوري الهدوء علي اغلب جبهاته و توجه نحو عمق البادية السورية و النقطة الإستراتيجية الهامة التي تربط قلب الجغرافيا بين بادية سوريا و العراق،ألا وهي مدينة تدمر الأثرية، و التي حررها الجيش السوري و حلفائه في إطار زمني قصير و استعاد بتحريرها أكثر من 30 ألف كلم2 من الاراضي التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابي، كما عزل الجيش السوري و حلفائه بهذا التحرير ريف حمص الشمالي عن الجماعات المسلحة و اتجه صوب تعزيز إرتكازاته العسكرية حول مدينتين الرقة و دير الزور تمهيداً لاقتحامهما علي المدي القريب و بإستراتيجية مشتركة مع الجيش العراقي الذي بدأ عمليات عسكرية نحو تحرير الموصل. بيد أن المراقب الجيد للصراع سيعي أن هذه التغييرات الديموغرافية في الخريطة العسكرية دفعت العديد من الجماعات المسلحة إلي محاولة كسر الهدنة الحالية و إشعال جبهات أخري نحو خطوة أخيرة قبيل جولات المفاوضات القادمة. فكانت حلب هي الجبهة الأكثر إشتعالاً كونها الحلقة الأهم في الصراع السوري و معركتها التي ستحسم إلي حدِ كبير الحرب السورية بصورة شبه نهائية بحسب العديد من الخبراء و المحللين العسكريين. فما هي الأهمية الإستراتيجية لحلب؟ و كيف تشكلت الخريطة العسكرية فيها قبل الهدنة و بعد إنهيارها؟ و مستقبل الصراع فيها؟. تُعَدّ واحدة من اقدم واعرق المدن في العالم، وَرد ذكر اسمها في بعض المخطوطات المصرية القديمة التي يعود تاريخها إلي القرن العشرين قبل الميلاد. مثّلت طيلة قرون من الزمان مركزاً هاماً علي الصعيد الجيوسياسي و الاقتصادي و العسكري بالمنطقة، بدءاً من القرن الثامن عشر قبل الميلاد و خلال العصر الهيليني، مروراً بالإمبراطورية الرومانية و فترات الحكم الأموي و الايوبي و العثماني، و وصولاً لترسيم بريطانيا و فرنسا لحدود الدولة السورية الحديثة، التي عزلت المدينة عن جنوبي تركيا و شمال العراق. لتتطور المدينة و تصبح مركزاً صناعياً هاماً في الإقليم ككل و تنافس بذلك العاصمة السورية دمشق.إنها حلب، أكبر المدن السورية، و المركز الإقتصادي و السكاني الأول و الحيوي في البلاد. في السنة الأولي من بدء الأزمة السورية لم تشهد حلب أياً من التطورات الميدانية العنيفة و الاحداث الدموية اللذان هزا غيرها من المدن و البلدات السورية. و لكنها في فبراير من العام 2012 أصبحت ساحة قتال رئيسية و شرسة إلي حدِ كبير عندما بدأت الجماعات المسلحة في المدينة ببدء هجوم شامل و موسع يهدف الي طرد وحدات الجيش العربي السوري المتمركزة هناك، و بالفعل حدث انفجاران رهيبان استهدفا مركزي الاستخبارات العسكرية و الشرطة بالمدينة واوقعا نحو 28 قتيلاً. ينشط في مدينة حلب العديد من الجماعات المسلحة ابرزهم داعش، كما ينشط ايضاً جماعة لواء الحق و لواء التوحيد و حركة احرار الشام، و ألوية صقور الشام، و جبهة النصرة من اشرس الجماعات هناك. خلال العديد من سنوات الصراع نجحت الجماعات المعارضة في الإستحواذ علي 60% من كامل مدينة حلب، حيث تمركز كل منهم بالجانب الشرقي للمدينة، فيما يسيطر الجيش السوري علي اجزاء من الجانب الغربي لها. و فيما يلي خريطة التوزيع العسكري للقوى في حلب و محيطها قبيل التدخل العسكري الروسي مباشرةً النقاط الحمراء : الجيش