موعد إعلان نتيجة تنسيق القبول بكليات جامعة الأزهر 2025    وزير الصناعة: مصر أصبحت قادرة على إنتاج 2500 أتوبيس سنويًا    أسعار الخضراوات والفاكهة بداية اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    "السويداء" صداع فى رأس النظام السورى.. خارطة طريق لحل الأزمة بدعم أمريكي سعودي تركي أردني واللجنة القانونية ترفض خارطة طريق الحكومة    ملك إسبانيا يؤكد من القاهرة: أزمة غزة الإنسانية لا تحتمل    تفاصيل تحرك قافلة المساعدات الإنسانية ال 39 من مصر باتجاه قطاع غزة    حالة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A: تحاليل وفحوصات ومتابعة من طبيب الأهلي    طقس اليوم الأربعاء فيه تحسن ملحوظ والأجواء معتدلة    ضبط عناصر بؤر إجرامية من جالبى ومتجرى المواد المخدرة والأسلحة النارية غير المرخصة وبحوزتهم أكثر من طن من المواد المخدرة تقدر قيمتها ب137 مليون جنيه    مهرجان الجونة يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة الثامنة (صور)    في غياب رونالدو، تشكيل النصر المتوقع أمام الاستقلال بدوري أبطال آسيا 2    تراجع أسعار النفط قبل ساعات من قرار الفيدرالي الأمريكي بشأن سعر الفائدة    كامل الوزير يتابع حركة نقل الركاب بالسكك الحديدية    سؤال برلماني حول الربط بين المصروفات الدراسية واستلام الكتب    حائزة على جولن جلوب ونجمة Dynasty، وفاة الممثلة الأمريكية باتريشيا كراولي عن 91 عامًا    اليوم العالمي لسلامة المرضى، الصحة العالمية: وفاة 800 ألف طفل قبل بلوغهم الخامسة سنويا    تقرير: اليابان لا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الوقت الحالي    أسعار السمك اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة الشرقية    أسعار اللحوم اليوم الاربعاء 17-9-2025 فى محافظة الشرقية    موعد صرف معاشات أكتوبر 2025 وطرق الاستعلام عن المعاش إلكترونيًا    3 شهداء في قصف إسرائيلي على منزل وسط قطاع غزة    تعليم القاهرة تعلن مواعيد العام الدراسي الجديد 2025-2026 من رياض الأطفال حتى الثانوي    جوتيريش: ما يحدث في غزة مدمّر ومروع ولا يمكن التساهل معه    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    وزير الدفاع السعودي ولاريجاني يبحثان تحقيق الأمن والاستقرار    الصورة الأولى للشاب ضحية صديقه حرقا بالشرقية    أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 17-9-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    الخارجية التركية ترحب بخارطة الطريق لحل أزمة محافظة السويداء السورية    السيطرة على حريق هائل نشب بمطعم الشيف حسن بمدينة أبوحمص بالبحيرة    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في حادث تصادم موتوسيكل وسيارة نقل بمركز بدر بالبحيرة    محافظ جنوب سيناء يشيد بإطلاق مبادرة «صحح مفاهيمك»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة قنا    رئيس جامعة المنيا يشارك في اجتماع «الجامعات الأهلية» لبحث استعدادات الدراسة    التعليم تكشف حقيقة إجبار الطلاب على «البكالوريا» بديل الثانوية العامة 2025    مبابي: مباراة مارسيليا تعقدت بعد الطرد.. ولا أفكر في أن أكون قائدا لريال مدريد    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    سارة سلامة بفستان قصير وهيدي كرم جريئة .. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    أمين عمر حكما لمواجهة الإسماعيلي والزمالك    «دروس نبوية في عصر التحديات».. ندوة لمجلة الأزهر بدار الكتب    حرق من الدرجة الثانية.. إصابة شاب بصعق كهربائي في أبو صوير بالإسماعيلية    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    بسبب زيزو وإمام عاشور.. ميدو يفتح النار على طبيب الأهلي.. وينتقد تصريحات النحاس    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    أبرزها الإسماعيلي والزمالك، حكام مباريات الخميس بالجولة السابعة من الدوري المصري    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    على باب الوزير    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصالحة الواجبة في مصر
نشر في البديل يوم 03 - 02 - 2016


أولا: عن غولي السياسة في مصر
يتصارع، في الساحة السياسية المصرية، كيانان ضخمان تتضاءل بجانبهما الكيانات السياسية الحزبية، ناهيك عن تلك التواقة للتعبير عن الثورة الشعبية العظيمة؛ على عقول وافئدة المصريين سعيا للتسلط على شعب مصر واقداره.
