قال الدكتور نادر فرجاني خبير التنمية البشرية، إن التلويح بمصالحة جماعة الإخوان أصبح طقسا متكررا ومعتادا عشية سفر رأس الحكم العسكري لدولة غربية يتأمل أن يحصل من حكومتها على تأييد حكمه أو على الأقل التخفيف من حدة اعتراضها على سياساته القمعية الباطشة. وقال في تدوينة له علي شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك": لكن المناورة الأخيرة قبل السفر لبريطانيا كان لها أهمية خاصة نظرا للوجود القوي تقليديا لجماعة الإخوان فيها. لذلك كان التلويح بالمصالحة قويا. ولفت إلى أنه من الضروري القطع أن السيسي وعندما يتوجه بهذه التلويح بالمصالحة للدول الغربية وفي وسائل إعلامها يسعي لجلب رضا هذه الدول ويعتبرها كعادة أنظمة الحكم السلطوي جميعها مصدر شرعيته، ولا يعير شعبه اهتماما فيما يتصل بهذه القضايا المصيرية. وأشار إلى أن الحكم الحالي يستخدم القضاء كرأس حربة بشكل مهين يحط من قيمة القضاء وأحكامه، أولا في إصدار أحكام ظالمة إلى حد العبث، ثم عشية المناورات في التخفيف من الأحكام أو حتى نقضها، وفي مجموعة الأحكام التي سبقت المناورة الأخيرة، دليل قاطع على تسييس القضاء المصري واستغلاله أبشع استغلال من قبل النظام، من خلال العبث باستقلاله. ولأهمية القضاء المنصف والمستقل للدولة المدنية الحديثة التي نروم نتمنى أن يربأ أهل القضاء بأنفسهم عن هذا المنزلق المهين. وتابع: أنا دوما مع رفع الظلم عن كل مظلوم، وهم بعشرات الألوف في مصر. وكنت دائما وسأظل ما حييت، وعلى الرغم من معارضتي القوية علنا لحكمهم في اوج سلطتهم، مع المطالبة باحترام الحقوق الإنسانية لأعضاء جماعة الإخوان ومناصريهم وقد تعرضوا في ظل الحكم العسكري لظلم بشع، يضر ليس فقط بسمعة أجهزة الأمن والقضاء، ولكن بسمعة مصر كلها وأهلها ما بقي هذا الظلم البشع. ولكنني أظن أن رأس الحكم العسكري غير مخلص حتى في التصالح مع التيار الإسلامي بدليل تحريضه على ليبيا، الموضوع السابق. وأشار إلى أن التجاوزات الأمنية والقضائية البشعة تشمل كثيرين غير الإسلاميين لابد من أن تشملهم المصالحة، بتكفير الحكم وأدواته عن هذه الذنوب الجسيمة. ومن شديد الأسف أن تصريحات الرئيس الأخيرة لا تعبر عن رغبة جادة في رفع الظلم عن جميع المظلومين فمازال يتبنى افتراءات أجهزة الأمن بأن ليس هناك من مختفين قسريا في مصر، ويريد أن يقنعنا، وكأننا سذج جهلاء، أن هؤلاء هاربين كانوا يريدون الالتحاق بداعش. وسخر الفرجاني بشدة من محاولة النظام تمرير أن إسراء الطويل، الشابة المعاقة جسديا، كانت تريد أن تلتحق بداعش بوجودها أمام قسم الشرطة الذي اختطفت من أمامه. إن كان يصدق ما يقول، فيتعين أن يخضع لكشف عن سلامة قواه العقلية. ولفت إلى ضرورة أن تمتد المصالحة المطلوبة إلى جميع أهل مصر. فقد نظام 3يوليو في حقهم جميعا إساءات بالغة تتعدي التجاوزات الأمنية وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، التي طالت الجميع، إلى الخسف بمستوى معيشتهم بل وتهديد حياتهم (بتسليم مقدرات تدفق نهر النيل لإثيوبيا. وأبدى خبير التنمية البشرية في ختام تدوينته خوفه من تحول المصالحة القادمة إلى جولة جديدة من زواج المصلحة النفعي بين المؤسسة العسكرية والإسلاميين الذي وإن كان قد انتهى بطلاق غير بائن مع الإخوان ما زال قائما مع السلفيين. ومع هذا طالب القوى الوطنية والثورية جميعا بأن ترفض وتعمل ضد أن يقوم، مرة أخرى، تحالف عسكري - ديني يقاوم الثورة الشعبية العظيمة باضطهاد نشطائها من جميع الانتماءات السياسية ويمنع من نيل غاياتها في الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية بالإبقاء على الحكم التسلطي الفاسد الذي قامت الثورة الشعبية العظيمة لإسقاطه، ولم تفلح حتى الآن.