سيناء بشكل أو بآخر تنتمى للقناة لا العكس، فهي حاجز جغرافي عند عبوره شرقا يجبره لخضوع امتدادها أمامه حيث المضايق. وإذا عبرناها من الشرق كان امتداد مضايق ومحاور سيناء على ضفاف القناة الشرقية يخضع لجغرافيا القناة، أي أن سيناء هي من تخضع للقناة عند عبورها شرقا، وتخضع القناة لها عند عبورها غرباً. وبهذا تصبح سيناء بالقناة وبجغرافيتها العنيدة تعاقب من يتخلى عنها وعن سيناء، وعلى هذا تكون القناة إما أن تحارب معنا أوعلينا، وعند تلك النقطة يمكننا أن نضع أساس نظرية قوة القناة لنقول إن القناة ليست خط الدفاع الأخير لنا بقدر ما هي محور الهجوم المضاد الأول، والهدف الأول للقوة الجوية للعدو من خلال (خليج العقبة وصولاً لمنحنى خليج السويس ومنه للشمال حيث القناة، أو من خلال ساحل المتوسط ومنه إلى الجنوب عبر بورسعيد) والأرجح أن القناة تحارب معنا إذا كنا نتحرك هجوماً منها وليس عبرها، وتحارب ضدنا إذا انسحبنا للتحصن خلفها، فالوصول إليها من الشرق هو استراتيجية تحسم أمر سيناء بأكملها، والعبور منها للشرق يكون مصيدة طولية وخاصة عند الدفاع لا الهجوم. فالثابت من وقائع التاريخ أن القناة كانت حاضرة بوزنها الاستراتيجي وتأثيرها الاقتصادي في آن واحد، ولذلك لا يمكن إغفال قيمتهما الاقتصادية باعتبارهما مكونا فعالا وقيمة مضافة للتنمية. وعلي هذا يجب توظيف التنمية كعامل مكمل للأمن القومي لا أن تكون هدفا في ذاتها، وهذا يدفعنا لتوظيف جسد القناة نفسه ليكون مدخلاً لتنمية دافعية تربط الاقتصاد الوطني بالأمن القومي، وقد سبق وحدث هذا بشكل تلقائي عند حفرها، فقد كانت سببا لامتداد المعمور غرب مجراها لتشكل بالزمن كثافة سكانية لا تنقطع لا تتمثل في مدنها الثلاث الشهيرة، بورسعيد، الإسماعيلية، السويس، بل خلقت خطا سكانيا عريضا يعمره الآن ملايين المصريين بالبيوت والمزارع والمدارس والمصانع والحقول، مما يعني أن القناة قديما جعلت من ضفتها الغربية خط تماس بين الدلتا وبين برزخ السويس ليتلون بصبغة الوادي لا الصحراء، أما شرق مجرى القناة فكان وجها للبرزخ القديم غير المعمور ظل فراغا مؤهلا بالإمكانيات لا البشر، ومن هنا تأتى القناة الجديدة لتطرح فرصة تاريخية يمكن توظيفها من خلال ربط جغرافي واسع بين ضفتي القناة عند الشمال والجنوب وعند رباعية الضفاف عند الوسط (القناةالجديدة). ولكن يجب أن تكون النظرة إلى شرق القناة بعين غربها بمعنى أن تكون معكوسا عمرانيا لضفتها المقابلة، بمعنى أنه كيفما أصبح غرب القناة معكوسا للدلتا يجب أن يتحول شرقها معكوساً له)، وهو بالفعل ماتم التخطيط له من خلال شبكة الأنفاق المطروحة ضمن المشروع. ولكن يجب أن تكون النظرة إلى شرق القناة بعين غربها بمعنى أن تكون معكوسا عمرانيا لضفتها المقابلة، بمعنى أنه كيفما أصبح غرب القناة معكوسا للدلتا يجب أن يكون الشرق هو الأخر معكوسا له، وذلك بتأسيس ثلاثية مدن القناة (بورسعيد ,الإسماعيلية ,السويس) ولكن شرق القناة. وبالفعل فضمن مشروع القناة إنشاء مدينة بمقابل الإسماعيلية لاستيعاب 10 آلاف وحدة سكنية مما يعنى أنه تم الوضع في الاعتبار وجود كتلة سكنية على منعطف القناة الجديدة، وهذا جهد واع لمخاطر القناة نتمنى أن ينتج في النهاية تنمية كلية ليس للضفة الشرقية للقناة الجديدة بل والقديمة بل وسيناء كلها. فبهذا فقط تكون القناة الجديدة أصبحت مدخلا للتنمية الدفاعية على طول المجرى الملاحي وظهيرا سكانيا قويا يلعب دور مدن القناة قديما حال الصراع ولكن تلك المرة غرب القناة لاشرقها، ولسنا هنا نحاول معارضة المشروع اقتصاديا ولا حتي استراتيجيا بقدر كوننا نحاول لفت النظر لضرورة صراع قادم لا محالة.