السوري النقاط السوداء: تنظيم داعش النقاط الخضراء: باقي التنظيمات المسلحة أو ما يُسمي " بالمعارضة المعتدلة" النقاط الصفراء : وحدات الاكراد العسكرية مثلت الخريطة العسكرية في حلب قبل التدخل العسكري الروسي أهم حلقات الصراع السوري، إذ تضمن تلك الخريطة بتوزيعها الديموغرافي العسكري إستمرار وصول الإمدادات و السلاح عبر الحدود التركية للجماعات المسلحة التي تنشط في المدينة و خاصةً جماعات المعارضة المعتدلة بحسب الأجندة الأمريكية و التركية و السعودية، كما تعد حلب بهذا الوضع العسكري قبيل التدخل الروسي نقطة إنطلاق و توسع الإرهابيين و الجماعات المسلحة نحو مدن " حماة و حمص" ، فكيف كانت الخريطة العسكرية في حلب بعد التدخل الروسي؟ بعد التدخل العسكري الروسي نلاحظ نتائج هجوم الجيش السوري عبر ال 7 محاور في كامل حلب و اقتراب تطويقها و عزلها عن طرق الامداد بطول الحدود التركية، و لهذه النتائج اعتمد الجيش السوري علي الغارات الروسية الدقيقة و العنيفة و غطائها و مداها العملياتي الواسع كما اعتمد ايضاً علي عدة طرق منها كسر الحصار عن مطار كويرس العسكري و طرد الجماعات المسلحة بعيداً تجاة طريق حلب دمشق الدولي، و احكام السيطرة علي شمال حلب و ريفها الجنوبي و الشرقي..و استعادة مدينتي نبل و الزهراء إلي أن جائت الهدنة و أوقفت القتال بعدما غُيّرَت الخريطة العسكرية لصالح الجيش السوري كما أشرنا سابقاً. لكن ثمة تغييرات قد طرأت أثناء الهدنة مع إطلاق تنظيم داعش الإرهابي هجمات موسعة بطول حلب، استحوذ من خلال تلك الهجمات علي العديد من البلدات و القري السورية و أثّر بذلك في تركبية و بُنيوية الخريطة العسكرية. الأمر الذي قابله تصعيداً روسيا بتكثيف الغارات و حذف التنظيمات المسلحة التي تخرق الهدنة، و تصعيداً سوريا تمحور حول إرسال حشود عسكرية بجنوب حلب تمهيداً لدخولها و حسم الميدان بإتمام تطويقه. حيث أكد قائد قوات الإنزال الجوي الروسي السابق الجنرال غيورغي شباك، أنه يتفق مع رفيقه السابق في السلاح الجنرال ايفاشوف ويتوقع أن تبدأ معركة التحرير قريباً، لا سيما بعد تلميح رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي بأن الجيش السوري سيحرر حلب قريباً بدعم من الأصدقاء الروس. حيث تمثل حلب أهمية إستراتيجية كبري لدي الدولة السورية و جيشها النظامي، إذ تمثل حلب أكثر مناطق الصراع السوري التي تتلقي دعماً للإرهابيين و الجماعات المسلحة فيها، نتيجة إلتصاقها بالحدود التركية و أهم المعابر بطول الحدود الشمالية لسوريا. مما يضمن تدفق المزيد من الإرهابيين و العتاد النوعي لدي الجماعات المسلحة ليس في حلب فحسب، بل لكامل الشمال و الوسط السوري مرورا بإدلب و حماة و حمص. في البداية يجب التنويه أن قوات الجيش العربي السوري تقاتل في اكثر من 450 بؤرة في كامل القطر السوري، و طبقاً لإمكانيات الجيش السوري مع هذه المعادلة و الارقام و خريطة انتشاره، اتضح أن الإستراتيجية العسكرية السورية تقتضي أولوية هامة في ديناميكية صراعها علي الارض، ألا و هي تطويق المدن الهامة و قطع خطوط الامداد عن المسلحين بداخلها بدلاً من السيطرة عليها سيطرة تامة، إذن تقتضي الإستراتيجية العسكرية السورية حصر البؤر الإرهابية المسلحة في جيوب