قلق إسباني تتداوله الوكالات العالمية خلال الفترة الأخيرة بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية في إقليم كاتلونيا الشهر الماضي، والتي أسفرت عن فوز التحالف الذي يدعو إلى انفصال الإقليم عن إسبانيا بأغلبية المقاعد في البرلمان الإقليمي، الأمر الذي نتج منه تحالفات بيت الأحزاب الإسبانية لمواجهة دعوات انفصال إقليم كتالونيا عن البلاد. اتفق رئيس الحكومة الإسبانية، ماريانو راخوي، زعيم الحزب الشعبي الحاكم، مع بيدرو سانشيز، زعيم الحزب الاشتراكي، أكبر أحزاب المعارضة، على العمل من أجل تنسيق دفاعهما عن الدستور والوحدة الوطنية والسيادة الوطنية والمساواة بين جميع الإسبان، وتعهدا بإجراء محادثات ثنائية خلال الأيام المقبلة لتنسيق اتخاذ تدابير وإجراءات مشتركة بينهما، وجاء هذا الاتفاق كرد لمواجهة مشروع استقلال كتالونيا، وانفصالها عن إسبانيا، والذي قدمته الخميس الماضي الأحزاب الانفصالية وهي تحالف "كلنا من أجل نعم"، وحزب "الوحدة الشعبية الاستقلالي"، اللذان ينويان تنفيذ المشروع الاستقلالي خلال 30 يومًا، حيث بدأ المشروع بصياغة مشاريع قوانين دستورية خاصة بالإقليم، أطلقوا عليه "الدستور الكتالوني"، وإقامة ضمان اجتماعي مستقل واستقلال النظام الضريبي عن إسبانيا، ومؤسسات أخرى للدولة المقبلة. ينص الدستور الكتالوني أيضًا على عدم خضوع الحكومة المقبلة التي من المتوقع تشكيلها بحلول 7 نوفمبر المقبل، لقوانين الدولة الإسبانية؛ بما فيها "المحكمة الدستورية"، واعتبارها فاقدة للشرعية ولا يمكنها التدخل في بناء الجمهورية الكتالونية. في هذا السياق، هدد "راخوي"، في مؤتمر صحفي بمقر الحكومة الإسبانية ب"لامونكلوا"، أن الدولة الإسبانية ستواجه بقوة القانون هذا المشروع الذي يهدف لتقسيم البلاد من طرف هذه الأحزاب بانشقاق إقليم كتالونيا، واصفًا إياه ب"القرار الاستفزازي"، وستقوم الحكومة بإجراءات للرد عليه أهمها وأولها تعليق الحكم الذاتى نهائيًّا، بتهمة تحدي دستور البلاد واختراقه، وتولي الحكومة المركزية تسيير شؤون كتالونيا، حيث سيكون ذلك بمثابة رد على إعلان كتالونيا وثيقة جديدة للاستقلال. ومن بين التدابير التي يسمح القانون الإسباني باتخاذها، الطعن في هذا المقترح لدى المحكمة الدستورية، وعندما يتحول إلى وثيقة مدعومة من قِبَل مجلس النواب الكتالوني، وكذلك إمكانية إعلان عدم أهلية السلطة أو السلطات التي ترفض تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية. وكان قد فاز انفصاليو إقليم كاتالونيا، بأغلبية المقاعد في البرلمان الإقليمي، وحصل "معا من أجل نعم" وهو التحالف الرئيس الانفصالي، على 62 مقعدًا، في حين حصلت لائحة "الوحدة الشعبية" وهي لائحة انفصالية يسارية على 10 مقاعد، وبذلك ينال دعاة الانفصال 72 مقعدًا من أصل 135 أي أكثر من أغلبية 68 مقعدًا التي كانت لهم، ونالوا معدل 47.3% من نسبة التصويت. وقالت نائب رئيس الحكومة الإسبانية "سورايا ساينز دي سانتاماريا"، الجمعة: الحكومة ستقدم طعنًا إلى المحكمة الدستورية إذا وافق البرلمان الكتالوني على مقترح إعلان استقلال إقليم كتالونيا؛ بهدف تعليق نظام الحكم الذاتي الذي يتمتع به الإقليم، وجاءت تصريحات "سانتاماريا" في مؤتمر صحفي، عقد بعد اجتماعٍ لمجلس الوزراء، في رد منها على سؤال حول الخطوات التي ستقوم بها الحكومة الإسبانية إذا تمت موافقة البرلمان الكتالوني على مقترح إعلان الاستقلال الذي قدمته الأحزاب الانفصالية. وأوضحت نائب رئيس الحكومة الإسبانية أن "أول خطوة ستتخذها الحكومة هي تطبيق المادة 161 من الدستور الإسباني لتطلب من المحكمة الدستورية التوقيف الفوري لقرار الاستقلال"، وأشارت "سانتاماريا" إلى أن بعض الأحزاب الكتالونية التي ترفض الانفصال، قدمت طلبًا للبرلمان الكتالوني، تطالب بإعادة النظر في هذا المقترح الانفصالي، وأكدت أنه "لا يمكن رفض قبول طلبهم"، مضيفة: "وإذا قام البرلمان الكتالوني بذلك، فسيعتبر انتهاكًا محتملًا لحقوق النواب البرلمانيين وفقًا للمادة 23 من الدستور"، خاصة أن "أرتور ماس" رئيس حكومة كتالونيا (شمال شرق إسبانيا)، صرح الخميس الماضي، بأن "مشروع استقلال كتالونيا الذي تم تقديمه للبرلمان الكتالوني مؤخرًا بمثابة إعلان رسمي لبدء مسار سياسي ينتهي باستقلال الإقليم".