الكيانان في الجوهر تسلطيان، واحد باسم الإسلام الحنيف والثاني باسم الوطنية، مختزلة في الولاء المطلق للمؤسسة العسكرية، مختزلة بدورها في القيادات للعليا للقوات المسلحة لشعب مصر، أي المؤسسة العسكرية. ضخامة الحجم تستمد من كبر عديد التنظيم واتساع نطاق السيطرة على الاقتصاد، ويتفوق الثاني على الأول باحتكاره للعنف المنظم بقوة السلاح.
ولامناص من تبيان أن لكلا التنظيمين ولاءات خارجية قوية تتجاوز متطلباتها رعاية مصالح شعب مصر، الأول بالانتماء إلى تنظيم دولي يفترض أن يمد جذورا إلى أمة الإسلام المنتشرة في أرجاء المعمورة نشأ بارتباطات استعمارية ثابتة، والثاني بدأ وتنامى بقوة منذ وقع السادات اتفاقية "كامب ديفيد" اللعينة، والتي فتحت الباب للولايات المتحدة، أي إسرائيل، للتأثير على مقدرات القوات المسلحة لشعب مصر، بالتمويل والإمداد بالسلاح والذخيرة والتدريب المتكرر للقيادات، وآية ذلك غير المنكورة أن العقيدة الحربية لجيش شعب مصر قد تحولت تحت قيادات "كامب ديفيد" من قتال العدو التاريخي، الدولة العنصرية الغاصبة إسرائيل، إلى حمايتها ولو على حساب الإضرار بشعب مصر.
ولا مناص أيضا هنا من الإقرار بأن جميع فصائل تيار اليمين المتأسلم في سعيه للسلطة والتمسك بها قد قدم للولايات المتحدة ولإسرائيل ضمانات مماثلة تقوم على التمسك بمعاهدة "كامب ديفيد" باعتبارها معاهدة دولية.
في منظور السياسة المصرية، يقوم الكيانان على ذهنية متماثلة قوامها الأمر من الأعلى والتسليم المطلق من الأدنى في تسلسل هرمي جامد من المراتب. ولذلك فإن الكيانين، يعاديان الحكم الديمقراطي السليم و يقتاتان على نهش الدولة المدنية الحديثة وتدمير بنيانها المحدود والمختل القائم حاليا.
ولكن لأن الكيانين متماثلين في جوهر العقيدة "الدينية" الطابع وكل منهما يمتلك تقديرا واقعيا لقوة الآخر يسعى كل منهما لاختراق الآخر أو تحييده. ولأنهما متوحدان في الغاية النفعية، والمناهضة أساسا لغايات الثورة الشعبية العظيمة التي اندلعت موجتها الأولى في يناير 2011، فقد قامت بين الكيانين علاقة صراع، محوره تبادل الحب والكره أشبه بزواج المصلحة النفعي الذي يواجه عواصف مدمرة كلما توتر الصراع تبعا لاختلاف المصالح أو تعارضها، فتكررت محاولات الثاني للانقلاب على الأول، وكذلك تعددت محاولات تحجيم النفوذ التي عادة ما أخذت شكل التعايش السلمي، ولكن بلغت أيضا حد حرب الإبادة من قبل الحكم العسكري لعناصر وبُنى تيار اليمين المتأسلم.
لكن محاولة الحكم العسكري قصم ظهر تيار الفصيل الكبر من تيار اليمين المتأسلم، جماعة الإخوان، تمادت فيما وراء الاضطهاد السياسي إلى ارتكاب انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان، يبلغ بعضها حد الجرائم ضد الإنسانية، ما يقوض مشروعية الحكم العسكري في البلدان الغربية التي يهتمون برضاها أكثر من رضى الشعب.
كما أن الحكم العسكري أبقى، مخالفا للدستور الساري، على فصيل من التيار على الساحة السياسية، ممثلا في حزب "الزور" السلفي، تحت منطق زواج المصلحة النفعي، وربما تخفيفا من غلواء الاقصائية المقيتة، ولإرضاء داعمي الحكم العسكري ومؤيديه من قوى الرجعية العربية في هجمة الثورة المضادة على المد التحرري العربي، الذي انطلق في نهايات 2010 في عموم البلدان العربية.
ثانيا: مناورات المصالحة
في هذا السياق أصبح التلويح بمصالحة جماعة الإخوان طقسا متكررا ومعتادا عشية سفر رأس الحكم العسكري لدولة غربية يتأمل أن يحصل من حكومتها على تأييد حكمه أو على الاقل التخفيف من حدة اعتراضها على سياساته القمعية الباطشة.