ضيقة أولاً و من ثم التعامل معها. و هذا ما أكده الرئيس السوري بشار الأسد في اكثر من حديث له بوسائل الإعلام الأجنبية، أن سوريا قادرة علي السيطرة علي الارهاب طالما توقف الدعم المستمر لكل التنظيمات الإرهابية بطول حدود الدولة السورية،و أن العمليات العسكرية الجارية تهدف للتطويق و العزل أولاً للمدن الهامة و التي تلقي دعماً كبيراً عن طريق الحدود و ليس السيطرة التامة. كما تكمن أولوية ثانية في الإستراتيجية العسكرية السورية ظهرت بوضوح في معاركه الاخيرة، ألا و هي الدخول في مواجهات أولاً مع التنظيمات المسلحة الاخري دون داعش، لمنح الدولة السورية و مؤسستها العسكرية الحالية نقطة إضافية أمام الغرب، و لتكريث ثنائية لا جدال فيها، إمّا الدولة السورية و مؤسساتها أو تنظيم داعش الارهابي العدو الحالي لكل اطراف الصراع طبقاً لأولويات الإستراتيجية العسكرية السورية التي نوهنا إليها، و وجود حلب اكبر المدن السورية التي تتلقي دعماً لوجيستياً للجماعات المسلحة بتلك الظروف العسكرية و الديموغرافية، أصبحت حلب بالنسبة للنظام السوري الحلقة الأهم ايضاً في الصراع الدائر. و من هنا يمكننا أن نفهم لماذا توجه النظام و حليفه الروسي نحو تطويق حلب بكل السبل العسكرية قبل التوجه ل إدلب مثلا. و لكن ما هي التطورات الميدانية التي سبقت تلك التصريحات و التلميحات؟ 26 فبراير: اجتمع قادة الفصائل المسلحة التي تسيطر على ريف المدينة، في تركيا، لبحث إمكانية الاندماج والتعاون فيما بينهم في ضوء الهدنة المفروضة في سوريا، وترعى أنقرة عدة فصائل مسلحة، ويقول مراقبون إن مصانع المدينة جرى تفكيكها وإرسالها إلى تركيا. 5 ابريل أفاد المرصد السوري أن جبهة النصرة أسقطت طائرة حربية للجيش السوري، جنوبي حلب وأسرت قائدها ونقلته إلى أحد معاقلها. وتمتلك "القاعدة" إمكانيات عسكرية متطورة تتهم روسياتركيا صراحة والتحالف الدولي تلميحا بمدها بها. 13 ابريل ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن الولاياتالمتحدة تعتزم تزويد المعارضة المسلحة "المعتدلة" في سورية بأنظمة تسلح أفضل مما تمتلكه في الوقت الحالي، لتكون قادرة على مهاجمة المقاتلات السورية واستهداف المواقع بشكل مباشر. كان هذا التسريب قبل 10 أيام فقط من تسارع وتيرة القتال في المدينة. تخبرنا التطورات الأخيرة قٌبيّل إنهيار الهدنة أن موازين القوي بالخريطة العسكرية في حلب تتعرض للتغير بما يهدد المكاسب التي حققها الجيش العربي السوري و حلفائه من جهة، و الجماعات المسلحة الأخري من جهة ثانية. الأمر الذي دفع بإستئناف المعركة في مدينة حلب شمال غرب البلاد. وهذه المعركة بإعتقاد الكثير من المراقبين قد تقرر مصير الحرب في سوريا. وفي هذا الإطار إتهم وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" واشنطن بالتنصل عن تعهداتها بعزل ما تسميّه الإدارة الأمريكية "المعارضة المسلحة المعتدلة في سوريا" عن الجماعات الإرهابية لاسيّما "جبهة النصرة" في حلب. وأشار لافروف إلى أن بلاده بصدد جمع معلومات عن تعاون "جبهة النصرة" مع باقي الجماعات المسلحة التي أعلنت موافقتها على وقف النار، لغرض إطلاع مجلس الأمن الدولي على هذا الأمر من أجل تغيير لائحة الجماعات المدرجة على قوائم