زيادة الكهرباء والمياه والغاز.. ومحصلون يضعون قراءات وهمية مواطنون يلجأون لسرقة التيار.. والأهالي يطالبون بزيادة الحملات باتت أسعار الخدمات الحكومية حديث الناس في كل مكان، وفي محافظة المنيا أصبح المواطنون يتساءلون عن كيفية حسابها، وصاروا أقرب إلى الاقتناع بأنها تأتي عشوائية، رغم أنهم في كل الأحوال يوفرون قيمتها من أقواتهم وعلى حساب أحوالهم المعيشية. "البديل" تحقق في هذا التقرير في أسباب ارتفاع أسعار الخدمات وتأثيرها على المواطنين،والبداية مع فواتير الكهرباء، التي وصلت قيمتها إلى حد أثار غضب المواطنين في القرى والمدن، بخاصة البسطاء ممن لا يمتلكون أجهزة تكييف وسخانات ومبردات، حتى أن بعض الأسر لا تمتلك الأجهزة المنزلية العادية وتقطن بوحدات سكنية صغيرة فوجئت بتضاعف أسعار الفواتير. محمود عبد الراضي، موظف بالري، قال ل"البديل" إنه يقطن وأسرته المكونة من 4 أفراد داخل وحدة سكنية مساحتها 87 مترا، وفوجئ بفاتورة الكهرباء خلال الشهور الثلاثة الماضية تتراوح ما بين 90 إلى 120 جنيها، موضحا أنها لم تكن تتعدى في الأشهر السابقة ال35 جنيها، وهو ما لم يستطع تفسيره. وتساءل فراج عبد النبي، يعمل على عربة كاور ويقيم قرية بهدال، عن كيفية سداد الفواتير وقد تراوحت ما بين 60 إلى 90 جنيها، في حين أنه يعمل "أرزقي" لا يتعدى دخله 50 جنيها يوميا ويعول 6 أفراد، موضحا أن سعر الفاتورة غير طبيعي مقارنة بالاستهلاك، وأنه تقدم بشكوى لشركة الكهرباء، بعدها فوجئ بزيادة قدرها 20 جنيها. في الوقت نفسه يشكو دكتور سيد أحمد، لديه وحدة سكنية بالمنيا بها تكييف وسخان كهربي، من أنه كان يمكث في القاهرة لمدة شهرين وفوجئ بفاتورة الكهرباء في أول شهر بقيمة 180 جنيها في حين لم يستهلك الكهرباء يوما واحدا، وقال إن ذلك كان أكبر دليل على الفوضوية والعشوائية. ومع الشكوى من تدني مستوى الدخول لجأ كثير من المواطنين إلى سرقة التيار الكهربي، وهو أمر منتشر بالقرى والنجوع النائية، كشفه ل"البديل" عدد من أهالى القرى وعاملين بقطاع الكهرباء. حمادة عمار، مستشار مالي بوزارة المالية، أوضح أن سرقة التيار تتم بمساعدة عاملين بقطاع الكهرباء نفسه، وأن المواطنين الشرفاء يدفعون الثمن، فزيادة أسعار الكهرباء في مصر نتيجة الفاقد المسروق، مطالبا وزارة الكهرباء بالتعاون مع مباحث الكهرباء إعلان حرب شعواء على لصوص الكهرباء لمواجهة هذه الظاهرة، على أن يتم إحلال موظفين جدد لقيادة هذه الحملات وتجنيب القدامى، وإلغاء نظام مرشدين المباحث وإبداله بمنظومة سريه فائقة السرعة، والتركيز لكشف المتورطين وكشف ممن يثبت عدم صلاحيتهم لهذه المهام وبموجب اللائحة الداخلية للشركة، مع رفع نسب التحصيل في مختلف شركات التوزيع في المنازل أو المصانع الخاصة والقطاع العام بأنحاء الجمهورية، وطالب أيضا رؤساء مجالس إدارة شركات التوزيع تسيير دوريات يومية لحصر المخالفين وعمل تقارير