لا تزال الحكومة المصرية حائرة في موقفها من سد النهضة وتحاول تهدئة الرأي العام بكل الطرق، وانخرطت في مفاوضات ماراثونية مع إثيوبيا بهدف حل الخلاف القائم بعد توجه الأخيرة لبناء سد النهضة. بخلاف الموقف المصري، تؤكد السودان دعمها لتشييد السد الإثيوبي، الذي من المفترض أنه سيؤثر على حصتها بجانب مصر، لكن على ما يبدو أن هذا السد لن يكون له ضرر سوى على مصر؛ لأنه سيكون حيويًّا بالنسبة للسودان، التي ستخسر في حال عدم إكمال بناء السد، خاصة أنها تقيم في الوقت الحالي مجموعة من السدود في شمال البلاد ستمولها السعودية. السودان وإثيوبيا تتشابهان في الظروف الاجتماعية الآن، فكما خرجت احتجاجات عارمة في إثيوبيا بسبب تهجير المواطنين لتشييد سد النهضة، تمر السودان بظروف مشابهة، حيث هناك موجات غضب عارمة واعتراض من السودانيين المتضررين جراء تشييد مجموعة السدود التي تسعى الخرطوم إلى تشييدها بتمويل سعودي. وفي هذا السياق قال موقع أوول أفريكا: هناك مجموعات مناهضة لإقامة السدود في شمال السودان نشطت بعد زيارة الرئيس السوداني عمر البشير والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للرياض نوفمبر الماضي، حيث تم توقيع اتفاقيات بين حكومتي البلدين، من ضمنها تمويل مشروعات سدود «الشريك وكجبار ودال» بولايتي نهر النيل والشمالية، لتوليد الكهرباء. وتحاول السودان طمأنة الشعب حتى يدعم سد النهضة، قائلة إن المشكلات الناجمة عن السدود المقترحة يمكن أن تنحسر لحد كبير، بعد إنشاء سد النهضة الإثيوبي الذي سينظم جريان المياه؛ مما يقلل احتمالية غمر مناطق كبيرة بالمياه قد تتسبب في غرق بعض مزارع ومساكن أهالي القرى المتاخمة للنيل. وأوضح مسؤول بالولاية الشمالية في مايو 2013 أن سد كجبار الذي سيقام في الولاية لتوفير 360 ميجاوات، وسيغمر 12 قرية بالضفتين الشرقية والغربية للنيل. وأجاز البرلمان السوداني الثلاثاء الماضي ثلاث اتفاقيات إطارية، وقعتها المالية الاتحادية مع الصندوق السعودي للتنمية؛ لإنفاذ مشروعات تنموية في السودان، تشمل تمويل مشروعات مياه الريف، كهرباء بورتسودان وثلاثة سدود. وسعت السودان مؤخرًا إلى استمالة السعودية نحوها عبر مشاركتها في العمليات العسكرية التي تقودها السعودية باليمن، فضلًا عن التصريحات الدبلوماسية التي تدعم موقف الرياض حيال عدة ملفات بمنطقة الشرق الأوسط، واستغلت السودان هذا التقارب مع السعودية ضد شعبها نفسه، عبر إنشاء سدود يرفضها أهالي المناطق المقرر تشييد السدود بها. وصوت نائب دائرة حلفا البرقيق عصام ميرغني ضد إجازة الاتفاقية، التي تتضمن تمويل إنشاء ثلاثة سدود بولايتي نهر النيل الشمالية، وذرف الدموع ووجد صعوبة في إكمال مداخلته، وسط مطالبات له بالجلوس بعد وصول رسالته وبالثبات لإكمال حديثه. وقال النائب بعد ذلك: هناك اعتراضات على هذه المشروعات؛ بسبب الروح التي أبدتها الجهات المختصة بتجاوز الأجهزة الرسمية والولائية وتغييب للقيادات المجتمعية، وحزمة من المواجع والجراحات والمرارات أدت لإزهاق أرواح من دون أن تأخذ العدالة مجراها. وانتقد عصام ميرغني ضبابية الرؤية وغياب المعلومات بشأن ملف السدود، قائلًا: ما حدث لأهلنا بأمري والحمداب والمناصير من مواجع أكدت أن هذه المشروعات ومثيلاتها مرهون بمصادقة ورضا المواطنين.