الإرهاب. وخلال الأيام القليلة الماضية قام الجيش السوري بنشر الكثير من قواته مع عدد كبير من المعدات والتجهيزات العسكرية، بينها العشرات من كتائب المدفعية والدبابات والصواريخ في المناطق القريبة من حلب، كما قام محور المقاومة وفي مقدمته حزب الله بنقل الكثير من قواته من جبهة تدمر شمال شرق دمشق إلى أطراف حلب إستعداداً لبدء المعركة الفاصلة ضد الجماعات الإرهابية التي تسيطر على هذه المدينة وفي مقدمتها "جبهة النصرة" من أجل تحريرها. وفيما نشرت القوات الروسية مدفعيتها في المناطق المحيطة بحلب، وصلت قوات ايرانية جديدة إلى عدد من الخطوط الأمامية من جبهات القتال ضد الجماعات الإرهابية في هذه المدينة. 2.الأهمية الإستراتيجية لحلب إقليمياً و دولياً. بالنسبة لتركيا تمثل حلب نقطة مثالية و هامة نحو طموح إستراتيجي رئيسي لدي القيادة التركية، يتمثل في فرض منطقة عازلة شمال سوريا، ستتمتع من خلالها تركيا في حال تنفيذه بالسيطرة شبه التامة علي منطقة الشمال السوري. مما يمكنها من تهديد الحزام الكردي في الشمال السوري، و تحجيم قدرته العسكرية قبل أن يتحول لتهديد حقيقي واسع نتيجة قربه من التركبية الكردية داخل تركيا، خصوصا بعد التقارب الروسي الكردي في تلك المنطقة الشمالية السورية من جهة، و من داخل تركيا ذاتها، حيث نسقت الخارجية الروسية مع حزب " الشعب الديموقراطي " أهم حزب سياسي كردي يعمل داخل تركيا، و من المرجح أن تنشأ روسيا مقراً و مكتباً لحزب "الشعب الديموقراطي " في موسكو، و ذلك طبقاً لما أعلنه زعيم الحزب " صلاح الدين دميرطاش". شرعت موسكو بمعاقبة أنقرة سياسيًا واقتصاديًا، لاسقاطها قاذفة السوخوي 24 والآن، و وقوفها كرأس حربة نحو الأجندة الروسية السورية بشكل خاص، وفي سبيل تحقيق هدفها باستعداء أنقرة بشكل أكبر، تمارس موسكو نفوذها الكبير ضمن بقعة حساسة بشكل خاص بالنسبة لتركيا، المسألة الكردية. و حلب تبقي النقطة الأخيرة لدي التركي و التي من خلال ابقائها بوابة نحو الداخل السوري و جماعاته المسلحة، الحل الأخير في وجه الخسارة المدوية المرتقبة. لكن الروسي لم يكن حاضراً وحده في المسار الكردي بشقيه السوري و التركي، بل دخل الأمريكي في نفس المسار كذلك مما جنّ جنون أنقرة و جعلها تقدم علي خطوات عشوائية متهورة بوصف العديد من المراقبين و المحللين. كان آخرها القصف المدفعي التركي لمواقع وحدات حماية الشعب الكردية بطول قري الشريط الحدودي مع تركيا. تخبرنا الوقائع العسكرية الأخيرة تلك، أن المدفعية التركية تحركت لقصف وحدات حماية الشعب الكردية إثر سيطرتها علي مطار منغ العسكري، و لم تتحرك ابداً حين سيطر تنظيم داعش الإرهابي عليه و قيامه يتفجير كافة المروحيات و العتاد العسكري العامل فيه. تلك المعادلة توضح حقيقية الدور التركي بالأزمة السورية منذ البداية، كما توضح حجم الدعم التركي لسائر الفصائل المسلحة عن طريق بوابة حلب " طريق الإمداد الاخير " و الحلقة الأهم لدي الطموح التركي، هذا فضلاً عن اعتبار حلب الحلقة الأهم ايضاً لتهريب النفط العراقي و السوري من تنظيم داعش الي الداخل التركي حسب المسارات الثلاثة التي كشفتها وزارة الدفاع الروسية و "الفايننشال تايمز" البريطانية و التي اشرنا إليها مسبقاً في تقريرنا