«تعدين أذن بقرة»، ديوان شعري جديد للشاعر اليمني هاني جازم الصلوي، صدر مؤخرًا ضمن سلسلة آفاق عربية، تتسم قصائده بخيال سيريالي، وتشكيل غرائبي للصورة الشعرية، تتسع الهوة فيه بين الدال والمدلول، وتلتبس الدلالة، وتتشظى العلاقة، الأمر الذي يحتاج إلى قدرة موازية على التأويل بإعادة إنتاج النص عبر بناء موازٍ للدلالات وإعادة تركيب العلاقات. ومن أجواء الديوان: «إلى تلك الوليمة/ سيلبس المصير قدميه ويدلَّى/ لسانه بالغبار كأى أرجوحة/ مؤمنة ومثل أى مرفأ/ لا يفكر بغير مرفقيه/ وبى»، بتلك الأبيات نتذكر معا صدور الديوان العام الماضي في طبعة تخص دار أروقة للدراسات والنشر. هاني جازم الصلوي، شاعر وباحث يمني من مواليد 1981 بتعز، عضو ضمن هيئة التدريس بجامعة تعز، وهو الآن رئيس مجلس إدارة مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، صدرت له 5 مجموعات شعرية نذكر منها "غريزة البيجامة، ما لا ينبغي أن يقال"، كما له في الدراسات كتاب بعنوان "الحداثة اللامتناهية الشبكية"، وله أعمال أخرى بين السرد والشعر تحت الطبع. المجموعة حوت نصوصًا مطولة مثل "تعدين أذن بقرة، لكي يهدأ الأرنب في الحقيبة، شاهدة: (يتمطى عاريا في الدقة)"، كما حوت مجموعة من النصوص التي تستقل كل منها بعنوانها الخاص كمقطع من نص ك"تسويف أو الحرب: رصاصة الرحمة، سيرة جدي (من القبر إلى حضنها)". قال عنه الكاتب محمد ناصر المولهي: منذ بدايتك تكتشف أنك بصدد قصيدة نثر مختلفة، تدخلها بشكل مرتبك، مؤكدا لنفسك منذ الوهلة الأولى أنك بصدد شعر غير ذاك الذي اعتدت قراءته، هاني لا يكتب ذالك النص الرومانسي أو الغنائي الموسوم بتعامل عاطفي مع العالم والأشياء، بل هو يكتب بطريقة عاصفة، مجنونة ترجك من أول خطوة لك في غمارها، "حتى ذلك الموعد/ سوف يقع الاسترخاء في البلاغة/ والبلاغة في النعاس/ ...../ حتى ذلك الحي/ سوف تأخذ المعركة شكلا ودودا". يخلط هاني الصلوي الأسماء والأشياء ويعيد تركيب عالم وفق ما يراه هو، لكن يترك الشاعر مفاتيحه للقاريء، مفاتيحه هي الأسماء نفسها، الأسماء المخلوطة على درجة تعتقد فيها أن أشياءها تفسخت، لكنها في الحقيقة تتخلى عن صورتها البدائية كما كوناها نحن، لتأخذ صيغة أخرى وتدخل نظاما علائقيا آخر، وينقسم معجمه في كتابه إلى مستويين، لكن ليس باستحضار التسميات فحسب بل باستحضارها هي وفاعليتها، إذن لا شيء جامد، فالشاعر يحرك عالمه وكأنه يأبى الركود. نتعرف كذلك إلى أعماله السابقة، كديوان "ليالٍ بعد خولة"، الذي قال عنه النقاد، إنه يتناول أبيات لأبى الطيب المتنبى، ويعيد البناء عليها بطريقة أطلقوا عليها "الكتابة عن الكتابة"، فضلًا عن تحكمه في الاقتباس لأبيات تعبر عن الحالة الشعرية للديوان. ففي العام 2009، قال عنه الناقد الدكتور أحمد الصغير: "الشاعر ارتدى ثوب المتنبى متخفيًا، وتتبع صراعه مع أهل اللغة والسياسة, لذلك اقتبس أبيات تتميز بالحكمة، وابتعد عن مصطلحات مكررة في النصوص الشعرية الحديثة، واستخدم مفرداته الخاصة التي تقترب بشكل أو بآخر من مفردات المتنبى نفسه, وما فعله هو أنه اتكأ على صراعات المتنبى، وبذلك لم يقدم شيئًا جديدًا، والجديد أن يقدم صوته الخاص، ويقدم مشاكله من خلال الشعر. أما الدكتور مدحت الجيار، فوصف ديوان "ليالٍ بعد خولة"، بأنه ملفت للنظر وبعيد عن انضباط الباحث الأكاديمى ودراسة الشاعر، وقال الجيار: الديوان يضم ثلاثة أصوات استطاع الشاعر أن يمزج بينها، ولا ينفى استقلالها فى الوقت نفسه, فيبرز صوت الشارع يتقاطع مع المتنبى وصوت الفيض، ووضعها فى مستطيلات خارجية بجوار النص والصوت الثالث صوت المتنبى، فعلاً من خلال أبيات تمثل رحلة المتنبى فى الحياة, وكان من الممكن أن يتحول الديوان إلى مسرحية شعرية بما تحتويه من أصوات، ولكن يبدو أن هانى الصلوى لا يملك الوقت الكافى لصياغتها. في العام 2013، حصد شاعرنا جائزة السنوسي، لأفضل مجموعة شعرية، والتي ينظمها نادي جازان الأدبي، مناصفة مع الشاعر الأردني أمين طاهر الربيع، وقتها خصصت الجائزة لأفضل مجموعة شعرية للشعراء تحت 40 عاماً، وشارك بها 16 شاعراً وشاعرة من اليمن والسعودية والإمارات والبحرين ومصر وسوريا وفلسطين والأردن.