رسم: محمد العطار تثار دهشة بديهية عند النظر إلى خارطة انتشار التنظيمات التكفيرية الإرهابية، خاصة في الزمن الحاضر، حيث بلغ قربهم من فلسطينالمحتلة أقصاه، وفي الوقت ذاته استدارت فوهات بنادقهم عكس اتجاه العدو "إسرائيل" ، تتحاشاه في معظم الوقت، وتنسق وتعمل وفق رؤيته ومصلحته وتدافع عنه في أحيان كثيرة. الجدلية الكلاسيكية لهذه التنظيمات منذ نشأتها –وإن أختلف الكثير حول نقطة بدايتهم- هي أن تحرير فلسطين والمسجد الأقصى لن يكون إلا بعد وصولهم للحكم، وإقامة خلافة تفرض رؤيتهم القاصرة للإسلام، ثم تأتي مقاومة العدو الصهيوني متذيلة قائمة أولوياتهم. خلال العام الماضي، ومع استفحال هذه التنظيمات وانتشارهم جغرافياً بطول وعرض البلاد العربية، لوحظ تمركز بعضها، وخاصة منذ بداية العام الماضي، في مناطق حدودية مع فلسطينالمحتلة، فعلى سبيل المثال هناك "جبهة النُصرة" التي تمركز في الشريط الأخضر بهضبة الجولان المحتلة، ليس للشروع في "تحرير الأقصى" ولكن لحماية الكيان الصهيوني و التنسيق العسكري والأمني معه وعلاج جرحى مقاتليهم في المستشفيات الإسرائيلية. الأمر نفسه مع قليل من التحوير، يحدث في سيناء، حيث تجنب بنادق تنظيم "أنصار بيت المقدس" سابقا، "الدولة الإسلامية-ولاية سيناء" حالياً توجيه رصاصها إلى العدو الإسرائيلي واستبدلته بجنود الجيش المصري. ومع تمركزها في المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، مما أضطر الدولة المصرية لعزل المنطقة وإخلائها، طبقاً لالتزام تفرضه معاهدة السلام بالعمل على حفظ أمن الحدود، وهو ما أوصل في نهاية الأمر إلى ما تريده إسرائيل منذ سنين، وهو مناطق عازلة آمنة على حدودها، تخلو من أي تواجد عسكري رسمي، وأن وجد، فمثله مثل الجولان، لابد أن تنشغل جيوش هذه الدول بصراع مع هذه التنظيمات، مما يضعف الاثنين، حسب تصريحات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لوسائل إعلام أميركية منتصف العام الماضي. الأنفوجراف التالي يوضح بعض الحقائق والمعلومات عن هذه بعض هذه التنظيمات المتمركزة حول فلسطينالمحتلة: 1- جبهة النصرة تعريف: الاسم الرسمي "جبهة النصرة لأهل الشام"، تواجد مقاتليها منذ يناير 2012 بسوريا، ضمت معظم أطياف معتنقي السلفية الجهادية في سوريا بالإضافة للعديد من العناصر الأجنبية من دول أوربية وآسيوية وأفريقية. في أبريل 2013 حدث انشقاق بين المقاتلين المنضوين تحت راية جبهة النصرة، بعد إعلان زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق آنذاك أبو بكر البغدادي عن توحيد ساحات الجهاد في العراقوسوريا تحت راية تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام، لتتضح عدة حقائق بعد هذا التاريخ عدة منها، أن جبهة النصرة بمثابة امتداد للتنظيم الأصلي في العراق، تزعمها أبو محمد الجولاني المأمور من قبل أميره أبو بكر البغدادي، وأن الانشقاق تم بعدما وجهت الدول الإقليمية الداعمة مثل قطروتركيا والسعودية دعمها بشكل مباشر إلى الجولاني، كذلك اتضحت حقيقة أخرى بعد تحكيم زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بين الجولاني والبغدادي، وانحيازه إلى الأول الذي بايع الظواهري كونه أمير لتنظيم القاعدة، لتصبح "جبهة النصرة" بمثابة فرع للقاعدة في