في إطار مسلسل الفوضى السياسية التي تعيشها مصر منذ عدة سنوات، توجه الإخوان المسلمون نحو واشنطن لفرض التدخل الأمريكي مجددًا في الشأن المصري، مبررة ذلك بأن الهدف من الزيارة هو شرح ما أسمته بمعاناتها السياسية والملاحقة الأمنية التي تتعرض لها في القاهرة، ولتؤكد نظرية أن أي تغير يحدث بمنطقة الشرق الأوسط لن يأتي إلا بموافقة أمريكا، مستغلة الفقر والبطالة والمعاناة وحقوق الشعوب المهدرة من أجل تحقيق أهدافها السياسية. التقى مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي، منهم نائب مساعد وزير الخارجية للديمقراطية وحقوق الإنسان ومسؤولين آخرين، مع الوفد الإخواني المكون من ثروت نافع رئيس ما يعرف بالبرلمان المصري في المنفى والذي يعقد جلساته في تركيا، والبرلماني السابق جمال حشمت، والمستشار السابق وليد شرابي، ومها عزام رئيس ما يسمى بالمجلس الثوري، والمتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة عبد الموجود درديري. نقلت وسائل الإعلام الأمريكية عن هذه الزيارة والتي تنقل وجهة نظر إدارة واشنطن في كثير من الأحيان أن الخارجية الأمريكية مهتمة بالحفاظ على الحوار مع الإخوان المسلمين نظرًا لاستمرار دورهم في المشهد السياسي المصري، مضيفة أن الخارجية الأمريكية مستمرة في الحديث مع الإخوان المسلمين بناء على افتراضية أن السياسة المصرية لا يمكن التنبؤ بها وتتغير سريعًا. اعترفت الخارجية الأمريكية بهذا اللقاء، ولكن بعد أيام حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي إن الوزارة تعقد مئات اللقاءات مع الأطياف السياسية المختلفة من كل الدول، ولا تعلن عن كل تلك اللقاءات، مشددة أن الزيارة كانت ضمن برنامج تنظمه وتموله جامعة جورج تاون، مؤكدة أن إعادة الرئيس المعزول محمد مرسي إلى السلطة لم تكن ضمن النقاشات التي طرحت بين مسئولي الخارجية والوفد المصري. من جانبها، لم تعطِ الخارجية المصرية تفسيرًا لزيارة الوفد الإخواني إلى واشنطن إلا بعد خروج الإدارة الأمريكية عن صمتها واعترافها رسميًا بهذا اللقاء، حيث قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن التصريحات الأمريكية التي بررت استضافة وفد من الإخوان المسلمين، باعتبارها حزبا سياسيا، مؤكدا أن جماعة الإخوان ليست حزبا سياسيا، وإنما هي منظمة إرهابية بحكم القانون المصري الذي يجب أن يحترم. وأكدت الخارجيةفي بيان صدر الأحد الماضي أن هذه الكيانات غير الشرعية التي يعلن تنظيم الإخوان الإرهابي عن تشكيلها حالياً ومستقبلاً هي كيانات لا تعبر على الإطلاق عن جموع الشعب المصري بالإدعاء بأن لها صفة تمثيلية لا أساس لها في الواقع، ومن ثمة فإن التعامل معها يعد إستهتاراً بإرادة المصريين وإضفاءً للشرعية على كيانات خارجة عنها. وفي هذا السياق، يقول الدكتور سعيد اللاوندي المتخصص في الشئون الدولية إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تستخدم الإخوان كمخلب قط، لاستفزاز الإدارة المصرية، خلال الفترة المقبلة، مضيفًا أن الإخوان أقل بكثير من أن تستطيع الإضرار بمصر من خلال اللقاءات، التى تعقدها مع مسئولين أمريكيين، لأن الشعب المصرى هو من أسقط هذه الجماعة، مشيرًا إلى أن العلاقات القائمة بين دول العالم تقوم على احترام إرادة هذه الدول، ولكن الولاياتالمتحدة لا تلتزم بذلك، لذا تلتقي بقيادات الجماعة لمحاولة الضغط على مصر. من جانبه، قال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق إن زيارة وفد الإخوان للخارجية الأمريكية ليست الأولى من نوعها حيث تعددت الزيارات خلال الفترة الأخيرة لمحاولة إقناع العالم بممارستهم للديمقراطية والمشاركة في الحوار الدولي، مؤكدًا أنها لن تكون الأخيرة. وأضاف أن زيارة الإخوان تعد محاولة لحشد التأييد للجماعة بين الجاليات المصرية والعربية والإسلامية في الولاياتالمتحدة، مشيرًا إلى أن مشاركة غير الإخوان في اجتماعات الجماعة بالخارجية الأمريكية، إشارة بأن هناك اتفاقًا بين الإخوان وأحزاب المعارضة المصرية الأخرى، مؤكدا على ضرورة أن تواجه الخارجية المصرية هذا الاتجاه الإخواني من خلال الانفتاح على العالم الخارجي وإجراء حوار دبلوماسي ناعم مع جميع المنظمات الدولية والبلدان التي يروج فيها الإخوان أكاذيبهم. تتزامن زيارة الوفد الإخواني إلى الخارجية الأمريكية مع لقاء عقده سفير واشنطن الجديد بالقاهرة "ستيفين بيكروفت" مع أشرف سالمان وزير الاستثمار المصري، حيث أكد المسؤول الأمريكي على حرص واشنطن على تقوية العلاقات المصرية الأمريكية، ودعم التعاون الأستثمارى بين البلدين، والذى سيكون له مردود إيجابي على العلاقات السياسية، هذا المشهد يعكس مدى التناقض الصريح من جانب الإدارة الأمريكية في التعامل مع الأوضاع المصرية التي دائمًا ما تتعامل بها مع منطقة الشرق الأوسط. وفي التوقيت ذاته تم خلال الأيام القليلة الماضية تداول معلومات بأن الإخوان تعمل على تأسيس حزب جديد لها بمدينة "شيكاغو" الأمريكية يسمى "الأمة"، وبحسب صحيفة "ذا إنكيوستر" فإن "المجلس الأمريكي للمنظمات الإسلامية" بدأ في بناء الخط الأساسي للحزب السياسي الوليد على أن يضم أعضاء من جماعة الإخوان، وتوضح الصحيفة أن فكرة إنشاء هذا الحزب قد بدأت بعد وصول العضو البارز في جماعة الإخوان المسلمين الأردني صبرى سميره، بعد أن تم السماح له بالدخول إلى الولاياتالمتحدة من طرف الرئيس "باراك أوباما" العام الماضي بعد حظر استمر 11 عامًا.