طمعًا في الجنة والشهادة، ورغبة في لقاء الحور العين في السماء، يرتدي الشخص الإرهابي موادًّا متفجرة «حزام ناسف» حول جسده، ويسير به نحو آخرين ليضغط على الزر، وهو يعلم أن تلك آخر أنفاسه، وسيتفتت جسده إلى قطع وتتناثر؟ أو يطلق الرصاص على مدنيين تارة وذبحهم تارة أخرى؟ حسبما يؤكدون في مقاطع مسجلة قبل تنفيذهم تلك العمليات. عقيدة الإرهابي «اقتلوا من في الأرض تنكحوا من في السماء» كلمات وحبر على ورق أخطر من الرصاص للسيطرة على العقول، حيث إن الجماعات الإرهابية تستعين بعدد من الكتب، لإقناع الشباب بالتوافد إليها والانضمام الى القتال، حيث يقنع القيادات أن قتال من في الأرض يجلب لهم الشهادة والفوز بمقعد في الجنة والعيش بجانب الحور العين أمد الدهر. كما أن هناك كتابًا يتم تداوله وطباعته في مصر بعنوان "البشرى المهدية" وموجود بين يدي عدد كبير من الأفراد المتطرفين خاصة في سيناء، يتحدث الباب الثالث منه، على أن جميع المواطنين المدنيين الذين يشاركون في عمليات التصويت على الانتخابات، من شأنها أن تساهم في حدوث عمليات قتل للمسلمين وإفسادهم وصدهم عن دينهم، يجوز قتلهم. كما يحتوي الكتاب على فصل كامل يستند عليه "ولاية سيناء"، في قتل الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ، حيث أفتى أمير داعش السابق، بقتل المدنيين قائلًا: «مما اتفق عليه أهل العلم قاطبة، جواز قتل النساء والأطفال والشيوخ، إذا كانوا غير متميزين بحيث يصعب تمييزهم عن غيرهم، خصوصًا إذا كان المجاهدون يريدون مباغتة العدو بياتًا أو غيره». واستند الكتاب على نصوص من السنة وردت فى مسلم منها: «أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري، وقال الإمام مسلم باب جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد»، واستند أيضًا: عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله إنا نصيب في البيات من ذراري المشركين، قال: "هم منهم"، وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم، قيل له: لو أن خيلًا أغارت من الليل فأصابت من أبناء المشركين قال: هم من آبائهم البخاري "2197″ومسلم 3282. ومن ضمن الكتب أيضًا التي تساهم في بناء عقلية الإرهابي كتاب «قتال الطائفة الممتنعة»، الذي يجيب عن سؤال إذا كان الشعب عندكم مسلمًا والشرطة مسلمة والجيش مسلمًا، وبالتالي فهم معصومو الدم والمال، فكيف تقاتلونهم وتقتلوهم وتبيحون دماءهم وأموالهم؟ ويأصل الكتاب لفكر أن أي طائفة تمتنع عن تطبيق شريعة واحدة من شرائع الإسلام تقاتل على هذه الشريعة حتى تطبقها، وفرقوا بين القتل والقتال، فأفراد هذه الطائفة الممتنعة يجوز قتالهم وهم مسلمون ولا يجوز قتلهم، وجاءت هذه التفرقة ليهربوا من أحكام عصمة الدم، وأن الدم لا يباح، فلا على سبيل الحصر، والحالة التي يقولون بها ليست من هذه الحالات، فقالوا: إن القتال ليس هو القتل وأن هناك اختلافًا بينهما، مع أن نتيجة في الحالين سفك الدماء، لكنه تطويع الدين وفق رغباتهم. كما يتحدث الكتاب عن مسألة التترس، وهي إذا كان أعداء المسلمين قد تترسوا بأسرى مسلمين في الحرب، بحيث لا يستطيع المسلمون الوصول إلى أعدائهم إلَّا عن طريق قتل الأسرى المسلمين، فإنهم أجازوا قتل الأسرى المسلمين؛ حفاظًا على جيش المسلمين، وتحقيقًا لمصلحة الإسلام، واستندوا في ذلك إلى فتوى لابن تيمية في الفتاوى الكبرى: مثل "وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترس بمن عنده من أسرى