يومية. وقال مصدر بشركة كهرباء مصر الوسطى –رفض ذكر اسمه- إن الحكومة تتعامل مع المواطن بسياسية "تنفيض الجيوب"، وسط تضارب في تصريحات المسؤولين، ففي الوقت الذي يوجد فيه شريحة من اللصوص يستفيدون مجانا من سرقة الكهرباء، توجد شريحة أخرى من الشرفاء يتم تحميلهم الفاقد من الكهرباء على فواتيرهم ليدفعوا ثمن استهلاكهم بالإضافة إلي استهلاك غيرهم، وإذا امتنعوا عن الدفع أو تأخر السداد يتم قطع التيار عنهم، فضلا عن القطع العمومي لتخفيف الأحمال. ومن الكهرباء إلى المياه ارتفعت الفواتير بشكل مبالغ فيه، فبحسب تأكيدات الأهالي كانت الفاتورة لا تتعدي 15 جنيها لكنها وصلت إلى 80 جنيها، واضطر بعضهم للجوء إلى الطلمبات الحبشية في أغراض غسيل الأواني والملابس، واقتصار الاعتماد على مياه الصنبور في الشرب والاستحمام فقط. وتساءل الأهالي كيف في بلاد النيل يعاني الناس زيادة أسعار فواتير المياه، لتصل إلى هذا الحد، مطالبين بتخفيض أسعارها لأنهم يتكبدون أحمالا زائدة وأعباء مادية مضافة. دكتور إبراهيم خالد، رئيس شركة المياه بالمنيا، قال إن بعض المحصلين يأخذون قراءات تكون مخزنة داخل العدادات، وبعضهم يجلس على المقاهي ويكتب قراءات وهمية، لكن الشركة لم تتخذ أية إجراءات من شأنها زيادة أسعار الفواتير، وأضاف أنه يتم معاقبة المحصلين بالجزاءات وأحيانا الوقف عن العمل، وبسؤاله أقر أن عددا من المواطنين بالفعل رفعوا قضايا ضد المحصلين مطالبين بحضورهم لقراءة العدادات. وبسؤال أحد المحصلين قال إنه شاهد عيان على بعض زملائه ممن يكتبون قراءات وهمية، في حين أنهم مكلفين بطرق الأبواب لكتابة قراءات حقيقية عن استهلاك المواطنين، حتى لا يعرض الأهالي لدفع مبالغ أكثر من المستحقة. وبالنسبة لفواتير الغاز، قال الأهالي إنها وصلت إلى 45 جنيها بعدما كانت تتراوح ما بين 3 إلى 7 جنيهات، وقال مسؤول بالشركة إن ارتفاعها كان ضروريا نظرا لما تقوم به الشركة من أعمال مد خطوط الغاز لتشمل مراكز المحافظة كافة بنجوعها وقراها، إضافة لزيادة أعداد الموظفين وزيادة رواتبهم، خاصة بعد اعتماد الحد الأدنى للأجور، كما أن الشركة لجأت لشراء العديد من السيارات. وقال محمود أبو الجود، إنه نموذج وضحية لارتفاع أسعار فواتير الماء والكهرباء والغاز في مسكن واحد، فقال إنه دفع 250 جنيها إجمالي مستحقات الفواتير الثلاثة، في حين أنه موظف بسيط يتقاضي 1400 جنيها شهريا. وقال أسامه أبو ستة، محامي بالمنيا، إن الزيادات التي أقرتها الحكومة على مرتبات الموظفين تعود لتسحبها ثانية من خلال فواتير الخدمات "اللي بتدفعه الحكومة باليمين بترجع تاخده بالشمال". وطالب الأهالي بتحرى الدقة في تحصيل الفواتير، وأن يقوم المحصلون بالكهرباء والمياه بقراءة العدادات فعليا، كما طالبوا الحكومة بتخفيض الأسعار واتخاذ إجراءات صارمة ضد أصحاب المزارع والمصانع والمنازل ممن يستولون على التيار الكهربي بالسرقة.