سوريا. أعداد المقاتلين: تتراوح تقديرات عدد مقاتلي جبهة النصرة بين 4ألاف إلى 6 ألاف مقاتل من جنسيات مختلفة أوربية وآسيوية وأفريقية. تسليح: نقاط تحول: وفقاً لقرار مجلس الأمن 2170 الصادر في سبتمبر 2014 تم تصنيف جبهة النصرة كتنظيم إرهابي يجرم دعمه وتمويله طبقاً للبند السابع من ميثاق الأممالمتحدة, إلا أن ذلك لم يمنع أن تحظى الجبهة بدعم متواصل من تركيا وإسرائيل وقطر. التمركز: أهم مناطق التمركز حالياً على امتداد الحدود السورية مع فلسطينالمحتلة، وبشكل خاص على الشريط الأخضر في هضبة الجولان المحتلة، تم ذلك التمركز قبل أسبوعين من قرار مجلس الأمن وبدعم من المدفعية والطيران الإسرائيلي، وحاصر مقاتلي "النًصرة" قوات مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة. الموقف من إسرائيل: سربت مجلة "لا كنار إنشيان" المختصة بالصحافة الاستقصائية وتسريب وثائق وحقائق حكومية، أن جبهة النصرة حظت بدعم من إسرائيل في أواخر نوفمبر الماضي تمثل في دعم استخباراتي وتقني وتسليحي، وذلك حسب مصادر للمجلة في الاستخبارات الفرنسية. 2- الدولة الإسلامية-ولاية سيناء (أنصار بيت المقدس سابقاً) الاسم الأصلي هو "أنصار بيت المقدس" ترجح بعض التحليلات أن جذوره تمتد إلى تيار السلفية الجهادية وتنظيمات متطرفة محدودة مثل "أكناف بيت المقدس" إلا أن نشاط التنظيم منذ عامين أوضح أن هناك توجه جديد يستهدف أولاً الدولة المصرية وتواجدها في سيناء ضد منشأت حكومية وعسكرية مصرية اتسمت حينها بالمحدودية. وتعد البداية الرسمية للتنظيم من وجهة نظره بعد عرض عسكري في يوليو2014 وإعلان إمارة إسلامية في سيناء في بيان نسب للجماعة التي اتخذت من علم الدولة الإسلامية شعار لها. تم الربط بين هذا أنصار بيت المقدس وتنظيم "الدولة الإسلامية"، إلا أنه تم الرد عليه ببيان نفى ذلك الارتباط بشكل رسمي. وعقب هجمات متصاعدة من حيث الوتيرة والحجم في أكتوبر وفبراير من العام الماضي، أعلن التنظيم مبايعته لقائد تنظيم "الدولة الإسلامية" أبو بكر البغدادي، ورد الأخير بقبول البيعة ووعود بإرسال المزيد من المقاتلين والتابعين، وهو ما ظهر في هجومهم قبل أسبوع على عدد من منشآت الجيش المصري في سيناء. - عدد المقاتلين: لا يوجد تقديرات دقيقة لعدد مقاتلي التنظيم، لكن مركز "ستراسفورد" وثيق الصلة بالاستخبارات الأميركية، ذكر في تقرير صادر عنه قبل شهرين أن عدد المقاتلين قد يتجاوز ألفين مقاتل، معظمهم غير مصريين. - التسليح: - نقاط تحول: إعلانهم في فبراير الماضي بيعتهم لقائد تنظيم "الدولة الإسلامية" أبو بكر البغدادي، ليصبحوا رسمياً جزء من "الدولة الإسلامية" ويطلقون على تنظيمهم "الدولة الإسلامية-ولاية سيناء". التمركز: شمال سيناء في مدينة العريش، الشيخ زويد، رفح، الجورة. الصحراء الغربية على الحدود الجنوبية الغربية بين مصر وليبيا. الموقف من إسرائيل: يعتبرون أن كل من مصر وفلسطينالمحتلة "ساحة جهاد"، لم تسجل عملية واحدة ضد الكيان الصهيوني فيما عدا إطلاق قذائف على مدينة "إيلات" اوائل العام الماضي رداً على اغتيال احد كوادرهم بواسطة طائرة إسرائيلية بدون طيار في منطقة الشريط الحدودي بين مصر وفلسطينالمحتلة. تبعها رد التنظيم بهجوم على كمين الفرافرة للجيش المصري في الصحراء الغربية.