المسلمين، وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون، وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم». استراتيجية الجماعات الإرهابية في معاملة ضحاياهم خصصت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، افتتاحية الجريدة في الإجابة على ذلك التساؤل، حيث أرجعت عمليات الذبح المروعة التى يصورها تنظيم "داعش"، إلى أنه لم تكن عن طريق الصدفة بليتم إخراجها بعناية، وتهدف من ورائها إلى رسالة موجهة ترهب بها الخصم وتستفزه لدفعه للرد عسكريًّا، وتطور الأمر كي يتحول إلى حرب برية على الأرض. أما عن اللون البرتقالي التي تحرص تلك الجماعت أن يرتديه من قاموا بأسرهم وخطفهم، قبل تنفيذ عملية الإعدام، فهو تم أخذ التصميم من مركز الاعتقال الإمريكي غوانتانامو، كما يحرص الإرهابيون أيضًا على نشر عملياته معبر مقاطع الفيديو عبر شبكة الانترنت لكي تظهر وحشيته ودمويته. اختيار الوقت والمكان بالنظر إلى التسلسل الزمني للعمليات الإرهابية في مصر، نجد أن تلك الجماعات تحرص على أن يكون لها عملية نوعية قوية كل 3 أو 4 أشهر، أما عن تحديد الشهر المناسب، فوجدنا أن مايو وأغسطس غالبًا ما تتكرر في الأحداث كل عام، بجانب "أبريل ويونيو ويوليو وسيتمبر"، كما يحرصون على أن تكون لهم ذكرى في شهر رمضان، أما المكان فتعد محافظتا شمال وجنوب سيناء المكان المفضل لهم، حيث الطبيعة الجبلية التي يتمكنون من الاختباء بها. ففي مايو عام 2013، كانت الأزمة الكبيرة بشأن خطف عدد من الجنود والضباط كرهائن من قِبَل بعض الجماعات الجماعات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء، وظهر وقتها المختطفون في شريط فيديو وهم يستنجدون ويطلبون من النظام وقت رئاسة محمد مرسي الإفراج عنهم. وفي 19 أغسطس 2013، وقعت مذبحة رفح الثانية، التي نفذت على الحدود بين مصر وإسرائيل، وأسفر عن استشهاد 25 جنديًّا مصريًّا، وإصابة اثنين آخرين، بعد أن أوقف مسلحون حافلتين تقل الجنود من إجازتهم إلى معسكراتهم بشمال سيناء في رفح وأنزلوا الجنود وقتلوهم. وفي 11 سبتمبر 2013، استهدف انتحاري مقر المخابرات العسكرية المصرية في رفح، وفي نفس الوقت صدمت سيارة ملغومة نقطة تفتيش تابعة للجيش، وقتل تسعة جنود على الأقل في هذين الهجومين اللذين نفذا في وقت واحد. وفي 28 يونيو 2014، وقعت مذبحة أسفرت عن استشهاد 4 جنود أمن مركزي مصريين بمنطقة سيدوت، في أولى ليالي شهر رمضان، بعد أن نصبت مجموعة من العناصر الإرهابية كمينًا وهميًّا عند منطقة باب سيدوت. وفي أغسطس 2014، استشهد 33 جنديًّا مصريًّا في هجومين بسيناء، حيث قتل 3 جنود مصريين في هجوم ثان وقع في مدينة العريشبسيناء الجمعة، بعد ساعات من هجوم أول راح ضحيته 30 جنديًّا مصريًّا في منطقة الشيخ زويد الواقعة في محافظة شمال سيناء. وفي أبريل 2015، قتل 14 شخصًا، معظهم من رجال الأمن، وأصيب أكثر من 45 آخرين في ثلاث هجمات تبنتها، ما يسمى ب"ولاية سيناء"، فرع تنظيم الدولة الإسلامية في مصر، استهدفت عناصر الجيش والشرطة، في شمال سيناء. كما تبنت "ولاية سيناء" في مايو 2015 مقتل ثلاثة قضاة في هجوم شنه مسلحون على حافلة كانوا يستقلونها في مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء. وفي يوم 1 يوليو 2015، شنت "ولاية سيناء" أكبر عملية إرهابية منظمة في سيناء منطقة الشيخ زويد، والتي أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة بأن المعلومات الأولية تشير بمهاجمة عدد 5 أكمنة بقطاع تأمين شمال سيناء، واستشهاد 10 جنود.