كان المناورة الأخيرة قبل السفر لبريطانيا لها أهمية خاصة نطرا للوجود القوي تقليديا لجماعة الإخوان فيها. لذلك كان التلويح بالمصالحة قويا. غير أن رأس الحكم العسكري قد تراجع أثناء الزيارة عن هذا التلويح القوي، مدعيا أن القرار بيد الشعب وزاعما أن الشعب لا يريده.
ومع ذلك عاد النظام إلى التلويح بإمكان المصالحة عبر قرارت القضاء الموالي قبل زيارة بريطانيا ثم في بدايات ديسمبر بعد زيارة للسعودية بنقض أحكام الإعدام على عشرات من قادة جماعة الإخوان وتخفيف احكام أخرى.
على هذه الخلفية، أظن أنه من الضروري ملاحظة الأمور التالية:
إن رأس الحكم العسكري يتوجه بهذه التلويحات أساسا للدول الغربية والعالم الخارجي عموما، وفي وسائل إعلامها، ما يقطع بأنه يستجلب رضى هذا الدول ويعتبرها كعادة أنظمة الحكم التسلطي الفاسدة جميعها مصدرا لشرعيته.
إن الحكم العسكري يستخدم القضاء كرأس حربة في مناورات المصالحة، وبشكل مهين يحط من القضاء واحكامه، أولا في إصدار أحكام ظالمة إلى حد العبث، ثم في المناورات في التخفيف من الأحكام أو حتى نقضها. وفي مجموعة الأحكام التي سبقت الإشارة لها دليل قاطع على تسييس القضاء المصري واستغلاله أبشع استغلال من قبل سلطة الحكم الراهنة، من خلال العبث باستقلاله.
هذا الكاتب دعا دوما إلى رفع الظلم عن كل مظلوم، وهم بعشرات الألوف في مصر. وكنت دائما وسأظل ما حييت، وعلى الرغم من معارضتي القوية علنا لحكم الإخوان في أوج سلطتهم، مع المطالبة باحترام الحقوق الإنسانية لأعضاء جماعة الإخوان ومناصريهم وقد تعرضوا في ظل الحكم الراهن لظلم بشع، يضر ليس فقط بسمعة أجهزة الأمن والقضاء، ولكن بسمعة مصر كلها وأهلها ما بقي هذا الظلم.
إلا أن التجاوزات الأمنية والقضائية البشعة تشمل كثيرين غير الإسلاميين لابد من أن تشملهم المصالحة،. ومن شديد الأسف أن تصريحات الرئيس لا تعبر عن رغبة جادة في رفع الظلم عن جميع المظلومين، فمازال يتبنى افتراءات أجهزة الأمن بأن ليس هناك من مختفين قسريا في مصر، ويريد أن يقنعنا، وكأننا سذج جهلاء، أن هؤلاء هاربين كانوا يريدون الالتحاق بداعش.
هو مثلا يريد أن يمرر علينا أن إسراء الطويل، الشابة المعاقة جسديا، كانت تريد أن تلتحق بداعش بوجودها أمام قسم الشرطة الذي اختطفت من أمامه. إن كان يصدق ما يقول، فيتعين أن يخضع لكشف عن سلامة قواه العقلية.
إن المصالحة المطلوبة في نظري تمتد إلى جميع أهل مصر. فقد ارتكب الحكم العسكري في حقهم جميعا إساءات بالغة تتعدي التجاوزات الأمنية وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، التي طالت الجميع، إلى الخسف بمستوى معيشتهم بل وتهديد حياتهم (بتسليم مقدرات تدفق نهر النيل لإثيوبيا).
مع ذلك أخشى أن تتحول المصالحة القادمة إلى جولة جديدة من زواج المصلحة النفعي بين المؤسسة العسكرية واليمين المتأسلم الذي وإن كان قد انتهى بطلاق غير بائن مع الإخوان ما زال قائما مع السلفيين.
على القوى الوطنية والثورية جميعا أن ترفض وتعمل ضد أن يقوم، مرة اخرى، تحالف عسكري-ديني يقاوم الثورة الشعبية العظيمة باضطهاد نشطائها من جميع الانتماءات السياسية ويمنع من نيل غاياتها في الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية بالإبقاء على الحكم التسلطي الفاسد الذي قامت الثورة الشعبية العظيمة لإسقاطه، ولم تفلح حتى الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.