الفائت هنا :http://goo.gl/3xiuFr على الجانب السعودي، فإن سقوط حلب في يد النظام سوف تتم قراءته على أنه انتصار لجديد لإيران في سوريا، وهو انتصار لحزب الله أيضا، أحد الشركاء الرئيسين في معارك حلب، وهو انتصار قد يلقي بظلاله على لبنان. كما ان سقوط حلب أيّ تطويقها و عزلها عن الدعم يعني خسارة السعودية لمليارات من الدولارات التي انقتها علي جماعتها بالداخل للتدريب و التمويل و تقديم السلاح. كما يعني عزل حلب، طرد السعودية من أهم بقعة لها في الصراع السوري، الامر الذي يفسر اندفاع السعودية و إرسالها لمقاتلات حربية بقاعدة أنجرليك التركية و تلويحها ايضاً بإمكانية التدخل البري بالتوازي مع تصريحات المسؤولين الاتراك. حسناً..بعد استعراض أهمية "حلب" بالنسبة للتركي و السعودي، فما أهميتها دوليا؟ تنحصر أهمية حلب و تطورات الصراع الميداني بداخلها دولياً في شق أساسي و رئيسي، ألا و هو " المفاوضات"، فمن امتلك الميدان، امتلك تحسين شروط التفاوض، خاصةَ بعد الإستعداد لجولة هامة قادمة من المفاوضات في جنيف و التي يسعي خلالها الثلاثي " الروسي السوري الإيراني " بغلق كافة الحدود التركية، و إنهاء الدعم اللوجيستي للارهابيين إنهاءاً تاماً. مما يعني انحسار شروط و سيطرة الفريق الغربي بقيادة الولاياتالمتحدة حال نجاح الثلاثي في اتمام عملية تطويق حلب التي تشهد تطوراً ميدانياً غير مسبوقاً. 3. مستقبل الصراع في حلب. تشير جميع الإستعدادات العسكرية التي تقوم بها القوات السورية والقوات الحليفة لها إلى أن العد التنازلي لتحرير حلب بدأ يقترب، ولم يبق سوى إتخاذ القرار السياسي لتنفيذه، خصوصاً وأن المقاتلات الروسية شرعت منذ أيام بضرب مقرات ومواقع وآليات ومخازن عتاد الجماعات الإرهابية في العديد من مناطق هذه المدينة خصوصاً المكشوفة والتي لا توجد فيها كثافة سكّانية. مما دفع التنظيمات المسلحة الأخري الي شنّ هجمات واسعة النقاط في خطوط القتال الأمامية، حتي وقع اكثر الحوادث دمويةً حتي الان و هو قصف مستشفي في حي "السكري" في حلب، الحدث الذي تنصل منه جميع اطراف الصراع مع تبادل الإتهامات. حيث قال بشار الجعفري، سفير الحكومة السورية للأمم المتحدة: "التهديدات التي قامت بها المعارضة هنا في جنيف قبل أن يغضبوا ويغادروا، ترجمت هذه التصريحات على أرض الواقع في هجمات."المعارضة.. من جانبهم أوقفوا مشاركتهم.. متهمين الحكومة بهجمات جديدة تعدم ضرورة المحادثات.كما اتهمت المعارضة السورية و منظمات حقوقية عديدة النظام السوري بإستهداف مستشفيات حلب. تخبرنا الوقائع العسكرية الأخيرة و خاصة بعد تحرير مدينة تدمر السورية من قبضة داعش، أن حلب هي الميدان القادم لأطراف إقليمية و دولية، تري في حلب نقطة مسار هامة و تاريخية في الحرب السورية. فمن يحسم المعركة الكبري في حلب حسم الحرب السورية لصالحه بشكل مبدئي. الأيام المقبلة هي ايام الميدان بين محاولة تغيير كفة الميزان لصالح الفصائل المسلحة بقرار إقليمي لصرفه على طاولة التفاوض قبل الجولة المقبلة للحوار السور ي في جنيف، وبين اغتنام فرصة خرق الهدنة من قبل الفصائل لتعزيز سيطرة الجيش السوري و حلفائه واستكمال استعادة حلب و إقصاء و توديع الدور السعودي و التركي و طموحاته في الميدان السوري.